بعد إقالة حسين أمير عبد اللهيان المعاون السابق لوزير الخارجية الإيراني الذي عبرت عنه صحيفة محافظة متشددة بـ"الدبلوماسي المقاوم" وتعيين حسين جابري أنصاري مكانه، تتجه العلاقات الإيرانية العربية باتجاه مختلف عما كان في عهد المعاون السابق، وهناك مجموعة من المؤشرات تفيد بأن الوزير الخارجية محمد جواد ظريف في طريق العودة إلى الشرق الأوسط التي رغم أن العودة تأتي متأخرة بسبب انشغال ظريف في المفاوضات النووية التي استغرقت عامين، ولكن أن تصل متأخراً خير من أن لن تصل أبداً!
وهكذا بدء حسين جابري أنصاري أول زيارة له في منصبه الجديد من العاصمة اللبنانية بيروت اليوم، حيث يلتقي برئيس الوزراء تمام سلام والرئيس نبيه بري وزير الخارجية جبران باسيل.
إذا ما نضع تلك الزيارة واللقاءات في سياقها نجد فيها أول إشارة من قبل حكومة الرئيس روحاني لاستعداد إيران لحل الملفات المجمدة في لبنان والمنطقة، منها الملف الرئاسي والحرب السورية التي أصبح من المستحيل الحسم فيها لأي من الأطراف.
وقال ظريف في جنيف قبل أيام بأنه الآن أصبح لديه صلاحيات أكثر من السابق فيما يتعلق بالملف السوري ويمكن لإيران أن تبدي مرونة أكثر للتقدم في الحل السياسي للملف السوري".
هذا وحتى وقت قريب كان ظريف يقول لنظرائه العرب بأنه لا يملك صلاحيات فيها يتعلق بالموضوع السوري، مما يفاجئ نظراءه ويجعلهم يشعرون بأنهم أمام طريق مسدود إيرانياً.
ولكن بعد نجاح المفاوضات النووية بين إيران والدول 5+1 التي تُعتبر أكبر انتصار للدبلوماسية منذ انتهاء الحرب الباردة بين الشرق والغرب، وبعد تشكيل البرلمان الجديد الذي يشكل أغلبيته مناصرو حكومة الرئيس روحاني، تريد إيران تعميم المنهج التفاوضي الذي جربها مع الغرب، هذه المرة في علاقاتها مع جيرانها، خاصة بعد عدم تمكن الجناح العسكري الإيراني من تحقيق انتصارات ملحوظة في سوريا نتيجة الهدنة بين أطراف النزاع وانسحاب روسيا من تلك المعركة التي تهدف إلى فرض الضغط على بشار الأسد.
داخلياً أثار الاتجاه الجديد في السياسة الاقليمية استياء المحافظين الذي يرون بعدم التنازل أمام الدول العربية المعادية والاستمرار في الخيار العسكري واستمرار التوتر، حيث إن استمرار التوتر يؤمن مكاسب مهمة للمحافظين ويمكنهم من استخدام حالة التوتر الموجود في المنطقة من أجل التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية التي ستعقد بعد سبعة اشهر.
إن استمرار التوتر يعطي للمحافظين فرصة لإفشال حكومة روحاني التي تعوّل كثيراً على ثمار الاتفاق النووي وانعكاسه على العلاقة مع الجيران.
هل ستكون أول زيارة الدبلوماسي المفاوض الإيراني لبيروت هي أول الغيث، أم إن صوت العسكر سيبقى عالياً على أصوات الدبلوماسية؟