لم تعد سوريا وهي التي كانت فيما مضى أحد أهم أركان الممانعة، لم تعد الممر الآمن لحزب الله ولا المستقر الذي يمكن الركون اليه عندما يتعرض لبنان لأي حرب مع العدو الإسرائيلي. بل على العكس من ذلك فإن سوريا تحولت إلى محرقة تكاد تلتهم كل الرصيد الذي جمعه الحزب لعقود من الزمن.

أن كان لجهة التأييد الشعبي الذي اكتسبه جراء مقاومته لأسرائيل والذي بدأ يتلاشى وخصوصا بعد انخراط الحزب في الحرب السورية حتى لم يبقى منه سوى البيئة الحاضنة الضيقة المحيطة به والمستفيدة من اعاناته ومساعداته.

او لجهة الرصيد المادي واللوجستي والعسكري الآخذ في التراجع او على الصعيد البشري وهو الأهم إذ ان سوريا تحولت إلى مصيدة لاغتيال أهم قادة حزب الله العسكريين. فضلا عن العناصر المقاتلة والتي تحملها توابيت الموت يوميا من ميادين المعارك في سوريا إلى بلد المنشأ في مختلف القرى والدساكر الشيعية اللبنانية.

وفي آخر المعارك التي خاضها حزب الله في محيطي حلب الشمالي والجنوبي منتصف الشهر الجاري فإن المعلومات الرسمية للحزب أكدت على ان هذه المعارك أسفرت عن سقوط ستة وعشرين مقاتلا ووقوع عنصر في الأسر.

 
وبغض النظر عن حجم الخسائر التي يتكبدها حزب الله يوميا في سوريا. وبمعزل عن الأحاديث التي تدور في كافة أوساط المجتمع اللبناني والتي بدأت تتهامس بها بعض مجالس حزب الله خلف الجدران المغلقة وفي الكواليس عن جدوى مشاركة الحزب في الحروب السورية العبثية.

فإن أي أمل بتحقيق إنتصار كبير في سوريا بدأ يتلاشى وتحول إلى أمنية بعيدة المنال ان لم يكن مستحيل الوصول إليه. وأما الكلام عن تحقيق إنتصار هنا او هناك والترويج للذرائع والحجج التي دعت حزب الله لمساندة رئيس النظام السوري بشار الأسد في الحرب التي يخوضها ضد شعبه لم تعد تنطلي على أحد وليس أكثر من ذر الرماد في العيون.

إذ ان الوقائع الميدانية والتطورات التي دخلت على الأزمة السورية أثبتت وبشكل جلي ان قرار قيادة حزب الله بالامتثال لأوامر ولاية الفقيه بالانزلاق في وحول الحرب السورية لم يكن قرارا صائبا.

وبالتالي فإنه لم يجلب على الحزب وعلى الطائفة الشيعية وعلى لبنان سوى الويلات والاستغراق في أزمات اقتصادية ومشاكل أمنية لا حصر لها. 


ولمناسبة ذكرى أربعين القائد العسكري البارز في حزب الله مصطفى بدر الدين إشارة جديرة بالاهتمام أن اغتياله تم في ظروف غامضة، إذ ان المعلومات تحدثت عن اتصال تلقاه، انتقل على أثره من لبنان إلى سوريا حيث لقي حتفه. دون أن يقدم حزب الله رواية مقنعة تكشف كيف تمت عملية الاغتيال. 


وحتى يأتي اليوم الذي تتوضح فيه الأمور على حقيقتها فإن سوريا تستدرج حزب الله وتحولت إلى ساحة لاستنزافه، وكان قد سبق الحرب السورية عملية اغتيال القائد العسكري البارز عماد مغنية في عمق المنطقة الأمنية في العاصمة دمشق. 


وحبذا لو ان الأمين العام لحزب الله السيد حسن الله وبدل الخطابات الرنانة التي يتلاعب من خلالها بمشاعر الناس يدعو إلى استفتاء على غرار الاستفتاء الذي أجرته بريطانيا وصوتت أكثرية الشعب لخروج المملكة من الاتحاد الأوروبي.

يستفتي الشعب اللبناني والطائفة الشيعية في لبنان وجمهور حزب الله عن جدوى مشاركة حزب الله في الحرب السورية لجاء الجواب وبالاغلبية الساحقة وبالفم الملان /ماذا نفعل في سوريا / وهي عبارة بدأ يرددها مناصرون لحزب الله وهي دعوة مبطنة من الأغلبية الساحقة من الشعب اللبناني للعودة من سوريا.