لفت المراقبين مضامين الخطابين المتتاليين اللذين ألقاهما حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله وسعد الحريري رئيس تيار المستقبل في اليومين الأخيرين، وبدت النبرة التصعيدية واضحة، تشي بصعوبة تهدئة المعركة السياسية في البلاد.
ورأى سياسيون لبنانيون أن الرسائل التي أطلقت لم تكن لبنانية محلية، بل تقصّدت أن تكون صدى واضحا للصراع الإقليمي بين إيران والسعودية. واعتبرت أوساط متابعة أن خطاب نصرالله لم يحمل جديدا لجهة تبعية حزبه الكاملة لإيران وتكراره نفس المواقف المتعلقة بتورط الحزب العسكري في الصراع السوري، وأن إعلانه بأن تمويل الحزب يأتي كاملا من إيران ليس كشفا كبيرا بل هو اعتراف في العلن لما هو معروف محليا ودوليا. لكن أوساطا دبلوماسية لبنانية رأت في إثارة مسألة تمويل الحزب على خلفية أزمته مع النظام المصرفي اللبناني وتأثره بالعقوبات المالية الأميركية، توجيه رسالة لواشنطن نفسها تؤكد منابع التمويل، على نحو يراد منه تحويل الصراع ما بين واشنطن وحزب الله إلى صراع بين واشنطن وطهران. وتساءلت دوائر معارضة لحزب الله عن الوسائل التي تعتمدها طهران لضخ التمويل نحو الحزب، وعن الجهات الرسمية والمصرفية المتورطة في حماية شبكة تمويل موازية تعمل من وراء ظهر النظام المصرفي والمالي اللبناني. وقد جاء خطاب سعد الحريري مساء السبت، مخصصا للردّ بالتفصيل على خطاب نصرالله في بعديه المحليّ والإقليمي. وقال الحريري في إشارة إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله إنه “شخص يتباهى بأنه قاعدة عسكرية متقدمة لإيران وأن كل أمواله وصواريخه ومعاشاته تأتي من خزانة الحرس الثوري بإيران، يعني أنه يعترف بأنه حزب إيراني بامتياز وأنه استثمار للمشروع الإيراني السياسي والديني والعسكري وأن أوامر الولي الفقيه عنده فوق مصلحة لبنان ومصالح كل العرب”. واعتبر المراقبون أن اعتراف زعيم تيار المستقبل بأن لبنان يقف مكتوف الأيدي أمام حزب مسلح يعلن صراحة أنه ينفذ أوامر دولة أجنبية، يمثّل إعلانا بأن البلد يخضع لاحتلال أجنبي من قبل “البلوى الإيرانية”، على حدّ تعبيره، ويفترض أن يعامل دوليا على هذا الأساس، بما يحمله ذلك من تبعات سياسية ودبلوماسية في التعامل مع لبنان. ولفت هؤلاء إلى أن تصريحات الحريري السياسية قد تكون مقدمة لعمل يأخذ لاحقاً أبعادا قانونية، إذا ما سلك الأمر سبلا دبلوماسية شائكة. ورأى بعض المحللين السعوديين أن الحريري كان لسان الرياض في الردّ على الحملة التي شنّها زعيم حزب الله ضد السعودية، فقد اعتبر الحريري أن تحامل حزب الله وطهران على السعودية سببه أن الرياض ترفض نشر قواعد إيرانية في المنطقة العربية، واعتبر أن في الكلام ضد السعودية “تحاملا وتجنيا على دولة عربية فقط لأنها ترفض أن تصبح البحرين أيضا قاعدة إيرانية، كما رفضت أن يجعل الحوثيون من اليمن قاعدة إيرانية”.وذهب زعيم المستقبل إلى اتهام طهران بالوقوف وراء خراب المنطقة معتبرا أن “إيران تموّل حزب الله في لبنان، وتموّل الحشد الشعبي في العراق وتموّل الحوثيين في اليمن وتموّل المعارضة في البحرين وتموّل قتل الأبرياء في سوريا، وتموّل عمليات التفجير في الكويت وتموّل أدوات الفوضى في القطيف وتموّل مجموعات مذهبية في السودان ومصر والجزائر، يعني بكل بساطة، إيران تمول الفتنة في العالم العربي”. ورأى متابعون للشؤون الإيرانية أن تصريحات الحريري تطال إيران مباشرة بهدف الدفاع عن موقف السعودية من جهة وبهدف اعتبارها أصل العلّة وجوهرها في لبنان والمنطقة والتعامل مع حزب الله بصفته تابعاً لإيران ولا يملك قراره. وجاء رد الحريري في مسألة البحرين مباشرا منددا بتهديدات الجنرال قاسم سليماني ضد المنامة، معتبرا أن “هذا النموذج من الغرور والاستعلاء الإيراني لن يؤدي سوى إلى تصاعد موجات العداء بين العرب وإيران”، مستطردا في إطار ما اعتبر موجّها للعالم العربي، أنه “لا توجد ساحة عربية واحدة تسللت إليها إيران، سواء عن طريق المال أو الأحزاب أو رجال الدين أو الحرس الثوري، إلا ونالت نصيبها من الانشقاق والفتن والصراعات المذهبية”. وتساءلت أوساط إعلامية لبنانية عما إذا كانت بيروت قد تحوّلت إلى منبر مناظرة رسمي بين السعودية وإيران للإفصاح عن رسائلهما، كما تساءلت عن جدوى الاستمرار في الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله على خلفية النبرة العالية في لهجة الفريقين.
|
سجال التصريحات ينهي التهدئة بين المستقبل وحزب الله
سجال التصريحات ينهي التهدئة بين المستقبل وحزب...لبنان الجديد
NewLebanon
التعريفات:
|
عدد القراء:
489
مقالات ذات صلة
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل ( ٨ ) سفارة لبنان في...
الشاعر محمد علي شمس الدين يترجل عن صهوة الحياة الى دار...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (7) سفارة لبنان في...
ديوان المحاسبة بين الإسم والفعل (6) سفارة لبنان في المانيا...
65% من المعلومات المضللة عن لقاحات كوفيد-19 نشرها 12...
لبنان: المزيد من حالات وارتفاع نسبة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro