تساءل النجم الإنكليزي السابق ديفيد بيكهام كيف يحدث انفصال بريطانيا عن محيطها والعالم قرية كونية واحدة. وغمز من قناة لاعبين أيّدوا الـ «الخروج»، معتبراً أنهم لا يقدّرون تبعاته رياضياً، مذكراً إياهم بأن فريق «مانشستر يونايتد» لم يكن في مقدوره تحقيق ألقاب قارية من دون حارس مرماه الدنماركي بيتر شمايكل، أو أن يبلغ مركزاً فنياً عالياً لولا المشاكس الفرنسي إريك كانتونا. وزاد: «في المقابل، منحني الاتحاد فرصة اللعب والتألق في أندية ريال مدريد وأي. سي ميلان وباريس سان جرمان مع زملاء من بلدان أوروبية عدة وأنحاء العالم. وبالتالي أخشى انعكاس هذا التقوقع المستجد على كرة القدم البريطانية».
وعلى نقيض بيكهام، يتفاءل آخرون أمثال سول كامبل الذي أنهى مسيرته في نيوكاسل يونايتد (2011) بـ «العصر الجديد» الذي سيعيد الألق لمنتخب «الأسود الثلاثة». فقبل انضمام بريطانيا إلى السوق الأوروبية المشتركة في عام 1972، شكل المنتخب الإنكليزي قوة ضاربة حصدت المونديال على أرضها عام 1966، وشكّل علامة فارقة في المكسيك بعد أربعة أعوام.
وبالتالي، سيستعيد المنتخب زمام المبادرة وتتعزز نجومه وفق الدولي السابق جون بارنز، علماً أن الأندية الـ20 في الـ «بريمييرليغ» كانت صراحة مع خيار البقاء في أوروبا، خصوصاً أن ديمومتها التنافسية باتت مرتبطة باللاعبين الأوروبيين تحديداً، كونهم لا يحتاجون إلى تأشيرات دخول وإجازات عمل.
الواضح بعد الخروج أن بريطانيا ستتأثر كروياً في شكل كبير، وتحديداً الأندية التي باتت تقف أمام عوائق عدة لم تكن تواجهها، أهمها ارتفاع أسعار اللاعبين المسعرين بالعملة الأوروبية، فضلاً عن عدم قدرتها على استقدام مواهب صغيرة إلى صفوفها، حيث سيحتاج أي لاعب إلى تصريح عمل للانتقال إلى أحدها. وهذه المسألة عطّلت انتقال مئات إلى الدوري الإنكليزي الممتاز مثلاً لعدم استيفائهم الشروط، إذ يصنّف اللاعبون في إنكلترا وفق مستوى مسيرتهم ومبارياتهم الدولية.
ويُخشى أن يضطر مئات اللاعبين إلى مغادرة البطولة الأعرق بسبب القوانين التي تتحكّم في كيفية التعاقدات في أوروبا، إذ يحق للأندية ضمّ عدد غير محدد من اللاعبين الحاملين جوازات سفر دول الاتحاد ويتم التعامل معهم كمواطنين الى جانب ثلاثة لاعبين أجانب من خارج «القارة العجوز»، وبعد انفصال بريطانيا سيتعيّن على النوادي التعامل معهم كلاعبين أجانب.
وكانت تقارير كشفت أن عدد المتضررين من خيار الخروج يفوق 350 لاعباً في «بريميير ليغ» ودوري الدرجة الأولى والدوري الاسكتلندي الممتاز، إذ سيعانون عدم توافر المعايير المطلوبة للتعاقد مع اللاعبين من خارج الاتحاد الأوروبي.
غير أن خبراء طمأنوا إلى حسن سير الأمور بعد فترة مفاوضات الطلاق المتوقع أن تستغرق سنتين، وتوقعوا ألا تختلف كثيراً وأن تنتصر «البراغماتية» البريطانية التي تنشد المصالح أولاً وأخيراً. وبالتالي ستصاغ بنود وترسى معايير تحدد العلاقة من خلال «الاتحاد الأوروبي لحرية التبادل» الذي خرجت منه بريطانيا بعد انضمامها إلى السوق الأوروبية المشتركة، لتصبح على غرار النروج وسويسرا المنضمتين إلى الفضاء الاقتصادي الأوروبي، علماً أن بعضهم سيطالب بـ «كوتا» عددية.
وينتظر أن يحتدم الجدل بين مؤيدين لتعزيز اقتصاد الـ «بريمييرليغ» والمطالبين بـ «دماء أكثر نقاء» في تشكيلات الفرق عبر صقل المواهب المحلية وتطويرها ومنحها فرص البروز على أعلى مستوى.
ويشدد مطلعون على واقعية معينة «ستضع القطار على السكة الصحيحة»، لأن المعنيين يدركون أن النموذج الناجح للدوري الممتاز عماده نوعية ركيزتها أفضل المواهب الأوروبية، لاسيما أن فرق الدرجة الأولى ستمنح 137 مليون يورو في موسم 2016 – 2017 لأندية الهواة لتستثمر في فرق «الجذور» التي تشكّل «مشاتل» واعدة.
(الحياة)