تستبعد مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، أن يستأنف التفاوض السوري في جنيف في مرحلة ما بعد شهر رمضان المبارك نظراً الى عدة عوامل تؤشر كلها الى صعوبة حصوله.
وتكشف المصادر، أن اتصالات أميركية حثيثة تجرى مع الروس لإطلاق التفاوض قبل آب المقبل، خصوصاً انه يفترض إرساء الحل في شهر آب بعد تشكيل حكم انتقالي والسعي لدستور جديد يمهد للانتخابات، وهو الأمر الذي لا يزال يواجه تعقيدات كبيرة.
لكن الخطر الحقيقي يتمثل في أنه إذا لم يحصل الحل السياسي قريباً جداً، في وقت ان الادارة الأميركية على أبواب انتهاء ولايتها، فإن الخوف يتعاظم من فلتان الوضع الأمني في سوريا ، وحصول جولة عنف كبيرة، في ظل رغبة النظام بتغيير الوقائع على الأرض، وتقوية أوراقه التفاوضية، حيث قد يكون في اعتقاد النظام أن فترة ستة أو سبعة أشهر من آب لحين تسلّم الإدارة الأميركية الجديدة الحكم، تجعله قادراً على تغيير الوقائع ويحضر نفسه لمرحلة التفاوض في ظل الرئاسة الأميركية الجديدة.
وبالتالي، الأنظار متجهة الى الموقف الروسي، وهل ستضغط موسكو على النظام لكي لا يدخل في لعبة من هذا النوع، وهل ستبقى موسكو، ومعها النظام، ملتزمة في مرحلة ما بعد آب بالهدنة أم ان الأمر سيتغير، وسيستغل الروس هذه الفترة لدعم النظام؟ وما مدى صمود الهدنة إذا فشل التفاوض؟ وهل سيستطيع الروس الضغط لاستمراريتها لا سيما وان إيران من الواضح أنها لا تريد الهدنة؟ وان هناك معوقات أمام إرادة الروس في سوريا. مع أن الروس يدعمون ايقاف النظام على رجليه، وحكومة وحدة وطنية وانتخابات كما يريد النظام.
والنظام أساساً لم يقدم شيئاً من أجل الوصول الى الحل السياسي. إنسانياً لا تقدم، والمساعدات التي تصل غير كافية، والتفاوض متوقف. والآن تريد المعارضة تبرير العودة الى التفاوض تجاه شعبها، وفي هذا الوقت ينتظر الموفد الدولي الخاص للأزمة السورية ستيفان دي ميستورا ظروفاً أفضل لمعاودة التفاوض.
العقدة الأساسية تبقى في مصير بشار الأسد، وهي فوق انعدام الالتزامات بالحل السياسي والانساني، والأمني، حيث ان الهدنة سقطت في أماكن عديدة.
الموقف الروسي في المرحلة المقبلة مفصلي، بعدما كانت المعارضة ترى بأنه غير جدي، وهي وفقاً لما تنقله بعض المصادر، تعتبر أيضاً أن موسكو تبيع الكلام للأميركيين ودعمها للنظام مستمر، ولا ضغوط لديها لإيصال المساعدات الانسانية، وهي تقول انها تضرب الارهاب وتأخذ «جبهة النصرة» حجة، في حين أن مناطق للنصرة تحوي أيضاً المعارضة، والروس يريدون من كل دول العالم أن «يركضوا» وراءهم بعدما واجهوا عزلة بعد قضية أوكرانيا.
لذا، الخوف الحقيقي، ولا سيما بعد شهر آب المقبل، من الدخول في نفق من العنف، يسعى النظام من خلاله الى تثبيت حضوره على الأرض، مستفيداً من غياب الادارة الأميركية الحالية، وقبل بدء الإدارة الجديدة عملها. فيفرض نفسه، في حال ربح وسانده الروس، ولم يقفوا في وجه تغيير المعادلة الحالية على الأرض، لاعباً في التفاوض المقبل.
الولايات المتحدة ملتزمة بالاتفاق النووي في ما خص العلاقة مع إيران. لكنها غير موافقة على سياسة إيران لا في سوريا ولا في المنطقة. وفي سوريا تُفرض ضغوط عليها عبر روسيا إنما هذه الضغوط تبقى محدودة، لا سيما وأن هناك أهدافاً متفاوتة بين الروس والإيرانيين في الملف السوري، ولو استطاعت ايران الانتصار في سوريا لما تمّ طلب المساعدة الروسية من جانب النظام. طهران تريد من التدخل في سوريا استعادة سلطة النظام على كامل الأراضي السورية وهزيمة المعارضة بالكامل. إنما روسيا تريد “اللعب” بالمنطقة. ولو عادت للإيرانيين لكانوا أرادوا الدخول الى حلب، مع النظام. كما أن روسيا في هذا الاطار تريد تعزيز دورها الاقليمي والدولي.
ثريا شاهين