مع استمرار وتصاعد المعارك العنيفة بين القوات العراقية وبين مسلحي تنظيم “داعش” شمال وغرب بغداد في مدن الفلوجة والشرقاط ومناطق واسعة بمحافظة الأنبار وباتجاه مدينة الموصل، كشف قيادي بارز في تيار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ، أن السنّة العرب في العراق يواجهون مخططاً ايرانياً وضعه ويشرف على تنفيذه قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني قاسم سليماني ، وهذا ما يفسر تواجده في كل معركة في جبهات القتال بالمدن الغربية والشمالية العراقية.
وأوضح القيادي البارز في “التيار الصدري” لصحيفة “السياسة” الكويتية، أن أبرز ملامح خطة سليماني هو تهجير السنّة من مدنهم بحجة محاربة الأرهاب، مشيراً الى أن أكثر من أربعة ملايين سني تركوا مدنهم التي حررتها القوات العراقية وهؤلاء بقوا في مخيمات تشرف عليها وزارة المهجرين العراقية ومنظمات دولية وبعضهم استوطن في مناطق أخرى غير مدنه الأصلية.
وقال ان خطة سليماني تعتمد على عناصر في صدارتها إفراغ المناطق المحررة من سيطرة “داعش” من سكانها السنّة ونقلهم الى مخيمات في الصحراء وتحويلهم الى نازحين أو أسرى، وتحويل مدنهم الى مناطق عسكرية، ورفض اعادة النازحين ومنع إعادة بناء المدن السنية المدمرة.
وأضاف ان مدناً مثل جرف الصخر، جنوب بغداد، التي حررت قبل أكثر من عام ونصف العام اضافة الى مدينة تكريت التي تحررت مطلع العام الماضي ومدينة الرمادي التي تحررت نهاية العام نفسه ومناطق في محافظة ديالى شمال- شرق العراق، كلها تواجه المصير نفسه، بمعنى كل هذه المناطق هي مناطق محررة ولم يسمح للسكان السنّة بالعودة إليها وتم عرقلة اعادة اعمارها وأصبحت مناطق تعج بالمقاتلين من فصائل “الحشد الشعبي” مثل “بدر” و”عصائب أهل الحق” و”حزب الله العراقي” و”سرايا الخرساني”.
وأكد القيادي الصدري أن تحرير مدينة الموصل شمال العراق سيواجه المصير نفسه الذي واجهته مدن الرمادي والفلوجة وتكريت وجرف الصخر ومناطق في ديالى، موضحاً أن خطة سليماني تقوم على فكرة استثمار الحرب على الارهاب لاضعاف المكون السنيّ والقضاء عليه والحيلولة دون ظهور جماعات متمردة بين صفوفه في المستقبل، ولذلك فإن بعض قادة الفصائل الشيعية المدعومة من ايران على قناعة بأنهم يقتربون من نقطة السيطرة التامة على العراق، وفق رؤية المسؤول الايراني.
وبحسب معلومات القيادي الصدري، فإن خطة سليماني تتضمن خطوتين رئيسيتين:
– الاولى، تتعلق بالضغط على السكان السنّة الذين تركوا مناطقهم المحررة بسبب القتال مع “داعش” وأصبحوا نازحين لكي يستوطنوا مناطق محددة جغرافياً وصغيرة في ما يسمى بؤراً سنية، لكي يسهل مراقبتها والسيطرة عليها أمنياً، أو السماح لهم بترك العراق أو العيش في اقليم كردستان الذي تقوده الأحزاب الكردية الكبيرة التابعة لمسعود بارزاني وجلال طالباني. وبالفعل يوجد أكثر من مليوني سني سكنوا الاقليم.
– أما الخطوة الثانية، فتتمثل بإعادة فئات من السنّة إلى مدنهم وهؤلاء يوصفون من قبل فصائل “الحشد الشعبي” الشيعية بالحلفاء أو الموالين، وتتم عملية اعادتهم وفق شروط أمنية قاسية، كما أن بعض الاجراءات تنص على أن يسهم هؤلاء الحلفاء بتسهيل شراء المنازل وقطع الأراضي من سنة لصالح شيعة في المدن المحررة لكي ينتهي أي أمل بعودة هؤلاء في فترات مقبلة.
ووفق رؤية القيادي، فإن خطة سليماني تعارض اعادة توطين السنّة في مدنهم الكبيرة المحررة بل في مناطق أو بؤر صغيرة لأن البؤر يسهل مواجهتها عسكرياً والسيطرة عليها في ساعات أو أيام قليلة، كما تشمل إقامة مواقع عسكرية دائمة لفصائل شيعية حول هذه البؤر والمدن السنية الكبيرة على حد سواء، لافتاً الى أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد يستخدم الإستراتيجية الإيرانية نفسها، وهي مهاجمة المدن السنّية السورية بوحشية وتهجير أهلها، وبعد تحريرها يعاد بناءها الديموغرافي وفق قاعدتي، الموالين واقامة البؤر الجغرافية الصغيرة للسكان السنة.
وكشف القيادي الصدري عن وجود وثائق سرية لـ”الحرس الثوري” ولفصائل عراقية موالية، له تتحدث عن ضم محافظات صلاح الدين شمالاً والأنبار غرباً وديالى شمال- شرق بغداد، ومناطق ما يسمى حزام بغداد الى ما يعرف بالاقليم الشيعي الموسع، لأن تقسيم العراق واقع لا محالة وفق القناعات لدى ايران وفصائل “الحشد الشعبي” المتشددة، بمعنى هم يريدون تقسيماً مناسباً لخطتهم يشمل إقليمين: عراقي يضم غالبية شيعية ساحقة وأقلية سنّية ضعيفة على قاعدتي الولاء والبؤر الصغيرة، والاقليم الثاني هو اقليم كردي في الشمال قد يواجه مشكلات بين أحزابه الكبيرة. أما الموصل، فبعض القراءات ترجح تحولها الى اقليم سني وحيد أو ربما انضمامها الى اقليم كردستان برئاسة بارزاني، كما لا يستبعد ارتباطها بجنوب تركيا.