كشفت مصادر عراقية أن نقاشا حادّا يجري في الكواليس السياسية والعسكرية العراقية، بين الجهات المؤثرة في صناعة القرار العراقي، وخصوصا كبار قادة الأحزاب والميليشيات الشيعية بشأن إطلاق المرحلة الثانية من معركة استعادة مدينة الموصل من تنظيم داعش.

وقالت ذات المصادر إن المطروح ضمن النقاش تأجيل المعركة التي أعلن مؤخرا عن فتح محور جديد لها باتجاه منطقة القيارة إضافة إلى محور مخمور.

وشرحت أن وراء فكرة التأجيل مخاوف من أنّ معركة الموصل يتوقّع أن تكون أصعب وأكثر تعقيدا من المعارك السابقة التي دارت من قبل في محافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار وأحدثها معركة الفلّوجة، كون الموصل مركز محافظة نينوى تمثّل آخر معقل كبير لتنظيم داعش في العراق، وهي محطّ تركيز جلّ قواه التي سيزج بها جميعا في محاولة الاحتفاظ بالمدينة.

وقالت ذات المصادر إنّ شخصيات سياسية وعسكرية شيعية حذّرت رئيس الوزراء حيدر العبادي من الوقوع في مستنقع بالموصل قد يقلب معادلة الحرب كلّها وينسف ما تحقّق من خلالها إلى حدّ الآن.

وتحدّثت المصادر عن وجود وجهتي نظر بشأن الإسراع بإطلاق معركة الموصل يمثّل أولاها رئيس الوزراء حيدر العبادي وعدد من المقرّبين منه، وتتلخّص بوجوب البدء بالمعركة دون فاصل زمني عن معركة الفلّوجة بهدف مواصلة إشغال الرأي العام عن مطالب الإصلاح وعن التظاهر والاحتجاج للدفع بتلك المطالب.

أمّا وجهة النظر المقابلة التي يمثّلها الكثير من قادة الميليشيات والأحزاب الشيعية، فترى أن معركة الموصل لا ترتقي إلى أهمية معركة الفلّوجة كون محافظة نينوى بعيدة عن دائرة أطماع إيران حليفة هؤلاء القادة، وأن فرض دور أساسي لميليشيات الحشد الشعبي فيها أمر مستحيل نظرا لقوة الرفض لتلك الميليشيات والذي مصدره عدّة أطراف هي بالأساس الطرف الكردي وقواته؛ البيشمركة، والعشائر السنية في المحافظة، وحتى تركيا التي تحتفظ بعدد محدود من القوات في شمال العراق، ولها حضور في المشهد العراقي من خلال عدد من السياسيين الموالين لها.

وكانت الخلافات بشأن موعد إطلاق معركة الموصل بين رئيس الوزراء حيدر العبادي وبعض أقطاب العائلة السياسية الشيعية قد خرجت إلى العلن مبكّرا من خلال انتقادات حادّة وجّهها زعيم منظمة بدر هادي العامري للعبادي لإرساله قوات عسكرية إلى محيط الموصل في أوج معركة الفلّوجة.

 

ومنذ ذلك الحين راجت شكوك بشأن عمل أطراف عراقية ذات نفوذ في المؤسسة العسكرية على عرقلة الشروع في فتح جبهة ثانية بالموصل.

ووجّه حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي الذي يشغل بالتوازي منصب القائد العام للقوات المسلحة، بفتح تحقيق حول تصريحات أدلى بها قادة عسكريون أفشوا من خلالها خططا عسكرية خاصة بعملية استعادة السيطرة على ناحية القيارة جنوب الموصل من قبضة تنظيم داعش.

 

وجاء في التوجيه الموقع باسم السكرتير العسكري للعبادي أن “رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، وجّه بفتح تحقيق حول التصريحات المتعلقة بعملية القيارة، والتي أفشت البعض من الخطط العسكرية بما من شأنه أن يفيد العدو”.

ولم يحدد التوجيه أسماء المسؤولين الذين سيتم التحقيق معهم، ولم يشر إلى المعلومات التي قاموا بإفشائها، لكن وسائل إعلام محلية ذكرت أنهم تحدثوا عن توقيت وطريقة بدء العملية‎، ونقل المعدات والآليات العسكرية من بغداد إلى الموصل.

وقد جاء قرار العبادي بعد انتقادات سياسية واسعة تعرض لها من قوى سياسية شيعية وفصائل الحشد الشعبي بسبب نقل قطعات عسكرية لجنوب الموصل، قبل استكمال الحملة العسكرية على الفلوجة.

 

 
  العرب