وصل التناقض بين تصريحات المسؤولين الأميركيين والعراقيين حول تحرير الفلوجة إلى حدود الجدل، إذ أكد قائد العمليات الفريق الركن عبدالوهاب الساعدي أمس، أن السيطرة على المدينة أصبحت «شبه كاملة، ولم يبق في يد داعش سوى حيين في الشمال»، وبدا تأكيده رداً ضمنياً على إعلان الناطق باسم التحالف الدولي الذي قال أول من أمس إن 20 في المئة من مساحتها تحرر.
سياسياً، أثارت إجراءات اتخذها رئيس الحكومة حيدر العبادي تقضي بإقالة ونقل مديرين عامين في الوزارات والمصارف والهيئات المستقلة ردود فعل غاضبة في الوسط السياسي، واتهمه بعض النواب والمسؤولين بـ «التفرد في السلطة»، واعتبرها رجل الدين مقتدى الصدر تغطية على «المفسدين».
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن الساعدي قوله إن «الأحياء الشمالية ووسط (الفلوجة) تم تطهيرها في شكل شبه كامل من داعش، ولم يبق إلا القليل من حيي المعلمين والجولان» وكلاهما شمال المدينة. وأوضح أن: «في حي الجولان جماعات إرهابية تقاوم، ونحن نتصدى لها وقتلنا كثيرين».
وترجح التوقعات أن يبدي الإرهابيون مقاومة شرسة دفاعاً عن معقلهم الذي يسيطرون عليه منذ أكثر من عامين. لكن القوات العراقية استطاعت اختراق دفاعاتهم وفرضت سيطرتها بسرعة على عدد كبير من أحياء المدينة.
سياسياً، أعربت أطراف سياسية وبرلمانية عن رفضها قرارات اتخذها العبادي تقضي بتغيير مديرين عامين ومفتشين في الوزارات وتعيين آخرين. ولم تستبعد طرح الثقة به إذا استمر في تفرده في اتخاذ القرارات.
وتساءل رجل الدين مقتدى الصدر في رد على رسالة من أحد أنصاره: «هل الإجراءات التي اتخذها رئيس الوزراء بتغيير مديري مصرفي الصناعة والزراعة وإحالة مدير شبكة الإعلام على التقاعد وإعفاء مدير المخابرات جزء من الإصلاحات الترقيعية؟ أليس إعفاء المسؤولين الكبار من دون محاسبة واجبارهم على الذهاب إلى القضاء هو الفساد»؟ إن الجواب على «السؤال الأول هو تكريس (الإصلاحات الترقيعية) أما الجواب على السؤال الثاني فهو أن «المفسد لا يحاسب المفسد». وكان العبادي أصدر مجموعة مراسيم ديوانية تقضي بإعفاء مدير جهاز المخابرات ومديري مصارف «الرافدين» و «الرشيد» و «العقاري» و «الصناعي» و «الزراعي» و «التجارة»، إضافة إلى رئيس شبكة الإعلام من مناصبهم، وتعيين آخرين بالوكالة.
وأكد النائب محمد الكربولي، من «إتحاد القوى» السنية لـ «الحياة «، أن «التغييرات التي اتخذها السيد العبادي، بمشورة المقربين منه، والتي صادرت حق الشركاء، تجعله مسؤولاً مباشراً عن كل ما سيعقبها من تداعيات، سواء كانت أمنية أو سياسية». وشدد على ضرورة أن «تكون (الإجراءات) لمصلحة البلاد وليس تكريساً لمصلحة جهة ما على حساب أخرى، بمعنى أن ذهاب السيد العبادي إلى التفرد بالقرار سيربك العملية السياسية أكثر. وللأسف فإن جميع من أداروا دفة السلطة لم يعوا تعريف الدولة العراقية»، وتابع أن «حين يعقد البرلمان جلسته بنصاب قانوني، بعد أن تبت المحكمة الاتحادية في الطعون بالجلستين الأخيرتين، سنتجه إلى طرح الثقة برئيس الوزراء».