بري يحذّر ... الفرصة الاخيرة , وجنبلاط يستجدي حزب الله من على موائد الحزب
السفير :
تواجه أطراف السلطة الممسكة بالملف النفطي اختبارا متجددا للنيات، بعدما لاحت في الأفق معالم فرصة جديدة لوقف نزيف الوقت الثمين، وإطلاق ورشة الاستثمار المتأخرة في هذا القطاع.
وبرغم أن منظومة الدولة أضحت في مجملها معطوبة، الى حد أنها تبدو أضعف من أن تعالج مشكلة جهاز أمني، أو أن تفك لغز سد جنة، إلا أن هناك مؤشرات توحي بأن «جَمَل النفط» يمكن أن يمر من «خرم» هذه الدولة المهترئة، إذا أحسنت القوى المعنية البناء على معطيات إيجابية ومستجدة في الملف، بعضها محلي وبعضها الآخر دولي.
على المستوى الداخلي، تراجع منسوب التشنج النفطي بين عين التينة والرابية، وبالتالي باتت اللغة المتبادلة أقل انفعالا وأكثر مرونة، الامر الذي أوجد مساحة لتقاطعات كانت متعذرة في السابق، وقد تتحول الى تفاهمات لاحقا، ما لم تخرج الشياطين مجددا من مخابئ التفاصيل.
أما على المستوى الخارجي، فإن الولايات المتحدة وأوروبا تحبذان على الأرجح إيجاد بيئة مناسبة وآمنة لاستثمار الكميات الضخمة المكتشفة من الغاز في لبنان وفلسطين المحتلة، ليس كرمى لعيون اللبنانيين، بل استجابة لمصالحهما وللأمن النفطي الاسرائيلي.
ويؤكد خبراء موثوقون أن الشركات الأوروبية التي أزعجها تسويف السلطة اللبنانية وإمعانها في هدر الوقت، لا تزال، على الرغم من ذلك، مهتمة بالاكتشافات النفطية والغازية في المياه اللبنانية، لان أوروبا التي سيرتفع استهلاكها السنوي من الغاز عام 2020 الى أكثر من 22 ألف مليار قدم مكعب، تتطلع الى تنويع مصادر الحصول على الطاقة حتى تتحرر نسبيا من الحاجة الحيوية الى موسكو في هذا المجال، وذلك عملا بالقرار الصادر عن الاتحاد الأوروبي قبيل أشهر، والهادف الى التخفيف من الاتكال على إمدادات الغاز الروسي أساساً.
أما واشنطن، فإن همّها يتركز على إراحة اسرائيل وحماية أمنها النفطي، خصوصا بعدما تجاوزت قيمة استثمارات شركة نوبل الاميركية ـ إضافة الى مجموعة شركات صغرى ـ في الحقول الاسرائيلية، قرابة 18 مليار دولار.
وتجدر الاشارة الى ان «نوبل» نجحت مع «أخواتها» في تكوين لوبي أو «مجموعة ضغط» في داخل الادارة الأميركية لحماية مصالحها.
ويشير الخبراء الى أن واشنطن ربما تكون قد اقترحت على بنيامين نتنياهو أن تتولى هي الدفع في اتجاه تسوية الخلاف الحدودي بين لبنان وتل أبيب، في مقابل أن يبدي نتنياهو مرونة أكبر حيال شركة نوبل والمستثمرين الأميركيين الآخرين، لا سيما بعد تعرض الشركة الاميركية لضغوط اسرائيلية مؤخرا بسبب شروطها.
لكن، هناك في بيروت من يعتقد أن الانطلاقة الحقيقية للحلم النفطي لن تتم قبل انتخاب الرئيس، لا سيما أن قواعد اللعبة الحالية تسمح بهوامش واسعة للتعطيل بعدما تضخم دور الوزراء والقوى السياسية التي يمثلونها، بفعل غياب رئيس الجمهورية.
ويؤكد العارفون أن إقرار المرسومين، إذا حصل، لا يعني، على أهميته، إطلاق المزايدة وبدء التلزيم فورا، مشيرين الى عقبات من نوع آخر يجب تذليلها، إضافة الى ضرورة إيجاد آلية تؤمن الشفافية في العمل، وتضمن عدم تكرار سيناريو التعاطي مع أزمة النفايات، لان الخسارة التي ستترتب على سوء إدارة الملف النفطي، قياسا على سوء ادارة أزمة النفايات، ستبلغ عشرات مليارات الدولارات.
وعلمت «السفير» أنه من المفترض ان تعقد اللجنة الوزارية المختصة اجتماعا الاسبوع المقبل، بعد انقطاع طويل، على ان يتم اقتطاع وقت لها بين جلستي مجلس الوزراء (تضم اللجنة الوزراء علي حسن خليل، جبران باسيل، سمير مقبل، آرتور نظاريان، والوزير المستقيل آلان حكيم).
وستتولى اللجنة إعداد الأرضية التي سينطلق منها مجلس الوزراء لإقرار مرسومي النفط، فيما أعرب الرئيس نبيه بري عن ارتياحه لما جرى في جلسة الحوار على هذا الصعيد، آملا أن يقر مجلس الوزراء بأسرع وقت المراسيم التطبيقية.
وشدد بري خلال «لقاء الاربعاء» على ضرورة «ان يتحمل الجميع مسؤولياتهم في الحوار المقبل في آب للخروج بنتائج ملموسة وإيجابية لحل الازمة».
أما وزير المالية علي حسن خليل، فأكد لـ «السفير» ان المناخ السياسي المحيط بهذا الملف الحيوي بات أفضل من السابق.
وقال وزير الخارجية جبران باسيل لـ «السفير» ان هناك على ما يبدو هواء غربيا يلفح لبنان حاملا معه نسائم النفط، مشيرا الى ان الطبخة لا تزال تحتاج الى بعض الوقت فوق غاز اللجنة الوزارية المختصة، قبل أن تنضج على طاولة مجلس الوزراء.
ولفت الانتباه الى ان المؤشرات توحي بأن القرار السياسي المطلوب لإنجاز متطلبات الملف النفطي يختمر شيئا فشيئا، مشيرا الى ان كل العمل التقني منجز منذ سنوات، وما كان ينقص الترجمة العملية له على أرض الواقع هو القرار السياسي.
وأكد باسيل أن لدينا، من جهتنا، كل الجهوزية للتعاون من أجل استكمال آليات استثمار الثروة النفطية، آملا أن تتوافر الإرادة ذاتها لدى الآخرين. واعتبر ان الخلاف ليس على المراسيم بل حول جوانب أخرى في الملف كالترسيم والتلزيم، رافضا الخوض في التفاصيل ومبديا تجاوبه مع الدعوة الى طرح مرسومي النفط على مجلس الوزراء.
وأبلغ وزير الطاقة آرتور نظاريان، «السفير» ان الأجواء التي سادت جلسة الحوار الاخيرة حيال الملف النفطي هي إيجابية، «ولكن التجربة علمتني أن العبرة في الأفعال والأمور بخواتيمها، ولذلك دعونا ننتظر ونرَ».
وأوضح أن التقرير الذي أعدته هيئة قطاع النفط ينطوي على جانب كبير من الاهمية، مشيرا الى انه يبين بوضوح أن هناك كميات من الغاز في المنطقة البحرية المتنازع عليها مع اسرائيل، وتحديدا في المكامن المشتركة الواقعة في البلوك البحري رقم 8، وهذه الكميات لا يمكن تقديرها بدقة قبل استئناف الحفر.
النهار :
فيما انتقل الملف اللبناني مرة جديدة الى "عناية " العاصمة الفرنسية من خلال احتلاله مع الملف السوري الاولوية في المحادثات التي أجراها أمس وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف في باريس، اتجه المشهد الداخلي الى مزيد من التخبط في عشوائية الاولويات وملفات الازمة السياسية سواء ما يتصل منها بمسألة قانون الانتخاب أو ببرمجة الحوار الذي رحّل الى مطالع آب المقبل.
وأفاد مراسل "النهار" في باريس سمير تويني ان توافقا فرنسياً - ايرانياً حصل على متابعة البحث في مبادرة لتسهيل حل الازمة الدستورية التي يعانيها لبنان بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي للبنان منتصف الشهر المقبل، فيما أبدى وزير الخارجية الايراني استعداد بلاده للمساهمة في مبادرة لتسهيل حل تلك الازمة.
وصرّح ايرولت بعد لقائه ظريف في "الكي دورسيه" بأنهما بحثا في "العديد من الملفات الإقليمية ومنها الملفات اللبناني والسوري واليمني والسلام الاسرائيلي - الفلسطيني، من اجل ايجاد حلول لازمات تهدد الاستقرار في المنطقة والعالم". وشدد "على ان هذه المنطقة في حاجة الى سلام". وأضاف: "يمكننا الان الحوار ومقارنة تحليلاتنا من اجل التوصل الى علاقات جيدة على المدى الطويل".
وقال ظريف: "ان المحادثات كانت جيدة جداً. والبلدان يعملان من أجل سلامة المنطقة". وأكد ان ايران تحترم التزاماتها وعلى الاطراف الآخرين احترامها من اجل تعاون مثمر". واعلن ان "ايران مستعدة لاجراء حوار اقليمي مع فرنسا والمجتمع الدولي من اجل السلام ومحاربة التطرف في المنطقة".
أما بالنسبة الى التناقضات بين الموقفين الفرنسي والايراني من الملفين اللبناني والسوري، فقال ظريف: "المهم هو الحوار، لقد تمكننا من البحث في العديد من الملفات مضيفاً الى حلول للحدّ من الاختلافات".
وأما بالنسبة الى لبنان، فقال ايرولت: "سأقوم بزيارة للبنان في ١١ و ١٢ تموز المقبل وقد اقترحت على نظيري الوزير ظريف ان اعرض عليه نتيجة هذه الزيارة للبحث في اذا كان في إمكاننا ان نتوصل الى مبادرة يمكنها ان تخرج هذا البلد من أزمته الحالية وأننا نتشاور في سبل المساعدة من اجل التقدم نحو حل".
ورأى ظريف "أن قرار الحل يعود الى الشعب اللبناني وأي قرار يتخذه الشعب اللبناني سنحترمه. وأننا نعمل مع فرنسا من أجل تسهيل التوصل الى حل للازمة ولكن يعود الى اللبنانيين العمل في ما بينهم من أجل التوصل الى حل، ولا يمكن أحداً فرض حلول من الخارج ولكن علينا العمل من اجل تسهيل التوصل الى حل".
الحريري
وسط هذه الاجواء، تحدث الرئيس سعد الحريري في افطار اقامه مساء أمس في المشرف لعائلات من اقليم الخروب عن "حماية عروبة لبنان وعلاقاته مع اشقائه ورفض الهيمنة الايرانية على سياساته الداخلية والخارجية". وقال إن "اللبنانيين رفضوا هيمنة النظام السوري باسم العروبة على لبنان فما بالكم انهم سيفعلون في وجه محاولات الهيمنة الايرانية باسم الممانعة والمقاومة".
السفراء الاوروبيون
في غضون ذلك، اتخذت زيارة وفد ديبلوماسي واسع ضم 19 سفيراً أوروبياً لوزير الداخلية نهاد المشنوق بعداً لافتاً لجهة الانطباعات الايجابية التي عبر عنها الوفد عن نجاح استحقاق الانتخابات البلدية منطلقاً منها للتشجيع على الانتخابات الرئاسية والنيابية. وعلمت "النهار" ان اللقاء عكس دفعا اوروبيا نحو التوافق الداخلي للمضي قدماً نحو التزام الاستحقاقات الديموقراطية ولا سيما منها الانتخابات الرئاسية وكذلك الانتخابات النيابية سواء في موعد مبكر يتوافق عليه الافرقاء اللبنانيون أو في موعدها المقرر أصلاً. وعبرت سفيرة الاتحاد الاوروبي كريستينا لاسن عن هذا الاتجاه بقولها ان اجراء الانتخابات البلدية "يثبت ان لبنان قادر على اجتياز اي استحقاق انتخابي مستقبلي"، فيما اكد المشنوق للوفد ان الانتخابات النيابية ستتم في موعدها المحدد في حزيران المقبل وان الوزارة بدأت التحضير لها.
ولكن في المقلب النيابي المتصل بقانون الانتخاب، بدت الصورة شديدة التعقيد حيال أي احتمال للتوصل الى اختراق ايجابي في ملف قانون الانتخاب. وغداة الجولة الاخيرة من الحوار، لم تخرج جلسة اللجان النيابية المشتركة أمس باي نتائج واعدة، فيما اعلن نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري تخصيص الجلسة المقبلة التي حددت في 13 تموز لوضع المعايير الواجب اعتمادها في القانون المختلط. ولعل الجديد البارز الذي كشفه مكاري تمثل في اعلانه انه في حال عدم التوصل الى التوافق سيعرض المشاريع والاقتراحات المقدمة سابقا على الهيئة العامة للمجلس ليصار الى التصويت عليها بعد التشاور مع رئيس المجلس نبيه بري. وأفادت مصادر نيابية ان موضوع احالة المشاريع على التصويت في الهيئة العامة يواجه بدوره معارضة عبر عنها عضو "كتلة الوفاء للمقاومة " علي فياض. وقالت المصادر إن مناقشات اللجان أمس أثبتت تكراراً ان رحلة قانون الانتخاب لا تزال محفوفة بالصعوبات وان القضية ليست مسألة تقنيات بل تتصل بقرار سياسي مفقود وسط اتجاهات لم تعد خافية على أحد لربط كل ملفات الازمة بعضها بالبعض بما يفرض الاتجاه نحو مبدأ "السلة الكاملة".
مجلس الوزراء
أما جلسة مجلس الوزراء أمس، فتميّزت بإنها "كانت هادئة وعادية ومرّ إقرار بنودها المدرجة في جدول الاعمال"، ما قالت مصادر وزارية أبلغت "النهار" ان موضوع إستقالة عدد من الوزراء طرح على بساط البحث إنطلاقاً من مداخلة لوزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي لفت الى ان الوزراء المستقيلين "يتنصلون من دورهم في الحكومة لكنهم مستمرون في وزاراتهم من دون عرض أعمالهم على مجلس الوزراء وكذلك من دون رقابة مجلس النواب". وفيما لقيت المداخلة استجابة من الوزير بطرس حرب، أبدى رئيس الوزراء تمام سلام موافقته لكنه قال: "تعلمون أن الحكومة مغلولة الايدي وهي لا تستطيع أن تقبل الاستقالة وذلك في غياب رئيس الجمهورية". وعلّق الوزير درباس لـ"النهار" على المشهد الحكومي قائلاً: "الحكومة باقية على رغم ضعفها. أما سرّ قوتها فهو أن لا بديل منها".
المناقصات
في سياق، آخر اثيرت أمس مشكلة جديدة تتصل بالمناقصات التي أجريت في ملف النفايات، اذ صرّح وزير الداخلية عقب جلسة مجلس الوزراء: "يجب اعادة النظر في مناقصة مشبوهة جرت في مجلس الانماء والاعمار حول النفايات واختلفت أسعارها ما يثير الشبهة حولها". وتبين ان المشنوق كان يقصد المناقصة التي اجريت لانشاء مطمر موقت في منطقة برج حمود.
المستقبل :
من إقليم الخروب «عرين العروبة في لبنان وعنوان الوقوف في وجه كل مشروع لتغيير هويته القومية أو ضرب علاقاته بأشقائه العرب»، أطلق الرئيس سعد الحريري سلسلة مواقف وطنية عروبية حازمة أمس تأكيداً على التمسك بالهوية العربية ورفض الخضوع لإيران ومحاولاتها الهيمنة «باسم الممانعة والمقاومة» على اللبنانيين الذين سبق ورفضوا هيمنة النظام السوري عليهم «باسم العروبة». وقال: «اتفاق الطائف حسم مسألة العروبة لتكون عنواناً لهوية لبنان وليس أداة لسيطرة أي نظام عربي عليه، ومن باب أولى أن نؤكد في هذه المرحلة من تاريخ بلدنا وأمّتنا، أنّ شيئاً في لبنان، حزباً كان أو تنظيماً مسلحاً أو حرساً عسكرياً لمعادلات الممانعة، لن يتمكّن من تطبيع اللبنانيين على منطق الخضوع للسياسات الإيرانية وأدواتها».
وإذ شدد على كون «اللبنانيين الأمناء على عروبتهم لن يغدروا بالأشقاء وفي طليعتهم المملكة العربية السعودية مهما تعالت أصوات التحامل ونكران الجميل»، لفت الحريري في الكلمة التي ألقاها في جامعة رفيق الحريري في المشرف خلال مأدبة الإفطار التي أقامها على شرف عائلات من إقليم الخروب بحضور تيمور وليد جنبلاط ورئيس حزب «الوطنيين الأحرار» النائب دوري شمعون وحشد نيابي وسياسي وروحي وعسكري وأمني وقضائي وإداري وحزبي وبلدي من المنطقة، إلى أنّ «تيار المستقبل» لا مشروع لديه سوى مشروع الدولة وإلى كونه تيار العيش المشترك والوحدة الوطنية والاعتدال ورفض الفتنة، مذكّراً بقراره اعتماد التوافق كأولوية خلال الاستحقاق البلدي الأخير وعدم خوض المواجهات الانتخابية حيث لم تنجح جهود التوافق، وتوجّه في هذا المجال بالتهنئة إلى كافة الفائزين في المجالس البلدية متطرقاً في الوقت عينه إلى المشاريع الإنمائية التي تم اعتمادها لحل المشكلة البيئية وغيرها من المشاكل الحيوية في منطقة الإقليم، مع تجديد التأكيد على الحاجة إلى إعادة تحريك عجلة الاقتصاد الوطني والعودة إلى النمو والاستفادة من الطاقات الشبابية، مشدداً على أنّ ذلك يحتاج إلى الاستقرار المؤسساتي بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية بالتوازي مع الاستقرار الأمني واستقرار علاقات لبنان مع الدول الشقيقة والصديقة.
الحكومة.. واللجان
في الغضون، عقد مجلس الوزراء أمس جلسة «هادئة ومنتجة» كما أجمع على وصفها معظم أعضاء المجلس نتيجة تحييد الملفات السياسية الخلافية والانكباب على إقرار معظم البنود المدرجة على جدول الأعمال. وفي حين ستكون الحكومة غداً على موعد مع جلسة سياسية تحاكي ملفات حامية عدة موضوعة على طاولة البحث والنقاش، أفادت مصادر وزارية «المستقبل» أنّ جلسة الأمس لم يتخللها أي خوض في هذه الملفات باستثناء مداخلة للوزير رشيد درباس أثار فيها مسألة استقالة بعض الوزراء واتهامهم زملاء لهم في الحكومة بالفساد ثم لا يتقيدون بموجبات الاستقالة ويعودون لممارسة الحكم من دون حسيب ورقيب مع التنصل من تحمل أي مسؤولية بذريعة استقالتهم الشفهية. الأمر الذي علّق عليه رئيس الحكومة تمام سلام بتأكيد أحقية مداخلة درباس مع الإشارة في الوقت عينه إلى عدم القدرة على قبول هذه الاستقالات نتيجة غياب رئيس الجمهورية باعتبار ذلك من الصلاحيات اللصيقة بشخصه.
أما في ما يتصل باجتماع اللجان النيابية المشتركة، فقد أوضحت مصادر اللجان لـ«المستقبل» أنّ نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري استهل الاجتماع بوضع أعضاء اللجان في أجواء جولة الحوار الوطني أول من أمس وخلاصة ما توصل إليه من نقاشات إزاء القانون الانتخابي العتيد على أمل أن يتمكن أقطاب الحوار من الوصول إلى أرضية مشتركة في هذا الموضوع خلال اجتماعاتهم المرتقبة على مدى 3 أيام متتالية مطلع آب. لكن في المقابل، طرح النائب حسن فضل الله مسألة الفصل بين نقاشات اللجان ومباحثات الحوار انطلاقاً من مبدأ أنّ «المجلس النيابي سيّد نفسه» وأيده في ذلك معظم أعضاء اللجان فما كان من مكاري إلا أن أكد على ضرورة إحالة جميع المشاريع والاقتراحات المقدمة بشأن القانون الانتخابي على الهيئة العامة ليُصار إلى التصويت عليها في حال عدم التوافق في اللجان على أي منها. وفي نهاية الجلسة تقرر تخصيص الجلسة المقرر عقدها في 13 تموز المقبل لوضع المعايير التي يجب اعتمادها في القانون المختلط بين النسبي والأكثري.
الديار :
ما هو الحدث الهام، بل والخطير، الذي سيقع خلال هذا الصيف وتكون له انعكاساته على كامل المشهد السياسي، والعسكري، وحتى الاستراتيجي في المنطقة؟
مصادر خليجية رفيعة المستوى تؤكد ان معلومات لا يرقى اليها الشك تتحدث عن مفاجآت حساسة جداً، لتضيف «صحيح ان الوضع في المنطقة يبدو كما لو انه داخل الزلزال، لكن ما سيقع سيفضي، حتماً، الى ظهور وضع جديد ويفضي الى ارساء «قواعد جديدة للاشتباك».
وتشير المصادر الى انها المرة الاولى التي تكون فيها اجهزة الاستخبارات في حالة استنفار استثنائي على هذا المستوى، ودون ان تمضي ابعد في التفاصيل، لكنها تلفت الى ان احاديث في هذا الخصوص تتردد في بعض القصور ما يشي بأن تبدلاً ما في المشهد سيحدث، ولكن كيف واين؟ هذا من اسرار اللعبة...
وتقول ان لا علاقة للحدث بالخطوط التي اعدها تنظيم الدولة الاسلامية الذي استنفر كل شبكاته وكل خلاياه في العديد من بلدان المنطقة، ومع تأكيد التقارير الاستخباراتية ان التنظيم الذي يبدو في حالة هيستيرية في الوقت الآخر يزمع تنفيذ عمليات تفجير واغتيال واسعة النطاق.
لم يعد سراً ان تدابير استثنائية اتخذت في بعض دول مجلس التعاون الخليجي لحماية «الرؤوس الكبيرة» في ظل معلومات غربية بأن التنظيم قد يكون اخترق جهات تعتبر عادة فوق الشبهات وفوق... المخاطر.
ماذا عن لبنان؟ المصادر الخليجية تقول ان الوضع الداخلي اللبناني معقد جداً، لتشيد بالاجهزة اللبنانية التي «قاتلت» على اكثر من جبهة، فهناك عناصر «داعش» و«النصرة» في سفوح السلسلة الشرقية، في حين ان المخيمات البعيدة عن الرقابة المباشرة للسلطات اللبنانية تشهد حركات غير اعتيادية وتشي بان ثمة من يحفر تحت السطح...
بطبيعة الحال، الانظار تتجه الى مخيم عين الحلوة، هو الاكبر، وهو في الوقت نفسه عبارة عن «متحف» تتواجد فيه الفصائل الفلسطينية التي مرّ عليها الزمن، والجماعات المتطرفة التي تخطط للامساك بالمخيم في وقت ليس بالبعيد، وان كان هناك من يتحدث عن توازن دقيق بين اجهزة الاستخبارات في المخيم يجعل من اي تفجير عملية معقدة جداً.
وكانت لافتة تعليقات جهات غربية على الحادثة التي وقعت عند الحدود الاردنية الشمالية عندما فجر انتحاري ينتمي الى تنظيم «داعش» شاحنة محملة بالمتفجرات في مركز حدودي اردني مع سوريا.
السيارة هي من مجموعة سيارات سبق للسلطات الاردنية وزودت بها فصائل معارضة في سوريا، وان كان معلوماً ان هذه السيارات، ومعها اعتدة واسلحة مختلفة، هي مرسلة بالاساس من بلدات عربية، فيما كانت السلطات الاردنية تتولى التنسيق المباشر مع تلك الفصائل.
جهات ديبلوماسية غربية قالت ان الاجهزة الامنية اللبنانية هي وحدها في المنطقة التي لم تلطخ ايديها بالتعاون، على المستوى التكتيكي ام على المستوى الاستراتيجي، مع التنظيمات الارهابية.
واشارت الى ان الاستخبارات التركية والاستخبارات الاردنية التي كانت تشكل الذراع الامامية لاجهزة استخبارات عدة والتي لم تتوان يوما عن التنسيق مع الاجهزة الاسرائيلية في مسائل تتعلق بسوريا وغير سوريا، تلقت تحذيرات من اجهزة اوروبية بان تكون شديدة الحذر في تعاطيها مع تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة».
وتؤكد الجهات اياها ان الاستجابة كانت «صفر» وان كان معلوماً ان الاستخبارات الاردنية، ومنذ حرقت «داعش» على ذلك النحو الوحشي للطيار الاردني معاذ الكساسبة، قد بدأت تفريغ ما في جعبتها لاجهزة استخبارات تقاتل «داعش» وهذا ما يمكن ان يكون وراء عملية اول من امس.
ولا يبرئ مراقبون محايدون السلطات الاردنية من دورها في تسليم مناطق حدودية مع سوريا (طول الحدود375 وهو مماثل لطول الحدود بين لبنان وسوريا) الى تنظيمات متطرفة والى فصائل كان معروفاً انها مخترقة من قبل «داعش».
ولم يعد سراً ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سبق ونصح العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني بإحداث تعديل جذري في سياساته حيال سوريا، وعدم الخضوع ان للضغوطات او للاغراءات، التي يتعرض لها والى حد تحذيره من انه اذا ما استمرت الفوضى على ما هي عليه عند الحدود مع سوريا فقد يتحول الاردن الذي يستضيف مئات الالاف من النازحين السوريين الى قنبلة قابلة للانفجار...
الانجازات التي حققتها الاجهزة اللبنانية لا تعني ان لبنان بات بأمن كلي من بعض الهزات الامنية، وبالرغم من ان تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» يمثلان ما يقارب الـ 300 كيلومتر مربع من الاراضي اللبنانية، وتحديداً في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع، فان الحدود اللبنانية - السورية التي كانت على الدوام الحدود الاكثر تداخلاً مع سوريا، خلافا لما كان عليه الوضع مع تركيا او العراق او الاردن، تبدو في «وضع قتالي» قياساً على ما يجري عند الحدود الاخرى.
وفي هذا المجال، تعتقد جهات معنية ان التنظيمات الارهابية التي سعت على مدى سنوات الى اقامة بنى اساسية صلبة فوق الارض اللبنانية تبدو الآن شديدة الحذر بعدما تم تفكيك سلسلة طويلة من خلاياها، والى حد التأكيد (تقريباً) أنها اوقفت خططها الخاصة بإنشاء خلايا «عملانية» مهمتها اختراق بعض الاوضاع اللبنانية التي تتسم بحساسية خاصة.
ـ تشاؤم سلام ـ
على الساحة السياسية، واذ اكد اكثر من مشارك في الحوار الاتجاه الى السلة المتكاملة، او الى الصفقة الشاملة(Package Deal)، بدأ الحديث في الوسط السياسي عن... السلة الفارغة.
لارئيس جمهورية، ولا قانون انتخابي، ولا حكومة، بل ابقاء كل شيء في الثلاجة، ودون ان يبقى سرا ان هناك عواصم خارجية اتصلت بالرئيس تمام سلام لحثه على الصمود مع تقدير معاناته، وذلك بعدما وجهت سفارات في بيروت تقارير الى سلطات بلادها حول الوضع النفسي لسلام، والى حد قول مقربين انه لم يكن في اي يوم متشائماً الى هذا الحد.
وهؤلاء المقربون يؤكدون ان «تمام بيك» من النوع الصبور جداً، ويمكنه التعاطي بمرونة مع اي ملفات مهما كانت صعبة او معقدة، لكن مشكلته هي في اكتشافه ان قوى سياسية تشكل ما يمكن ان يسمى «كونسورتيوم الفضائح» اي ان فلسفة الصفقات، تحديداً الصفقات المشبوهة، تبدو بالنسبة الى تلك القوى وكأنها مسائل عادية...
ـ الرؤوس الكبيرة والمكوك الفضائي ـ
سلام يرفض ان يكون حارس مغارة علي بابا. يؤكد لزوار المساء انه يبذل جهوداً هائلة من اجل الحد من منطق المغارة، وثمة معطيات وصلت اليه حول شبكات الانترنت غير الشرعية. صدم لكون الاختراقات يمكن ان تصل الى هذا الحد. يرفض ان يقتصر العقاب على الرؤوس الصغيرة، لكن الوصول الى الرؤوس الكبيرة يحتاج الى مكوك فضائي.
رئيس الحكومة يؤكد ان بقاءه حيث هو من اجل المصلحة الوطنية. احد الوزراء (ويتردد انه الوزير رشيد درباس)، قال له «انت الوحيد المتبقي من حكومة المصلحة الوطنية». الآخرون ماضون على هواهم في المصالح الخاصة.
لا يتأثر بالذين يحاولون ان يوغروا صدره بالقول ان «هيئة الحوار الوطني» التي بدت كما لو انها مؤسسة قائمة بذاتها، «تبتلع حكومتك يا دولة الرئيس». هو وبري علاقته وثيقة، ويردد ان «ابو مصطفى معني، مثلنا، وخائف مثلنا على لبنان».
ـ كوكتيل الازمات ـ
والطريف ان يقال في الكواليس ان القوى السياسية ليست بحاجة الى العصا السحرية لاجتراح التسويات المستحيلة بعدما تحولت الجمهورية الى كوكتيل من الازمات، بل هي بحاجة ا لى عصا الرعاة لدفع تلك القوى الى تبادل التنازلات بدلاً من الصراع على المنافع، توصلاً الى تسوية...
سفير عربي بعيد عن الصخب الاقليمي الراهن قال لـ «الديار» ان مفاعيل الحرب الاهلية في سوريا اشد تأثيراً على لبنان من تلك التي وقعت فيه ما بين عامي 1975 و1990 لأن المسألة هناك تتعلق باعادة هيكلة الخرائط، والمعادلات، والتوازنات، وبالطبع قواعد اللعبة كما قواعد الاشتباك، في المنطقة، ومن بينها لبنان بطبيعة الحال.
استطراداً، وكما يتابع السفير «ان اللبنانيين الذين يعرفون بأعصابهم الحامية البقاء لفترة اضافية في الثلاجة»، يلاحظ انه من غير المنطقي القول ان الانتخابات البلدية تفيض تلقائياً الى الانتخابات النيابية التي تعيد انتاج السلطة، والى الانتخابات الرئاسية التي تعيد الحياة للعملية السياسية والدستورية على السواء...
البقاء، بأعصاب باردة أو حامية، في الثلاجة، مثلما دار المتحاورون في حلقة مفرغة خلال جلسة الحوار داروا في حلقة مفرغة في جلسة اللجان النيابية المشتركة حول قانون الانتخاب. كان النواب يحدقون في وجوه بعضهم بعضاً ليستفسروا عن الداعي الى عقد الجلسة ما دام كبار القوم قد اعترفوا بالعجز حتى عن ايجاد لغة مشتركة غير اللغة الهيروغليفية (او البابلية) بطبيعة الحال. وبالرغم من ذلك، حدد نائب رئيس المجلس جلسة اخرى في 13 تموز على غرار جلسات الحوار الوطني لتحديد مواصفات الرئيس (طوله وقياس خصره وما شابه)، اي «وضع المعايير التي يجب اعتمادها في القانون المختلط».
النائب جورج عدوان قال «إما نتوصل الى حل ونذهب الى الهيئة العامة للتصويت، او ننظر الى مبادرة الرئيس بري بكل جدية، ونذهب الى قانون انتخاب جديد، والى الانتخابات، على ان نكون متفاهمين على الانتخاب الفوري لرئيس الجمهورية».
الجمهورية :
مع دخول البلاد رحلة انتظار الجلسات الثلاثية التي حدّدها الحوار الوطني بعد أربعين يوماً، لكي نغرفَ بالسلّة المتكاملة التي أعدّها رئيس مجلس النواب نبيه برّي، حلاً للأزمة السياسية والرئاسية المعقّدة، تبقى كفّة ميزان التشاؤم هي الراجحة على كفّة التفاؤل، تبعاً لمواقف الأطراف الثابتة وتوجّهاتها المتناقضة، التي لا تشي حالياً بإمكانية تحقيق أيّ خرقٍ رئاسي أو سياسي أو انتخابي. مع ترحيل الحوار، ومعه البند الانتخابي إلى آب المقبل، دخلت الرتابة إلى حلقة اللجان النيابية المشتركة التي تبحث القانون الانتخابي، وانعقدت جلستها في مجلس النواب أمس، وكأنّها لم تنعقد، وفي أحسن الحالات بدت وكأنها بلا معنى، كما أكّدت مصادر نيابية لـ«الجمهورية»، حيث تحوّلت من جلسة لمناقشة القانون الانتخابي، الى جلسة تضييع للوقت، خرج فيها النقاش عن الموضوع، وفتحَ جدالاً حول أمور سياسية لا صِلة لها بالانتخابات، الأمر الذي دفعَ بأحد النواب الى القول لـ«الجمهورية»: «إنْ لم يكن هناك شيء في متناول اللجان فليعلَّق عملها إلى حين وضوح الصورة. وفي الاساس لم يكن في يدنا شيء، كنّا بنظام أكثري ثمّ نسبي ثم مختلط ثم صيغة فؤاد بطرس ثمّ مجلس شيوخ ثمّ سلّة كاملة... دوَّخونا ولم نعُد نعرف أين نذهب».
وفي هذا الانتظار الممتد على أكثر من أربعين يوما، يُنتظر أن تتربّع على سطح المشهد السياسي مجموعة من الملفات الحيوية، وتفرض نفسَها على حلبة الاهتمامات والمتابعات الداخلية، ويأتي في مقدّمتها ملف النفط البحري والمراسيم التطبيقية للقانون المرتبط به، والذي يُخشى أن تتولّد مع بدء المقاربة الجدّية لهذا الملف، ارتداداتٌ تعيد فتحَ النقاش حوله على عدة جبهات، خاصة وأنّه ما يزال يشكّل مادة خلافية بامتياز بين القوى السياسية.
إفطار عند برّي
على أنّ هذا التشاؤم غيرَ المفاجئ في إمكان بلوغ حلّ في آب، لا يلغي استمرارَ مدّ الجسور بين القوى السياسية المختلفة، وهنا يندرج في هذا السياق الجهد الذي يبذله بري لإبقاء لغة الحوار قائمة بين المختلفين وتطويرها، إنْ على طاولة الحوار الوطني، أو على طاولة الحوار الثنائي بين تيار «المستقبل» و«حزب الله». ومِن هنا تأتي مبادرته الى ترفيع مرتبة الحوار بين الطرفين، من حوار سياسي الى حوار الخبز والملح، وبمشاركته شخصياً في مأدبة إفطار يقيمها غروبَ اليوم الخميس في عين التينة.
وجنبلاط عند «الحزب»
وفي سياق انفتاح القوى السياسية على بعضها البعض، لفتَ الانتباه في اليومين الماضيين، لقاءٌ بين «حزب الله» ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، الذي «فطر» إلى مأدبة كتلة «الوفاء للمقاومة» يرافقه نجله تيمور والوزيران وائل ابو فاعور وأكرم شهيّب.
كما حضَر من الكتلة رئيسُها النائب محمد رعد والوزيران محمد فنيش وحسين الحاج حسن، والنائبان حسن فضل الله وعلي عمّار، ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب الحاج وفيق صفا.
ولهذا اللقاء رمزيتُه ودلالته في هذه المرحلة، علماً أنّهما لم يلتقيا منذ فترة طويلة بسبب ظروف سياسية محلية وخارجية. وعلمت «الجمهورية» أنّ مأدبة الإفطار كانت مناسبة لدردشةٍ حول كلّ الشؤون والشجون، وتمّ عرض الوضع الداخلي السياسي، والملف الاقتصادي والملفات المعيشية والاجتماعية وكذلك مسار العمل الحكومي وما ينبغي القيام به لتفعيله والخروج من الرتابة الحالية، مع التأكيد على اهمّية وضرورة مقاربة الملفات الحيوية والخدماتية الآيلة للحلّ والتطبيق، وتقديمها على أيّ ملفات أخرى شائكة أو معقّدة.
في سياق متصل، علمت «الجمهورية» أنّه فيما كان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع يعزّي المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص بنجلِه في جامع محمد الامين، حضَر وفد من «حزب الله» ضمَّ النائبَين علي عمار وحسن فضل الله، ولوحِظ انّ عمّار قد صودِف جلوسه الى جانب جعجع حيث تبادلا أطراف الحديث.
ملفّ النفط
واحتلّ ملفّ النفط حيّزاً في النقاش بين الطرفين، في وقتٍ تجري التحضيرات الحكومية لتناولِه في المدى القريب، كما أوحت بذلك مصادر في السراي الحكومي.
وقال وزير الطاقة والمياه آرثور نظريان لـ«الجمهورية»: «الموضوع لم يعُد عندنا بل في يد رئيس الحكومة. فيما قال وزير الخارجية جبران باسيل ردّاً على سؤال لـ«الجمهورية» حول ما إذا كان سيتمّ بحث هذا الموضوع: «قريباً إنْ شاءَ الله، نحن نشتغل حوله».
على أنّ اللافت للانتباه في هذا السياق أنّه رغم الحديث المتزايد عن الملف النفطي في الفترة الاخيرة، إلّا أنّ الأمانة العامة لمجلس الوزراء لم تعمّم على الوزراء أيّ بندٍ يتّصل بالمراسيم الخاصة بالنفط والغاز. وردّت مصادر ذلك الى انتظار بلوَرة تفاهم على شكل ومضمون التعاطي معها، خصوصاً وأنّ هيئة الحوار هي التي تناولَت الموضوع من دون ان تنال القضية موافقة جميع الأطراف.
ويبدو أنّ الاعتراض على طرح ملف النفط حالياً قد بدأ قبل ان يدرج فعلياً على بساط البحث، وبرَز في هذا السياق موقف رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل الذي قال إنّه يعارض أيّ قرار في هذا الملف الحيوي والمصيري لمستقبل لبنان في ظلّ حكومةٍ اعترفَ رئيسُها أنّها حكومة الفشل والفساد، وفي ظلّ الشغور الرئاسي ومجلس النواب المعطل، أي في غياب أيّة رقابة»
اللواء :
وإعلان عجزها عن الاتفاق على خارطة طريق للخروج من الأزمة السياسية الراهنة الآخذة بالإستفحال، في ظل الكساد الاقتصادي غير المسبوق، ومخاوف جدّية من تأثيرات عدم تجاوز النمو العامين الماضيين 1 في المائة، وبعد أن اختبرت اللجان النيابية دورانها في الفراغ، في جلستها أمس، حيث رفعت أعمالها إلى ما بعد عيد الفطر السعيد بأسبوع، إنشغلت الأوساط السياسية بمعلومات سرّبتها أوساط «التيار الوطني الحر» عن نيّة وزيري التيار جبران باسيل والياس بوصعب تعليق مشاركتهما في جلسات الحكومة، إذا ما اتخذ الرئيس تمام سلام أي إجراء يتعلق بتأخير تسريح العميد محمّد الطفيلي نائب مدير جهاز أمن الدولة، وذلك بعد تلويح رئيس التيار الوزير باسيل بتهديد مبطّن بعد اجتماع تكتل «التغيير والاصلاح» عصر الثلاثاء الماضي، داعياً الحكومة إلى «عدم إختبارنا».
ومع أن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق سارع إلى نفي أي إمكانية للتمديد للعميد الطفيلي قائلاً للصحافيين لدى مغادرته جلسة مجلس الوزراء: «شو هالحكي.. لا تمديد لأحد، فإن مصادر وزارية متابعة لحفلة الاستقالات من الحكومة والبقاء فيها، وهو الوضع الذي أثاره وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، مطالباً بتفسير دستوري وقانوني لهذه الظاهرة، حذّرت من أجواء المزايدات بين الوزراء المسيحيين، واللعب بأعصاب الشارع، في إطار «سياسات شعبوية» تطلب الشيء ونقيضه، مع العلم أن الأزمات المتلاحقة دفعت الرئيس سلام لإعلان ما أعلنه من فشل الحكومة وعجزها، في خطاب غير مسبوق أمس الأول، والذي لاقى اهتماماً في الأوساط الديبلوماسية، وطلبت أكثر من سفارة أجنبية نسخة عنه وترجمة له.
وفي حين استبعدت هذه المصادر الوزارية أن تصل الأمور إلى حدّ تعليق وزراء عون المشاركة في الحكومة، إلا أنها حذّرت من الاستمرار في بثّ أجواء زعزعة الثقة التي تواجه صعوبات مع الضغوطات المستمرة على الأوضاع في البلاد، سواء لجهة العقوبات الأميركية على «حزب الله» أو التهديدات الأمنية مع موسم الصيف، أو الصعوبات التي تعترض التفاهم على آلية لانتخاب رئيس، حيث من المتوقع أن تكون جلسة اليوم كسابقاتها بلا نصاب ولا انتخاب.
مجلس الوزراء
ومع أن الجلسة لم تشهد مواضيع خلافية، وكانت مثمرة لجهة إقرار مرسومين حيويين، هما: تعديل مرسوم الحد الأدنى الرسمي لأجور العمال والمستخدمين في القطاع الخاص بتاريخ 25/1/2012، ونسبة غلاء المعيشة وكيفية تطبيقها، والثاني نقل اعتمادات من إحتياطي الموازنة إلى موازنة بعض الوزارات للعام 2016 لتغطية مخصصات ورواتب ومصالحات، فضلاً عن الموافقة على مشروع قانون يرمي إلى تخفيض الغرامات على متأخرات بعض الرسوم كرسوم البلديات والسير والميكانيك وأوامر تحصيل مخالفات البناء، فإن الأنظار تتجه إلى جلسة يوم غد التي ستبحث في مشاريع مجلس الإنماء والاعمار، ومن ضمنها ملف النفايات ومناقصة مطمر برج حمود، في ظل فروقات في الأسعار بين المناقصة الأولى والأخيرة بما نسبته مائة في المائة، بحسب الوزير المشنوق.
ولم يشأ مصدر وزاري معني الخوض في الأجواء التوتيرية التي سبقت الجلسة لجهة الفروقات المالية، لكنه أشار إلى أن النقاش سيكون شفافاً بعيداً عن السجالات والنقاشات الحادّة، وفي إطار التوجه الحكومي لعقد جلستين كل أسبوع، واحدة لجدول الأعمال العادي والثانية لملف واحد، حيث ستخصص جلسة الثلاثاء المقبل لبحث الأوضاع المالية.
ووصف الوزير درباس الجلسة بأنها كانت «مثل الميّ بالنزول»، في حين قالت الوزيرة أليس شبطيني أن «الوزراء بإمكانهم أن يختلفوا على جنس الملائكة ويتفقوا على أصعب الأمور».
وفي ما خصّ جلسة الغد، فقد علمت «اللواء» أن وزير العمل سجعان قزي سيحضر هذه الجلسة، معلناً عودته عن الاستقالة، وليمارس مهامه كالمعتاد في الوزارة وفي مجلس الوزراء.
أما في ما يتعلق بأمن الدولة، لم تستبعد مصادر وزارية أن يطرح الملف على هامش جلسة الغد، نظراً لضيق الوقت في ما خصّ اتخاذ القرار المناسب حول مصير مدير جهاز أمن الدولة اللواء جورج قرعة ونائبه الطفيلي.
ومع تأكيد الإشارة إلى أن التيار العوني يعارض أي توجه لتأجيل تسريح الطفيلي، لأن ذلك سيؤدي إلى تعطيل أعمال الحكومة، فإن الموقف الذي أعلنه الرئيس نبيه برّي أمام نواب الأربعاء أمس، أبقى الأزمة قائمة، فهو اشترط في حال عدم تأجيل تسريح الطفيلي أن يُقال اللواء قرعة، وبذلك تنتهي مشكلة الجهاز ويعيّن مديراً من الطائفة الكاثوليكية ونائباً من الطائفة الشيعية وتنتهي المشكلة، لكن وزيراً كاثوليكياً قال لـ«اللواء» أمس أن الوضع ليس متشابهاً، فاللواء قرعة بقي له في الخدمة ليبلغ 58 عاماً سنة ونصف السنة، في حين أن العميد الطفيلي لم يبقَ له سوى ثلاثة أيام ليحال على التقاعد حكماً في 26 حزيران.
وقال مصدر وزاري آخر أن التيار العوني الذي يستند إلى دعم «حزب الله» يخوض معركة عدم التمديد مرّة ثالثة لقائد الجيش العماد جان قهوجي الذي تنتهي ولايته الممدّدة في أيلول المقبل، حيث سيفتح هذا الملف في جلسة من جلسات شهر آب، مع العلم أن تأجيل تسريحه يكون بقرار من وزير الدفاع.
الحريري
سياسياً، جدد الرئيس سعد الحريري التأكيد على أن تيّار «المستقبل» لا مشروع لديه سوى مشروع الدولة في لبنان، واصفاً إقليم الخروب بأنه عرين عروبة لبنان التي يتمسك بها التيار.
وأكد، في اقطار أقامه غروب أمس في جامعة رفيق الحريري الكندية في المشرف على شرف عائلات من إقليم الخروب، رفضه للهيمنة الإيرانية على سياسات لبنان الداخلية والخارجية باسم الممانعة والمقاومة.
وقال «إن اتفاق الطائف حسم مسألة العروبة لتكون عنواناً لهوية لبنان»، وأن شيئاً في لبنان حزباً كان أو تنظيماً مسلحاً أو حرساً عسكرياً لن يتمكن من تطبيع اللبنانيين على منطق الخضوع للسياسات الإيرانية وأدواتها، واللبنانيون لن يغدروا بالأشقاء، وفي طليعتهم المملكة العربية السعودية مهما تعالت أصوات التحامل ونكران الجميل.
وقال: لا أحد يتحدث في الاستحقاق الرئاسي غيرنا، وسنبقى نكرر ذلك حتى ننتخب رئيساً للجمهورية، مؤكداً التزامه بمطالب أهل الإقليم، لا سيما إنشاء محطة تكرير في الجية، معلناً انه مصر على أن يعطي المؤتمر العام المقبل لتيار المستقبل أولوية للطاقات الشبابية من أصغر منسقية إلى المكتب السياسي.
وستكون للرئيس الحريري كلمة ثانية اليوم في افطار اتحاد العائلات البيروتية، قبل أن ينتقل نهاية الأسبوع إلى طرابلس.
يذكر أن بعض المواقع تناقل خبراً مفاده أن إحدى سيّارات موكب الرئيس الحريري تعرّضت لحادث سير مساء أمس لدى مرور الموكب على طريق سليم سلام في بيروت، لكن المكتب الإعلامي للرئيس الحريري نفى هذا الخبر، مؤكداً انه غير صحيح.
الاخبار :
ارتفعت في الآونة الأخيرة وتيرة الضغوط على حزب الله: محاولات لشيطنته انطلاقاً من مشاركته في القتال في سوريا، وتحميله مسؤولية الخروقات الأمنية لبنانياً، مروراً بإلقاء اللوم عليه في تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وصولاً إلى العقوبات الأميركية التي شاركت في تنفيذها مصارف محلية ضده.
هذا الاحتقان السياسي لم يمنع رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط من تلبية دعوة حزب الله على الإفطار. إلى مبنى كتلة «الوفاء للمقاومة» في ضاحية بيروت الجنوبية، انتقل جنبلاط قبل ثلاثة أيام، قبل الغروب، يُرافقه وزير الزراعة أكرم شهيب ووزير الصحة وائل بو فاعور ونجله تيمور. أما من جهة حزب الله، فقد استقبل الوفد «التقدمي الاشتراكي» كلّ من: رئيس الكتلة النائب محمد رعد، الوزيرين محمد فنيش وحسين الحاج حسن والنائبين حسن فضل الله وعلي عمار، ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا.
الإفطار لا يأتي في سياق التحضير للقاء بين نصرالله وجنبلاط
الهدف الأساسي من اللقاء كان تعزيز التواصل المباشر بين الطرفين، وقد تخلله تبادل لوجهتي النظر في مختلف الملفات المطروحة على الساحة اللبنانية: رئاسة الجمهورية، الانتخابات النيابية المقبلة، تفعيل العمل الحكومي، ملف النفط، القضايا الأمنية، وأزمة العقوبات الأميركية على حزب الله. الاستثناء الوحيد كان الملف السوري، إذ لم يجرِ التطرق إليه، نظراً إلى اتفاق الطرفين منذ مدة على تحييد القضايا الخلافية الأساسية عن النقاش بينهما، باستثناء تبادل الآراء العامة بشأنها. لقاء الإفطار هذا لا يأتي في سياق التحضير للقاء بين الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وجنبلاط. فاستناداً إلى المعلومات «لا فيتو على اللقاء من قبل أحدهما، ولكن لا ضرورة لعقده حالياً».
على صعيد آخر، عقد مجلس الوزراء أمس جلسة وصفها أحد الوزراء بـ«الملائكية» لغياب أي سجال عنها والتزام الوزراء جدول الأعمال الذي تألف من 44 بنداً. حتى إنّ موضوع استقالة الوزراء من الحكومة «كان نقاشاً مقتضباً وطلب الرئيس تمام سلام تركه جانباً». فيما اعترض عدد من الوزراء على «ممارسة بعض الوزراء تصريف الأعمال من مكاتبهم من دون العودة إلى رئاسة مجلس الوزراء في بتّ العديد من الأمور. فكيف يُرسل وزير العدل أشرف ريفي أمس ملفاً إلى الحكومة وهو لا يكفّ عن مهاجمتها؟».
من جهة أخرى، عقدت اللجان المشتركة جلسة أمس برئاسة نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري لمتابعة مناقشة قانون جديد للانتخابات. الخلاصة هي «كأن ما عملنا اجتماع»، كما علّق أحد النواب، فـ«الحل لدى القوى السياسية الكبرى وليس عندنا». الأمر اللافت في الجلسة كان كلام عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري الذي اعتبر أنّ «كل قوانين الانتخاب التي صدرت منذ اتفاق الطائف وحتى اليوم مُخالفة للطائف»، فما كان من النائب علي عمار إلا أن «تلقف» كلام زميله ليردّ عليه بالثناء على «البلاغة في التعبير»، ما أثار دهشة الحاضرين. قبل أن يُكمل مداخلته بالقول: «إذا أخذنا بالقاعدة التي أرسيتَها، فهذا يعني أنّ بإمكاننا أن نعتبر أن ما بُني على كذا فهو كذا»، قاصداً القول: ما بُني على باطل فهو باطل. وقال عمار إن كلام حوري يعني «أن كل المجالس النيابية والانتخابات الرئاسية وتأليف الحكومات كانت مخالِفة للطائف».