فيما انتقل الملف اللبناني مرة جديدة الى "عناية " العاصمة الفرنسية من خلال احتلاله مع الملف السوري الاولوية في المحادثات التي أجراها أمس وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف في باريس، اتجه المشهد الداخلي الى مزيد من التخبط في عشوائية الاولويات وملفات الازمة السياسية سواء ما يتصل منها بمسألة قانون الانتخاب أو ببرمجة الحوار الذي رحّل الى مطالع آب المقبل.
وأفاد مراسل "النهار" في باريس سمير تويني ان توافقا فرنسياً - ايرانياً حصل على متابعة البحث في مبادرة لتسهيل حل الازمة الدستورية التي يعانيها لبنان بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي للبنان منتصف الشهر المقبل، فيما أبدى وزير الخارجية الايراني استعداد بلاده للمساهمة في مبادرة لتسهيل حل تلك الازمة.
وصرّح ايرولت بعد لقائه ظريف في "الكي دورسيه" بأنهما بحثا في "العديد من الملفات الإقليمية ومنها الملفات اللبناني والسوري واليمني والسلام الاسرائيلي - الفلسطيني، من اجل ايجاد حلول لازمات تهدد الاستقرار في المنطقة والعالم". وشدد "على ان هذه المنطقة في حاجة الى سلام". وأضاف: "يمكننا الان الحوار ومقارنة تحليلاتنا من اجل التوصل الى علاقات جيدة على المدى الطويل".
وقال ظريف: "ان المحادثات كانت جيدة جداً. والبلدان يعملان من أجل سلامة المنطقة". وأكد ان ايران تحترم التزاماتها وعلى الاطراف الآخرين احترامها من اجل تعاون مثمر". واعلن ان "ايران مستعدة لاجراء حوار اقليمي مع فرنسا والمجتمع الدولي من اجل السلام ومحاربة التطرف في المنطقة".
أما بالنسبة الى التناقضات بين الموقفين الفرنسي والايراني من الملفين اللبناني والسوري، فقال ظريف: "المهم هو الحوار، لقد تمكننا من البحث في العديد من الملفات مضيفاً الى حلول للحدّ من الاختلافات".
وأما بالنسبة الى لبنان، فقال ايرولت: "سأقوم بزيارة للبنان في ١١ و ١٢ تموز المقبل وقد اقترحت على نظيري الوزير ظريف ان اعرض عليه نتيجة هذه الزيارة للبحث في اذا كان في إمكاننا ان نتوصل الى مبادرة يمكنها ان تخرج هذا البلد من أزمته الحالية وأننا نتشاور في سبل المساعدة من اجل التقدم نحو حل".
ورأى ظريف "أن قرار الحل يعود الى الشعب اللبناني وأي قرار يتخذه الشعب اللبناني سنحترمه. وأننا نعمل مع فرنسا من أجل تسهيل التوصل الى حل للازمة ولكن يعود الى اللبنانيين العمل في ما بينهم من أجل التوصل الى حل، ولا يمكن أحداً فرض حلول من الخارج ولكن علينا العمل من اجل تسهيل التوصل الى حل".

الحريري
وسط هذه الاجواء، تحدث الرئيس سعد الحريري في افطار اقامه مساء أمس في المشرف لعائلات من اقليم الخروب عن "حماية عروبة لبنان وعلاقاته مع اشقائه ورفض الهيمنة الايرانية على سياساته الداخلية والخارجية". وقال إن "اللبنانيين رفضوا هيمنة النظام السوري باسم العروبة على لبنان فما بالكم انهم سيفعلون في وجه محاولات الهيمنة الايرانية باسم الممانعة والمقاومة".

 

السفراء الاوروبيون
في غضون ذلك، اتخذت زيارة وفد ديبلوماسي واسع ضم 19 سفيراً أوروبياً لوزير الداخلية نهاد المشنوق بعداً لافتاً لجهة الانطباعات الايجابية التي عبر عنها الوفد عن نجاح استحقاق الانتخابات البلدية منطلقاً منها للتشجيع على الانتخابات الرئاسية والنيابية. وعلمت "النهار" ان اللقاء عكس دفعا اوروبيا نحو التوافق الداخلي للمضي قدماً نحو التزام الاستحقاقات الديموقراطية ولا سيما منها الانتخابات الرئاسية وكذلك الانتخابات النيابية سواء في موعد مبكر يتوافق عليه الافرقاء اللبنانيون أو في موعدها المقرر أصلاً. وعبرت سفيرة الاتحاد الاوروبي كريستينا لاسن عن هذا الاتجاه بقولها ان اجراء الانتخابات البلدية "يثبت ان لبنان قادر على اجتياز اي استحقاق انتخابي مستقبلي"، فيما اكد المشنوق للوفد ان الانتخابات النيابية ستتم في موعدها المحدد في حزيران المقبل وان الوزارة بدأت التحضير لها.
ولكن في المقلب النيابي المتصل بقانون الانتخاب، بدت الصورة شديدة التعقيد حيال أي احتمال للتوصل الى اختراق ايجابي في ملف قانون الانتخاب. وغداة الجولة الاخيرة من الحوار، لم تخرج جلسة اللجان النيابية المشتركة أمس باي نتائج واعدة، فيما اعلن نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري تخصيص الجلسة المقبلة التي حددت في 13 تموز لوضع المعايير الواجب اعتمادها في القانون المختلط. ولعل الجديد البارز الذي كشفه مكاري تمثل في اعلانه انه في حال عدم التوصل الى التوافق سيعرض المشاريع والاقتراحات المقدمة سابقا على الهيئة العامة للمجلس ليصار الى التصويت عليها بعد التشاور مع رئيس المجلس نبيه بري. وأفادت مصادر نيابية ان موضوع احالة المشاريع على التصويت في الهيئة العامة يواجه بدوره معارضة عبر عنها عضو "كتلة الوفاء للمقاومة " علي فياض. وقالت المصادر إن مناقشات اللجان أمس أثبتت تكراراً ان رحلة قانون الانتخاب لا تزال محفوفة بالصعوبات وان القضية ليست مسألة تقنيات بل تتصل بقرار سياسي مفقود وسط اتجاهات لم تعد خافية على أحد لربط كل ملفات الازمة بعضها بالبعض بما يفرض الاتجاه نحو مبدأ "السلة الكاملة".

مجلس الوزراء
أما جلسة مجلس الوزراء أمس، فتميّزت بإنها "كانت هادئة وعادية ومرّ إقرار بنودها المدرجة في جدول الاعمال"، ما قالت مصادر وزارية أبلغت "النهار" ان موضوع إستقالة عدد من الوزراء طرح على بساط البحث إنطلاقاً من مداخلة لوزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي لفت الى ان الوزراء المستقيلين "يتنصلون من دورهم في الحكومة لكنهم مستمرون في وزاراتهم من دون عرض أعمالهم على مجلس الوزراء وكذلك من دون رقابة مجلس النواب". وفيما لقيت المداخلة استجابة من الوزير بطرس حرب، أبدى رئيس الوزراء تمام سلام موافقته لكنه قال: "تعلمون أن الحكومة مغلولة الايدي وهي لا تستطيع أن تقبل الاستقالة وذلك في غياب رئيس الجمهورية". وعلّق الوزير درباس لـ"النهار" على المشهد الحكومي قائلاً: "الحكومة باقية على رغم ضعفها. أما سرّ قوتها فهو أن لا بديل منها ".

المناقصات
في سياق، آخر اثيرت أمس مشكلة جديدة تتصل بالمناقصات التي أجريت في ملف النفايات، اذ صرّح وزير الداخلية عقب جلسة مجلس الوزراء: "يجب اعادة النظر في مناقصة مشبوهة جرت في مجلس الانماء والاعمار حول النفايات واختلفت أسعارها ما يثير الشبهة حولها". وتبين ان المشنوق كان يقصد المناقصة التي اجريت لانشاء مطمر موقت في منطقة برج حمود.
واستغرب رئيس مجلس الانماء والاعمار نبيل الجسرما طرح للتداول اعلامياً عن مناقصات النفايات لمطمري برج حمود والكوستا برافا. وأكد في اتصال مع "النهار" ان فض العروض الذي جرى يوم الاثنين الماضي لتلزيم اشغال انشاء مركز موقت للطمر الصحي في منطقة برج حمود "أظهر تفاوتا في الاسعار التي قدمتها الشركات وراوحت بين 109 و185 مليون دولار، بينما بلغت تقديرات الاستشاري 160 مليون دولار، وهذا دليل على وجود ثغرة أو خطأ ما". ومع اعترافه بأن "هذه اغرب مناقصة تمر عليه"، أوضح ان "مجلس الادارة ينتظر تسلم التقويم المالي الذي تجريه لجنة مشكلة من اثنين من الاستشاريين واثنين من مجلس الانماء والاعمار، ليبنى على الشيء مقتضاه". وعن الفارق الكبير الذي يحكى عنه بين مناقصتي برج حمود والغدير قال إن ثمة "اختلافاً في المساحة والاشغال بين المنطقتين، ومع ذلك سنجري مقارنة بين بنود واسعار المناقصتين التي وضعها الاستشاري".