قرار إقالة حسين أمير عبداللهيان، مساعد الشؤون العربية والأفريقية بوزارة الخارجية الإيرانية، كان مفاجئاً وله دلالات، خاصةً أنه محسوب على الحرس الثوري الإيراني.
الخطوة التي أقدم عليها وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، في إقالة عبداللهيان، عكست رغبة إيرانية ظاهرية في فتح حوار مع السعودية، كما يراه بعض الكتاب والمحللين، خاصةً أن عبداللهيان معروف بتصريحاته المعادية للرياض، إلا أن الأصل في الإقامة كما يبدو هو صراع إيراني داخلي، يقول آخرون.
مراقبون أشاروا إلى أن عبداللهيان كان أحد الوجوه المتطرفة في الحكومة الإيرانية، وكان يمثل تيار المحافظين، والمرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، في الخارجية الإيرانية، وأن تصريحاته المعادية للسعودية حالت مراراً دون إيجاد نافذة، أو فتح حوار مباشر معها، ومن ثم فقد تسبب قرار إقالته في خلافات داخلية بين روحاني وظريف من جهة، والمرشد والحرس الثوري من جهة أخرى.
- ناياك والإدارة الأميركية وعُمان
الدور الذي لعبه اللوبي الإيراني بأميركا حول الاتفاق النووي الإيراني، وتقريب وجهات النظر بين واشنطن وطهران، الذي أدى لاحقاً إلى إتمام الاتفاق النووي التاريخي، جعل "ناياك" من المراجع الإيرانية المهمة كمستشار في القضايا الدولية، ومن أهمها الأزمة الإيرانية مع السعودية.
"ناياك"، وهو اسم مختصر لـ"المجلس الوطني للإيرانيين الأميركيين"، حسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، نصح الخارجية الإيرانية بإقالة من أسماه "ممثل الحرس الثوري بالخارجية الإيرانية"، وهو أمير عبد اللهيان؛ لإنجاح الحوار الإيراني-السعودي، حيث يعدّ عبداللهيان من أكثر الشخصيات عداء للسعودية وسياستها في المنطقة، وكان يهاجمها بصورة مستمرة بمؤتمراته الصحفية، وفي الإعلام الإيراني.
وجاءت تحركات "ناياك" بطلب من الإدارة الأمريكية؛ رغبة في تقريب وجهات النظر وتلطيف الأجواء مع السعودية، بعد تأزمها بسبب بؤر الصراع في سوريا والعراق واليمن.
وكان موقع "إيران النووي" التابع لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية للدراسات الاستراتيجية، أشار في تقرير له إلى وجود لوبي أمريكي-إيراني أصبح متنفذاً في حكومة حسن روحاني، وزاد من شوكته بعد التوصل للاتفاق النووي، في يوليو/تموز الماضي، حيث شدد اللوبي على ضرورة عزل المتشددين من مناصبهم، ومن ضمنهم عبداللهيان، بعد اتهامه بتنسيق مواقفه مع مؤسسات أخرى، من بينها الحرس الثوري، وليس الحكومة الإيرانية، ولا وزارة الدفاع.
سلطنة عُمان دخلت على الخط كذلك عبر تقديم نصحها للرئيس الإيراني، حسن روحاني، ووزير خارجيته، جواد ظريف، بضرورة إقالة عبداللهيان؛ كبادرة لحسن نية، وفتح حوار دبلوماسي مع السعودية، حسبما ذكر موقعا ألف الإيراني وإرم نيوز، حيث شددت مسقط على أن تصريحات عبداللهيان المعادية للسعودية لا يمكن أن تسهم في فتح حوار في المستقبل القريب.
- دلائل حسن النية
وبعد إقالة عبداللهيان عيّن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، جابري أنصاري، الذي كان مديراً لمجموعة أبحاث الشرق الأوسط والخليج العربي بالخارجية الإيرانية، ومستشاراً لمساعد وزير الخارجية في الشؤون العربية والأفريقية، ومديراً عاماً لدائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وسفيراً لإيران في ليبيا، وناطقاً باسم الخارجية.
ومن ثم، يرجح مراقبون أن يكون قرارا الإقالة والتعيين قد جاءا في إطار سعي النظام الإيراني إلى التهدئة مع السعودية، خاصةً أن ثمة تحذيرات من احتمال تدخل سعودي يسعى لإجهاض الاتفاق النووي، أو محاولة عرقلته بأي صورة؛ بسبب الخلاف الحاصل بين البلدين في المنطقة.
الناشط السياسي والمعارض الإيراني، محمد مجيد الأحوازي، كشف في تغريدة له سبب إقالة عبداللهيان، مؤكداً دور اللوبي الإيراني ناياك في الموضوع.
الخسائر الإيرانية في سوريا، وتوتر علاقتها بالسعودية، كانت -على ما يبدو- من الأسباب القومية التي دفعت الرغبة الإيرانية للتهدئة مع السعودية، بالإضافة إلى تراجع وتيرة الصراعات في اليمن والبحرين.
وكانت تقارير إيرانية كشفت في مطلع العام عن أن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بالتنسيق مع وزير خارجيته، محمد جواد ظريف، يعتزم إجراء تغييرات في وزارة الخارجية، في خطوة تكشف عن نية روحاني إبعاد الشخصيات المقربة من الحرس الثوري من السلك الدبلوماسي.
(الخليج أونلاين)