تشهد أروقة وزارة الشؤون الاجتماعية ومنذ أمد طويل حالة من الفساد الإداري لم يتم حتى الآن كشف الكثير من مستورها...
علما" بأن هذه الوزارة هي من أكثر الوزارات التي يتم رفدها بالمال لا سيما من البنك الدولي والدول المانحة والجهات المتبرعة التي تعتبر أن هذه الوزارة هي المخولة بتقديم الاعانات والمساعدات لفئات مهمشة وعديدة من اللبنانيين.
وبما أن لبنان هو بلد النكسات الأمنية الدائمة والتي غالبا" ما تخلف وراءها العديد من المحتاجين والمشردين والمعوزين فإن إمدادها بالمال والمساعدات لا ينضب..
ولكن وعلى الطريقة اللبنانية، فإن 80% من قيمة هذه المساعدات جرت رياحها بعكس ما اشتهت سفنها وحطت رحالها في جيوب كبار الموظفين في الوزارة ممن سال لعاب فسادهم وسرقتهم وجشعهم أمام العملات المحلية والعالمية التي وصلت ملفاتها وسنداتها وشيكاتها الى مكاتبهم..
ولأن لبنان هو بلد الفساد المنظم بإمتياز، كان للفساد في وزارة الشؤون الاجتماعية ملعب ومرتع في ظل غياب الرقابة والمحاسبة وفي ظل الفوضى الهائلة المنتشرة...
كبار الموظفين وصغارهم بدؤوا يتساوون بنمط الحياة الرغيد الذي يعيشونه والذي نهبوه من درب مواطن جائع وطفل متشرد وأب بلا معيل وأم محتاجة...
سياراتهم الفارهة ممولة من دمع المحرومين والاطفال العراة الحفاة الداشرون في الطرقات بلا كساء وبلا غذاء... بيوتهم التي تشابه القصور مبنية من مريض مات في منزله العاري من الدواء والكهرباء... جيوبهم مثقلة بالمال عكس ضمائرهم التي رموها منذ أمد بعيد في مستوعبات النفايات والقمامة والتي زادت من رائحة القرف قرفا"...
وآخر فصول المهزلة هو قضية تتعلق بمعونات غذائية عبارة عن حصص ليتم توزيعها على المحتاجين خلال شهر رمضان.. دعت الوزارة الجمعيات المسجلة الى تقديم لوائح بأسماء الأسر وأعدادها ليصار الى تسليمهم هذه المعونات...وهنا كانت الطامة الكبرى..
تروي لنا مسؤولة إحدى الجمعيات الإنمائية البارزة ما حدث معها: " تقدمت بالطلب الى وزارة الشؤون وتم الاتفاق على 1500 حصة مقسمة بين 1000 للبنانيين و500 للنازحين السوريين وتمت الموافقة على الطلب وعين اليوم الثاني من شهر رمضان لاستلام الحصص...
في الموعد المحدد ذهبت لأتفاجأ بإحدى الموظفات تقول أن أحد الأحزاب الفاعلة في المنطقة التي تقع الجمعية في نطاقها وتحديدا" في الضاحية الجنوبية قد طلب من الوزارة عدم تسليم حصص لأنه المعني بفقرائه ومحتاجيه...
خبرية ما بتفوت بالراس...تتابع المسؤولة.. قررت أن أقف على حقيقة الموضوع راجعت الوزير عرضت عليه حيثيات ما جرى...استغرب وانصدم وتبين أن لا علم له بمعظم ما يجري في الوزارة..استمهلني الوزير يومين ليحل الموضوع ولكن هل تكفي مدة يومين لحل معضلة محبوكة بتقنية فاسدة منظمة؟؟
وتبين أن كل موظف ومدير عام ورئيس قسم هو وزير ملك في وزارته.. وتبين أن قيمة الحصص الغذائية تم استبدالها بشيكات بأسماء الموظفين.. وأن شهر الخير والرحمة كان شهر الزحمة في جيوب موظفين فاسدين تعفنت الانسانية في داخلهم..
وبعد.. القضية هي ربما أكبر من مجرد تحقيق إعلامي أو حتى إخبار لدى النيابة العامة...هي قضية وطن ودولة وقانون ومؤسسات ضربها الفساد والإفساد فعلى الوطن السلام..