أبلغ المبعوث الدولي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا الجمعية العامة للأمم المتحدة أنه لن يحدد موعد جولة المفاوضات المقبلة بين الأطراف السوريين قبل الشهر المقبل، معتبراً أن الموعد الذي كان حُدد بحلول آب (أغسطس) المقبل للتوصل إلى اتفاق على حل سياسي «إنما هو موعد مصطنع على رغم أنه مهم».
وتزامن كلامه مع نكسات ميدانية متتالية للقوات النظامية السورية. وحقق فصيلا «جيش الإسلام» و «فيلق الرحمن» في الغوطة الشرقية لدمشق تقدماً في منطقتي المرج والبحارية، وفي الرقة (شمال) طرد تنظيم «داعش» القوات الحكومية كلياً إلى خارج الحدود الإدارية، وسط معلومات عن غياب كلي للطيران الروسي عن مساندتها، ما اضطرها إلى الانكفاء إلى محافظة حماة المجاورة.
وقال دي ميستورا في جلسة خاصة للجمعية العامة في نيويورك، عبر الفيديو من جنيف، إن ركائز الحل في سورية لا تزال ترتكز إلى ٣ قوائم إنسانية وسياسية وميدانية، مشدداً على «ترابط هذه المسارات المتوازية وأهمية تحقيق تقدم في خفض العنف وإطلاق المعتقلين وإيصال المساعدات الإنسانية» في سياق العمل على العودة إلى المفاوضات. وشدد على الحاجة الماسة إلى التزام كل الأطراف التقدم نحو حل سياسي فعلي «وهو ما يتطلب صيغة تحترم قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ وبيان جنيف»، في إشارة إلى هيئة الحكم الانتقالية. وشدد أيضاً على أهمية أن يتفق «رئيسا مجموعة الدعم الدولية لسورية»، أي روسيا والولايات المتحدة، على تصور موحّد لاستئناف المفاوضات، قبل أن يوجه دعوة إلى أطراف المفاوضات للعودة الى جنيف. وقال إنه سيواصل جولاته الديبلوماسية «في مسعى لتحديد موعد الجولة المقبلة ربما في تموز (يوليو) المقبل»، من دون أن يعطي تعهداً نهائياً بذلك. وقال إن انعقاد الجمعية العامة في أيلول (سبتمبر) المقبل «قد يكون فرصة مهمة جداً» للدفع نحو حل سياسي، مشيراً الى أنها ستكون آخر جمعية عامة يشارك فيها الأمين العام الحالي بان كي مون قبل انتهاء ولايته.
وقدّم كل من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين ووكيل الأمين العام لحقوق الإنسان إيفان سيمونوفيتش إحاطة إلى الجمعية العامة في الاجتماع نفسه، ودعيا إلى فتح المعابر في شكل كامل أمام المساعدات الإنسانية ووقف القصف العشوائي.
ودعا نائب السفير الروسي فلاديمير سافرونكوف في الجلسة نفسها إلى «وقف تجاهل وجود تهديد فعلي للإرهاب في سورية، والاعتراف أن الجيش السوري يحارب الإرهابيين». وقال إن «مجموعات تسمى أنها معتدلة تمارس الكذب والخداع وترتكب جرائم كالمجموعات الإرهابية في سورية، وعلى رغم ذلك هي غير مصنفة أنها إرهابية».
كما دعت نائب السفيرة الأميركية ميشال سيسون روسيا إلى «الضغط على الحكومة السورية لوقف استهداف المدنيين والمناطق المحاصرة والسماح بوصول المساعدات الإنسانية من دون معوقات»، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة «ستمارس كذلك التأثير الذي لديها على المجموعات للتقيد بتسهيل وصول المساعدات».
ودعت المملكة العربية السعودية إلى ضرورة «رفع الحصار وإيصال المساعدات إلى جميع المناطق السورية بالكامل وفق قرارات مجلس الأمن». وقال السفير السعودي عبدالله المعلمي إنه شارك في قيادة التحرك نحو هذا الاجتماع مع ٨ دول وبالنيابة عن ٥٨ دولة بهدف إدانة «مواصلة النظام السوري عرقلة وصول المساعدات الطبية بما يرقى إلى جرائم حرب، واستخدامه البراميل المتفجرة والقصف الجماعي العشوائي». وأضاف «من المؤلم أن نكون في شهر رمضان وتتخذ السلطات السورية منه وقتاً لدفع عمليات التجويع إلى أقصى حد واستخدامها سلاحاً في المواجهة». وأشار إلى أنه على رغم بيان مجموعة الدعم الدولية لسورية الأخير بضرورة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية وإلا إنزالها من الجو «فإننا ما زلنا نشهد عدم التعامل بجدية مع ما ورد في بيانها» من خلال تقييد السلطات السورية مرور المساعدات في ما يعد «ذراً للرماد في العيون». وناشد المعلمي «مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن يقوم بدوره بمنتهى الشفافية ونطالب بمراجعة دقيقة لضمان إيصال المساعدات من دون تمييز» إلى كل السوريين. وأكد دعم جهود دي ميستورا «ونناشده التزام خريطة الطريق للانتقال السياسي بدءاً بتشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة».
وتحدث السفير السوري بشار الجعفري متهماً «الدول الراعية لهذه الجلسة بدعم الإرهاب والتسبب في معاناة السوريين». قائلاً إن «الحكومة السورية تحارب الإرهاب نيابة عن العالم كله».