معركة حلب تتداعى على الساحة اللبنانية و طاولة الحوار تؤجل والحريري يقيّم ونصرالله يعالج ميدانيا

 

السفير :

أخفقت طاولة الحوار في التفاهم على قانون الانتخاب، وتناقضت ردود أطرافها على مبادرة الرئيس نبيه بري، فكان لا بد من الاستنجاد بـ«أرنب» جديد، يتحايل على الوقت الذي يمر سريعا.. في انتظار أن تدق ساعة الحقيقة وينبعث «قانون الستين» من قبره، استكمالاً لـ«المعجزة اللبنانية»!
النجاح متعذر، لكن الحوار سيستمر. هذا هو «قانون الجاذبية» الذي لا يزال يمنع طاولة الحوار من الانهيار، مع أنها فشلت حتى الآن في تحقيق اختراق على أي مستوى من مستويات الأزمة المركّبة، سواء بالنسبة الى قانون الانتخاب، أو رئاسة الجمهورية، أو فتح أبواب مجلس النواب.
والمفارقة، أن هيئة الحوار أصبحت، برغم إخفاقاتها، أقرب الى مؤسسة قائمة بحد ذاتها، ليس فقط لجهة طبيعة وظيفتها ومضمون جدول أعمالها، بل حتى لجهة أبسط التفاصيل الإجرائية واللوجستية التي تنظم عملها، كما يتضح من خلال توزيع أوراق رسمية على المتحاورين كتب عليها تباعاً: «الجمهورية اللبنانية ـ مجلس النواب ـ هيئة الحوار الوطني».
مع كل جلسة يتجدد الفشل، بأشكال ومسميات مختلفة، لكن الإعلان عنه رسمياً ممنوع، لأن لا أحد مستعد لتحمل أعباء فاتورة اعتراف من هذا النوع، ستكون له ارتداداته وتداعياته على الاستقرار، وحتى على المتحاورين أنفسهم.
ولئن كان السبب الظاهر لإرجاء موعد الجلسة المقبلة قرابة شهر ونصف الشهر، يعود الى ارتباطات متنوعة للمتحاورين، لكن الأرجح أن نوعاً من «الرهان الضمني» والمشترك على الوقت هو الذي دفعهم الى التوافق على التأجيل الطويل المدى، لعل «الزمن» يحمل تطوراً داخلياً أو خارجياً يكسر حالة المراوحة في «المكان».
ولذلك، تم أمس تأجيل مواجهة الحقيقة مرة أخرى، وقرر الجميع الهروب مجدداً الى الأمام، وتحديداً الى 2 و3 و4 آب المقبل، حيث ستلتئم هيئة الحوار مجدداً في «خلوة» أو بالأحرى في «سلة»، بحثاً عن تسوية بالجملة بعدما تعثر بلوغها بالمفرّق، وهي مهمة تشبه، استناداً الى المعطيات الحالية، التفتيش عن إبرة في كومة من القش المحلي والإقليمي.
وبهذا المعنى، يكون الأمر الواقع قد فرض على المتحاورين استخدام «الباب الخلفي» الذي سبق أن لحظته مبادرة بري، والمتمثل في الدعوة الى مقاربة ملفات الرئاسة والحكومة وقانون الانتخاب دفعة واحدة، إذا تعذر التوافق على قانون انتخاب حصراً، مع الإشارة الى أنه جرى تطوير هذا المفهوم، أثناء النقاش، عبر ربطه باستكمال تطبيق اتفاق الطائف، وبالتالي توسيع دائرة شعاعه، لتغطي مجلس الشيوخ واللامركزية الإدارية وتطبيق المادة 95 من الدستور(تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية)، على قاعدة «الأواني المستطرقة» التي يُحتُمها ترابط الملفات وتداخلها.
وقد اختصر أحد المشاركين في جلسة الحوار أمس مسارها بالقول لـ «السفير» إنها كانت غزيرة في الأفكار، لكنها شحيحة في الإنتاج، فيما قال الوزير علي حسن خليل لـ «السفير» إنها فتحت نوافذ جديدة في الجدار. وقال مرجع حكومي سابق لـ «السفير» إن أهم ما في الجلسة إقرار الجميع بحتمية السلة المتكاملة.
ولعل إحدى أبرز الأفكار، تمثلت في طرح رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل انتخاب مجلس النواب خارج القيد الطائفي، على أساس الدائرة الفردية.
اتكأ بري على هذا الطرح ليُطلق أرنبه من قفص «الطائف»، داعياً الى انتخاب مجلس النواب خارج القيد الطائفي، (كما تنص وثيقة الوفاق الوطني)، على أساس لبنان دائرة واحدة أو وفق المحافظات الخمس التاريخية، مع احترام مبدأ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، ثم يسُتحدث مجلس للشيوخ يمثل الطوائف وفق نموذج مشابه لـ «القانون الأرثوذكسي»، وتناط به القضايا الأساسية التي تشكل حساسية لمكوّناته. وترافق كلام بري مع نقاش سريع حول صلاحيات مجلس الشيوخ ورئيسه، تقرر أن يُتابع في ما بعد.
بدا للوهلة الاولى، أن هناك ميلا لدى أغلبية الحاضرين نحو مناقشة هذا الاقتراح وإعطائه فرصة ضمن أفق أوسع يشمل قانون الانتخاب والرئاسة واللامركزية الإدارية والحكومة، وإن يكن الرئيس فؤاد السنيورة قد أعطى انطباعاً بأنه غير متحمس لـ «السلة المتكاملة» خشية أن تقود الى مؤتمر تأسيسي، مشدداً على أن «المفتاح المركزي» يبقى في إعطاء الأولوية لانتخاب رئيس الجمهورية. كما أن الجميل اعتبر أن التفاهم على سلة في ظل غياب رئيس الجمهورية غير ممكن من حيث المبدأ، لكن من دون أن يعطي جواباً حاسماً، على أن اللافت للانتباه تأكيد رئيس «الكتائب» أنه لا يمانع في عقد المؤتمر التأسسيسي لكن بعد انتخاب رئيس الجمهورية.
الى ذلك، أكد السنيورة أن المشروع المختلط القائم على قاعدة 60 نسبي و68 أكثري (مشروع «المستقبل» و «القوات» و «الاشتراكي») هو الحد الأقصى الذي يستطيع «تيار المستقبل» قبوله في ما خص النسبية، ملمحاً الى إمكان الموافقة على إحياء مشروع فؤاد بطرس الذي سبق أن أقرته حكومته، فالتقط بري هذا الموقف محاولا إحراج السنيورة عبر بعض الاستفسارات، وموضحاً أنه سيدعو اللجان المشتركة الى مناقشة المشروع، الأمر الذي أربك رئيس كتلة «المستقبل».
وقال بري أمام زواره أمس إن أهمية النقاش الذي جرى على طاولة الحوار تكمن في أنه يختزن نَفَساً إصلاحياً، مؤكداً أن الاتفاق حول انتخاب مجلس للنواب على أساس وطني وإنشاء مجلس للشيوخ، ضمن تسوية شاملة، يمكن أن يحصل إذا صفت النيات، والأمر ليس تعجيزياً. وأوضح أنه سيعد تصوّراً لعرضه أمام المتحاورين في الجلسة المقبلة، انطلاقاً مما تم بحثه في هذه الجلسة.
وأبلغ أحد أعضاء هيئة الحوار «السفير» أن من حسنات الخوض في السلة المتكاملة أنها تسمح بالانتقال من بند مقفل الى بند آخر سعياً الى إحداث خرق عبره، ما يوسّع إمكانية إجراء مقايضات وتبادل تنازلات، في حين أن حصر النقاش في قانون الانتخاب أو رئاسة الجمهورية يُضيّق هامش المناورة وفرص التسوية.
في المقابل، أكدت مصادر سياسية شاركت في جلسة البارحة لـ «السفير» أن الأزمة شائكة ومعقدة، وأطرافها لم تعط بعد إشارة واضحة الى أنه باتت لديها جهوزية أو قابلية في هذه اللحظة للانخراط في التسوية بكل ما ترتّبه من تضحيات.
أما الوزير غازي العريضي فأبلغ «السفير» أن على المتحاورين أن يدركوا أننا نواجه خطر خسارة الوقت والمصداقية والفرصة والناس، مؤكدا أن «الاشتراكي» مستعد للتجاوب مع أي سيناريو يسهل الخروج من المأزق. ونبّه الى خطورة أن نقترب من انتهاء ولاية المجلس الممد له من دون أن نكون قد اتفقنا على رئيس للجمهورية أو قانون للانتخاب، متسائلاً: «ماذا سيفعلون عندها، هل سيمددون للمجلس أم سيجرون الانتخابات على أساس قانون الستين، علما أن الخيارين يهددان بتداعيات وخيمة»؟

النهار :

في المشهد "برج بابل" حيث تعدّدت الألسن والأفكار، وطرحت على طاولة الحوار كل الأفكار مجتمعة من الستين الى النسبية الى المختلط الى الدائرة الفردية، ومن الطائفية الى الغائها، ومجلس الشيوخ، وايهما يسبق الرئاسة أم النيابة، وصولاً الى ملف النفط الذي يثير شهية الكثيرين.
في الشكل، حيوية يمكن أن تقود الى "دوحة ثانية" والموعد الجديد ثلاثي الأيام في 2 آب و3 و4 منه للبحث في كل الأمور التي لم يتفق عليها، وهي كل الملفات إذ خرجت جلسة الحوار الوطني بلا اتفاق إلاّ على الموعد الجديد.
أما في المضمون، فترحيل تلو الآخر، من ربيع فصيف وخريف وشتاء، اذ لا تقدم في الشأن الرئاسي منذ سنتين، وأما قانون الانتخاب الذي أحالته اللجان النيابية المشتركة على طاولة الحوار، فيعود إليها صباح اليوم بالتعقيدات نفسها من دون أي أمل في إنجازه، وهو ما حذر منه أكثر من طرف مشارك في الحوار، وخصوصاً الرئيس نبيه بري الذي حذّر من عودة المتظاهرين الى الشارع إذا ما أبقي قانون الستين.
الأكيد والواضح ان العجز والشلل تمدّداً الى كل المستويات، فالحكومة تنتظر اتفاقات خارج جلسات مجلس الوزراء، واللجان النيابية تنتظر جلسات الحوار، والمتحاورون عاجزون عن التوافق على حلول، وربما كل منهم ينتظر اشارة ما أو إيحاء، ما ينذر بمزيد من التدهور، وهو ما حذر منه مجدداً رئيس الوزراء تمّام سلام "كي لا تكون حكومتُنا آخرَ الحكومات ومجلسُنا النيابيّ آخرَ مجالسِ التشريع في الجمهورية اللبنانية". وخاط المسؤولين أن "اذهبوا فوراً الى انتخاب رئيس للجمهورية لنعيد النصاب الى المؤسسات والروح الى الحياة السياسية، وننصرف الى بناء بلدنا وحمايته من آثار ما يجري في منطقتنا".
في المقابل، رأت مصادر سياسية انه حصل تطور في جلسة طاولة الحوار أمس في المناقشات التي دارت إذ تم الانتقال من مبادرة الرئيس نبيه بري الى مواضيع أشمل. ولمست من المشاركين وجود شبه إجماع أو ما يشبه التوافق على البحث في السلة المتكاملة والتطرق إلى نقاط في اتفاق الطائف. وأفاد بري أن ثمة رأياً غالباً عند المشاركين في الحوار هو إجراء الانتخابات الرئاسية قبل النيابية.

اللجان
وعلمت "النهار" من مصادر نيابية انه إذا اكتمل نصاب جلسة اللجان النيابية المشتركة اليوم فسيكون هناك بحث في إعادة توحيد المعايير قبل البحث في خيارات النسبية والأكثرية وتحديد الدوائر. وقالت إن حزب الكتائب سيدفع الى وضع إقتراح القانون الذي قدمه والقائم على الدائرة الفردية الى طاولة البحث.

 

مجلس الوزراء
واليوم تنعقد جلسة لمجلس الوزراء الذي يحاول تجاوز الملفات الخلافيّة وهي كثيرة ومنها ملف أمن الدولة المؤجل، كذلك ملف الانترنت غير الشرعي، إضافة الى استقالة وزيرين واعتبار حزب الكتائب انه بات غير ممثّل في الحكومة بعد فصل الوزير سجعان قزي من صفوفه. وصرح قزي الذي زار البطريرك الماروني أمس، وداوم في مكتبه كالمعتاد، لـ"النهار" بأنه على تواصل دائم مع الرئيس سلام، لكنه لن يحضر جلسة مجلس الوزراء اليوم.
وعن لقائه البطريرك الراعي قال: "خرجت مرتاحاً من هذا الاجتماع لناحية ان البطريرك يتحسس ان البلد لا يتحمل المزيد من الشغور".

الانترنت و"غوغل كاش"
وفي ملف الانترنت غير الشرعي الذي غاب عن مجلس الوزراء ويكاد يدخل ذاكرة النسيان، والذي لا يجد سوى النائب وليد جنبلاط يذكر به بتغريدات عبر "تويتر" من وقت الى آخر، علمت "النهار" ان القاضي الذي يتولى المتابعة، وهو قاضي التحقيق في جبل لبنان رامي عبدالله، كلف لجنة تقنية - فنية للاستعانة بها "لجلاء الحقيقة في هذا الملف" وذلك بعدما ازدادت الضغوط السياسية عليه لاقفال الملف ومنعه من الوصول الى خواتيمه، وحصر النقاش بالتقصير الوظيفي للمدير العام لهيئة "أوجيرو" عبد المنعم يوسف، أو تحويل الأنظار الى ملف "غوغل كاش"، كما نقل زوار الرئيس بري الذي اطلع على حقيقة الملف من النائب العام المالي القاضي علي ابرهيم. وقال له الاخير، استناداً إلى الزوار، ان ملف "غوغل كاش" فارغ المضامين ولا أدلة فيه ضد يوسف، والاهمال الوظيفي "فشة خلق". وأضاف: "لم أكن أريد الادعاء على يوسف، لكن القاضي سمير حمود أصرّ عليَ في الأمر وأرسل إلي كتاباً في هذا الشأن".
وقد حصلت "النهار" على نص التكليف لمتابعة التحقيق في ملف الانترنت غير الشرعي والذي جاء فيه:
"بعد الاطلاع على كل معطيات الملف ولا سيما التقارير الواردة من مخابرات الجيش اللبناني والمباحث الجنائية وهيئة أوجيرو ووزارة الاتصالات وعلى محاضر اللجنة النيابية للاعلان والاتصالات، نرى وجوب الاستعانة بالخبرة الفنية والتقنية لجلاء الحقيقة في الملف موضوع هذه الدعوى، لذلك نقرر تكليف السيدين أسامة نجيب روضة وسامر عبد الرحمن اللادقي بعد تحليفهما اليمين القانونية وتكليفهما ما يأتي:
1 - اجراء الكشف على التجهيزات والمعدات التي ضبطت والموجودة في مستودعات هيئة أوجيرو وسواها أينما وجدت ومعاينتها ميدانياً والإفادة عن بلد المنشأ ووجهة استعمالها والخصائص التقنية لتلك المعدات وما إذا كانت تستعمل في استجرار الانترنت من خارج لبنان.
2 - الكشف ميدانياً على مواقع المنصّات التي تم تفكيك تلك المعدات منها ومعاينتها تقنياً وبيان وجهة إستعمالها وقدرتها التقنية ولا سيما وجهات اتصالها بالخارج وما اذا كانت تستعمل لنقل موجات التردد داخلياً أم عبر اتصالها بالخارج.
3 - الانتقال الى جميع الشركات العائدة الى المدعى عليهم في الملف الحاضر والكشف على أجهزتها كما أجهزة المستخدمين لديها وبيان مصدر استجرارها للانترنت سواء أكان من أوجيرو أم من الخارج وتحديد السعات المستحصل عليها من هيئة أوجيرو ومقارنتها بالسعات الموزّعة من تلك الشركات على زبائنها لمعرفة حجم الدخول والخروج لاجراء المقارنة ما بين الكمية المستعملة والكمية المستهلكة.

 

المستقبل :

بعدما بلغت مستويات تصاعدية تصعيدية متمادية في معاداة العرب والتعدي على شؤونهم السيادية، ومنعاً لإقحام لبنان في تداعياتها السلبية على مصالحه ومصالح أبنائه العليا، ردّ الرئيس سعد الحريري على الحملة التي تشنها إيران ومعها «حزب الله» على مملكة البحرين، مستغرباً التدخل في شؤونها الداخلية على خلفية قرارها السيادي بسحب الجنسية من الشيخ عيسى القاسم، وتساءل عبر موقع «تويتر»: «هل أستطيع أن أفهم ما دخل إيران و«حزب الله« إذا قررت البحرين سحب جنسية مواطن لديها، كائناً من يكن، أكان شيخاً أو غير شيخ؟«، مضيفاً بتعجب: «يعتبرون أن سحب جنسية شيخ مجنّس بحريني يدعو للفتنة هو جريمة، فيما هم يشاركون بسحب أرواح آلاف الأبرياء وتدمير المدن والبلدات على من فيها بسوريا«.
وبينما «حزب الله» منشغل في حملاته العسكرية والعدوانية والتخريبية والفتنوية على أكثر من جبهة عربية، لا تزال الدولة اللبنانية ومؤسساتها تترنح تحت وطأة ضربة الشغور القاضية التي وجهها الحزب على رأس الجمهورية مانعاً منذ أكثر من عامين كل محاولات انتشالها من دوامة الفراغ المستحكمة بكل مصالح اللبنانيين الحيوية. وفي الغضون لا يزال الحوار الوطني يراوح مكانه وسط دوامة من المبادرات المتزاحمة بشكل بات يضيّق أفق الحلول ويوصد الأبواب أمام أي توافق دستوري توافقي لإنهاء الأزمة الدستورية في البلاد، غير أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري سعى في ظل ما بدا من مراوحة على طاولة الحوار أمس إلى إبقاء باب الأمل مفتوحاً أمام إمكانية عقد «دوحة لبنانية» تتيح التوصل إلى بصيص اتفاق مأمول من خلال دعوته إلى عقد 3 جلسات حوار متتالية في 2 و3 و4 آب المقبل للبحث في المواضيع العالقة والتي تأتي في سلة أولوياتها مسألتي انتخاب الرئيس وقانون الانتخاب النيابي ومسألة إنشاء مجلس للشيوخ تحت سقف الطائف.
وكانت جولة الحوار التاسعة عشرة في عين التينة قد استهلها بري بإعادة التذكير بمبادرته القائمة على إجراء انتخابات نيابية مبكرة مشروطة بتعهد خطي من كافة الكتل النيابية بالمشاركة فور انتهائها في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، وإذ لم يتلقَ الأجوبة التي كان يترقبها من بعض أقطاب الحوار لا سيما المعنيين منهم بعملية تعطيل النصاب الدستوري للجلسات الرئاسية، بادر رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة إلى التقدم بمداخلة أمام المتحاورين استعرضت كافة جوانب الأزمة الوطنية مجدداً التمسك بأولوية الانتخابات الرئاسية ومطالباً بإعادة تفعيل المجلس النيابي عن طريق تشريع الضرورة.
في الشأن الرئاسي، ذكّر السنيورة بأنّه بعد طول استغراق في تفسير معنى الرئيس القوي للجمهورية وتوصل النقاش على طاولة الحوار إلى كون المعنى الدستوري لذلك يستوجب أن يكون الرئيس متمتعاً بتأييد بيئته وتأييد البيئات الأخرى، ما لبث أن اقتصر الترشيح على لائحة بكركي التي تضم أربعة مرشحين غير أنه وأمام تعذر التوافق على أي من المتنافسين الأساسيين النائب ميشال عون والدكتور سمير جعجع على مدى أكثر من 30 جلسة انتخاب، بادر «تيار المستقبل» إلى دعم ترشيح النائب سليمان فرنجية «في خطوة غير مسبوقة وغاية في التضحية والتعاون والمرونة أملاً في التوصل إلى حل»، ورغم ذلك لم يتم التقدم خطوة واحدة باتجاه انتخاب الرئيس «بسبب العناد والإصرار على معارضة أي حلول عملية» من جانب الفريق الآخر.
أما في ما يتصل بقانون الانتخابات النيابية، فرأى السنيورة إزاء ما يُحكى عن تعهدات قد تُعطى لانتخاب الرئيس بعد الانتخابات النيابية أنّ مثل هذه التعهدات سبق وجرّبها اللبنانيون ولم يتم الالتزام بها من قبل قوى 8 آذار لا في الحوار الوطني عام 2006 ولا في تسوية الدوحة عام 2008 ولا في الانتخابات النيابية عام 2009 ولا في «إعلان بعبدا» الذي قيل لاحقاً لمؤيديه والمطالبين بالالتزام به بعد توقيع جميع المتحاورين عليه في القصر الجمهوري «بلّوا وشربوا ميتو».
وعن مشاريع القوانين الانتخابية، ذكّر السنيورة بمبادرة الرئيس الحريري التي نصت على انتخاب مجلس للشيوخ وفق القانون الأرثوذكسي ولم يوافق عليها الطرف الآخر، ثم وافق «المستقبل» على اقتراح تصغير الدوائر وجعلها 50 على أساس أكثري وأيضاً لم يقبل الآخرون، وكذلك الأمر بالنسبة لطرح فكرة 37 دائرة على أساس أكثري أو 70% أكثري و30% نسبي. وشدد أمام ذلك على كون «أقصى الممكن بالنسبة لكتلة «المستقبل» من أجل إيجاد مخرج لأزمة قانون الانتخاب هو الاقتراح المختلط المبني على 60 مقعداً نسبياً و68 أكثرياً، متسائلاً في المقابل ماذا فعل «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» وماذا قدما من خطوات للحل باستثناء ترداد المواقف نفسها إزاء قانون الانتخاب الجديد؟.
بدوره، طرح رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل على المتحاورين مبادرة تنص على اعتماد قانون الدائرة الفردية مع الخروج عن القيد الطائفي في الانتخابات النيابية وفق النظام الأكثري، الأمر الذي رأى فيه السنيورة «فكرة لا بأس بها في المبدأ» في وقت أعاد مع نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الإعراب عن تأييد المبادئ الواردة في «قانون فؤاد بطرس». وبينما لفت بري إلى كون المناصفة بين الأكثري والنسبي الواردة في مشروعه الانتخابي مأخوذة من هذه المبادئ، أضاء السنيورة على الخلل الوارد في جوهر هذا المشروع لجهة توزيع المقاعد النيابية بين النسبي والأكثري في دائرة بيروت الثالثة وبعلبك الهرمل وطرابلس وصيدا ومرجعيون حاصبيا، بحيث خلص إلى التأكيد على عدم إمكانية إيجاد أي توافق عملي إلا عبر أحد المشروعين المختلطين المطروحين حالياً لصيغة القانون الجديد باعتبارهما «المسعيين الجديين الوحيدين للتوافق وفق النظام المختلط».

الديار :

مثلما دخلوا بأيد فارغة خرجوا بأيد فارغة. لعل الرئيس بري التقط الاشارة الواردة من أكثر من عاصمة دولية «مثلما الدوامة العسكرية في سوريا مستمرة، الدوامة السياسية في لبنان مستمرة».
وقناعة لدى المشاركين في جلسة الحوار رقم 18 بأنهم انما يدورون داخل الوقت الضائع. لا ديناميكية داخلية ولا ديناميكية اقليمية تمكّن الساسة في لبنان من تنفيذ النصيحة الفرنسية ببذل اقصى الجهود للخروج من عنق الزجاجة لأن البقاء هكذا يفضي حتى الى مزيد من التدهور وربما الانهيار.
احد المشاركين في جلسة الأمس قال لـ«الديار» «لن يتغير شيء في الدنيا لكي يتغير شيء في 2 و3 و4 آب»، وهو موعد الجلسات المفتوحة التي حددها الرئيس نبيه بري لاستكمال البحث (ام الدوران؟) في قانون الانتخاب، وفي المسائل الأخرى...
كل ما في الأمر هو تأجيل من أجل التأجيل. قانون الانتخاب يعود اليوم الى اللجان النيابية المشتركة. هل ينتظر ان يحل الوحي عليها بعدما أمضت مئات الساعات في جدال بيزنطي ليظهر في نهاية المطاف ان كل ما يحصل في ساحة النجمة هو «ضحك على ذقون الناس».
نتائج الانتخابات البلدية جعلت القوى السياسية اكثر ارتباكاً. لفت الكثير من هذه القوى ان القائم بالاعمال الاميركي ريتشارد جونز الذي انتهت مهمته لتصل صاحبة السعادة اليزابت ريتشارد في الاسبوع الاول من تموز المقبل، كان يتابع باهتمام ما تقوله صناديق الاقتراع، وكان ينصح بأن «تجعلوا الربيع اللبناني هادئاً».
بري قال للمتحاورين «لا تفكروا بالتمديد ولا بقانون الستين لأن الناس ستنزل الى الشارع». تنزل من اجل الجمهورية الثالثة. النزول بالشموع الى الشارع لا بالهراوات، ولا بالحجارة، لأن الجمهورية من زجاج. كل الغرب، وحتى اشعار آخر لا يريد للجمهورية ان تتساقط مثل الزجاج. القانون المختلط او الثورة...
بحسب الوزير رشيد درباس، سأل بري نائبه فريد مكاري عما حققته اللجان. اجاب «لم تتقدم قيد انملة، وكل فريق وراء متراسه»، امس كان حوار المتاريس، والابواب المقفلة، في عين التينة.
شيء ما مثل برج بابل. ماذا ينتظر بري ان يحصل خلال الاربعين يوماً المقبلة؟ درباس قال انه لمس من الجميع تقديراً لما يسمى بـ«قانون فؤاد بطرس» لكن الامور «لا تزال تراوح مكانها». الذين زاروا الوزير الراحل بعد انجاز الهيئة التي ترأسها وضمت ادمغة بارزة في القانون ومن الدستور وفي الجغرافيا السياسية، سمعوا منه كلاما مفاده «اكثر من ذلك خط أحمر وأقل من ذلك خط أحمر».
قطعاً الوزير الراحل لم يزعم آنذاك ان هذا هو النص المنزل، لكنه اوضح انه نتاج دراسة معمقة لكل الظروف السياسية والطائفية، والأهم ان الهيئة خرجت، بمشروع، وبحسب قناعته يؤمن للبنان الاستمرار لأنه أخذ بالاعتبار كل الحساسيات، وكل الثغرات الماضية، وركز على ان يكون التمثيل شاملا قدر المستطاع.
تقدير لمشروع بطرس، اذا، لماذا لم يعلن المتحاورون ان يشكل الارضية المشتركة لقانون الانتخاب الذي يفترض ان يكون «غامضا» لا ان يفصل على قياس الزعامات السياسية القائمة والمستمرة الى الأبد؟
رئيس حزب الكتائب سامي الجميل والذي جاء الى الجلسة، بأعصاب باردة بعدما طرد الوزير المشاغب (سجعان قزي) من الهيكل، قال انه طرح على المتحاورين «فكرة تقدمية للخروج من المراوحة باعتماد قانون الدائرة الفردية مع الخروج من القيد الطائفي».
واعتبر ذلك خطوة الى الأمام باتجاه الغاء الطائفية السياسية، بعض النواب تساءل «حين يدق الشيخ سامي بقوة على جدار المادة 95 من الدستور، فلماذا لا ينضم الى كتلة الرئيس بري؟»
الجميل يدرك جيدا ما هو رأي بكركي في الغاء الطائفية السياسية في ظل الاختلالات الديموغرافية الراهنة، قد يعني هذا ان الجميّل الذي قال في جلسة المكتب السياسي للحزب ان البلد بحاجة الى «ضمير»، لا يريد الثورة على المؤسسة السياسية فقط وانما ايضاً على المؤسسة الدينية، مع انه يعلم مدى محاصرته من قبل العماد ميشال عون على الضفة اليمنى ومن قبل الدكتور سمير جعجع على الضفة اليسرى.
الجميّل لاحظ انه «بعدما أقفلت ابواب كثيرة في موضوع قانون الانتخابات اردنا ان نضع هذا القانون (المشروع) على الطاولة مع اصلاحات اخرى كاللامركزية الادارية ومجلس الشيوخ».
الرئيس نجيب ميقاتي قال «لا اعتقد ان احداً يرغب في الوصول الى مزيد من المآزق»، ولمس «ان الجميع راغبون في توسيع الحوار حيال المسائل المطروحة، لا سيما منها انشاء مجلس للشيوخ واقرار قانون اللامركزية الادارية، وهذا ما يعطي املاً بحل متكامل والاسراع في قانون الانتخاب».
اما النائب علي فياض فصرح بأنه «أمام تعذر الاتفاق على قانون انتخاب مشترك، تم الانتقال الى البحث مجدداً في السلة الكاملة، وهكذا جرى الاتفاق على الجلسات المفتوحة لتعالج فيها كل البنود العالقة، من الرئاسة، الى قانون الانتخاب، الى اللامركزية الادارية، الى الحكومة، الى اعادة تفعيل المجلس النيابي، الى كل البنود الاصلاحية الاخرى بما فيها بعض الافكار التي طرحت حول الحاجة الى تشكيل مجلس شيوخ».
واشار النائب غازي العريضي الى «ان فكرة الدوحة التي طرحها الرئيس بري لم تأخذ مسارها حتى الآن»، متسائلا «ماذا سنفعل كقوى سياسية اذا لم نتفق على قانون جديد!».
ـ مجلس الشيوخ والمؤتمر التأسيسي ـ
واذ كان لافتا عودة الحديث عن تشكيل مجلس الشيوخ الذي له شروطه، بما في ذلك انتخاب مجلس نيابي خارج نطاق القيد الطائفي، فإن مصدراً وزارياً بارزاً قال لـ«الديار» ان طرح هذا الموضوع في اطار السلة المتكاملة قد يفتح الباب امام طرح المؤتمر التأسيسي، الذي يتم تداوله الآن عند المرجعيات السياسية والروحية لبعض الطوائف ان المسألة ليست فقط في حل اشكالية التوازن بين الطوائف في القضايا الاستراتيجية او المصيرية او البنيوية، وانما، وهذا هو الأهم، التوازن في الصلاحيات.
اضاف ان هناك تحفظاً لدى طوائف اساسية حول ما تعتبره «التطبيق الملتبس وغير المتوازن لاتفاق الطائف»، ليصف طرح موضوع مجلس الشيوخ بـ«الملهاة السياسية»، وقد يكون الهدف من اثارة الموضوع التغطية على اي قانون انتخاي يفتقد الشمولية (والعدالة) في التمثيل.
ولاحظ المصدر الوزاري ان النائب علي فياض تحدث عن «بنود اصلاحية اخرى»، وهذا الكلام له تفسيراته المتعددة، اذ يتعذر تشكيل المجلس دون التعاطي مع الثغرات التي ظهرت في دستور الجمهورية الثانية، وهو المنبثق عن وثيقة الطائف.
ـ ارثوذكسي أم درزي؟ ـ
ويبقى الخلاف على من يترأس مجلس الشيوخ؟ شخصية ارثوذكسية باعتبار ان الطائفة الارثوذكسية هي الرابعة في الترتيب الديموغرافي (14 نائباً) ام شخصية درزية بالنظر للواقع التاريخي للطائفة من جهة، وللحضور الجنبلاطي الطاغي على الساحة السياسية.
اثناء الجلسة لم يقل بري ان مبادرته دخلت في حالة الموت السريري، تاركاً للمعترضين ان يكتشفوا انه لا رئيس للجمهورية في المدى المنظور لأن القصر الجمهوري عالق في دهاليز الصراع الاقليمي، وأن الاستحقاق النيابي لا بد آت، وان قال المعترضون ان اجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية لا يعني قطعاً ان الرئيس سيهبط حتماً، من المدخنة ما دامت كل التوقعات تشير الى ان التجاذب السياسي داخل المجلس النيابي الجديد ستكون اكثر حدة.
الاوساط السياسية تسأل عمن يستطيع ان يطرد الشيطان من داخل السلة التي تزخر ببنود معقدة، وبعضها يلامس أساسيات السلطة في لبنان.
واللافت ان تحفل الاروقة السياسية بأسئلة من قبيل ما اذا كان البحث في الفديرالية اسهل من البحث في قانون الانتخاب، باعتبار ان البلاد تعاني من التصدع العمودي الذي يرتبط بمسار الصراع في المنطقة.

الجمهورية :

وإلى موعد حواريّ جديد بعد اثنين وأربعين يوماً، ولعلّها فرصة قد تكون كافية لأطراف طاولة الحوار، لكي يجلسوا مع أنفسهم، ويحكّوا أدمغتهم، ويجَوجلوا أفكارَهم، ويتلمّسوا الطريق إلى مخرج توافقي يتولّد حلّاً شاملاً يقود سفينة البلد إلى شاطئ الأمان الرئاسي والانتخابي. ثلاث جلسات تمّ تحديدها مطلع آب المقبل لرسم معالم الحلّ المفقود، وهذا التحديد يعكس استجابة المتحاورين إلى واحد من بنود المبادرة الثلاثية للرئيس نبيه بري، والمتعلق بالبحث في السلّة الكاملة؛ الرئاسة والقانون الانتخابي والحكومة، وكلّ ما يتصل بإعادة بناء الدولة، وعلى هذه الجلسات يعلّق برّي أملاً كبيراً.
في أيّ حال، لا تبديل جذرياً في مواقف القوى السياسية، وإن كانت المقاربات والمداخلات قد توالت في حوار عين التينة امس، بهدوء وانسيابية بلا ايّة تشنّجات، والامل يبدو ضعيفاً، حتى لا نقول مستحيلاً، في إمكان بلوغ قاسم مشترك، نتيجة الفوارق الحادة الفاصلة بين الأمزجة السياسية على ضفّتي الانقسام السياسي.
على انّ السؤال الذي يسبق الجلسات الثلاث التي خصِّصت لهذه الغاية: هل ستتمكّن تلك الجلسات من تجاوز حقلِ الالغام الذي منَع الجلسات الحوارية كلّها من التوصل الى المخرج المطلوب، فتتمكّن من صياغة توافق – يبدو حتى الآن مستحيلاً - على ايّ بند من البنود الموضوعة في هذه السلّة.
وحتى ذلك الحين، سيضجّ البلد بمقولة من هنا تقول بانتخاب الرئيس أوّلاً، تقابلها مقولة اخرى تقول بإعداد القانون الانتخابي اوّلاً، وتَليها مقولة ثالثة بمقولة عدم جواز الإقدام على ايّ شيء في غياب رئيس الجمهورية وهكذا، وهذا يبرّر الاعتقاد بأنّ الخروج من هذه الدوّامة بات يتطلب عصا سحرية تفعل فعلها في أذهان القوى السياسية وتجمّد طموحاتها كلّها عند نقطة وحيدة مفادُها: «مصلحة البلد اوّلاً، وفوق كل مصلحة خاصة». وممّا لا شك فيه انّ هذه الجملة السحرية وحدها التي تنقل البلد من العتمة الى الضوء. ولكن بشرط الالتزام بها. فعلاً لا قولاً.
ولقد شكّلت جولة الامس، حلقة جديدة من حلقات الكلام الخلافي الذي ما يزال يدور حول نفسه منذ الجولة الحوارية الأولى. وبالتالي جاءت وقائع جولة الأمس كما يلي:
إفتتح الرئيس نبيه بري الجلسة بمداخلة قصيرة قال فيها: يبدو انّ الامور تسوء اكثر فأكثر، وأنا أنتظر الاجوبة على أسئلتي التي طرحتُها في الجلسة السابقة، قانون انتخابي جديد، أو الستّين وتقصير ولاية المجلس النيابي ورئاسة، أو دوحة جديدة.

- الرئيس نجيب ميقاتي: أين أصبَحنا في ما يتعلق بقانون الانتخاب.

- نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري: وصلنا الى نقطة لا نستطيع فيها التقدّم ما لم يوجد توجّه جديد هنا.

- برّي:.. ولأجل هذا السبب عيَّنا جلسة غداً للّجان.

- الرئيس فؤاد السنيورة: بعد يومين الجلسة الحادية والأربعون لانتخاب رئيس الجمهورية، هذا التعطيل كما تلاحظون يمتد ليشمل كلّ المؤسسات ومن ثمّ الحياة السياسية فالاقتصادية فالسِلم الأهلي.
لقد دلّنا الشغور الرئاسي على اهمّية موقع الرئاسة، وهذا يؤشّر إلى جوهر الأزمة ويؤشّر إلى جوهر الحل. الأزمة بدأت بالإصرار على فكرة رئيس جمهورية قوي، وكلّ اللبنانيين يريدون ذلك. لكن القول بتوازنه وانفتاحه وقدراته القيادية ضروري.
عندما ناقشنا مواصفات الرئيس قلنا إنّه رمز وحدةِ الوطن، ويجب ان يتمتّع بالتأييد في بيئته، ثمّ جرى حصر الترشيح بأربعة كنادٍ مغلَق وجرى التعهّد من يتمّ اختياره يتمّ تأييده من الآخرين. وهذا لم يحصل.
إنّ تيار المستقبل بادرَ الى ترشيح النائب سليمان فرنجية فقامت الدنيا ولم تقعد، بأنّها خطوة غير مسبوقة ومليئة بالتضحية، ورغم ذلك لم نتقدّم. وهذا المفتاح الاساسي.
ما يُحزننا أنّ بقيّة الاطراف لم تتزحزح عن مواقفها، وهذا يطرح لدينا أسئلة حول المواقف. موقفُنا دائماً كان اولوية انتخاب رئيس الجمهورية وليس تعيين رئيس. العناد ما زال قائماً، ونشهد تخَلّياً عن اولوية انتخاب رئيس لصالح الكلام عن اولوية قانون انتخاب. لسنا في وارد ان نعطيَ جوائز ترضية لمن يعطّل انتخابات الرئيس.
حول تقصير مهلة المجلس وقانون جديد، نحن نَسمع كلاماً حول صلاحيات الرئيس بأنّ السعي الى إقرار قانون انتخاب دون موافقة رئيس الجمهورية هو انتقاص من صلاحيات الرئيس.
عندما شُكّلت لجنة الوزير فؤاد بطرس، التي أقرّ فيها قانون مختلط، كنّا نتّجه الى اهمّية التدرّج في تطبيق النسبية في مهلة ثلاثة أعوام. للأسف لم يحظَ هذا الاقتراح بالاهتمام الكافي.
إنّ حكومة الرئيس نجيب ميقاتي طرَحت مشروعاً يَفتقد الى العدالة، ويقوم على الكيدية، وطُرحت فكرة الخمسين دائرة فأبدَينا تجاوباً، ثمّ طرَحنا 37 دائرة مع الاكثري، ثم طرَح الرئيس الحريري مشروعاً يقوم على تأسيس مجلس شيوخ مع 37 دائرة اكثرية واعتماد اللامركزية الادارية.

اللواء :

قبل أقل من سنة من موعد إجراء الانتخابات النيابية في أيار المقبل، حددت هيئة الحوار الوطني 2 آب موعداً للعودة إلى عقد سلسلة من الجلسات تهدف إلى الاتفاق على سلّة تسوية متكاملة، في وقت كان فيه الرئيس تمام سلام، وفي كلمة له في افطار دار الأيتام الإسلامية غروب أمس، يسمي الأشياء بأسمائها في واحدة من مصارحاته النادرة للرأي العام اللبناني، فهو اعترف صراحة بما يختلج في مكنوناته الوطنية والسياسية، وما يعتمل في وجدانه من معاناة كان سقفها الرادع عدم تسليم البلاد للفراغ القاتل:
1 - قال الرئيس سلام أن «المشهد الوطني الراهن يدعو إلى القلق».
2 - «الدولة مستضعفة وهيبتها مستباحة وقرارها مخطوف».
3 - «ساسة البلاد لا قدرة لديهم على التمييز بين سياسة وطنية وممارسات تغلب المصلحة الفئوية بأي ثمن».
4 - «الاستهتار بالصالح الوطني يُهدّد الكيان اللبناني نفسه».
5 - وبلغت صيحة الرئيس سلام ذروة التشاؤم عندما اعرب عن مخاوفه من أن تكون «حكومتنا آخر الحكومات ومجلسنا النيابي آخر مجالس التشريع في الجمهورية اللبنانية».
6 - وجه الرئيس سلام تحيتين بدلالتين كاملتين للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، ولقطاع الأعمال والمصارف والمصرف المركزي الذي يتولى بكفاءة عالية حماية الاستقرار النقدي والمالي، وعليهما تتوقف حماية الهيكل الوطني من السقوط بوصفهما الحارسان الأمينان: المؤسسات العسكرية والأمنية والمنظومة الاقتصادية والمالية.
7 - ومع ذلك، لم يعتبر الرئيس سلام أن الاستقرار الذي ننعم به ثابتاً ونهائياً ما لم نعمل على تحصينه.
وفي ضوء ما تقدّم لم ير غضاضة أن يصف اجتماعات مجلس الوزراء بأنها نموذج العجز والفشل واللاجدوى.
وفي ما خص ما يتعين فعله، ناشد الرئيس سلام الطبقة السياسية الذهاب فوراً إلى انتخاب رئيس للجمهورية «لنعيد النصاب إلى المؤسسات والروح إلى الحياة السياسية، رأفة بلبنان الذي لا يجوز أن تتركوه على قارعة المصالح الإقليمية والدولية».
وفي ما خص دوره قال سلام: «لم أتردد في القول أن الحكومة فاشلة وعاجزة، وأن ما يمنعني من التصرف بما عليه الوضع (أي الاستقالة) هو فقط المسؤولية الأخلاقية والوطنية، والخشية من دفع البلاد إلى هاوية الفراغ.
ورأى مصدر وزاري انه لم يكن بإمكان الرئيس سلام الحديث بأقل من ذلك، في ظل مزايدات ومماحكات تسعى وراء مكاسب شعبوية أو مرجعية ضيقة، ولا ترتفع إلى مستوى المسؤولية الوطنية التي يواصل الرئيس سلام مهامه على رأس الحكومة، وفقاً لمقاييسها أو معاييرها.
هيئة الحوار
اما هيئة الحوار الوطني التي توصف في الأوساط السياسية والدبلوماسية، بأنها رافعة الوضع السياسي المتهالك، فقد وجدت نفسها أمام الحقائق المرّة: أن الاتفاق حول كيفية الخروج من المأزق يحتاج الى معجزة، فلا مبادرة الرئيس نبيه بري التي تقضي بالاتفاق على قانون جديد للانتخابات وتقصير ولاية المجلس تمهيداً لانتخاب مجلس جديد، على ان يسبقه تعهد القوى السياسية بالالتزام بانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل أي عمل آخر، مهما كانت النتائج، أخذ بها، ولا بدا للمجتمعين ان هناك وحدة في المقاربات، إذ دارت المواقف على نفسها. وكشف وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي غادر الجلسة قبل انتهائها ان الرئيس برّي سأل نائبه فريد مكاري ان يضع المجتمعين في صورة ما توصلت اليه اجتماعات اللجان المشتركة، فرد مكاري قائلا: «لم نتقدم قيد أنملة».
وعلى هذه المراوحة القاتلة لاجتماعات اللجان خاطب برّي الأقطاب قائلاً: «لا تفكروا بعد اليوم بالتمديد، فالناس ستنزل إلى الشارع إذا اجريت الانتخابات على أساس قانون الستين».
وكشفت المداخلات التي جرت تباعاً، أن مشاريع قوانين الانتخابات استأثرت بأكثر من 75 في المائة من المناقشات التي كانت أشبه بتكرار معاد لمواقف معلنة، أو موثقة في بيانات، أو في مناقشات اللجان.
ومع انه كان المطلوب من الجلسة البحث عن حل فان الأقطاب المشاركين في الجلسة التي تجاوزت الساعتين ونصف الساعة، ارتأوا الاستطراد والدفاع عن طروحاتهم من دون الأخذ بعين الاعتبار 
الحاجة لكسر حركة الجمود، وفتح الباب أمام اللجان النيابية لاستكمال مهامها في تدوير زوايا قانون الانتخاب الجديد.
ولاحظ قطب شارك في الجلسة أنه كان هناك محاولة للقفز عن قانون الانتخاب عندما أثار رئيس الكتائب النائب سامي الجميّل إنشاء مجلس للشيوخ وإقرار قانون اللامركزية الإدارية في محاولة لإيجاد قانون انتخاب على أساس الدائرة الفردية التي تستجيب لأحجام الكتل والتيارات السياسية وتؤدي إلى وضع قانون إنتخاب عصري خارج القيد الطائفي.
وفي أقل من خمس دقائق أثير ملف النفط من قبل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والذي لاقى تأييداً من الرئيس برّي والنائب غازي العريضي الذي مثّل النائب وليد جنبلاط على طاولة الحوار، والذي اعتذر عن المشاركة لأسباب خاصة.
وأضاف القطب المشارك أن الرئيس فؤاد السنيورة قدم عرضاً موثقاً لمحاولات انتحاب رئيس الجمهورية ونقاشات قانون الانتخاب، معتبراً أن هناك «مخاطر دستورية وعملية عديدة تكمن في الموافقة على مبادرة الرئيس برّي إجراء انتخابات نيابية في ظل غياب رئيس الجمهورية»، متسائلاً عن الضمانة في انتخاب رئيس للجمهورية حتى بعد انتخاب مجلس نيابي جديد، الأمر الذي يعني أننا سنبقى في النقطة نفسها «ولا ينفع في ذلك لا وعود ولا تعهدات»، مذكّراً بتعهدات قطعت في اجتماعات الدوحة ولم يلتزم بها كالتعهد بعدم الاستقالة من الحكومة، وعدم استعمال السلاح في الداخل، مع أن الضمانات التي قطعت في حينه كانت خطية، ناهيك عن تنفيذ مقررات الحوار الوطني بعد العام 2006.
وفي ما خصّ قانون الانتخاب جدد الرئيس السنيورة التمسك بالاقتراح المشترك مع «القوات» والاشتراكي كأقصى الممكن المقبول.
وأعاد الرئيس السنيورة التأكيد أن الأولوية من جهة تيّار المستقبل هي انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
أما الرئيس نجيب ميقاتي فقد تحدث عن سلّة متكاملة، من دون أن يرى مانعاً من وضع قانون جديد للانتخاب، ثم انتخاب رئيس الجمهورية.
ووصف النائب أحمد كرامي لـ«اللواء» ما جاء في مداخلة الرئيس ميقاتي بأنه «مساهمة في فتح طاقة صغيرة في ظل التجاذب السياسي الحاصل».
ولم تخرج مداخلة الوزير باسيل عمّا يتمسك به التيار العوني من اعتماد قانون النسبية، على أن يكون لبنان إما دائرة واحدة، وهذا ما يؤيّده الرئيس برّي وحزب الله، أو يكون مقسماً إلى ما يزيد عن 13 دائرة.
ولم تخرج سائر المداخلات الأخرى عن أدبيات الجهات المشاركة، سواء بالنسبة للحزب الاشتراكي الذي يدعم مبادرة برّي، أو حزب الله الذي يدعم توجه «التيار الوطني الحر» باعتماد النسبية.
وإذا أوجدت هيئة الحوار مخرجاً لمأزقها بقذف المشكلة إلى آب، باعتبار أن المتحاورين كل في مكانه، مع تفاهم مبدئي على عقد جلسة نيابية لموضوع النفط الذي يعمل الرئيس سلام على متابعته من خلال دعوة قريبة للجنة النفط للإجتماع، فإن جلسة اللجان النيابية مرشحة للتعطيل هي الأخرى، بانتظار نفاذ مهلة الأربعين يوماً، وربما تكون للعمل خلال شهر آب في العطلة الرسمية للمجلس.
إستقالة قزي
وفي تطوّر متصل للأداء الحكومي، كشف وزير العمل سجعان قزي الذي ما زال يدافع عن موقفه من رغبة رئيس الكتائب بتطبيق الاستقالة بحذافيرها من الحكومة، أنه أعطى لنفسه وقتاً للتأمل، قد لا يتجاوز ما بعد جلسة مجلس الوزراء اليوم التي لن يُشارك فيها، على أن يُشارك حكماً في الجلسة التي تليها، ويكون جرح فصله من حزب الكتائب قد برد.
وقالت مصادر سياسية أن الوزير قزي الذي استضافته قناةO.T.V الناطقة بلسان التيار الوطني الحر ليل أمس، يسعى إلى مد جسور مع كتلة مسيحية وازنة في الحكومة، فضلاً عن استمرار التنسيق مع وزير الإعلام رمزي جريج.
وأشارت هذه المصادر إلى أن قزي يبدو الآن أقرب إلى التيار العوني، مع العلم أنه يقف على مسافة واحدة من مكونات الحكومة مجتمعة، بما فيها كتلة الرئيس ميشال سليمان.
وكان قزي شرح للبطريرك الماروني بشارة الراعي أمس حيثيات الخلاف مع رئيس الحزب سامي الجميّل الذي أدّى إلى ما أدّى إليه من استقالة من الحكومة ثم فصله من الحزب.
نصر الله في سوريا