يجمع السياسيون والمحللون العسكريون على أن الاجتماع الأخير لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو مع بشار الأسد، أسقط صفة الرئيس عن الأخير، وأظهره على أنه مجرد متلقٍ للأوامر بعد أن منح روسيا سماء سوريا، وقواعد عسكرية برية في كل من "حميميم وتدمر وحماة"، وبحرية على البحر المتوسط من جهة، وكشف عن هشاشة موقف بشار الأسد والسقف المسموح له به في تصريحاته وأفعاله من جهة ثانية.
وبيّنت التسجيلات المصورة التي نشرتها وسائل الإعلام الروسية، ونقلتها وسائل إعلام النظام بعد حذف الصوت، تفاجُؤ بشار الأسد بزيارة وزير الدفاع الروسي وعدم معرفته بشخصية الضيف ومنصبه إلا لحظة اللقاء به.
صراع إيراني-روسي
ويرى عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة خطيب بدلة أن بشار الأسد استقوى بكل ما هبّ ودب لمكافحة وقتل شعبه، وهو ما أوصله ونظامه إلى هذا المستوى من الإذلال، فبادئ الأمر رهن قراره لإيران وميليشياتها الطائفية، وبعد أن فشلوا في تحقيق مكاسب على الأرض قرر رهن نفسه للروس، فوقع في تناقض بين النظامين "الروسي والإيراني"، وهذا ما خلق حالة من التنافس بين الطرفين، بسبب تضارب مصالحهما في سوريا.
وأضاف بدلة في حديث لـ"أخبار الآن": "الإيرانيون اعتمدوا في هجومهم ضد الشعب السوري على القوات البرية، والمعارضة على اختلاف مسمياتها وتوجهاتها أقوى على الأرض في ظل غياب الدعم الجوي، ولهذا فالطائرات الروسية صاحبة الكلمة الفصل خلال المعارك البرية، وغيابها يعني تلقي إيران وميليشياتها والنظام هزائم كبيرة كما حدث في ريف حلب الجنوبي"، منوها إلى أن الإيرانيين يلقون باللوم على الروس بسبب خسائرهم على الأرض ويتهمونهم بعدم تقديم الدعم المناسب لهم خلال المعارك".
وأوضح عضو الائتلاف الوطني أن هناك صراعا إيرانياً روسياً حول من يستطيع السيطرة أكثر على الأسد، فلكل منهما مصالحه ومطماعه المتضاربة في سوريا، وما هذه الزيارة إلا رسالة من قبل الروس إلى أوروبا وأمريكا قبل أن تكون لنظام بشار الأسد وإيران، فدائما هناك تشكيك من قبل الغرب للروس بأنهم لا يفرضون الهدنة، ولا يساعدون في إدخال المساعدات للمناطق المحاصرة والضغط على النظام، وأرادوا توجيه رسالة لكل الأطراف الدولية الفاعلة أن مصير بشار الأسد بيد موسكو، فمن يشحن الأسد إلى موسكو قبل أشهر، ومن يستدعيه إلى حميميم للقاء وزير الدفاع الروسي، يستطيع بكل بساطة فرض التسوية التي يريدها وما على رأس النظام إلا القبول بها وتنفيذها.
حميميم باتت لروسيا
بدوره، يرى المحلل العسكري راني جابر أن بشار الأسد تعرض لأعلى درجات الإذلال خلال مقابلته مع وزير الدفاع الروسي، فالمقابلة رتبت لتظهره بمظهر المغلوب على أمره، سواء الزمان والمكان والمقابلة نفسها.
ونوه جابر إلى أن جزئية عدم معرفة بشار الأسد بشخصية الضيف تعني أنه فعلياً غير قادر على معرفة أي شيء في قاعدة حميميم، وبالتالي تظهر عجزه وتبعيته للروس بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وهو الأمر الذي تؤكده الأعمدة الحدودية (تفصل القاعدة عن محيطها) التي ظهرت مؤخراً في مطار حميميم، والتي تعني أنه أصبح جزئاً من روسيا ولم يعد أرضا سورية.
وأوضح المحلل العسكري أن المقابلة خُرقت فيها كل البروتوكولات المتعارف عليها للزيارات الرسيمة، فقد أظهرت بشار الأسد في حالة من العجز والدونية الشديدة، مقابل وزير الدفاع الروسي، الذي ظهر بمظهر القوي المسيطر والواثق، والذي يعطي الأوامر.
ونبه إلى فكرة أنه حتى الأشخاص المحيطين ببشار الأسد كانوا في حالة شديدة من الارتباك، الذي يظهر توترهم الشديد أثناء الزيارة.
وأضاف الجابر "بشار الأسد ظهر وحيداً بدون عسكرييه ووزرائه، حيث بدا كأنه في جلسة لتلقي الأوامر وربما المحاسبة، فعدم وجود وزرائه يدل على أنه الشخص الوحيد المعني بما يحمله الوزير الروسي من أوامر، فهو يؤكد ويشير صراحة إلى أن الحكومة في سوريا ليست لها قيمة، وأن الأمر كله للنظام الذي يمثله رجل واحد، وأن روسيا تسيطر على هذا النظام وتسيره وفق هواها"، وفق قوله.
وأشار المحلل العسكري إلى أن ما قد يحمله الوزير الروسي لأسد في جعبته ستظهره الأيام المقبلة، والتي ستكون بالتأكيد المزيد من السيطرة الروسية على قوات النظام وقيادته، وربما تصل إلى مرحلة التوبيخ على فشل قوات النظام في عدة قطاعات من جبهات حلب التي تقهقرت فيها مقابل فصائل من المعارضة المسلحة.
غازي عينتاب- ايمن محمد- اخبارالان