أصيب "حزب الله" خلال اليومين الماضيين بانتكاسة عسكرية في جنوب حلب، تعد الأقسى منذ معركة القصير في العام 2013. إذ نعى الحزب أكثر من 20 قتيلاً، قضوا في معارك ريف حلب الجنوبي ضد "جيش الفتح"، وهو ما أصاب جمهوره بالذهول ورفع وتيرة المخاوف من أن تؤدي المعركة إلى استنزاف إضافي للحزب.

 

وحاول الحزب تطويق تداعيات تلك الخسائر البشرية التي تركزت في مناطق جنوب لبنان، حيث دفع بقيادييه لمشاركة عائلات القتلى بالمواساة والعزاء. وتداول ناشطون في مواقع التواصل الإجتماعي صورًا لرئيس كتلة الحزب النيابية النائب محمد رعد، يتلقى التعازي إلى جانب عائلة أحد مقاتلي الحزب علاء علاء الدين في بلدة الصرفند في جنوب لبنان، بعد ساعات على الإعلان عن مقتله.

وانعكست الإعلانات المتعاقبة عن قتلى الحزب في معارك ريف حلب الجنوبي، على المزاج الشعبي في أوساط بيئة الحزب، بالنظر إلى أن عدد القتلى الكبير خلال يومين فقط: "أظهر أن مسار المعركة التي دخلها الحزب أخيرًا في حلب، وخلافًا لتجاربه السابقة في سوريا، لا تجري لمصلحته"، كما قال مصدر معارض للحزب ومتابع لحركته، مشيرًا لـ"الشرق الأوسط" إلى أن "تكرار الإعلان عن وقوع قتلى، أثار مخاوف ضمن بيئة الحزب من أن مؤشرات المعركة لن تكون لصالحه، وستكلف الكثير من الضحايا في صفوف الجسم المقاتل".

الصدمة، طغت على بلدة برعشيت في جنوب لبنان التي أعلن فيها عن مقتل 3 يتحدرون من عائلة واحدة، هي عائلة شهاب، قضوا في معركة واحدة في قرية خلصة بريف حلب الجنوبي، أول من أمس، وهم أحمد حسين عبد الحميد شهاب، وإبراهيم محمد عبد الحميد شهاب وإبراهيم نايف كمال شهاب. وازداد الذهول في البلدة، مع إعلان "جبهة النصرة" عن أسر مقاتل في الحزب، يتحدر من البلدة نفسها (برعشيت) ويدعى أحمد مزهر.

وتضاربت الأنباء حول الأعداد النهائية لقتلى الحزب في معركة خلصة وما حولها بريف حلب الجنوبي، حيث أفاد ناشطون سوريون بأن عدد خسائر الحزب "تخطى الـ27 مقاتلاً"، فيما تداول ناشطون لبنانيون لوائح تضم 23 اسما، هم هادي ترمس، ومحمود علي مراد، وعلي دقيق، وعلي حلال وعلي صالح ووائل يوسف وعباس مرتضى وسمير الديماسي... واللافت أن جميع القتلى يتحدرون من جنوب لبنان، في وقت كانت الخسائر السابقة تشير إلى تنوع في المقاتلين بين الجنوب أو البقاع أو الضاحية الجنوبي، وهي مناطق يتمتع فيها الحزب بنفوذ كبير.

وتعد الدفعة الأخيرة من الخسائر، هي الضربة الأقسى التي يتعرض لها منذ معارك القصير في صيف العام 2013، حيث استهل الحزب انخراطه في الحرب السورية بهجمات واسعة على منطقة القصير بريف حمص الجنوبي والغربي، بمحاذاة الحدود اللبنانية، وتعرض فيها لخسائر بشرية كبيرة. وبعدها: "تقلص حجم الخسائر للحزب، فلم تقتل أعداد كبيرة منه في معركة واحدة"، بحسب ما يقول مدير "المرصد السوري لحقوق الإنسان" رامي عبد الرحمن، مشددًا على أن عدد قتلى الحزب في سوريا "ناهز الـ1300 قتيل". وأوضح أن هؤلاء قتلوا، إضافة إلى القصير، في معارك متفرقة في حمص وريف دمشق وحلب ودير الزور وريف اللاذقية، مشيرًا إلى أن ضربة ريف حلب الجنوبي في هذا الوقت هي الأقسى.

وشهدت المنطقة معارك ضارية بين قوات النظام ومقاتلي "حزب الله" من جهة أخرى، حاولت التصدي لهجمات قادتها بعض فصائل "جيش الفتح"، أبرزها "جبهة النصرة" و"الحزب الإسلامي التركستاني" و"أجناد الشام" و"فيلق الشام"، إضافة إلى فصائل في الجيش السوري الحر أبرزها (الفرقة 13).

وتواصلت المعارك أمس بين الحزب و"جيش الفتح" الذي تشن فصائله هجومًا كبيرًا على ريف حلب الجنوبي، في محاولة للوصول إلى تلة الحاضر، وبالتالي قطع خط إمداد النظام الوحيد إلى مدينة حلب، وهو خط أثريا – خناصر – معامل الدفاع، في وقت يسعى النظام لإبعاد الخطر عن هذا الخط من جهة الشرق، حيث وسع دائرة قتاله ضد «داعش» في تلك المنطقة وصولاً إلى ريف الرقة الغربي والجنوبي، في محاولة لتأمين الخط وإبعاد الخطر عنه.

يشار إلى أن طريق حلب – دمشق الدولي، مقطوع في جنوب حلب منذ العام 2012. وهو ما دفع النظام لإنشاء خط إمداد بديل عبر طرق صحراوية في ريف حماه الشرقي باتجاه مدينة حلب.

وقال مصدر عسكري معارض في ريف حلب لـ"الشرق الأوسط"، بأن تلة الحاضر "تقطع اتصال النظام بمناطقه ومواقعه العسكرية في حلب، بالنظر إلى السيطرة النارية التي ستُفرض على خط إمداد النظام"، مشيرًا إلى أن الخطة "تقضي بإطباق الحصار على النظام في حلب، عوضًا عن محاولته محاصرة مناطق المعارضة في شرق مدينة حلب". وجددت طائرات حربية قصفها لمناطق في بلدة كفرناها بريف حلب الغربي، بينما فتح الطيران الحربي نيران رشاشاته الثقيلة على مناطق في طريق حلب – دمشق بريف حلب الجنوبي، ومناطق أخرى بريف حلب الغربي.

(الشرق الاوسط)