في الوقت الضائع رئاسياً ونيابياً وحكومياً على كثرة المواعيد، ربما غير المجدية، هذا الاسبوع، تحولت "استقالة" وزيري حزب الكتائب اللبنانية مادة للتسلية بين حصولها أو عدمه، خصوصاً ان رئيس الحزب النائب سامي الجميّل، الذي احتفل بمرور سنة واحدة على رئاسته، يواجه التحدي الاكبر لقدرته على الامساك بالأمور واثبات صدقيته، في ظل رفض وزير العمل سجعان قزي التزام قرار الحزب إقالته والوزير الاخر الان حكيم، بعد خروج وزير الاعلام رمزي جريج عن "الطاعة الكتائبية" بحجة انه غير منتم الى الحزب. وبعد ابلاغ الجميل رئيس الوزراء تمّام سلام الاستقالة شفهياً، كشف الاخيرأنه لم يتسلم أي رسالة خطية تثبت رغبة وزيري الكتائب في الاستقالة، موضحاً أن استقالة الوزير أشرف ريفي تمت بطريقة مختلفة، إذ تسلم في حينه رسالة خطية في هذا الشأن، أما هذه المرة فالاستقالة كانت شفوية ولا تعني شيئاً بالنسبة اليه، إذا لم تتم خطياً عبر رئاسة الوزراء أو عبر الامانة العامة لمجلس الوزراء. وتساءل سلام: "إذا كان الوزيران جديين في استقالتهما، فلماذا لا يتقدمان بها الى الامانة العامة التي ترفعها الى المجلس فتطرح على طاولة البحث، وأن تصدق أو ترفض فهذا أمر آخر".
هذا الموقف التقى مع كلام للوزير قزي اعتبر فيه ان كلام الجميل "استقالة سياسية" ليس أكثر، ولفت "النهار" الى"عدم صدور أي موقف سابق عني يشير الى نية الاستقالة او اعلانها، لا خطياً ولا شفهياً"، مؤكداً انه من الباب الشكلي على الاقل "يجب ان يتقدم الوزير نفسه بالاستقالة". واعتبر ان الاستقالة الشفهية "لا معنى دستورياً لها، وهي لا تصرف، واعلان رئيس الحزب الاستقالة محصور بالطابع السياسي". ولدى سؤاله عن سبب جلوسه الى يمين الجميل يوم اعلان الاستقالة من الصيفي، أجاب: "فعلته من باب اللياقة".
وأضاف قزي: "سأكمل عملي وزيراً بكامل الصلاحيات في وزارتي وأتابع مسار الانجازات وتحملي المسؤولية الوطنية التي ما تنصلت منها يوماً". وعن المظلة السياسية داخل مجلس الوزراء، قال إنه "لن يكون أقرب الى حزب أو الى تيار، بل أقرب الى المواقف التي تنسجم مع رؤيتي الوطنية للملفات".
وفي هذا الاطار علمت "النهار" ان المكتب السياسي لحزب الكتائب الذي يجتمع بعد ظهر اليوم سيضع قزي أمام خيارين: التزام الاستقالة او اقالته من الحزب لانه بعدم التزامه سيضرب هيبة رئيس الحزب ويعرض صدقيته للاهتزاز، خصوصاً ان الخطوة لم تقابل بتقدير أي من الاطراف السياسيين واعتبرها الرئيس نبيه بري قنبلة صوتية.

العقوبات الأميركية
واذا كان الاسبوع الطالع مشبعاً بالمواعيد من الحوار الوطني الى الحوار الثنائي واللجان المشتركة وجلسة انتخاب الرئيس وجلستين لمجلس الوزراء، فان ملفات أساسية استمرّت قيد المعالجة من خارج جداول الاعمال المعلنة، أهمها ملف العقوبات الاميركية على "حزب الله" الذي كاد يفجر البلد، وهو معرض لتفاعلات مقبلة كثيرة. وعلمت "النهار" من مصادر متابعة ان الاتصالات بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة و"حزب الله" لم تنقطع مذ بدأت وانها تحرز تقدماً بعد توضيح الكثير من الامور العالقة. وقالت ان تقدماً سجل في اليوم الذي وقع فيه انفجار "بنك لبنان والمهجر". وان الأمور العالقة وجدت طريقها الى الحل مرحلياً.
وفي التفاصيل ان الزيارتين اللتين قام بهما كل من وزير المال علي حسن خليل واللجنة النيابية لواشنطن لم تثمرا نتائج كبيرة نظراً الى ان لبنان لم يدرس كفاية تفاصيل العقوبات عبر مكاتب قانون دولي للنفاذ بين السطور الى "التهرب" من ادراج المؤسسات الانسانية والاجتماعية من قانون العقوبات. فقد تبين بعد الاجراءات المحلية الطابع ان اللائحة الاميركية لم تدرج حتى الساعة أياً من المؤسسات التربوية والاجتماعية والصحية لمنع تداولها الاموال، بل ان المصارف المحلية بادرت من تلقاء نفسها الى اتخاذ تلك التدابير تخوفاً من عقوبات محتملة، وان بعض المصارف التي تلقت تحذيرات في اوقات سابقة بسبب معاملات أو حسابات مشبوهة لديها، بادرت من تلقاء نفسها الى المزايدة في هذا المجال.
وفي هذا الاطار، أوضحت إدارة مستشفى بهمن التابع لجمعية المبرات أنَّ "وسائل اعلام تداولت خبراً مفاده أنَّ الإدارة الأميركيَّة قرَّرت رفع اسم مستشفى بهمن من لائحة المؤسَّسات الَّتي تطاولها العقوبات الماليّة. وتوضيحاً للأمر، يهمّنا التأكيد ان اسم المستشفى لم يرد أصلاً في أية لائحة من لوائح العقوبات أو الحظر الأميركيَّة".
لكن المصادر التي تحدثت إلى "النهار" تخوفت من ان تبادر واشنطن الى اصدار لوائح جديدة قبل ان يكون الوضع اللبناني "هضم" اللائحة الحالية. واشارت الى ان الاتصالات مع الادارة الاميركية أظهرت ان المرحلة الحالية يمكن ان تدوم كما هي مدة طويلة نسبياً، لكن الهزة يمكن ان تضرب الحركة المصرفية اذا ما تسارع اصدار اللوائح لتشمل اسماء لمؤسسات اجتماعية من أجل التضييق اكثر على "حزب الله".
واعربت المصادر عن اعتقادها ان العقوبات لم تكن لتصدر لو كانت ستقف عند هذا الحد، ما يعني انها ستتبع بخطوات اضافية غير واضحة المعالم بعد، وخصوصاً اذا ما تم تصنيف الحزب بكل مؤسساته "ارهابياً" وصدرت مذكرات ملاحقة لاعضائه.
ورأت ان التقصير اللبناني واضح وجلي في هذا المجال، اذ ان الحكومة اللبنانية تعاملت مع الامر بإهمال ولامبالاة حتى بعد حصول المشكلة، اذ لم يخصص مجلس الوزراء جلسة للبحث فيها، ولا أوكل إلى لجنة وزارية متابعتها، واما اللجنة النيابية التي سافرت الى واشنطن فنقلت وجهة نظر سياسية ولم تكن مزودة ملفاً متكاملاً، ولم تحمل أجوبة واضحة عن المؤسسات والافراد، ومثلها فعل مصرف لبنان الذي اكتفى بابلاغ المصارف مضامين التعاميم ما جعل الاخيرة في حيرة من أمرها ودفعها الى اتخاذ خطوات عشوائية.
من جهة أخرى، أكد المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم لقناة "الجديد" ان ما قام به ليس وساطة، بل هو يندرج تحت خانة تنفيذ التدابير التي اتخذتها السلطاتُ الأميركية في حق المصارف اللبنانيّة أولاً وقَيّدت عملَها. وأعلن أن الأزمة اليوم أصبحت وراءنا والعلاقة بين الحزب والمصارف على أكمل ما يرام.

 

قانون الانتخاب
أما أول الاستحقاقات المعروضة غداً على طاولة جلسة الحوار الوطني فهو قانون الانتخاب. وقال الرئيس بري عن الجلسة إنها "ستكون مفصلية" اذ ينتظر تلقي أجوبة عن المبادرة التي طرحها لبت شكل قانون الانتخاب. وفي حال حسم الأمر في الحوارات، فان ترجمة صيغة القانون تتم في اليوم التالي في اللجان النيابية المشتركة. إلا أن بري لا يزال " متشائلاً" على حدّ تعبيره، وقال إن "الكرة في ملعب القوى السياسية". وأضاف: "أن معظمهم يريد إبقاء الستين وأنا ضد هذا الطرح بطبيعة الحال لأن الستين يمدد للتركيبة السياسية الحالية".