بين ليلة وضُحاها، تحوّل الحلفاء إلى أعداء، والمصير الذي كان يجمعهم تحت عنوان محاربة «الإرهاب» في سوريا، تحوّل إلى حالة عداء أدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى. هذا خلاصة الخبر الذي وقع منتصف ليل أوّل من أمس على جمهور «الممانعة» بعد الإشتباكات العنيفة التي وقعت بين مجموعات «حزب الله» من جهة، وعناصر من جيش النظام السوري من جهة أخرى في ريف حلب، والتي لم تنته ذيولها لغاية الساعة وهي مرشحة للتصاعد بشكل أكبر خصوصاً في ظل المعلومات التي وردت عن سقوط ثمانية قتلى للنظام بينهم ضابطان كبيران، وعدد كبير من الجرحى.

الإشتباك بين «الحلفاء»، وغير الجديد على الإطلاق، كان قد بدأ منتصف ليل الأربعاء بعد الإتهامات المُتبادلة بين الطرفين حول مسؤولية كل منهما عن الخسائر البشرية والمعنوية التي تلحق بهما وآخرها الخسارة الكبيرة التي تكبدها الحزب في ريف حلب مطلع الاسبوع الحالي حيث تمكنت المعارضة السورية، وتحديدا «الفرقة 13» في الجيش السوري الحر، من استهداف مجموعة تابعة لـ»حزب الله» بصاروخ من نوع «تاو» ما أدّى إلى مصرع المجموعة بكاملها، وفي ظل تكتم الحزب عن العملية، سارعت المعارضة إلى نشر شريط فيديو على موقع «يوتيوب»، يُظهر لحظة إطلاق الصاروخ ثم اصطدامه بالمجموعة، وهو الامر الذي أحرج الحزب وقيادته في بيروت أمام جمهورها وحلفائها. 

المعركة المُشتعلة بين الحزب والنظام في منطة «نُبّل» و»الزهراء» في ريف حلب الشمالي ومنطقة «حاضر» في الريف الجنوبي، وقعت بعدما اتهم عناصر «حزب الله» كتيبة للنظام بأنها سهّلت عملية تسلل عناصر الجيش الحر من منطقة «خان طومان» باتجاه نقطة تمكّنوا من خلالها من كشف المجموعة التي تم استهدافها، لتندلع على اثرها الاشتباكات بين الطرفين وتدخل على اثرها الطيران السوري الذي قصف مواقع للحزب في تلّة «المياسات». 

أمّا الرواية الثانية عن أسباب الإشتباك، بحسب ناشطين سوريين، فتعود لخسائر قوات الأسد المُتلاحقة على جبهة الملاح لليوم الثالث على التوالي، في وقت كان قد اكد فيه اعلام الحزب أن عناصره قد حرّرت هذه المنطقة منذ أيّام، لتؤكد بعدها مصادر ميدانية في حلب أن جنود الأسد خسروا هذه المنطقة وغيرها من المناطق المحررة.

حالة التنافر والاستنفار بين عناصر «حزب الله» الموجودة في سوريا وجيش النظام، ليست بجديدة وهي تعود إلى زمن سقوط بلدة «القصير» وما تلاها من حروب دارت في أكثر من بلدة وقرية في الريف السوري. وهنا لا بد من التذكير بواقعة تلّة «النبي ماندو» في القصير التي تنازل عنها ضابط كبير من النظام لصالح المعارضة بعدما كان حررها «حزب الله»، ليعود الحزب ويستولي عليها ويقتل الضابط المسؤول عن سقوطها. والامر نفسه ينطبق على اشكالات كانت حصلت في منطقة «السيدة زينب» في دمشق، بعدما حاول حاجز للنظام منع حافلة لبنانية تابعة للحزب، من التوجه إلى «المقام» إلا بعد دفع المال، فكان أن حصل إشتباك فردي أدى إلى مقتل مسؤول في الحزب، لكن وكعادتها حاولت قيادة «حزب الله» التكتم عن الموضوع حينها، منعاً لإثارة الفتن.

وفي وقت حاول فيه «حزب الله» ضبط جمهوره وشارعه من خلال تعتيمه على الخبر الذي وصل الى كل منزل عن طريق مواقع «الانترنت»، خرج الاعلام السوري ليُدلي بدلوه في هذا الإشتباك الذي يبدو انه آخذ بالتطور خصوصاً في ظل ورود معلومات لناشطين تحدثوا عن حالات من الإستنفار في الغوطة. الاعلامي شريف شحادة المعروف بدفاعه الشرس والمستميت عن النظام السوري والأسد، نشر عبر صفحته على «فايس بوك» رسالة جاء فيها:»الجيش السوري هو قائد الوطن ولا سيادة فوق سيادة البوط السوري، وأن القوات الرديفة التي تساعد الجيش السوري على بسط السيطرة عليها أن تعلم أنها جاءت لحماية سوريا وليس لبسط سيطرتها« وختم «نرجوكم أن تعيدوا حساباتكم«.

أما مراسلة قناتي «سما» و«الدنيا» التابعتين للنظام السوري، كنانة علوش، فقد قالت هي الأخرى عبر صفحتها: «الخلاف في النبل والزهراء جرى بعد الخلاف بين عناصر من حزب الله مع عناصر المقاومة التابعة لمدينة النبل، وإعتداء الحزب على عناصر الجيش السوري. وعلى القوات الرديفة للجيش العربي السوري أن تعلن أن جيش الوطن هو فخر الأمة، وهو من ساند حزب الله بحربه مع إسرائيل« وأنهت كلامها بعبارة «لا تلعبوا معنا«.

    علي الحسيني: المستقبل