هل انتهى دور الاخوان المسلمين في العالم العربي في ظل الاوضاع الصعبة التي تواجهها حركات الاخوان في المنطقة والتي تشبه الى حد بعيد المرحلة التي عاشها الاخوان في الخمسينات والستينات من القرن الماضي ولو مع بعض المتغيرات؟. ففي تلك المرحلة خاض الاخوان حربا قاسية ضد النظام الناصري والتيارات القومية واليسارية وانتقلت قياداتهم الى دول الخليج وخصوصا السعودية للعمل والنشاط والحصول على الحماية والدعم ، ولكن اليوم يواجه الاخوان حربا قاسية من النظام المصري ومن بعض دول الخليج مما اضطرهم للانتقال الى دول اوروبية وتركيا كما احتضنت بعضهم قطر.كما يواجه الاخوان في الاردن معركة قاسية لها طابع سياسي وامني وقانوني بسبب الانقسامات التي شهدتها الجماعة وبروز مجموعات اخرى تتحدث باسم الاخوان وقيام السلطات الاردنية بوضع اليد على مقرات الاخوان. ولا تعني هذه المعطيات ان وضع الاخوان المسلمين في كل الدول العربية والاسلامية في وضع سيء ، ففي المغرب فان حزب العدالة والتنمية ( احد فروع الاخوان) هو الذي يدير الحكومة تحت اشراف السلطة الملكية وبالتعاون مع قوى حزبية اخرى، وقد حقق الحزب نتائج ايجابية في اخر انتخابات بلدية جرت في المغرب، وفي تونس نجحت حركة النهضة في تثبيت موقعها السياسي رغم كل الضغوطات التي تعرضت لها وتراجع قوتها النيابية، وهي قدمت في مؤتمرها العام الاخير رؤية سياسية وفكرية جديدة حول العلاقة بين العمل السياسي والدعوي وهي محور نقاش اليوم على امتداد العالم العربي والاسلامي. كما لا يزال الاخوان يحكمون السودان رغم ان التجربة السودانية تحتاج للمزيد من النقاش والحوار، وحركة حماس الاخوانية هي القوة الاساسية في فلسطين وهي مستمرة في السيطرة على قطاع غزة وتعتبر احدى القوى الاساسية في المقاومة، واما امتدادات الاخوان في العالم الاسلامي فلاتزال واسعة ومنتشرة من تركيا الى ماليزيا وباكستان واندونيسيا وبنغلادش. وقد تحولت مدينة اسطنبول الى احد المراكز الاساسية لنشاطات القيادات الاخوانية حيث يعقد العديد من المؤتمرات وورش العمل من قبل حركات وشخصيات قريبة من الاخوان لدراسة الاوضاع في المنطقة ومستقبل دور الاخوان ، كما نشأت عدة مؤسسات بحثية وفكرية لمتابعة الاوضاع في المنطقة وتدار من قبل شخصيات قريبة من الاخوان. كما تنتشر المؤسسات المرتبطة بالاخوان في اوروبا واميركا وهناك مئات المؤسسات الاعلامية والدينية والفكرية التي تحمل افكار الاخوان المنتشرة في انحاء العالم. وعلى صعيد العلاقة مع السعودية ورغم الحملة التي شنتها سابقا ضد الاخوان المسلمين في المنطقة (خلال مرحلة الملك عبد الله) فان الامور اختلفت في عهد الملك سلمان ، بحيث تحسنت العلاقة وان كانت لم تعد الى المستوى الذي كانت عليه في الخمسينات والستيانت من القرن العشرين، ولا تزال بعض قيادات الاخوان تراهن على المزيد من تحسين العلاقة معها والاستفادة من بعض قنوات التواصل معها في بعض البلدان ، وفي مصر فرغم المراجعات الداخلية التي تجريها قيادات الاخوان حول ما جرى هناك فان الصراع مستمر والاخوان مستمرون في مواجهة النظام الذي انهى حكم الاخوان، وفي ليبيا الصراع مستمر بين الاخوان ومعارضيهم . اذن فان حركات الاخوان المسلمين في المنطقة تواجه تحديات وظروف صعبة لكنها لا تزال هي الاقوى والاكثر انتشارا على صعيد العالم العربي والاسلامي ولا يمكن القول ان نهاية الاخوان قد اقتربت، لكن في الوقت نفسه فان حركات الاخوان تحتاج الى اعادة تقييم لتجربتها السياسية والفكرية بعد حوالي تسعين سنة على انطلاقة هذه التجربة الاسلامية(من العام 1928 على يد الامام حسن البنا)، وما قامت به حركة النهضة في تونس وتجربة حزب العدالة والتنمية في المغرب وتجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا ، وما جرى مع الاخوان في مصر وليبيا واليمن وسوريا والاردن، كلها تجارب مهمة ويجب دراستها بعمق لمعرفة اين اخطأت الحركات الاخوانية واين اصابت كي يتم الاستفادة من كل ذلك للخروج من المآزق الحالية وتطوير هذه التجربة الاسلامية نحو الافضل وكي تحدد الخيارات التي يجب اعتمادها في المستقبل.
موقع النور الجديد