قفز مجلس الوزراء فوق حقل الفخاخ الذي كان يترصده في جلسته أمس دونما ضمان لجدوى الترحيل الاضطراري المتكرر للملفات الخلافية الذي صار واضحاً انه النهج الثابت للحكومة بما يراكم التباينات ولا يضع حداً لها. واذ بدت خطوة استقالة الوزيرين الكتائبيين سجعان قزي وألان حكيم مشوبة بالتباس دستوري قائم أصلاً في ظل الفراغ الرئاسي، وزاد التباسها تولي الوزيرين تصريف الأعمال في وزارتيهما، سارع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الى قطع الطريق على الاصداء المشككة في قرار الحزب فأعلن ان الحزب سيبلغ استقالة الوزيرين رسميا الى رئيس الوزراء تمّام سلام "ومن اللحظة التي نقدم فيها الإستقالة إلى الرئيس سلام، نكون قد أصبحنا خارج مجلس الوزراء وخارج الوزارات". وأضاف: "قلنا عندما أعلن الوزير أشرف ريفي إستقالته إننا نرفض أن يسلب أحد الصلاحيات اللصيقة برئيس الجمهورية، وتالياً تلزمنا دراسة لنتبين التعاطي الصحيح دستورياً. وتسليم الإستقالة إلى الرئيس سلام هو لتبليغه أننا لم تعد لنا علاقة بالحكومة وكي تصبح الإستقالة رسمية، وليس كي يوافق عليها. ونحن ندعوه إلى أن يعلن إستقالة الحكومة". وعلم في هذا الاطار ان الوزير حكيم سيسلم استقالته الخطية اليوم الى الرئيس سلام.
أما مجلس الوزراء، فتعامل أمس مع استقالة وزيري الكتائب على انها غياب، اذ ان الرئيس سلام الذي أسف لهذه الخطوة اعتبر انها "ليست رسمية ما لم تقدم اليه خطياً". وفيما اعتبرها وزراء حقاً للوزيرين، تضامن وزراء اخرون معهما، واحتج عدد كبير منهم على الأسباب التي برّرت بها الاستقالة كالحديث عن صفقات وفساد وغيره.
وعلم ان وزير السياحة ميشال فرعون رأى في استقالة وزيري الكتائب ازمة سياسية جديدة تزيد الأزمات نظراً الى اهمية وجود الكتائب في مجلس الوزراء. وأكد تضامنه مع الكتائب في قراءته للكثير من الملفات، الا انه رأى أنه كان يمكن تجنٰب هذه الاستقالة، مشيراً الى انعكاساتها الكثيرة "ولو اننا جميعاً نتفهّم ضرورة بقاء الحكومة على قيد الحياة".
وأثار وزير التربية الياس بوصعب ملف النفايات الذي كان سبباً للاستقالة بعدما مرّ بالامانة العامة لمجلس الوزراء حيث اطلع على محضر جلسة إقرار خطة النفايات في اذار الماضي وتبيّن له ان وزيري الكتائب اعترضا انما دون تعطيل للخطة. وأيده في ذلك عدد من الوزراء.
الى ذلك، رحّل مجلس الوزراء الملفات الخلافية من غير ان يفكّكها. ولم يناقش ملف أمن الدولة علماً ان أوساط رئيس الوزراء تحفظت عن التعليق على ذلك.
كما أرجأ المجلس ملف وزارة الاتصالات و"أوجيرو" بعدما تبيّن له ان التقرير الذي حمله الوزير بطرس حرب اداري ويعود الى شباط الماضي. وأفادت مصادر وزارية ان الوزير وائل بوفاعور احتج واعتبر التقرير "ضحكاً على عقول الوزراء"، فاعترض الوزير حرب على استخدام الملف لتصفية حسابات سياسية مع موظفين وتنصيب الوزراء والسياسيين أنفسهم حكاماً وقضاة على الموظفين. ورد عليه بوفاعور حاملاً على اداء المدير العام لـ"اوجيرو" عبدالمنعم يوسف. كما اعترض الوزير بو صعب على خلو التقرير من كل المخالفات المرتكبة في الانترنت غير الشرعي والتخابر الدولي غير الشرعي. وتقرر ان يقدٰم وزير الاتصالات خلال ١٥ يوماً تقريراً محدّثاً فيه كل المعطيات التي استجدت في شأن التخابر والإنترنت غير الشرعي والعقود بين الوزارة و"أوجيرو".
أما موضوع تفجير "بنك لبنان والمهجر" والأزمة بين المصارف و"حزب الله"، فغاب أيضاً ولم يناقش. وقال وزيرا "حزب الله" إنهما صائمان. وأفاد وزير الداخلية نهاد المشنوق ان لا معطيات جديدة في التحقيق، كما طمأن بعد الجلسة الى عدم وجود أمر جديد يبرر التحذيرات الصادرة عن السفارات، مشيراً الى "ان المعلومات أو المناطق المذكورة في تحذير السفارات هي معلومات قديمة ولكن من الطبيعي ان تأخذ السفارات احتياطات في هذا الاطار لكن المعلومات هذه ليست جديدة وعمرها أكثر من شهرين ويبدو انها وصلت الآن الى السفارات وهي تتصرف على اساسها. ونحن نتخذ كل الاحتياطات منذ توافر هذه المعلومات". ورداً على سؤال، اوضح وزير الداخلية انه " ليس من عادة السلطات اللبنانية ان تصدر تحذيراً وليس منطقياً ولا عاقلاً القول للبنانيين بألا يعبروا في منطقة معينة لأن هذا الكلام لا يقال". وعن تلافي الخطر اعتبر ان "ذلك يكون بما تقوم به الأجهزة الأمنية اللبنانية، والمعلومات التي يتم تداولها هي نتيجة توقيف اناس منذ نحو سبعة أسابيع على الأقل وليس نتيجة رأيهم أو معلومات متواترة".
الى ذلك، علم ان مجلس الوزراء سيعقد الاسبوع المقبل جلسة عادية وجلسة أخرى تخصص للاستماع الى مجلس الإنماء والاعمار حول كيفية جمع النفايات ومعالدتها وتخزينها.

الحريري
في غضون ذلك، بدأ الرئيس سعد الحريري من شتورا في البقاع اقامة افطارات في بعض المناطق يرجح ان تشمل لاحقاً طرابلس والشمال ومناطق أخرى. وتناول الحريري في كلمة امام جمع حاشد من عائلات من البقاع الغربي وراشيا وعرسال واقع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية قائلاً إنها "مرتبطة بالوضع السياسي الذي نعمل لنجد حلاً له بأسرع وقت". وشدد على انه "ليس هناك من مدخل للحل غير انتخاب رئيس للجمهورية". وتحدث عن "ثوابت الحريرية الوطنية واهمها حماية العيش المشترك والوحدة الوطنية والاعتدال ورفض الفتنة". وأضاف: "عندما نقوم بحوارات محلية أو وطنية أو بخطوات سياسية من أجل مصلحة لبنان فان هذه الثوابت ليست مطروحة لا للمساومة ولا للتسويات ولا للتنازلات". وأوضح ان الحوار مع "حزب الله" كان سببه الاساسي العمل على تخفيف التوتر ودرء الفتنة بين السنة والشيعة "وأنا اعرف صعوبة قياس هذا العمل الذي سنواصله طالما ان هناك من يعمل على تأجيج الفتنة لأن مقياسه الحقيقي ليس ما انجز ولكن كل ما تفاداه من مآس وويلات لو سمحنا للفتنة ان تقع".

 

حلحلة
وفي اطار المعالجات الجارية بعيداً من الأضواء لازمة تنفيذ قانون العقوبات الاميركية على "حزب الله"، سجلت في الساعات الاخيرة ملامح حلحلة تمثلت في المعلومات عن عودة التواصل بين الحزب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وتردد ان سلامة أبلغ وسطاء انه لا مانع من توجه المؤسسات الاجتماعية التابعة للحزب ولا سيما منها مستشفى الرسول الاعظم الى المصارف لفتح حسابات لها. وأفادت معلومات ان قناة الوساطة بين الحاكم والحزب عاودت تحركها في الأيام الأخيرة من حيث كانت توقفت الاتصالات قبل التفجير الذي استهدف "بنك لبنان والمهجر " وتجري الاتصالات وسط ستار كثيف من الكتمان حرصاً على التوصل الى نتائج ايجابية.