القانون الأميركي و آليات تطبيقه تشترط التعاطي المباشر بين وزارة الخزانة الأميريكية مع المصارف اللبنانية كل على حدى، و ترفض أي دور لمؤسسات الدولة اللبنانية ، بما فيها مصرف لبنان (و بالتالي رياض سلامة) و القضاء اللبناني، الخ…
جل ما يحاول أن يفعله سلامة هو محاولة مشاركة الأميريكي بالمعلومات التي تقدمها المصارف اللبنانية مباشرة إلى وزارة الخزانة و أجهزة الأمن الأميريكية من معلومات و ما تقرره المصارف اللبنانية من إجراءات تتخذها استباقا أو احتياطا أو تنفيذا للتعليمات الأميريكية، و التي لا يملك سلامة و لا مصرف لبنان، و لا الهيئات اللبنانية على اختلافها، وسيلة للرد أو الاعتراض عليها إلا أمام المحاكم الفدرالية في واشنطن.
وقد جرى التمهيد القانوني لهذا في المجلس النيابي اللبناني في شهر كانون الأول 2015 عبر جلسة يتيمة للإقتراع جرى فيها تمرير تعديلات جوهرية على القوانين اللبنانية، لا سيما السرية المصرفية، بحيث أن لا سرية مصرفية في لبنان اليوم إلا بالمفهوم المحلي، أي تجاه القضاء اللبناني، ويستطيع القضاء الأميركي وأجهزة الأمن الأميريكية، بموجب القوانين اللبنانية التي مررت في تلك الجلسة أن يطالب المصارف اللبنانية بكامل البيانات المتعلقة بزبائنها وتجميد حساباتهم دون المرور بالقضاء اللبناني ودون إمكانية لجوء الزبون إلى القضاء اللبناني، و بالتالي كف يد القضاء اللبناني عن مسألة التدخل في كل ما تفعله المصارف تنفيذا لتعليمات وزارة الخزانة الأميريكية المعطاة لكل مصرف لبناني.
و الملفت أن جميع نواب حزب الله و حركة أمل توجهوا إلى المجلس و صوتوا جميعا إلى جانب القوانين المذكورة (جهل؟؟ قصر نظر؟؟ تواطؤ؟؟ نزولا عند رغبة البعض؟؟
لا هم … سوى أنهم صوتوا على هذه القوانين) و قد حاول مصرف لبنان (رياض سلامة) استحداث مركز لتنسيق البيانات و المعلومات يكون بمثابة مركز ارتباط مع الأميركيين، إلا أن الإدراة الأميركية رفضت، رغم الزيارات اللبنانية المتكررة إلى الولايات المتحدة، مصرة على التعامل مع كل مصرف لبناني مباشرة ومن دون «أي واسطة».
و بهذا القرار الأميركي، تصبح المصارف اللبنانية اليوم رأس حربة في المواجهة مع حزب الله. السؤال هل تلي المصارف في هذا المنوال جميع أجهزة الدولة، القضاء، الأمن و الجيش للدخول في مواجهة مع حزب الله؟
وهل من المعقول أن يتم ذلك ليس فقط تنفيذا لتعليمات أميريكية، بل تنفيذا اللقوانين اللبنانيى التي صوت عليها مجلس النواب بالإجماع بما فيهم نواب حزب الله في تلك الجلسة اليتيمة في ك١/ ديسمبر 2015. إن ما يصوره بعض الإعلام المقاوم على أنه معركة مع رياض سلامة ليس إلا اجتزاءا للواقع.
حري بحزب الله أن يجد بدائل تقي جمهوره ما ينتظره، و البدائل هنا ليس المواجهة مع المصارف اللبنانية كما يجري الآن على أمل فرض إرادته عليها أو بالأقل على بعضها، حيث أن مصير أي مصرف يرفض الإملاءات الأميريكية سيكون كمصير اللبناني الكندي، أي أنه سيشطب، بل تكون المواجهة بابتكار حلول بديلة نؤمن لجميع اللبنانيين، ليس فقط لبيئته الحاضنة، حاجاتهم المصرفية و الإئتمانية والنقدية.
فهل هذا الأمر متاح؟ أما عن المقاومة و الشعب العنيد… فحدث ولا حرج: فقد سبق لسويسرا أن عاشت أزمة مشابهة منذ بضع سنوات، وتحديدا مع مصرف UBS، حيث طالب الـ FBI من المصرف بيانات عن زبائنه.
رد المصرف السويسري حينها بأن تسليم هذه البيانات مخالف للقانون السويسري و بالتالي تمنع. ردت الإدارة الأميريكية بإصدار عشرة آلاف مذكرة توقيف دولية بحق جميع موظفي المصرف بتهمة الاشتراك في عمليات تبييض أموال مطالبة الأجهزة القضائية السويسرية بتوقيف جميع “المطلوبين” و إحالتهم إلى القضاء و تسليم البعض منهم إلى القضاء الأميركي.
عندها، صوت البرلمان السويسري على عجل على تعديل قانون السرية المصرفية مما يتيح تسليم الـFBI المعلومات المطلوبة بصورة دائمة، و مع بدء تسلم الـFBI للبيانات السويسرية كاملة و غب الطلب، سحبت مذكرات التوقيف الـ 10000.
Presse net