في خضم الترهّل المؤسساتي والخطر المحدق بالبلاد من كل حدب وصوب اقتصادي واجتماعي وحياتي وأمني ومصرفي، أتت خطوة استقالة وزيري حزب «الكتائب» لتزيد الطين الحكومية بلّة من دون أن يكون في مقدورها أن تحقق أي خرق في جدار التأزم الوطني ولا تعدو كونها «خطوة لا تقدّم ولا تؤخّر ولا تغيّر في مصير الحكومة» كما أكدت أوساط السرايا لـ«المستقبل» سوى أنها «تعطي دليلاً إضافياً على المدى الذي بلغه الاهتراء السياسي في البلد، وتضيف إشكالية جديدة على إشكالية استقالة وزير العدل أشرف ريفي لناحية عدم وجود رئيس للجمهورية يقبل استقالة الوزراء في ظل التفسير الدستوري القائل بأنها صلاحية تندرج في إطار الصلاحيات اللصيقة بالرئيس».

وبينما كان رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل يستعد لإعلان استقالة وزيري الحزب سجعان قزي وآلان حكيم لاعتباره أنّ «الحكومة تحوّلت من رمز استمرارية الدولة إلى رمز هريان ما تبقى من الدولة»، كان وزير الاتصالات بطرس حرب ينقل عن رئيس مجلس الوزراء تمام سلام أنه يشعر بـ«القرف» لافتاً إثر اجتماعه به في السرايا الحكومية إلى أنّ «الوضع دقيق ودقته تكمن في الاهتراء الحاصل على صعيد النظام السياسي وتعثر عمل الحكومة في بت القضايا التي تعني اللبنانيين»، وأردف: «لو كنا في أيام عادية لم نكن لنستمر في ظل هكذا ظرف إلا أن هناك مصلحة البلد التي تفرض علينا وعلى كل اللبنانيين أن يتحمل كل شخص مسؤولياته»، مضيفاً: «الرئيس سلام في حالة انزعاج كبيرة ويشعر بأننا أسرى في سجن السلطة لأنه لا يوجد رئيس للجمهورية ليفتح باب السجن، وبالتالي فنحن مسجونون ونعاني ما يعانيه المسجون الذي يضطر إلى أن يبقى في موقعه وفي تحمل مسؤولياته».

«المستقبل»

في الغضون، استنكرت كتلة «المستقبل» النيابية خلال اجتماعها الدوري أمس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة جريمة التفجير الإرهابية التي استهدفت المقر الرئيسي لبنك «لبنان والمهجر» والتي تتقصد ترهيب القطاع المصرفي وتهديد الأمن القومي والمعيشي للبنانيين. وإذ لفتت الانتباه إلى أنّ «الحملة الإعلامية والسياسية العنيفة التي شنها ويشنها «حزب الله» وبعض الإعلاميين المقربين منه والمحسوبين عليه ضد مصرف لبنان والقطاع المصرفي هي التي مهّدت الطريق والأجواء لارتكاب هذه الجريمة الإرهابية»، نبّهت الكتلة الشعب اللبناني إلى خطورة ما قد يترتب عليه جراء السياسات والممارسات التي يرتكبها الحزب، داعيةً في الوقت عينه الحكومة إلى «التنبه للمخاطر المحدقة جراء سياسة «حزب الله» الراهنة والخطيرة على أمن لبنان الاقتصادي واستقراره وعلى لقمة عيش جميع اللبنانيين».

حسابات «طائفية»

تزامناً، وفي حين برزت خلال الساعات الأخيرة تحذيرات مالية من مغبة إمعان بعض الصحف الموجّهة في نشر «معلومات مغلوطة» قد يكون لها انعكاس سلبي خطير من شأنه أن يؤجج الأزمة الناتجة عن العقوبات الأميركية ولا يساعد في معالجتها، آثرت مصادر معنية في المصرف المركزي عدم الخوض في أي ردود مباشرة على ما يُشاع صحافياً من هذا القبيل، واكتفت بالإعراب لـ«المستقبل» عن رفض المصرف ما يُحكى عن تطييف الحسابات المصرفية في البلد خصوصاً لناحية استخدام مصطلحات من نوع «الحسابات الشيعية أو الضمانات الشيعية»، محذرةً من أنّ «إثارة الموضوع بهذا الأسلوب الطائفي والمذهبي هو أمر بالغ الخطورة على الوطن ووحدة أبنائه».

ورداً على سؤال، جددت المصادر التأكيد أنّ التطبيقات المتعلقة بالعقوبات المالية الأميركية محصورة فقط بأموال «حزب الله» وما يتفرع عنها ولا تستهدف المجتمع الأهلي الشيعي، مع إشارتها إلى أنه في ما يتعلق بالرواتب التي يتقاضاها نواب الحزب ووزراؤه فيؤخذ بالاعتبار مصدرها وقيمتها سيما وأنها صادرة بشكل شرعي عن الدولة اللبنانية.