لا يبدو أن الزمن الذي تبسم لحزب الله لعشرات السنوات ما زال باسما ولا الظروف ألتي استغلها لفرض سياساته ما زالت في خدمته.
والحجم الذي بلغه حزب الله من الانتفاخ، والتوسع في المساحة التي بلغتها نشاطاته لم تكن الوسيلة المثالية لتجذره بالأرض و ترسيخه في النفوس ولم تعطه رصيدا شعبيا يشكل حاضنة حامية له في المدلهمات من الأيام، بل كانت سببا في بلوغه حالة من الترهل ومزيدا من المظاهر البيروقراطية في مؤسساته خصوصا بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في العام 2000 وبعد مهزلة حرب تموز 2006 التي خاضتها إسرائيل ضد حزب الله في لبنان كبديل عن حرب أميركية ايرانية كلفت البلد آلاف القتلى والجرحى وأدت إلى تخريب معظم البنى التحتية فيه عدا تعطيل أغلب شبكة المواصلات بعد ضرب معظم الجسور على كافة الأراضي اللبنانية.
ومن مظاهر وضع حزب الله المترهل الكشف عن العديد من شبكات التجسس فيه تعمل لمصلحة العدو الإسرائيلي حيث تضم هذه الشبكات عناصر مضى على تفرغها في الحزب عشرات السنوات ووصلت إلى مراكز قيادية في المجالين الأمني والعسكري.
وإن حاول الحزب التخفيف من وقع الصدمة بالإشارة إلى الموقع الوظيفي المتدني لهذه العناصر العميلة، وكذلك الكشف عن الكثير من عمليات سرقة مستودعات أسلحة وذخيرة أقدمت عليها عناصر متفرعة في الحزب ومنهم أبناء مسؤولين في الصف الأول في الحزب ثم لفلفتها سريعا والتعتيم عليها دون أي محاكمة ولا محاسبة.
إلا ان روائح الفضائح كانت تخترق الحجب وتتسرب إلى خارج دوائر الحزب لتصبح حديث عامة الناس في مجالسهم وفي الشوارع والأحياء.
إضافة إلى مظاهر البذخ والترف التي يعيشها مسؤولو حزب الله والتي تبدو واضحة للعيان من خلال القصور والسيارات الفارهة والتجارات الواسعة والمصالح الخاصة وخصوصا المؤسسات التربوية الضخمة التي تعد بالعشرات والمنتشرة في كل منطقة في البلد والتي يحتكرها أشخاص محدودين جدا وهم من اصحاب القرار في الحزب.
أما فضيحة تجارة الحبوب المخدرة الكبتاغون فكانت أكبر من ان يتم التغطية عليها وعلى مروجيها وهم اقربا وانسباء واشقاء لنواب في كتلة الوفاء للمقاومة.
وكذلك تجارة الأدوية الفاسدة والتهريب عبر المرفأ والمطار حيث يحتكرها عناصر من حزب الله يحظون بتغطية من كبار القيادة فيه. وترافق هذا الواقع المزري لحزب الله مع قرارات خطيرة اتخذها الحزب وأقدم على تنفيذها انعكست عليه بشكل سلبي في الوسط الشعبي ومنها اقدامه على اجتياح بيروت في السابع من أيار عام 2008 وبعدها إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري بشكل سافر وتشكيل حكومة من لون واحد برئاسة نجيب ميقاتي التي لم تجلب إلى البلد سوى الويلات والمشاكل والأزمات الاخذة في الازدياد والتفاقم.
وصولا إلى الانخراط في الحروب السورية إلى جانب رئيس النظام السوري بشار الأسد ضد كافة الفصائل المعارضة، وما ينجم عن ذلك من خسائر بشرية ومادية باهظة دون التمكن من تحقيق أي نصر يعتد به في أي منطقة من المناطق السورية، إلى أن نزلت العقوبات المصرفية الدولية كالصاعقة على حزب الله لأنها تستهدف بالمقاطعة مؤسساته وكل حساباته ومن يتعامل معه، وقد بدت حالة قلق عارمة في بيئته الشيعية التي تخشى دفع اثمان هذه العقوبات بسبب تعاطفها معه.
وعلى المستوى السياسي فهناك ارتباك كبير في التعامل مع الملف الرئاسين، لا شك أن حزب الله يعيش وضعا مأزوما في الداخل على المستوى المالي والسياسي. وليس في الأفق ما يشير إلى أنه في طريقة إلى إيجاد حلول لأزماته واسقاطاطه بل على العكس فهو في مسار يزداد تأزما بسبب إصراره على التعنت والمكابرة وإلغاء الرأي الآخر.