بلغ باب الحارة نسبة عالية من المشاهدة العربية وضعته في لائحة المسلسلات الرمضانية الناجحة رغم ما ينتاب باب الحارة من عيوب وثغرات الاّ أنّه نجح في تجاوز أزمته لتعلق العرب به وانتظاره بفارغ الصبر استئناساّ بماض يقفون دوماً على بابه وكأنه باب من أبواب الجنّة فتحه الله للعرب وأغلق عنهم أبواب المستقبل الذي لا ينسجم مع طبعهم القبلي وطباعهم البدوية .
لعبت الأجزاء السابعة مجتمعة دوراً في توليف قصصاً صغيرة لأفراد حارة الضبع تحت سقف وطني سوري لا مكان فيه للاحتلال الفرنسي وبدت الاهتمامات الصغيرة بحساباتها الشخصية أقوى بكثير من العنتريات الفارغة اذ تمّ تصفية المقاومة ضدّ الاحتلال لصالح عصام وزوجاته وخلافات النسوة في الحارة ومكائد الزعامة مع إبقاء حرص المستعمر على نواياه الخسيسة في زرع عيون له لمعرفة أمور وأحوال حارة مستعصية عليه نتيجة لمّ شمل أهلها بقوّة الزعيم والعقيد وبوقوف شيخ المسجد الى جانبيّهما للدفاع عن حارة الحارات وعن الشام كأم للسوريين جميعاً يبكون ويشمخون كلما ذكرت بسوء ..
شكلت سيطرت النظام على نصّ الحارة وعلى أهل التمثيل دوراً في إبراز هواجس النظام بعد الأزمة والحرب السورية منها مسألة تنوع وتعدد الهويات السورية وخاصة المسيحية واليهودية كجزء من نسيج الديمغرافية السورية والمحمية بشراسة من قبل سلطة علمانية غير دينية .
عندما اصطنع المخرج قصّة حب معتز لليهودية كإضافة مخابراتية من شأنها أن تستمذج الروح الوطنية السورية وتفتح باب الحارة على هوية اليهود المنقرضة في العالم العربي وتمسك السوريين بها باستثناء الملتحين من شيوخ التربة الذين يرون في اليهود أشدُ الناس عداوة للذين آمنوا .
في باب 8 من الحارة المستهلكة لأدوارها يُخرج المُخرجُ الأدوار الأساسية من المسلسل بحيث ينهي تماماً شخصية العقيد بإحلال عريف بداية مع معتز الحلقات التي مات فيها أبو شهاب قسراً وجندي غرّ مع معتز الحارة 8 وكان المخرج قد جعل الزعامة باباً لتنافس الشرّ الذي لم يستطع مع أيمن زيدان من كسب كرسي الحارة في الباب السابع من الحارة والذي استبدل في الباب 8 بأسعد فضة وبشخصية حتى الآن غير شريرة في أمر الزعامة .
ركز مخرج الحارات في رمضان السنة على كوميديا رخيصة على مستوى قصص الأفراد ومنها أحلام النمس النسوية الفاشلة وقفشات أبو جودت الخاصة وكان جديده ولادة مؤامرة جديدة من قبل سوريين متعلمين ولكنهم "متفرنسين " في محاولة منه لربط التاريخ السوري ببعضه البعض ليسعف النظام من محنته وتصوير ما يجري على أنه كيد مؤامرة فقط .
لقد انتهى مسلسل باب الحارة منذ أن خرج منه العقيد أبو شهاب الذي أطلق النار عليه وأنهاه كمستوى ومحتوى وما استمراره الاّ من باب الارتزاق على باب حارة باتت محاولة فاشلة لإسقاط الماضي على الحاضر لتوكيد نظرية المؤامرة التي حاكها المستبدون العرب لتبرير سيطرتهم الدائمة على شعوبهم وقهر إراداتهم تحت حجج شيطانية لم تعد مقنعة لأحد على الإطلاق .