تخوض "قوات سوريا الديمقراطية" و"وحدات حماية الشعب" معركتها المفصلية للسيطرة على مدينة منبج في ريف حلب تمهيدا لولادة الكيان الكردي عند تخوم الحدود التركية ما سيثير غضب اردوغان و سخطه، في حين ﻻ يبدو المجتمع الدولي مكترثا، ذلك أن مؤشرات عدة تدل على رغبة اﻻطراف المعنية باﻻزمة السورية بفرض واقع على الارض من بوابة الشمال السوري قبل اﻻنصراف ﻻبرام تسوية برعاية دولية ينبثق عنها قيام سوريا الجديدة .
تعكس معركة منبج اﻻنسجام الكامل بين الدور اﻻميركي - البريطاني والنفوذ الروسي في سوريا، تجلى عبر دعم وتسليح "قوات سوريا الديمقراطية" وتأمين الغطاء الجوي الكامل، هذا اﻻنسجام من الطبيعي إثارة إنزعاج تركيا وحفيظة الخليفة العثماني الجديد اردوغان وفق تسمية الصحافة اﻻلمانية.
فالخطة الروسية - الاميركية قضت على النوايا التركية التوسعية وإستعادة حلب، كما الموصل، كجزء من اﻹرهاصات العثمانية التي طبعت ذهنية الحكام اﻻتراك واردوغان شخصيا، و بدأت تداعياتها تنعكس على الداخل التركي بما في ذلك زعزعة اﻻمن واﻻزمات الداخية المتراكمة.
معركة منبج تأتي تتويجا لتعاون يهدف إلى كف يد حكومة انقرة وتصفية لاعبيها المحليين على الساحة السورية تحت ذريعة التخلص من المنظمات المتطرفة جرى التمهيد اولا بإجهاض لطلب التركي تأمين منطقة آمنة على حدودها بقطر 30 كلم نحو الداخل السوري، ثم تدرجت الخطوات صعودا من القضاء على سلسلة تنظيمات إسلامية في ريف حلب الشمالي والجنوبي، والتي كانت تدور في فلك انقرة الى بروز قوة اﻻكراد من معركة كوباني الشهيرة والنصر الكردي وصولا حتى بسط نفوذ الفصائل الكردية بشكل كامل.
وفي خلفيات الاهداف اﻻستراتجية في ضراوة القتال ايضا هو تكريس منطقة الحكم الذاتي الكردي في الشمال عن طريق الربط الجغرافي الكامل بين عين العرب "كوباني" ومنطقة عفرين، كما الشروع في تحرير محافظة الرقة عبر السيطرة على سد تشرين والعبور نحو الضفة اﻻخرى من نهر الفرات ﻻجل احكام القبضة من الجهة الشرقية تمهيدا للإنقاض على عاصمة الخلافة المزعومة، وبالتالي تنفيذ القرار الدولي بتصفية تنظيم "داعش" في سيناريو مطابق للقضاء على تنظيم القاعدة في إفغنستان.
الخطورة تكمن، وفق المحللين، بكيفية تعامل تنظيم "داعش" مع خطة تصفية نفوذه في اجزاء سوريا والعراق والتي لا يمكن التكهن بخطط اﻻنتقام عند قادته.
فالرد الاولي على الغارات الجوية كان زحف الآف المقاتلين نحو محافظة دير الزور ومحاولة السيطرة على المطار العسكري، وبهدف مزدوج تسجيل نصر ميداني على جيش النظام و قطع الطريق على إستكمال الجيش الروسي تشييد قاعدته العسكرية، والتي من المتوقع ان تفوق فعاليتها قاعدة حمامين في طرطوس تقنيا و لوجستيا.
كل التقديرات لخطط "داعش" في مواجهة القرار الدولي تبدو متشائمة.
فعقل التنظيم كما اذرعه لن تستكين للقرار بالقضاء عليه وحصر القتال ضمن المناطق التي سيطر عليها كونه إعتمد عوامل أشنع الطرق إجراما ورعبا لفرض وجوده.
من هنا تذهب معظم الفرضيات صوب تنفيذ "داعش" عمليات تفجير تطال أهدافاً مؤلمة في عمق اوروبا وروسيا من جهة، كما فتح جبهات عسكرية في الداخل السوري من جهة اخرى.
لبنان 24