هل يكفي ان يعلن المسؤول أنه بريء من دم هذا الصديق وانه لن يمد يده الى المال العام باية طريقة من الطرق ان كان على رأس وزارة او مؤسسة عامة او ادارة من الادارات العامة ، والفساد معشش في هذه الادارة.
سؤال يُسأل فاذا أردنا ان نحلل وان ندخل في مزادات نظافة الكف والتي يتبارى الكثير من المسؤولين لاطلاقها من خلال تصريحات ومقابلات تلفزيونية وغيرها من وسائل الاعلام ليعلنوا أنفسهم انهم شرفاء ولكنهم مجبورون على السير باللعبة على ما هي عليه والا سيتوقف البلد.
بالواقع تبدأ هذه القصة مع المجتمع الذي يقبل السارق ويكرمه ويحترمه ، والمعروف بوضوح انه بدأ حياته في الشأن العام وبالتالي معروف مصدر رزقه من اين يأتي والسياسي الذي بدأ حياته في السياسة لا يملك ثمن رداء على كتفيه وأصبح اليوم صاحب ثروات طائلة لا تفسير لها غير انها جاءت بفعل عمله في القطاع العام .
هؤلاء ليسوا فقط مقبولين في المجتمع اللبناني انهم يتحولون الى شخصيات مقبولة ومحترمة في المجتمع يؤخذ برأيهم بالشاردة والواردة ويعطون محاضرات في السياسة في لبنان وما وراء البحار.!
فاذا لم يبدأ المجتمع برفض هؤلاء ويُظهر رفضه بشكل واضح وليس من خلال مقاطعة الانتخابات او حديث الصالونات بأنه يرفض كل من يتعاطى بالشأن العام .
بالطبع لا بد من احترام هؤلاء ولكن لا بد من تذكيرهم بانهم ملائكة صامتين والصامت جبان والتغيير لم ولن يتم عن طريق الجبناء.
هنا أود ان اسأل وزير يعتبر نفسه صادقا وشفافا ويترك الفاسدين يسرحون ويمرحون في وزارته مثلاً ولا يحاول ان يغير اي شيء وقد يكون بالواقع شريف ونظيف الكف ولكن هل هذا يكفي؟ وهل نعتبر ان هذا الوزير بالواقع غير فاسد شخصياً ولكنه لا يحرك ساكنا للقضاء على الفساد ضمن ادارته او وزارته.
هذه الاسئلة يجب ان تُسأل في اي مجتمع جاد في محاربة الفساد ، فاذا انتظرنا القوانين لتكشف لنا سرقة المال العام فسننتظر اجيالا واجيالا . فهل سيتحول المجتمع الى مجتمع يرفض الفساد ويرفض التعامل مع الفاسدين على الملأ خاصة عندما تكون الثروات واضحة وظاهرة من أناس تاريخهم واضح وصريح. ؟
أما الطرفة الاجمل التي أسمعها كثيراً وما زالت تتردد ان المسؤول ينعم بثراء مفاجيء ، فيبررنفسه ويبرر المواطن ذلك بان سبب ثروته هو علاقته الطيبة مع بعض الحكومات في المنطقة ويأتي جواب بأنه لم يسرق المال العام بل أُعطي مكارم وهبات من أهل الخير.
علما ان المجتمع يعلم جيدأ ان المكارم والهبات لا تأتي من دون مقابل .
عادة عندما أطرح مشكلة احاول دائماً ان اطرح معها الحل ، فقانون الاثراء غير المشروع في بلد مضطر ان يحافظ على السرية المصرفية سيكون صعب التطبيق خاصة مع صعوبة الاطلاع على الحسابات والمناقصات الخ.
ولكن السؤال الكبير هنا والذي أكرره منذ سنين ، ماذا حلّ بقانون حرية الحصول على المعلومات ، ففي بلدنا هذا، انا كمواطن عادي كيف اتعامل مثلاً مع اللجنة المؤقتة لادارة مرفأ بيروت ، والتي ما تزال مؤقتة منذ 25 عاما ، فهل استطيع ان ارسل كتابا الى اللجنة المؤقتة لاسال عن الحسابات والارباح ، وهي اللجنة نفسها التي حاولت ردم الحوض الرابع بالتراضي.
فتخيلوا لو كانت حسابات اللجنة منشورة على الانترنت للجميع للتدقيق والتحليل ، وما ينطبق على اللجنة المؤقتة ينطبق ايضاً على كل الوزارات والادارة والمؤسسات التي تقبض وتصرف مالا عاماً.
ماذا حل بهذا القانون ومن هو المسؤول عن عرقلة هذا القانون ونتذكر كيف انه في اول جلسة مجلس وزراء لهذه الحكومة طلب دولة الرئيس تمام سلام مهلة لدرس القانون واعطاه دولة الرئيس نبيه بري فترة شهر ، وكيف تحول الشهر الى سنتين وما زلنا ننتظر اقرار هذا القانون.
قلنا ونقول بأننا اذا كنا جديين بمحاربة الفساد ، يجب علينا ان نؤمّن عدة محاربة الفساد وعلى رأس هذه العدة هو القانون المذكور ويجب ان نبحث عن " المعلمين " الذين سيستعملون هذه “العدة “وهؤلاء المعلمين هم بالواقع ما يُسمى بالمجتمع المدني والذي يجب ان يؤمن بأن الساكت عن الفساد هو ملاك جبان .
كذلك يجب ان تتوحد كل تحركات المجتمع المدني تحت شعار واحد اعطونا قانون حرية الحصول على المعلومات مع مراسيمه التطبيقية غير القابلة للتلاعب لنستطيع ان نصل واياكم الى مجتمع يريد حقاً محاسبة الفاسد ليس فقط من خلال وسائل الاعلام.
ليبانون ديبايت