كشف مصدر في مصرف لبنان المركزي، الخميس، أن مئة حساب مصرفي لمؤسسات كبرى تابعة لحزب الله، تم إقفالها بالفعل وفقا لقانون العقوبات الأميركية.
وتعكس هذه الخطوة نجاح المصرف المركزي في الإفلات من الضغوط التي مارسها حزب الله عليه طيلة الأيام الماضية، وأن الحزب سيصبح في وضع صعب يصير فيه عاجزا عن حماية نفسه والمتعاملين معه من العقوبات الأميركية.
ويأتي قرار مصرف لبنان (البنك المركزي) بإغلاق 100 حساب مرتبط بحزب الله بعد مفاوضات في هذا الشأن جرت بين محافظ المصرف رياض سلامة ووفد من حزب الله في الأسابيع الماضية، وعقب الزيارة التي قام بها الأسبوع الماضي مساعد وزير الخزانة الأميركية دانييل غلاسر، بما يعكس التزام النظام المصرفي اللبناني تماما بتنفيذ التدابير الأميركية لا سيما لجهة استهداف المؤسسات التي وردت في اللائحة التي حملها المسؤول الأميركي لبيروت.
والظاهر أن اعتراضات حزب الله وتهديدات أمينه العام حسن نصرالله ضد النظام المصرفي اللبناني واتهامه إياه بأنه يبالغ في تطبيق الإجراءات الأميركية، لم تثن المصرف المركزي عن المضي قدما في التزامه الكامل من أجل “الحفاظ على لبنان ضمن الخارطة المالية العالمية” حسب تعبير سلامة.
وأضاف سلامة “أخذنا على عاتقنا تطبيق القانون الأميركي، وحددنا آلية تطبيقه لتلبية أهدافه، آخذين في الاعتبار الحفاظ على حقوق الشيعة في القطاع المصرفي”.
وكانت المصارف في لبنان بدأت، مطلع مايو الماضي، الالتزام بتطبيق العقوبات الأميركية المفروضة على نحو 100 شخصية ومؤسسة محسوبة على حزب الله، والتي تشمل عدم تقديم خدمات أو تسهيلات مصرفية لهؤلاء المعنيين.
وقد أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مطلع الشهر الماضي قرارا أكد فيه أن حاكم “مصرف لبنان، بنـاء على قانون مكافحـة تبيـيض الأمـوال وتمويـل الإرهـاب رقـم 44 لتاريخ 24-11-2015 (قانون لبناني)، ولمّا كان القانون الأميركي الصادر وأنظمته التطبيقية نصَّت علـى وجوب اتخاذ التدابير التي تحول دون تعامل حزب الله مع أو من خلال المؤسسات المالية الأجنبية وغيرها من المؤسسات (…)، قرر الحاكم أنه على المصارف والمؤسسات المالية أن تقوم على كامل مسؤوليتها، بتنفيذ عملياتها بما يتناسـب مع مضمون القانون الأميركي”.
ويرى مراقبون لبنانيون أن ما أعلنه محافظ المصرف المركزي اللبناني يعني أن حزب الله بات، على الرغم من سطوة السلاح التي يمتلكها، عاجزا عن حماية نفسه وبيئته والمتعاملين معه من ضراوة العقوبات الأميركية على حركته المالية في لبنان والعالم، ناهيك عن أن رياض سلامة المرشح الدائم لرئاسة الجمهورية لم يخضع لتهديدات الحزب.
وأشار المراقبون إلى أن العقوبات المالية سيكون تأثيرها أكبر على الحزب من ورطته في سوريا لأنها ستمنعه مستقبلا من الإيفاء بالتزاماته المالية تجاه مقاتليه، فضلا عن تقليص صفقات السلاح، وخسارته لأهم ورقة يخوف بها اللبنانيين بما جعلهم يقبلون به دولة داخل الدولة.
وكانت أوساط اقتصادية مقربة من حزب الله قد روّجت قبل أشهر أن الحزب لا يمتلك حسابات مصرفية أو أنشطة مالية مع القطاع المصرفي اللبناني، وأن عمليات حزب الله المالية تتم بشكل نقدي مباشر وليس عبر المصارف.
لكن غضب الحزب وأمينه العام في الأسابيع الأخيرة عبّر عن حجم الضرر الذي لحق به، كما عبّر عن تواطؤ ما كانت بعض المصارف تقدمه لتسهيل تعاملاته المالية.
وذكرت مصادر لبنانية أن التعميم كان صارما بعدم إمكانية فتح حسابات جديدة في أي من المصارف اللبنانية وبأي عملة كانت.
وكان محافظ المصرف المركزي قد تعهد في لقائه مع غلاسر باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد الجهات والشخصيات المستهدفة بالعقوبات الاقتصادية من حزب الله.
ولاحظ مصدر مصرفي لبناني أن المجتمع الدولي يراقب عن كثب السوق المصرفي اللبناني وأن تصريحات سلامة بأن “تطبيق القانون كان أمرا حاسما بهدف الحفاظ على صدقية لبنان في الأسواق الدولية”، وحول رفض بيروت لأي “تمويل غير شرعي ضمن نظامنا المصرفي، ولا نريد أن يكون بضعة لبنانيين السبب في تسميم صورة لبنان وتشويهها في الأسواق المالية”، هي بمثابة رسالة لبنانية واضحة إلى المجتمع الدولي بعزم لبنان رسميا على الاتساق الكامل مع المعايير والشروط والقوانين الدولية.
وقال الخبير الاقتصادي والاستراتيجي اللبناني، جاسم عجاقة، إن “الحسابات المصرفية التابعة لحزب الله التي تم إغلاقها حتى الآن، لا تشكل ضررا على الاقتصاد اللبناني”.
ووصف عجاقة، العقوبات الأميركية بأنها ذكية والأكثر إيلاما لأنها متعلقة بالقطاع المصرفي والمالي، “وهذا ما تقوم به الولايات المتحدة الأميركية ضد حزب الله”.
العرب