ما كاد يمضي أسبوع ونيّف على انتهاء المرحلة الأخيرة للانتخابات البلدية، حتى تحوّل الوضع في لبنان إلى ما يمكن وصفه بـ«لعبة البازل».. فثمّة كمّ هائل من الألغاز والأسرار يلفّ الأحداث، ويكاد يشلّ المؤسسات مرّة ثانية، فعلى سبيل المثال لا الحصر:
1- ماذا يمكن أن يحدث في جلسة مجلس الوزراء اليوم؟
2- ماذا سيعلن الرئيس سعد الحريري في الإفطارات الرمضانية التي دعا إليها تيّار «المستقبل» وبينها إفطار لرجال الدين اليوم الخميس وإفطار للسفراء ورجال السلك الديبلوماسي غداً الجمعة في حين أن إفطار السبت الذي سيقام في «البيال» سيكون مفتوحاً للعامة بناء لدعوات محددة؟
3- لماذا أطلق وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق «القنبلة الإرتدادية» التي ما تزال تتفاعل في مختلف الأوساط؟
4- ماذا لو فشلت اللجان النيابية في التوصّل إلى مسودة مشروع قانون للإنتخاب، وماذا لو رفض إقطاب طاولة الحوار تقديم إجابات نهائية في ما خصّ «جنس» قانون الانتخاب الذي يرغبونه لئلا تقع الواقعة، ويذهب لبنان إلى «الثورة البيضاء» على حدّ تعبير الرئيس نبيه برّي؟
5- وماذا عن انتخابات الرئاسة الأولي؟ وهل سيكون للبنان رئيس؟ ومن هو ومتى وكيف؟ وهل في العام 2017 أم في ما تبقى من العام الحالي؟
وإزاء هذه الأسئلة الواقعية، كلٌ يغسل يده من دم الأزمة المفتوحة على شتى الاحتمالات: نهاية دراما الحوارات التي لا طائل منها، إلى اختبار مرارة الإجراءات الأميركية بعد انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة في تشرين الثاني، فضلاً عن التداعيات الخطيرة لمعركة حلب التي يريدها النظام «ستالينغراد سوريا»، حيث فيها يتقرر ليس مصير سوريا الجديدة وحسب، بل مجموعة دول الشرق الأدنى، وبينها لبنان والأردن والعراق، وصولاً إلى فلسطين المحتلة، حيث هناك دولة إسرائيل التي تنتقل من تخبّط إلى تخبّط على وقع الأحداث الدامية في بلدان الجوار.
يلمس زوّار الأربعاء في عين التينة أجواء قلقة، يسمع النواب أسئلة بدل الأجوبة، فيتفاقم القلق ويرتفع منسوب التشاؤم من أوضاع حارّة تسابقها حرارة الطقس الجانحة إلى الإرتفاع.
والمشهد نفسه يتكرر في السراي الكبير، فمع كل جلسة من جلسات مجلس الوزراء، تتجمّع غيوم الشؤم في محيط السلطة التنفيذية التي تحمل على أكتافها أيضاً صلاحيات رئيس الجمهورية، في سابقة لم يكن عقل أي مشترع لبناني قادر على تصوّرها.
ووفقاً للمعطيات المتوافرة لـ«اللواء»، فقد أصبحت الدعوة لجلسة يعقدها مجلس الوزراء كابوساً، وأصبحت الجلسة بحدّ ذاتها وبجدول أعمالها أكثر من كابوس.
وتلمس المصادر الوزارية التي على اتصال مع الرئيس تمام سلام أنه لم يعد مستاءً أو منزعجاً فحسب، بل أنه مصاب «بحمى القرف» من جرّاء السجالات العقيمة، والنقاشات الممجوجة، لا سيما في الملفات الخلافية، مثل سدّ جنّة وتلزيم النفايات ومشكلة جهاز أمن الدولة، وربما مشاكل أخرى ليس أقلّها إصرار الرئيس نبيه برّي على السير بملف الإنترنيت غير الشرعي إلى النهاية، وتلويح نواب «التيار الوطني الحر» بأنهم ليسوا بوارد المشاركة في انتخابات على أساس قانون الستين.
واللافت في هذا السياق تلويح الرئيس برّي بما أسماه «غضب الشارع» في حال لم يتم التوصّل إلى قانون جديد للإنتخاب وبقي قانون الستين الذي لا يؤمّن تطلعات اللبنانيين في التمثيل الصحيح، لكنه جدّد التأكيد في عينه على الرفض المطلق للتمديد للمجلس تحت أي ذريعة.
ولم يُشر الرئيس برّي أمام نواب الأربعاء، إلى ما يمكن أن يطرحه على طاولة الحوار في اجتماعها المقبل، لكن نائب رئيس المجلس فريد مكاري نقل عنه أنه سيعرض الصعوبات التي اعترضت عمل اللجان المشتركة على رؤساء الكتل النيابية في الحوار، فإذا توصّلوا إلى حلّها يصبح هناك إمكانية لإقرار المشروع المختلط أو نذهب إلى مشروع آخر، معتبراً أن طاولة الحوار هي المكان الصحيح لبحث الموضوع وإعطاء التوجيهات في شأنه.
مجلس الوزراء
عند العاشرة من قبل ظهر اليوم يتلئم مجلس الوزراء في جلسة جديدة، ومن بين أهم بنوده سدّ جنّة والنفايات.
فبالنسبة إلى سدّ جنّة، سيطلب الرئيس سلام أن ينحصر النقاش في الشق التقني وليس في الشق السياسي، على أن تكون المقارعة بالحجة العلمية وليس بالنكاية السياسية.
وكشفت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن البحث سينطلق من الوقائع التي كشف النقاب عنها والمتعلقة بالشركة البرازيلية المنفّذة لمشروع السدّ، ولا سيّما لجهة الرشاوى التي دفعت في أوستراليا.
وتساءلت المصادر لماذا يتمسّك بعض هؤلاء الوزراء بتنفيذ هذا المشروع هل كيدياً أم في إطار الفساد؟
وكشف وزير شؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج عن اقتراح تقدّم به في الجلسة الماضية، بأن يتولى البنك الدولي إجراء دراسة علمية على مشروع السدّ، وهذا هو المخرج لجميع الوزراء.
وقال دو فريج أنه يعارض استكمال العمل في السدّ إذا تبيّن من تقارير الخبراء مخاطر بيئية، وهذا الأمر ينطبق على سدّ بسري أيضاً، مع العلم أن كلا السدّين يوفّران المياه للعاصمة بيروت التي هو نائب عنها.
واستبعد وزير السياحة ميشال فرعون تفجير مجلس الوزراء بسبب سدّ جنّة، داعياً الوزراء المؤيّدين والمعارضين لمناقشة تنحصر في الإطار التقني.
وحول البند المتعلق بمطمري برج حمود والكوستا برافا والمدرج على جدول الأعمال، تمنى المصدر الوزاري بحث هذا البند أيضاً بموضوعية والابتعاد عن المزايدات السياسية والشعبية لاتخاذ القرار المناسب بشأنه لأنه لم يعد من المسموح أن يستمر هذا الأمر معلقاً لأهميته كغيره من البنود المدرجة على جدول الأعمال، وأمل المصدر الذي رفض التكهن بكيفية مسار الجلسة اليوم ، أن يتم بحث جدول الأعمال كاملاً لتسيير شؤون البلد والمواطنين.
وبالنسبة لملف جهاز أمن الدولة، استبعد الوزير فرعون في تصريح لـ«اللــواء» طرح لملف في جلسة اليوم، وقال: الموضوع يتابعه الرئيس سلام، معلناً أن الحل موجود ويقوم على تطبيق القانون والافراج عن مخصصات أو مستحقات تابعة لجهاز يكافح الإرهاب بشكل يومي.
ورأى فرعون ان عدم تنفيذ الحل يخلق صعوبات ويعيد الأمور إلى المربع الأول.
ولفتت مصادر وزارية إلى ان هناك أكثر من سيناريو لجلسة اليوم، وإحداها العمل على مناقشة سدّ جنّة، بعد الانتهاء من بنود جدول الأعمال أو البدء به واتخاذ قرار في شأنه، خصوصاً إذا ما تبين أن الإنقسام الوزاري لا يزال قائماً حول وقف العمل في السدّ أو استكماله. 
الحريري
وفي ما خص «الألغاز المستقبلية»، ذكرت مصادر على اطلاع أن الرئيس الحريري سيتطرق إلى صلب الموضوع من زاويتين:
الاولى: شرح الوقائع ما التبس أو خفيّ من المرحلة الفائتة، وهو سيتوجه حول هذه النقطة الى جميع اللبنانيين ليقطع الشك باليقين، ويضع حداً لمتاهات بدأت ولم تنته وتأويلات انطوت على وقائع مغلوطة أو منقوصة أو مشوهة.
والثانية: خطاب يوجهه إلى جمهور تيّار «المستقبل» ومناصريه، وفيه يتحدث عن المرحلة السابقة واللاحقة، من زاوية انه هو رئيس التيار وهو الذي يُحدّد السياسات العامة لهذا التيار، سواء في الداخل أو على الصعيد العربي، انطلاقاً من المصالح اللبنانية والعربية.
وفي سياق متصل، رأى سفير المملكة العربية السعودية في بيروت علي عواض عسيري انه لم يلتق بعد الرئيس الحريري، الا أن ما أبلغه إياه الوزير المشنوق من أن ما صدر عنه هو رأيه الشخصي ولا صلة لرئيس تيّار «المستقبل» به.
وأشار عسيري إلى أن البيانات الصادرة عن «المستقبل» تصب في هذا الاتجاه، كاشفاً انه سينقل توضيحات المشنوق الى القيادة السعودية، ومشيراً في الوقت نفسه إلى أن هبة الـ4 مليارات دولار انتهت.
(راجع ص4)
وزار السفير عسيري، أمس، الرئيس نجيب ميقاتي الذي نفى مكتبه الإعلامي الرواية التي نقلتها صحيفة «الأخبار» عن لسانه، في شأن انتخابات بلدية طرابلس، واصفاً إياها بأنها «دس وتلفيق»، ويزور عسيري في العاشرة من صباح اليوم الرئيس الدكتور سليم الحص.
الأنترنت غير الشرعي
وفي سياق متصل، أكّد الرئيس برّي في لقاء الأربعاء النيابي استمرار لجنة الاتصالات النيابية في متابعة قضية الانترنيت غير الشرعي إلى النهاية، معلناً انه إذا استمر التباطؤ في هذا الموضوع فانه سيدعو مع بدء العقد العادي للمجلس إلى جلسة لتشكيل لجنة تحقيق نيابية التي تملك الصلاحيات القضائية من اجل حسم الأمور في هذا الملف، مؤكداً انه لن يسمح بلفلفة هذه القضية بأي شكل من الاشكال او بتضييع الحقائق وطمسها، وانه يجب محاسبة كل المتورطين فيها أياً كانوا، لأنها تتعلق بأمن البلد ومال الدولة وسيادتنا وسيادة القانون.
تجدر الإشارة في هذا الموضوع، إلى أن قاضي التحقيق في بيروت فادي العنيسي ارجأ إلى 16 حزيران الحالي استجواب 6 مدعى عليهم في ملف «غوغل كاش»، وهم المدير العام لهيئة «اوجيرو» عبدالمنعم يوسف و5 آخرين، بعدما استمهل وكيل يوسف المحامي منيف حمدان لتقديم مذكرة دفوع شكلية، كما استمهل الخمسة الآخرون لتوكيل محامين وتقديم مذكرات دفوع شكلية، وذلك في ادعاء النيابة العامة على كل من الموظفين الثلاثة: إضافة الى يوسف، توفيق شبارو، وغابي سميرة وعلى أصحاب شركات الانترنت: ايلي مطر، محمّد بيطار وسركيس جوهرجيان في جرم استجرار خدمات الانترنت غير الشرعي وعلى المدعى عليهم الآخرين في جرم اختلاس المال العام والتهرّب من دفع الضرائب والرسوم والإهمال بالوظيفة.
وقرّر القاضي العنيسي في الجلسة ضم ملف استجرار الانترنت إلى قضية «غوغل كاش» الذي كان اوقف فيه كل من توفيق حيسو وروبير صعب.