بعبارات واثقة، تشير مصادر ديبلوماسية غربية الى ان الاجهزة الأمنية اللبنانية تمكنت من اختراق تنظيم الدولة الاسلامية «داعش»، إن في الجرود أو في المخيمات، لتضيف ان المعطيات الاستخباراتية في عدد من الدول الاوروبية تؤكد ذلك...
وهي تلاحظ ان العمليات الأخيرة التي نفذتها مخابرات الجيش في منطقة عرسال، وصولاً الى اكتشاف «مخابئ الفانات» التي كانت تنقل المقاتلين الى الجرود، لا يدع مجالاً للشك في ان وسائل الرصد والملاحقة لا يمكن ان تكون كلاسيكية.
لا بد أن يكون هناك أكثر من عملية اختراق لـ«مناطق حساسة» في التنظيم الذي تقول المصادر انه في حالة من البلبلة، وهذا يعود بالدرجة الاولى الى اقتناع قيادة الجرود بأن الضربات التي تلقاها التنظيم في الاشهر الأخيرة تعكس حصول اهتزاز في البنية الحديدية للتنظيم.
وهذا يتقاطع مع تداعيات المعلومات الميدانية التي ترد من محيط مطار الطبقة في منطقة الرقة، ومن داخل مدينة الفلوجة العراقية والتي كانت تعتبر رأس الحربة بالنسبة الى اي خطة طاعقة باتجاه بغداد.
والمعلومات الاستخباراتية تتقاطع مع معلومات «محلية» من منطقة القلمون السورية حيث يبدو التنظيم وكأنه ينتظر أياماً خطيرة، فالمقاتلون يمضون ساعات طويلة في حفر الانفاق التي يفترض ان تتسع لمئات الآليات التي يمتلكونها، ودون ان يستبعدوا تعرضهم لغارات، وربما لعمليات برية، قبل نهاية الصيف المقبل بعدما تكون معركة الرقة قد حسمت.
اللغز الذي تتحدث عنه المصادر الديبلوماسية يتعلق بكيفية اكتشاف الجيش اللبناني للصخرة الاصطناعية التي زرعتها الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية في المنطقة ما بين الباروك وعين زحلتا، وقد تردد ان طائرة استطلاع تابعة للجيش اللبناني هي التي التقطت الذبذبات المنبعثة من الصخرة (هناك صخرتان، وبالتالي جهازان متطوران للتنصت).
لماذا تلك المنطقة بالذات؟ يقول الخبراء انها منطقة تتمتع بحساسية جيوستراتيجية فائقة، ومنها يمكن رصد اتصالات تتجاوز حتى الحدود اللبنانية، مع التذكير بأن القيادة العربية الموحدة (علي علي عامر) كان قد أشرف على اقامة شبكة رادارية على قمة الباروك تغطي المنطقة الممتدة من قناة السويس وحتى مضيق الدردنيل.
هذا حدث في الستينيات من القرن الماضي، وقد قامت الطائرات الاسرائيلية بالاغارة على الشبكة ودمرتها، حتى اذا ما احتلت اسرائيل اجزاء من لبنان في عام 1982، اقامت محطة اتصال على القمة سرعان ما بادرت الى تدميرها بغارات جوية في اليوم الذي قررت فيه الانسحاب من المنطقة.
وتقتضي الاشارة الى ان رئيس الاركان السابق الجنرال رفاييل ايتان وصف قمم لبنان بأنها عبارة عن «منصات فضائية» وتصلح لـ«حرب النجوم»، في حين كانت الابحاث التي تصدر في اسرائيل تشير الى انه في حال اعتزام اسرائيل شن حرب على لبنان فستكون البداية بعمليات انزال واسعة على قمم الجبال ما يمكن اسرائيل من التشويش على صواريخ «حزب الله» والتحكم بكل شبكات الاتصال، والانقضاض عند الضرورة على اهداف ذات حساسية عالية.
سياسياً، ماذا وراء «التفاؤل الصاروخي» للتيار الوطني الحر كما لو أن العماد ميشال عون بات على قاب قوسين أو أدنى من قصر بعبدا؟ في الوسط السياسي من يقول ان مستشاري الجنرال يعتمدون على «التحليل المنطقي» اكثر من اعتمادهم على المعلومات، وهم الذين يستذكرون عبارة الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران «انه منطق الاشياء» (C'est la logique des choses)، وإن كانت تطورات المنطقة لا تمضي وفق منطق الاشياء...
قائلو هذا الكلام لاحظوا ان القائم بالاعمال الأميركي ريتشارد جونز الذي يعرف أكثر مما يعرف كل الساسة في لبنان أعلن صراحة انه لا رئيس في وقت قريب، وانه لا يستطيع أن يتكهن بموعد انجاز الاستحقاق الرئاسي.
استطراداً، هل يمكن انتخاب (او تعيين) رئيس للجمهورية في لبنان دون علم واشنطن أو دون الضوء الأخضر منها، وان بات معلوماً ان وزير الخارجية الأميركي سبق وأبلغ نظيره الفرنسي السابق لوران فابيوس ان الادارة الأميركية المنشغلة في مقاربة أزمات اكثر تعقيداً بكثير تثق بجهود الديبلوماسية الفرنسية حيال لبنان.
ثمة اسئلة من قبيل هل ان قادة التيار يستندون الى كلام النائب وليد جنبلاط في المقابلة التلفزيونية الاخيرة والتي تردد انه طلب شخصياً اجراءها لكي يقول ما قاله في شأن الجنرال ومع اعتبار انه قبل لقاء الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية، كان جنبلاط اول من تكلم عن مزايا فرنجية وخلو شخصيته من اي خلفيات او عقد تؤثر على ادائه كرئيس للجمهورية.
ـ دقت ساعة الجنرال ـ
تكتل التغيير والاصلاح قال كلمته «لقد دقت ساعة الجنرال». وبشاعرية زحلية (أو زحلاوية) قال الوزير السابق سليم جريصاتي «العماد عون على الموعد حين يحين ويعز الموعد، وقد حان وعزّ». وكانت تعليقات من قبيل ان البيان الذي تلاه جريصاتي كانت تنقصه الدعوة الى فرش السجادة الحمراء، وبالتالي اطلاق الزغاريد.
الوزير السابق كابي ليون، وهو من زحلة ايضاً، لم يخلُ كلامه من الشاعرية او من الرومانسية الزحلية، قال «هناك «تلمّس» لحراك سياسي ايجابي سيفضي الى اقرار ما هو طبيعي وحق بانتخاب من افرزه الوجدان المسيحي الى سدة الرئاسة».
وتحدث عن «مؤشرات عدة من تصريحات داخلية، ولقاء الرئيس سعد الحريري والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وكلها تصب في اطار انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية». وقال بلهجة واثقة «... والنتيجة قريباً».
ليون كاد يقول ان انتخاب الجنرال سيكون هدية «عيد الفطر السعيد» باعتبار ان الجلسة رقم 41 لانتخاب الرئيس حددت في 23 حزيران الجاري، ودون ان يعرف ما اذا كان قد استند الى معلومات تفيد بأن وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك ايرولت قد ارجأ زيارته الى بيروت الى 10 يوليو المقبل بعدما تبلغ من الاليزيه ان عليه ان يقوم، من وراء الستار، باتصالات مع الرياض للنظر في امكانية السير بعون رئيسا للجمهورية باعتبار ان حظوظ فرنجية قد تلاشت كلياً.
وتبعا لتلك المعلومات فان هولاند طلب من الحريري ابداء رأيه باعتبار ان انتخاب الرئيس بات امرا جدياً للغاية لوقف التدهور السياسي والاقتصادي، وربما الامني لاحقا، بسبب الازمة التي تواجهها المؤسسات الدستورية، فكان رأي رئيس تيار المستقبل ان ما يعنيه هو خروج البلاد من عنق الزجاجة، وانه سبق له وعقد حواراً طويلاً مع الجنرال، لكن ظروفاً معينة حالت دون المضي في هذا السبيل.
ـ السرية ضرورية ـ
وتشير المعلومات الى ان هولاند ارتأى ان تبقى الامور بعيدة من الضوء لان السرية عامل ضروري في انجاح اي مبادرة او في دفعها الى الامام، فما الذي حصل ليقول جريصاتي (وقد بات شيشرون التكتل) ما قاله، وكذلك ليون؟
هنا عودة الى ما يقال وراء الكواليس من ان وزير الداخلية نهاد المشنوق كان صادقاً حين قال ان فكرة ترشيح فرنجية طرحت في وزارة الخارجية البريطانية قبل ان تنتقل الى الاميركيين فالسعوديين، ومن هؤلاء الى الحريري.
وسبب المبادرة البريطانية ليس فقط شغف السفير السابق توم فيلتشر بلبنان، وانما شعور لندن بضرورة التكفير عن الذنب ولو بعد 64 عاماً، ففي عام 1952 نام الوزير حميد فرنجية رئيسا للجمهورية، بوعد قاطع من باريس، وعندما استفاق وجد ان الانكليز قلبوا المشهد رأساً على عقب اثناء الليل، وجاؤوا بـ«فتى العروبة الاغر» كميل شمعون خلفاً للرئيس بشارة الخوري..
ولاظهار ان فرنسا لم تنس تلك الليلة (الليلاء) مع ان شقيق حميد فرنجية الرئيس سليمان فرنجية انتخب في 17 آب 1970 رئيسا للجمهورية، فقد كسر هولاند كل القواعد السياسية والبروتوكولية واتصل برئيس تيار المردة فور ان تم تسريب خبر ترشيح الحريري له.
ولكي يكتمل الثلاثي الزحلي، قال النائب السابق سليم عون ان الرئيس نبيه بري، ومعه جنبلاط، طرحا فكرة ترشيح فرنجية على وزارة الخارجية البريطانية، دون ان يوضح التفاصيل، ربما لان احداً لا يجاري الدبلوماسية الانكليزية في التسويق وفي الوصول الى حيث لا يصل الفرنسيون وحتى الاميركيون..
ـ نواب المستقبل: لا ننتخبه ـ
ماذا يقول تيار المستقبل؟ النائب احمد فتفت صرح بأنه «حتى هذه اللحظة، النائب فرنجية مرشح الرئيس الحريري والتيار» مشيرا الى «مجموعة من نواب المستقبل غير مستعدة لانتخاب عون».
بدوره، اوضح مفوض الاعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس ان جنبلاط اراد القول انه «اذا تكون مناخ جديد على المستوى المسيحي الوطني باتجاه توسيع قاعدة التفاهم بترشيح عون فلن يقف حجر عثرة في هذا الموضوع».
وبعدما كان يحكى عن فيتو سعودي على عون، اوضح السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري الا فيتوات لبلاده في وجه اي مرشح رئاسي في لبنان.
واذ اعتبر ان الحريري من القيادات المؤثرة في الساحة السياسية بدا ان لقاء الصدفة مع المشنوق في السراي الحكومي اول امس والذي اعقبته خلوة قصيرة في غرفة جانبية، لم يغير شيئا في موقف السفير الذي ظهر وكأنه يوبخ وزير الداخلية من خلال تجديد استغرابه لما اتى على لسانه في المقابلة التلفزيونية مساء الخميس الفائت.
وقال ان المشنوق اكد لي ان كلامه الذي لا مبرر له على الاطلاق يمثله شخصياً، ولا يلزم الرئيس الحريري، وسانقل موقفه الى المسؤولين في المملكة.
اما في شأن هبة الـ4 مليارات دولار للجيش وللقوى الامنية، فاكد عسيري انها الغيت وطويت صفحتها. وتوقعت اكثر من جهة في تيار المستقبل ان يتناول الحريري هذه المسألة في خطبته الرمضانية اليوم، وبعدما اقتنع من يهمه الامر في الرياض بالا علاقة له البتة بما قاله المشنوق الذي تتساءل اكثر من جهة ما اذا كان في صدد اتخاذ خطوة ما حول وضعه الوزاري...
ويبقى موضوع قانون الانتخاب حيث بدا من جلسة اللجان المشتركة اول امس ان كلا يغني على ليلاه، وان التوصل الى صيغة يرضى عنها الاطراف كافة اكثر من مستحيل، في حين يتردد الحديث عن سيناريو خفي لتهريب العام المتبقي من فترة التمديد الثاني للمجلس النيابي، دون التقيد بقرار المجلس الدستوري..
جهات سياسية وتسأل ما اذا كان النقاش العبثي حول قانون الانتخاب مبرمجاً لقطع الطريق على اي تفكير باجراء الانتخابات النيابية في آخر الصيف او في مطلع الخريف.
ـ بري: غضب الشارع ـ
وبعدما كانت «الديار» قد نقلت عن بري تحذيره من الانفجار اذا لم يتم اقرار قانون انتخاب، وبالتالي اجراء الانتخابات النيابية، عاود التحذير في لقاء الاربعاء النيابي امس من «غضب الشارع في حال لم يتم التوصل الى قانون جديد للانتخابات النيابية»، وبقي قانون الستين (2008) الذي لا يؤمن تطلعات اللبناني في التمثيل الصحيح.
ومرة اخرى، اكد على وجوب اجراء الانتخابات النيابية، مع رفضه المطلق للتمديد (الثالث) تحت اي ذريعة، واعداً نائبه فريد مكاري بطرح الموضوع على طاولة الحوار حيث التبني المحتمل للقانون المختلط.
الى ذلك اكد استمرار عمل لجنة الاتصالات النيابية في متابعة ملف شبكات الانترنت غير الشرعية الى النهاية، قائلاً «اذا استمر التباطؤ في الموضوع»، فسيدعو مع بدء العقد العادي للمجلس النيابي في تشرين الاول المقبل الى جلسة لتشكيل لجنة تحقيق نيابية وتملك الصلاحيات «القضائية» من اجل حسم الامور في هذا الملف. وشدد على انه لن يسمح ـ«لفلفة» هذه القضية باي شكل من الاشكال او بتضييع الحقائق وطمسها، داعيا الى محاسبة كل المتورطين في الملف ايا كانوا لانها تتعلق بامن البلد ومال الدولة وسيادتنا وسيادة القانون».
الديار : عسيري وبخّه : كلامك لا مبرر له... واسئلة عن مصير المشنوق
الديار : عسيري وبخّه : كلامك لا مبرر له... واسئلة عن مصير...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
246
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro