حكم الطيّار البعثي حافظ الأسد سوريا لأربعين سنة دون أن تحدث أزمة بعد أن توقف دولاب الانقلاب في بلد عرفت بأرض الانقلابات السريعة في فترة من تاريخ سوريا الحديث وباستثناء جريمة حما الي ذهب ضحيتها الاف من السوريين كرد فعل على ما قام به الاخوان المسلمون من تمرد وتحد للنظام وتحت سيل من الشعارات المذهبية لم تحدث في سوريا حافظ الأسد قلاقل او اضطرابات أو موجات شعبية احتجاجية رغم ما توفر المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية اللازمة والدافعة الى ربيع سوري مبكر .
يقال أن سوريا حكمت فقط من قبل معاوية وحافظ الأسد ولم يستطع غيرهما حكمها أو الحفاظ عليها ولأسباب كثيرة ومتعددة ما همنا الآن هو النظر في السبب الذي دفع بشبل الأسد كيّ لا يكون أسداً فأضاع الغابة وجعلها بلا أسد وعليها حمار يُركب من ركّاب كثيرين في طول الغابة وعرضها الشاسع .
ظنّ الأسد الكبير أن شبله قد عاش سلطته وادارته وأنه اتعظ منه وسيعيد التجربة المحفوظة من حافظ بدقّة متناهية الاّ أن الذي حصل عكس ذلك تماماً فلم يفلح منذ ايصاله الى رئاستي البعث والدولة بطريقة متجاوزة للأعراف الحزبية مهدت له طريق الاستلام لكرسي رئاسة من أهم الرئاسيات في السلطويات العربية والتي كانت أكبر منه سناً وتجرية فلم يفلح في الاستفادة من لحظة الوراثة السياسية التي جعلته حاكماً وهو غير مهيأ لذلك وأضاع فرص بقاء آل الأسد في السلطة الى الأبد .
وتّر بشار الأسد علاقاته العربية وخاصة مع العربية السعودية ثالثة الاثافي في الحركة التصحيحية التي حكم من خلالها حافظ الأسد سورية لمدّة طويلة دون وجود لمن يعكر أو يزعج مزاجه الرئاسي والسياسي وبذلك خسر ركن عربي من أركان استمرار سوريا بقيادة آل الأسد كما أنه خلقة بطانة خاصة ومن نوع خاص أكولة جداً بحيث أن حاشيته الخاصة قد بلعت الاقتصاد السوري ولم تترك لطبقة التجار مجالاً للاستفادة من اصلاحات الرئيس بشار الاقتصادية التي أعطت مكاسبها وخيراتها لآل مخلوف وهنا أيضاً خسر بشار الركن أو الحجر الثاني في الحركة التصحيحية التي أسست عليها سوريا الحديثة اذ أن تجار البزار كانوا من الداعمين الأساسيين لحافظ الأسد وباتوا في ظلّ سيطرة آل مخلوف "الاخطبوطية "على الاقتصاد السوري من ألدّ الأعداء لبشار الأسد .
لم يبق من أركان الحركة التصحيحية لوالد الشبل سوى الركن الثالث وهو الجيش الذي اعتمده حافظ الأسد كأداة أساسية لحفظ النظام ومع الربيع السوري وتعاطي أجهزة المخابرات الدموي مع الأطفال السوريين الذين كتبوا بأحجار الطبشور على حوائط درعا : أرحل يا بشار ..
وافراط الرئيس في الضحك أثناء القائه لخطاب الاثم أمام مجلس الشعب على دماء وكرامات العشائر" الحورانية " واعتبار أن ما حصل اخلال في الأمن وأن لا مكان في سوريا لما يسمى بالربيع العربي وجاءت المسيرات الشعبية ومن ثمّ الحرب السورية لتكشف أن الجيش السوري قد لحق هو الآخر بمصير السعودية وبتجار السوق السوري وهكذا أسقط بشار الأسد أعمدة و أركان الحركة التصحيحية والتي حكم بموجبها حافظ الأسد سوريا وكان الى الأبد لولا الولد .
بعد ما يزيد عن ال4 سنوات من الحرب السورية وضياع وتدمير سوريا ودخول القاصي والداني للمشاركة في أتونها يقف بشار الأسد تماماً كوقفته قبل الحرب ليقول نفس الكلام ودون زيادة أو نقصان أي أنه مازال يؤمن بنظرية المؤامرة ولا يؤمن بحقيقة وواقع فساد السلطة واستبدادها وهذا ما يعني أن الحرب الآتية أكثر فتكاً و إجراماً مما هي عليه اليوم .