الحالة السياسية في لبنان راوح مكانك , سوى تفاعل القانون الاميركي لمحاسبة حزب الله يحرّك الراقد
السفير :
حصل ما كان متوقعا منذ اللحظة الاولى. اللجان النيابية المشتركة المكلفة بدرس قانون الانتخاب ترتطم بالواقع وتستسلم له، ولا يبقى لها سوى ان تستعين على قضاء حوائجها بطاولة الحوار الوطني التي تنتظر بدورها طاولة الحوار الاقليمي غير الملتئمة بعد. انه الدوران المستمر في الحلقة المفرغة الى حد.. الدوار.
أما على الصعيد الامني، فان الجيش يواصل مواجهة الارهاب، بشقيه الاسرائيلي والتكفيري، حيث تمكن امس من تحقيق انجازين: الاول، تمثل في ضبط قوة منه جهاز تجسس ومراقبة مخبأ داخل مجسم صخري، في منطقة جبل الباروك، وموصول بمضخم صوت موضوع داخل مجسم مماثل، بالإضافة إلى 3 حقائب تحتوي على ركائم لتشغيل الجهاز، وقد حضر الخبير العسكري وعمل على تفكيكه ونقله.
والانجاز الآخر، تحقق بنتيجة المتابعة والرصد، حيث أوقفت قوة من الجيش في منطقة عرسال، سيارة من نوع «فان»، وضبطت بداخلها عنصرين ينتميان إلى تنظيم «داعش» الارهابي، كانا موجودين داخل مخبأ سري في السيارة المذكورة، بهدف الانتقال الى مراكز الارهابيين في جرود المنطقة.
وأبلغ مصدر أمني «السفير» انه نتيجة ورود معلومات عن عمليات نقل ارهابيين من عرسال الى الجرود وبالعكس، جرى رصد دقيق أفضى الى تحديد مسار «الفانات» التي تنقل الارهابيين وتوقيت عبورها وعمليات التمويه التي تتبعها.
وأوضح ان نقاط الجيش بدأت عمليات تفتيش وتدقيق في السيارات التي تعبر الحواجز في اتجاه الجرود، ورصدت عبور احد «الفانات» المشتبه بها فتم تفتيشه، وعندما ازيلت كل الاغراض، تم اكتشاف مخبأ سري استحدث في قعر «الفان»، يتسع بصعوبة لشخصين طولا وعرضا، فالقي القبض عليهما وبوشر التحقيق معهما.
واكد المصدر ان عملية التضييق على الارهابيين تتصاعد، متوقعا المزيد من الايجابيات في هذا الاتجاه، على قاعدة انه ممنوع ان يكون هناك موطئ قدم للارهاب في لبنان.
وحول جهاز التجسس الاسرائيلي في الباروك، اكد المصدر انه جزء من المنظومات السابقة المكتشفة والتي تنم عن مدى الاختراق الاسرائيلي للساحة اللبنانية، مشيرا الى ان الاختراق الجديد يوضع في خانة الانتهاك العدواني الاسرائيلي المتواصل للسيادة اللبنانية، والخرق المستمر لمندرجات القرار الدولي 1701، وهو برسم الامم المتحدة التي تسهر على احترام هذا القرار.
اللجان.. تستسلم
في هذه الأثناء، قررت اللجان النيابية المشتركة المعنية بمناقشة قانون الانتخاب الهروب مرة أخرى الى الامام بعدما ضاقت خياراتها، وبالتالي تأجيل جلستها المقبلة حتى 22 حزيران الحالي، أي في اليوم التالي لانعقاد جلسة الحوار المقررة في 21 منه.
لم يعد النقاش بين النواب مفيدا، ليس فقط على مستوى السعي الى تحقيق اختراق في جدار الخلافات العميقة، وإنما حتى على مستوى آليات البحث بحد ذاتها، ما دفع أحد «المحبطين» الى القول ان مداولات اللجان تكاد تكون أقل من عادية في مواجهة ملف أكثر من حيوي، فيما ذهب نائب آخر في «اعترافاته» الى حد التأكيد بأن النقاشات عبثية، الى درجة انها لا تنفع ولو لاجراء رياضة ذهنية!
يدخل النواب الى اجتماعات اللجان، من دون ان يكون أي منهم مفوضا من مرجعيته بتقديم تنازل او اجتراح فكرة مبتكرة. لا ضوء أخضر ولا اصفر لملاقاة الآخرين في منتصف الطريق، بل الكل يأتي مزنرا بأحزمة الافكار المسبقة والاحكام الجاهزة، فيعيد انتاج الادبيات الممجوجة ذاتها، ويدور حول نفسه وحول الآخرين في حلقة مفرغة، لغياب القرار السياسي بانجاز التسوية.
بالامس سقط آخر الاوهام التي ربما تكون قد راودت بعض الرومانسيين، في لحظة ما، حيال مهمة اللجان المشتركة وقدراتها، وتأكد مرة أخرى ان الحل يكمن في الارادة السياسية وليس في النقاش التقني، وان المفتاح بيد الاقطاب وليس بحوزة النواب. هذا ما عبر عنه النائب روبير غانم بقوله صراحة، ومن دون لف ودوران، إن «القيادات هي التي تقرر واللجان تنفذ».
والمشكلة، ان القيادات لم تقرر بعد، بفعل صعوبة التوفيق بين مصالحها المتضاربة وطموحاتها المتعارضة التي تفوق في أحيان كثيرة ما تستوجبه الأحجام الموضوعية. لم تنفع حتى الآن كل «التعويذات» الانتخابية في طرد شياطين الهواجس من مخابئها: لا النسبية الكاملة، ولا المختلط بأنواعه، ولا الارثوذكسي، ولا مشروع حكومة ميقاتي.. وكأنه لا مفر في نهاية المطاف من قدر «الستين» وقضائه.. على آخر تطلعات التغيير.
وما زاد الموقف تعقيدا، ان معظم الاطراف باتت تقارب قانون الانتخاب وهي مسكونة بأشباح الانتخابات البلدية، ومثقلة بمؤشراتها العريضة، على الرغم من محاولة الايحاء بان لا رابط بين الاستحقاقين، وبان ما يسري على البلدية لا ينطبق على النيابية.
وإذا كان قد خيض، في الأسبوع الماضي، نقاش للمرة الأولى في الاقتراح المختلط، سعيا الى التوفيق بين مشروع الرئيس نبيه بري ومشروع «المستقبل» و «القوات» و «الاشتراكي»، إلا أن الجدار الذي اصطدم به النواب حينها، ولم يتمكنوا من تخطيه حتى اليوم، هو غياب وحدة المعيار، والاستنسابية في مقاربة مسألتي تقسيم الدوائر وتوزيع المقاعد بين الاكثري والنسبي، تبعا لما يلائم هذا الفريق او ذاك.
وهكذا، اهتزت دعائم التقاطع الوحيد الذي أنجز في اللجان (مناقشة القانون المختلط حصراً)، وأعيد فتح سوق عكاظ، فطُرح مشروع حكومة ميقاتي القائم على النسبية وفق 13 دائرة، فيما اقترح غانم العودة إلى اتفاق الطائف الذي ينص على استحداث مجلس للشيوخ مع مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، وطرح النائب سامي الجميل صيغة توفق بين اقتراحه والمختلط (النسبية على أساس المحافظات الخمس، وصوت واحد لكل منتخب وفق الأقضية بعد إعادة النظر بها).
ولعل الاشارة الاوضح الى نمط التفكير الذي يقود النقاش، ورود كلام في اجتماع اللجان أمس حول ضرورة احترام «كيانات» بشري والبترون وصيدا في أي قانون انتخابي، قبل ان يجري تخفيف الوطأة من خلال استبدال «الكيانات» بـ «الخصوصيات».
اجتماع رباعي
الى ذلك، علمت «السفير» ان لقاء جانبيا، لافتا للانتباه، عقد على هامش اجتماعات اللجان، في أحد صالونات المجلس النيابي، ضم كلا من رئيس «حزب الكتائب» النائب سامي الجميل، النائب علي فياض عن «حزب الله»، النائب ابراهيم كنعان عن «التيار الوطني الحر»، والنائب جورج عدوان عن «القوات اللبنانية».
وجرى خلال هذا اللقاء التداول في ما آلت اليه نقاشات اللجان المشتركة وسبل ردم الهوة بين الاطراف الداخلية للوصول الى قانون موحد، ما دفع أوساطا سياسية الى التساؤل عما إذا كان هناك شيء ما يُحضّر في الكواليس، في محاولة لايجاد تقاطعات معينة وكسر المراوحة المزمنة.
النهار :
في ظل الفشل السياسي المستمر بدءاً من تعطيل انتخاب رئيس للبلاد والفشل في الاتفاق على قانون للانتخابات النيابية، والعجز عن حل ملف أمن الدولة، والتباطؤ في مناقصات النفايات في الكرنتينا والكوستا برافا، والتضارب في ملف سد جنة، والتعثر القضائي في ملف الانترنت غير الشرعي، يتقدم الامن، وتحقق الاجهزة الامنية ولا سيما منها الجيش نجاحاً مميزاً في التصدي للارهاب والارهابيين الذين يخططون للقيام بعمليات في لبنان. فقد أوقفت قوة من الجيش عنصرين من تنظيم "داعش" في عرسال ونصبت لهما مكمناً بناء على معلومات سابقة لدى مديرية المخابرات عن ان سيارات "فان" يزال جوفها وتستخدم في تهريب أشخاص يوضعون في داخلها ويلحم المكان حيث يختبئون في عمليات التهريب والتسلّل. واعترف الموقوفان في التحقيق الأولي معهما بأنهما ينتميان الى "داعش". وعلم ان الموقوفين لا يحملان بطاقتي هويتيهما ولهجتهما سورية.
وتأتي العملية بعد يوم واحد من قتل دورية تابعة لمديرية المخابرات في الجيش، خلال عملية أمنية نوعية في محلة الجبان في جرود عرسال، المسؤول في "جبهة النصرة" السوري محمد زكريا سيف الدين المعروف بـ "محمد السلف". وقالت مصادر متابعة لـ"النهار" إن "العملية الكبيرة في ملاحقة الارهابيين قيد التنفيذ ولم تنجز بعد".
وكشفت مصادر أمنية لـ"النهار" ان خلايا من "داعش" كانت تعد لتنفيذ عمليات ارهابية في مناطق لبنانية عدة ، وعلى نحو مغاير للعمليات السابقة اختارت مناطق في قلب العاصمة تتميز بهدوئها وزحمة المواطنين والسياح نظراً الى كثرة المقاهي والمطاعم فيها.
من جهة أخرى، وفي مشهد مستعاد من المنطقة ذاتها، فكك الجيش مساء امس جهازا للتنصت على شكل مجسم يشبه صخرة اصطناعية، على ارتفاع 1850 الى 1900مترا عن سطح البحر، في المنطقة العقارية بين الباروك وعين زحلتا، في نقطة تكشف كامل سهل البقاع من بعلبك الى ما بعد بحيرة القرعون الى جزء من الجنوب، وتطل من الجهة الثانية على الشوف وامتداداً الى المتن. ومن الجهاز خرج كابلا كهرباء موصولان الى ما يشبه ثلاث حقائب أخفيت بين شجيرات لزاب، ولدى تفتيش المكان عثر على مسافة نحو 10 الى 15 متراً على صخرة مموهة اخرى موصولة بالحقائب عينها.
في المقابل، أشرف القائم بالأعمال الاميركي السفير ريتشارد جونز، في قاعدة بيروت الجوية، على عملية تسليم أحدث شحنة من المساعدات العسكرية الأميركية المستمرة إلى الجيش اللبناني، وهي "معدات متطورة لرسم الخرائط تبلغ قيمتها أكثر من 3.6 ملايين دولار، من شأنها أن تحسن قدرته على رسم التضاريس في لبنان"، كما أن "الصور التفصيلية التي تنتجها هذه المعدات، سوف تعمل على تعزيز قدرات الجيش على وضع عمليات التخطيط، وعلى حماية قواته، فيما يستمر في اتخاذ إجراءات حاسمة ضد العناصر المتطرفة على طول الحدود اللبنانية".
واعتبرت أن تسليم هذه الشحنة "يثبت التزام أميركا المستمر ضمان الدعم الذي يحتاج اليه الجيش اللبناني، ليكون المدافع الوحيد عن لبنان.
قانون الانتخاب
سياسياً، ليس من دليل على فشل اللجان النيابية المشتركة أكثر من الغائها جلسة كانت محددة غدا الخميس، ونقلها الموعد المقبل الى 22 حزيران الجاري، أي غداة انعقاد جلسة الحوار التي يعول عليها لرسم خريطة طريق للمرحلة المقبلة.
وظهر عدم الجدية في غياب الوزراء المعنيين عن الجلسة واقتصار النقاش الفعلي بين النواب على أقل من ساعة ليخرج بعدها النواب ويكرر كل فريق معزوفته التي تؤكد عدم وجود أي تقدم في المواقف.
مجلس الوزراء
وعلمت "النهار" ان جدول أعمال مجلس الوزراء في جلسته العادية قبل ظهر غد الخميس يتضمن 61 بنداً و9 مشاريع مراسيم والبند الاول يتعلق بسدّ جنّة والبند الرابع يتعلق بالنفايات. وبدت أجواء الاوساط الوزارية عشية الجلسة تشير الى وجود إنقسام في الرأي لا يتيح إحراز تقدم في مناقشة هذيّن البنديّن. في ما يتعلق ببند السدّ، قالت المصادر إنه من المتوقع ان تحصل مواجهة بين التقارير التي ستعرض عن المشروع وتظهر تباينا حيال صلاحيته. أما في ما يتعلّق ببند النفايات، فقد تبلّغت وزارة الداخلية ومجلس الانماء والاعمار كتاباً رسمياً من بلدية بيروت عن عزمها على إعتماد حل ذاتي لاحقاً لمعالجة نفايات العاصمة ما يعني وفق المصادر تغييراً في شروط عقد التلزيم في مطمري برج حمود والكوستا برافا لجهة الكمية من النفايات التي سيتعهد الملتزم او الملتزمون معالجتها وهذا أمر يجب أن يبته مجلس الوزراء. وقال وزير العمل سجعان قزي لـ"النهار" عن قدرة الحكومة على تخطي هذيّن البنديّن: "كم من مرّة دخلنا الى الجلسة منفرجين وخرجنا منفجرين والعكس صحيح، والامر متعلّق بالظروف وقرار الاطراف السياسيين بتعطيل إنتاجية عمل الحكومة".
الحريري
في مجال آخر، علمت "النهار" ان الرئيس سعد الحريري سيطل تباعا في أربعة إفطارات هذا الاسبوع أولها غدا الخميس في "بيت الوسط" لرجال الدين والثاني الجمعة للنواب والديبلوماسيين. أما الافطار الثالث السبت المقبل فهو عام في "البيال" الذي يستضيف أيضا الافطار الرابع الاحد على شرف المهن الحرّة.
وأفادت أوساط سياسية الى ان المواقف التي سيعلنها الرئيس الحريري في هذه المناسبات بدأ سقفها يرتسم من خلال إعلانه في تغريدة له أمس عبر "تويتر" تعليقا على خطاب الرئيس السوري أن موقفه لم يتغيّر من إيران و"حزب الله" وتورطهما في سوريا، بعد اعلانه في تغريدة سابقة انه سيقول "كل شيء في هذا الشهر الفضيل".
المستقبل :
بشكل ومضمون يؤكدان أنّ أعراض حالة الانفصام عن الواقع بلغت ذروتها لديه، أطل رئيس النظام السوري بشار الأسد أمس متعالياً على جراح شعبه ومنكراً حقيقته الإرهابية الدموية ليصوّر نفسه المخلّص لسوريا الذي يريد تحرير كل شبر منها من الإرهاب، بينما هو «أكبر إرهابي» كما وصفه الرئيس سعد الحريري. وتابع في سلسلة تغريدات عبر «تويتر» رداً على كلام الأسد: «حين يخرج هذا المجرم من سوريا سنرى كيف يتوقف الإرهاب«، مذكّراً بأنّ الأسد «هو من صنع داعش وأخواتها«.
وتعليقاً على توجيهه واجب الشكر والامتنان لمن أبقوا نظامه عائماً فوق بحر من دماء السوريين، أضاف الحريري: «من المؤكد أن الأسد يريد أن يشكر أسياده من إيران وحزب الله، لكن الشيء الوحيد والأكيد إن شاء الله أنّ الشعب (السوري) سوف ينتصر عليهم جميعاً لأنه على حق«.
العقوبات الأميركية
في الغضون، برز أمس الخبر الذي أشاعته صحيفة «واشنطن تايمز» الأميركية ويفيد بأنّ مساعد وزير الخزانة لشؤون تمويل الإرهاب دانيال غلايزر كان قد سلّم حاكم مصرف لبنان رياض سلامه خلال زيارته بيروت لائحة تضم نحو 100 اسم من المستهدفين الجدد بالعقوبات المالية الأميركية على «حزب الله». غير أنه وبعد التدقيق في الموضوع مع الجهات اللبنانية المعنية تبيّن أنه خبر غير دقيق، إذ نفى وزير المالية علي حسن خليل لـ«المستقبل» أن يكون الجانب اللبناني تسلّم رسمياً أي لائحة جديدة بأسماء المستهدفين بموجبات قانون العقوبات الأميركية، موضحاً أن اللوائح من هذا القبيل جرت العادة بأن تصدر رسمياً عن وزارة الخزانة الأميركية ثم يتم تسليمها إلى لبنان على نسختين الأولى يتسلّمها وزير المالية والثانية حاكم المصرف المركزي تماماً كما حصل وقت صدور لائحة الأسماء الماضية. وفي ضوء ذلك جزم خليل قائلاً: «حتى الآن لم أتسلّم أي لائحة جديدة ولم أتبلّغ أي شيء جديد بهذا الخصوص».
اللجان: مكانك راوح
نيابياً، انتهى اجتماع اللجان المشتركة أمس إلى نتائج مخيبة للآمال التوافقية أبقت النقاش حول مشروع القانون الانتخابي العتيد في دائرة المراوحة. وأوضحت مصادر اللجان لـ»المستقبل» أنّ اجتماع الأمس لم يتوصل إلى إحراز أي اتفاق بين الكتل في ظل احتدام الاختلاف حول المعايير الواجب اعتمادها في كل من المشروعين المختلطين الموضوعين على طاولة النقاش للمزاوجة بين النظامين النسبي والأكثري.
ورداً على سؤال، لفتت المصادر إلى أنّ قوى 8 آذار أبدت رفضها للمشروع المختلط القائم على انتخاب 68 نائباً بالاقتراع الأكثري مقابل 60 على أساس النظام النسبي لاعتبارها أنّ ذلك يضرب مبدأ وحدة المعايير في القانون الجديد. وأمام استحكام المراوحة بمفاصل النقاش النيابي، تقرر إلغاء الجلسة التي كان مقرراً انعقادها غداً وتحديد الثاني والعشرين من الجاري موعداً جديداً لانعقاد اللجان غداة التئام جلسة الحوار الوطني لعل أقطاب الحوار يتوصلون إلى صيغة توافقية معينة تعيد فتح الأبواب أمام نقاش نيابي منتج على طاولة اللجان المشتركة. علماً أنّ نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري سيزور رئيس المجلس نبيه بري اليوم في عين التينة لوضعه في صورة المراوحة النيابية الحاصلة حيال بحث مشروع القانون الانتخابي العتيد وتقسيماته.
الديار :
هل تجرأ سعد الحريري وقال للسعوديين: لبنان في خطر؟
استطرادا، لا يستطيع لبنان ان يتحمل «عاصفة حزم» سياسية وبعدما راحت جهات مقربة من الوزير المستقيل اشرف ريفي تشيع بأن الرياض ليست راضية عن «مدى تأثير» الوزير نهاد المشنوق على بيت الوسط، كما انها تعتبر ان جلسات الحوار بين تيار المستقبل «وحزب الله» هي كإعطاء «جرعات من الاوكسيجين» للحزب الذي، في رأيها، في حالة اختناق ان بسبب قانون العقوبات الاميركي او لان الحرب في سوريا اخذت شكل الدوامة، ودون ان تكون هناك بارقة ضوء في الافق.
الحريري قرر ان يتكلم، ولكن بعد ان يعرض «مسوّدة» الخطاب الذي يلقيه امام الضيوف. مهما قال قد لا يصل الى حد قول الحقيقة كاملة، وهي ان سبب تدهور قاعدته الشعبية، التدهور الذي يتجاوز كل التوقعات، هو ابتعاده عن السرايا وليس فقط ابتعاده عن البلاد...
جغرافياً السرايا الحكومية على تلة واقل بكثير من بيت الوسط البعيد، كليا، عن الجماهير وربما عن الشاشات ايضا. الشيخ سعد بحاجة الى الاغتيال بالضوء (وبالسلطة) كي يستعيد وهجه بعدما راح رصيده المعنوي السياسي، ورصيده المالي، من ابيه يتضاءل ويتضاءل معه التأثير في عامة الناس.
لا بد ان يكون الحريري قد قال للسعوديين ان اي محاولة لاعادة ترميم قاعدته لن يأتي بنتائج تذكر. عليهم ان يقولوا للوزير المستقيل اشرف ريفي ان يخفض سقفه، وبعدما اعلن انه يتجه الى اطلاق تيار او حركة لمواجهة تيار المستقبل، وربما اختراق قاعدته في العمق، خصوصا ان هناك داخل المستقبل من يشير الى اعضاء في المكتب السياسي بالاصابع العشرة على انهم مرتزقة...
يعدّدونهم واحدا واحدا، ويقولون ان هؤلاء انضموا الى التيار الازرق كي يأخذوا منه، يأخذون منه فقط دون اعطائه سوى السمعة السيئة على ان قيادته تغص بالانتهازيين وبالزبائنيين، فيما رفاق كثيرون للرئىس الراحل رفيق الحريري وضعوا على الرف...
والذين يقولون ان ريفي «حالة طرابلسية» او «ظاهرة طرابلسية» اي ان زعامته ذات بعد محلي، انما يتجاهلون حالة التفكك، كما حالة التبرم داخل تيار المستقبل، في بيروت كما في صيدا، حيث اداء رئىس البلدية محمد المسعودي عامل مؤثر في فوز اللائحة، وكذلك في اقليم الخروب والبقاع وحتى في بلدة عرسال...
كثيرون يراهنون على ان يقود «حضرة اللواء» «حركة تصحيحية» داخل التيار والاكثر حساسية من كل هذا هو ما يتردد، والى حد التأكيد أن جماعة خليجية مؤثرة، ولعلها جهات سعودية بالدرجة الاولى، وجدت في ريفي الشخصية القيادية التي كانت تبحث عنها والتي حين تتكلم كما لو انها تتكلم من فوهة البندقية الرشاشة...
هذا اولا، ثم اولا وثانيا. من يدركون بدقة ازمة الحريري، ما يرافقها وما يعقبها من هواجس، يقولون انه بات مصاباً بـ «داء السرايا» او بـ «انفلونزا السرايا». هو ليس رفيق الحريري الذي كلما ابعد، وغالباً بقرارات عشوائية عن رئاسة الحكومة ازداد الالتفاف حوله...
سعد الحريري حين يتحدث يأتي على ذكر ابيه مرات عديدة ليذكر الناس انه ابنه، وانه وريثه، وبالطبع لاستثارة المشاعر ولاستثارة الاصوات. ثمة من كان يسأل «عندما ذهب الى دمشق او عندما صرح ما صرح به في لاهاي، اين كان رفيق الحريري؟».
في كل الاحوال، رحلة دمشق لم تكن خطأ ولم تكن خطيئة لان المعادلة باتت، ومنذ اتفاق القاهرة عام 1969 بين السلطة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية، هكذا «سوريا الثابتة ولبنان المتحول» الى ان هبت الرياح الساخنة على سوريا لينقلب المشهد الاقليمي رأساً على عقب...
المعلومات تشير الى ان هناك بين المسؤولين السعوديين من «يتفهم» الحريري، ومن يعتبر ان اي زعيم سياسي آخر لن يكون بتأثير الحريري الذي هو، بالرغم من كل شيء، ابن رفيق الحريري...
ـ التضحية السعودية ـ
هل صحيح ان شخصية على علاقة وطيدة بالرياض قالت للسفير السعودي علي عواض عسيري ما معناه «انكم تخوضون حرباً في اليمن من اجل اعادة عبد ربه منصور هادي الى القصر الجمهوري في صنعاء، الا يستحق سعد الحريري بعض التضحية من اجل اعادته الى السرايا الحكومية؟».
ما هو نوع التضحية هنا. العماد ميشال عون لا يمكن ان يتزحزح، و«حزب الله» لا يتزحزح عن تأييده، هكذا ستظل رئاسة الجمهورية تدور في حلقة مفرغة ربما الى ان تحل كل ازمات المنطقة ولو تعود هناك من شعرة سوداء في رأس الشيخ سعد...
الشخصية اياها، وبحسب ما يتردد في الكواليس، قالت ان الجنرال لم يعد بعد «ليلة الزفاف» في معراب مثلما كان قبل ذلك. يكفي ان يصبح حليف «القوات اللبنانية» لكي تهتز علاقته بـ «حزب الله»، لا بل ان الشخصية المذكورة تعتبر انه بات اقرب «استراتيجياً» الى الدكتور سمير جعجع منه الى السيد حسن نصرالله...
وسواء وصل هذا الكلام الى الرياض ام لم يصل، فإن للسعوديين مواقفهم وآراءهم، التي نادراً ما تتأثر بما يقوله الآخرون. ولكن بالنسبة الى الحريري، وقد حرك الوزير نهاد المشنوق المياه الراكدة (والسياسة الراكدة) بحجر ثقيل، لا مناص من الاصغاء، وان كان هناك في الرياض من يعتبر ان رئيس تيار المستقبل لا يستطيع ان يحمل على كتفيه اثقال الطائفة، وما اكثرها وما اكثر تعقيداتها في هذه الايام، ولا بد من تصنيع اكثر من زعامة في الطائفة...
ـ الجنرال للقصر والشيخ للسرايا ـ
عودة الى معادلة «الجنرال للقصر والشيخ للسرايا». اذا وافق السعوديون، ليس مستبعداً ان يتجاوز الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله كل المخاطر الامنية ويتوجه الى بنشعي لزيارة رئيس تيار المردة لـ «الوقوف على خاطره»، ودون ان يعني ذلك ان السيد سيتردد في محاولة الجمع بين عون وفرنجية، وعلى اساس ما أعلنه في وقت سابق «هيدي عـين وهـيدي عين».
الثابت ان القرار المتعلق برئاسة الجمهورية ليس في طهران، كما يردد بعض الساسة وعلى ذلك النحو الممل. القرار في مكان ما من حارة حريك. اذا وافقت الرياض على عون لن تحتاج المسألة الى اكثر من 24 ساعة ليكون هناك رئىس للجمهورية في لبنان.
ماذا تقول دمشق؟ وماذا تقول عين التينة؟ هناك قوى سياسية وتقول اذا وصل فرنجية الى القصر الجمهوري يمكن ان يضطلع بدور الوسيط بين محوري الصراع في المنطقة. لجده الراحل الرئىس سليمان فرنجية علاقات تاريخية مع العائلة المالكة في السعودية، كما ان علاقته مع القيادة السورية هي علاقة الشقيق بالشقيق، فميا لا يمتلك عون مثل هذه الديناميكية، اضافة الى ان مشروعه الداخلي سيستنفد كل جهوده...
غير ان فرنجية اخذ علماً بأن الافضلية الآن للجنرال، كما انه، وقد اقام علاقات دافئة مع الحريري، لا يريد لهذا الأخير ان يبقى خارج السرايا، عرضة للقصف حتى من داخل تيار المستقبل. واذ ترددت اخيراً معلومات حول سيناريو ما ثمة من يعمل على دفعه الى الضوء، اتصل فرنجية بالحريري ليبلغه بألا يكون محرجاً اذا ما تخلى عن ترشيحه له...
هل يعني هذا ان السجادة الحمراء ستفرش قريباً امام الرئيس الثالث عشر؟
مثلما لبنان أمنياً في خطر، الحريري سياسياً في خطـر. يمكن ان يكون هذا قد وصل الى آذان المسؤولين السعوديين، لكن ما فهمته بعض الشخصيات التي زارها القائم بالاعمال الاميركي ريتشارد جونز مودعاً ان المناخات الاقليمية متشابكة جداً، وهو يتوقع مزيداً من التصعيد في الاشهر المقبلة، دون استبعاد ترحيل الملفــات الحساسة الى الادارة الجديدة في الولايات المتحدة.
جونز لم يتفوه بأي كلمة تثير التفاؤل. تمنى انتخاباً وشيكاً لرئىس الجمهورية. عادة الاميركيون هم من يصنعون، او على الاقل من كانوا يصنعون رؤساء الجمهوريات في انحاء مختلفة من الكرة الارضية. الطريف ان يقول الديبلوماسي الاميركي «ان الكرسي بين ايديكم» بين ايدي من؟
حتى اشعار آخر، القصر يبقى خالياً، نافورة الماء في الباحة مقفلة. اقامة الرئيس تمام سلام طويلة، والحـريري بدا امس وكأنه يحاول الصعود الى القطار الذي يقوده ريفي. التقط مناسبة خطاب الرئىس السوري بشار الاسد امام اعضاء مجلس الشعب، لتبدأ الخطوة الاولى في رحلة الالف ميل في عملية ترميم قاعدته الشعبية.
قال «الاكيد ان الاسد يريد شكر اسياده من ايران و«حزب الله»، والشيء الوحيد والاكيد ان شاء الله ان الشعب سينتصر عليهم جمعاً لانه على حق».
الجمهورية :
مع استمرار الشغور الرئاسي، وتواصُل الخلافات الحكومية حول الملفات السياسية والمعيشية والحياتية، والمراوحة في مناقشات اللجان النيابية المشتركة لإعداد قانون الانتخاب الجديد، وقد رحّلتها أمس إلى جلسة تُعقد بعد الحوار الوطني في 22 حزيران، حافَظ المشهد السياسي الداخلي على تعقيداته، في انتظار المواقف التي سيعلنها الرئيس سعد الحريري ابتداءً مِن غدٍ الخميس. وعلمت «الجمهورية» أنّ لقاءَ صدفة سُجّل أمس بين السفير السعودي علي عواض عسيري ووزير الداخلية نهاد المشنوق بعد انتهاء اجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة متابعة ملف النازحين السوريين في السراي الحكومي. إستبَقت كتلة «المستقبل» المواقفَ المرتقبة للحريري، فذكّرت بأنّ السعودية «وقفَت إلى جانب لبنان إبّان المحنة اللبنانية الداخلية، وعملت على دعم وإنجاح كلّ المبادرات الوفاقية لكي يتمكّن لبنان من الخروج من أزمته، وواكبَت كلّ مشاريع الحلول ومبادرات الحوار، وكذلك إعادة الإعمار برعاية مباشرة من المسؤولين فيها»، وذكّرت بـ«الدور الاستثنائي الذي قام به وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، وهي الجهود التي تكلّلت بالاتفاق التاريخي في الطائف الذي تمّت فيه إعادة صياغة وتجديد الميثاق الوطني اللبناني الذي تحوّل دستوراً وأنهى الحرب الداخلية اللبنانية».
وأكّدت الكتلة أنّ اللبنانيين لا ينسون للمملكة «الدورَ الكبير التاريخي والهامّ الذي قامت به بقيادة ومتابعة الملك عبد الله بن عبد العزيز في مساعدة لبنان إثر العدوان الإسرائيلي في تمّوز 2006، وفي مساعدة لبنان واللبنانيين على إعادة إعمار ما هدّمه العدوان، ومِن دون أيّ تفرقة بين لبناني وآخر، أو منطقة وأخرى، وكذلك في ما قامت به حتى الآن لدعم الجيش اللبناني ولقواه الأمنية».
فتفت
بدوره، أوضَح عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت لـ»الجمهورية»: أنّ كلمة الرئيس الحريري ستكون من وحي المناسبة ومن خلاصة الوضع السياسي العام، وقلبُ الطاولة على الجميع ليس من طبيعته، فهو رَجل متوازن ومعتدل، وبالتالي سيؤكد على هذا الخطاب.
وعزا فتفت الحالة التي وصَل إليها تيار «المستقبل» إلى جملة عوامل، أبرزُها: غياب الرئيس الحريري مدّة طويلة عن البلد، ضعفُ الإمكانات المادية في بعض الأحيان، والهجوم غير المبرّر الذي شنّه عليه الخصوم والحلفاء في مراحل معيّنة لحسابات تكتيكية ضيّقة، ما أثّرَ على وضع «التيار»، علماً أنّ ما يطرحه «التيار» تبنّاه جمهوره، لكن تحت قيادات أخرى».
وأكّد فتفت، ردّاً على سؤال، «أنّ الكل مدرك، ومِن دون استثناء، أنّ هناك زعيماً واحداً في تيار «المستقبل» هو سعد الحريري، وبالتالي لا تيارات داخل «التيار». إنّه تيار واحد لكنّه ليس تياراً ديماغوجياً أو عقائدياً، وبالتالي من الطبيعي ان تكون هناك وجهات نظر مختلفة». أضاف: بالتأكيد حصلت متغيّرات مهمة، ولا أعتقد أنّها تصل إلى مستوى الصدمة، بل تحتاج الى دراسة عميقة وإلى قرارات متلائمة».
الرابية
وفي انتظار وضوح الرؤية على طريق «بيت الوسط»، سارعت الرابية إلى فتحِ أبوابها. وأكّد تكتّل «التغيير والإصلاح» بعد اجتماعه الأسبوعي أمس أنّ «باب الرابية مفتوح دوماً وللجميع، وسياسة الاستيعاب لا زالت نهجَ العماد عون نتيجة صمودِه على الثوابت الوطنية والميثاقية».
مجلس وزراء
وفي هذه الأجواء، يعقد مجلس الوزراء جلستَه العادية غداً، في ظلّ توقّعات بنقاشات ساخنة على محورَي سد جنة وملف النفايات.
الاخبار :
في الايام الاخيرة، سُحب ملف القانون الاميركي بفرض عقوبات مالية على حزب الله من التداول الاعلامي بما يتناسب مع رغبة كافة الاطراف المعنيين به. الاميركيون لا يريدون اثارة تشنّجات داخلية حفاظاً على الاستقرار النقدي والمالي، كما الامني، في لبنان، وهم حرصوا عبر موفديهم تكراراً على تأكيد دعمهم لهذا الاستقرار.
اما حزب الله، المعني الاول، فمن الطبيعي ان يرغب اكثر في عدم تظهير هذا الملف اعلامياً لتخفيف وقعه وحصر ارتداداته ومعالجة ما يمكن معالجته بأسلوب هادئ، بعدما كشفت نقاشات دارت بين المصارف والمصرف المركزي والحزب، وما دار بين المسؤولين اللبنانيين والموفدين الاميركيين.
لكن سحب النقاش من التداول لا يعني سحب القانون او تجميد العمل فيه. كل الاطراف المعنيين، في مقدمهم حزب الله وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والمصرفيون، يعرفون تماماً ان القانون سينفّذ بحذافيره. وهذه هي خلاصة كل المداولات في الاسابيع الاخيرة. اما آلية التنفيذ فهي التي يمكن العمل على التخفيف من وقعها والتعامل معها وفق ما تقتضيه الظروف الداخلية، في وقت احدث فيه التعميم الاخير الصادر عن مصرف لبنان ــــ الذي التزمت به المصارف وبدأت العمل به ــــ نوعا من التهدئة وعدم زيادة الاحتقان السياسي.
لكن ما غفلت عنه بعض الاوساط السياسية هو ان تنفيذ القانون تدريجي، ولن تتوقف كرة الثلج عند هذا الحد. فالقانون فتح باب العقوبات ولن يقفلها قريباً، لأن الآلية التطبيقية متدرجة وطويلة المدى، وبدأت تثير سلسلة من الاسئلة والموجبات القانونية والمالية، بعدما بدأت المصارف اقفال حسابات مؤسسات تابعة لحزب الله مدرجة في لائحة المئة اسم التي اعلنتها وزارة الخزانة الاميركية.
وكشفت مصادر مطلعة لـ «الاخبار» ان مصارف لبنانية بدأت عمليا تنفيذ القانون الاميركي بفرض عقوبات مالية على الحزب ومؤسساته. واكدت المعلومات ان حسابات «لجنة الامداد» و»مؤسسة الشهيد» ومستشفى سان جورج التابع لها، وهي مؤسسات تابعة للحزب مباشرة، قد اقفلت، وهذا يشمل مئات ــــ ان لم يكن آلاف ــــ الحسابات.
إقفال حسابات مستشفى
بهمن ينذر باحتمال ان يصل الاقفال الى مؤسسات تربوية
لكن الخبر لا يتوقف عند اقفال الحسابات، وهو متوقع وفق اللائحة الاميركية وسيتطور تدريجا، إذ إن اقفال الحسابات لا يطاول المؤسسات المذكورة وحدها عمليا، لان ثمة جمعيات ومؤسسات ومدارس ومستشفيات متفرعة من المؤسسة الام التي اقفل حسابها، كالمستشفيات التي تتبع «مؤسسة الشهيد»، وهي «الرسول الاعظم» و»مستشفى بعلبك» و»مستشفى البقاع الغربي»، وغيرها من المؤسسات الصحية والاجتماعية والتربوية. كما ان اقفال حسابات مستشفى بهمن التابع لجمعية المبرات (مؤسسات المرجع الراحل محمد حسين فضل الله)، ينذر باحتمال ان يصل الاقفال الى مؤسسات تربوية تابعة للجمعية. ما يعني ان الجمعية او المؤسسة التي يرد ذكرها في اللائحة الاميركية قد تكون عبارة عن عنوان كبير لمؤسسات غير مذكورة بالاسم في القانون الاميركي، لكنها مشمولة به معنويا وماليا. وعملياً، فان مؤسسات اخرى يمكن ان تقفل حساباتها تباعا، وهذا الامر قد يمتد اسابيع او اشهرا بحسب مندرجات القانون وعمل المصارف ورغبتها في التقيد الحرفي بمضمونه.
لكن مشكلة الحسابات المالية التي اقفلت، تنفيذا للقانون الاميركي، لا تتعلق بالمؤسسة نفسها فحسب، بل يطرح هذا الاقفال مجموعة من الاسئلة والمشكلات المالية والانسانية والاجتماعية والادارية دفعة واحدة، ومنها ما يتعلق بالوزارات اللبنانية المختصة.
فاقفال حساب مستشفى، مثلا، يعني اولا العاملين فيها ووضعهم المالي وعلاقتهم بالمصارف، وخصوصا من له حسابات توطين او قروض مصرفية. علما ان ليس كل الموظفين، ولا سيما في المستشفيات، تابعون لحزب الله او من الطائفة الشيعية بمعنى ادق، بل هناك موظفون واطباء مسيحيون وسنة يعملون فيها. وهنا يطرح سؤال عن احتمال التعامل النقدي المباشر مع جميع هؤلاء الموظفين، وحالة التداول بالنقد العام وخضوعها للرقابة داخليا وخارجيا.
ثانيا كيف سيكون حال الشركات الموردة للمستشفيات من آلات وادوية، وكيف يمكن لهذه المستشفيات ان تتعامل معها تحت سقف هذا القانون، وهل تكف هذه الشركات عن التعامل مع المستشفيات نهائيا او تتعامل بالنقد المباشر؟ وهل يسلم هذا التعامل مع آلية المراقبة المفترضة.
ثالثا، كيف يمكن ان تتعامل الوزارات المعنية مباشرة بالتحويلات المالية الداخلية مع مؤسسات اقفلت المصارف حساباتها، علما ان الادارات الرسمية لا تتعامل بالنقد المباشر، كيف ستدفع اشتراكات الضمان وكيف ستغطي وزارة الصحة الاكلاف وكيف ستدفع وزارة المال؟ واذا شمل القانون المدارس والمؤسسات التربوية على اختلافها، فكيف يمكن ايضا التعامل مع عشرات ومئات الاساتذة والموظفين العاملين فيها؟.
اليوم بدأت عمليا انكشاف تداعيات القانون الاميركي، وسيكون لبنان وحزب الله على موعد دوري مع قرارات مصرفية مماثلة تشمل كل من ورد اسمه في اللائحة الاميركية. والعبرة تبقى في كيفية تعامل جميع القوى المعنية، وحزب الله بطبيعة الحال اولها، مع هذه الاجراءات.