مع استمرار الشغور الرئاسي، وتواصُل الخلافات الحكومية حول الملفات السياسية والمعيشية والحياتية، والمراوحة في مناقشات اللجان النيابية المشتركة لإعداد قانون الانتخاب الجديد، وقد رحّلتها أمس إلى جلسة تُعقد بعد الحوار الوطني في 22 حزيران، حافَظ المشهد السياسي الداخلي على تعقيداته، في انتظار المواقف التي سيعلنها الرئيس سعد الحريري ابتداءً مِن غدٍ الخميس. وعلمت «الجمهورية» أنّ لقاءَ صدفة سُجّل أمس بين السفير السعودي علي عواض عسيري ووزير الداخلية نهاد المشنوق بعد انتهاء اجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة متابعة ملف النازحين السوريين في السراي الحكومي. إستبَقت كتلة «المستقبل» المواقفَ المرتقبة للحريري، فذكّرت بأنّ السعودية «وقفَت إلى جانب لبنان إبّان المحنة اللبنانية الداخلية، وعملت على دعم وإنجاح كلّ المبادرات الوفاقية لكي يتمكّن لبنان من الخروج من أزمته، وواكبَت كلّ مشاريع الحلول ومبادرات الحوار، وكذلك إعادة الإعمار برعاية مباشرة من المسؤولين فيها»، وذكّرت بـ«الدور الاستثنائي الذي قام به وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، وهي الجهود التي تكلّلت بالاتفاق التاريخي في الطائف الذي تمّت فيه إعادة صياغة وتجديد الميثاق الوطني اللبناني الذي تحوّل دستوراً وأنهى الحرب الداخلية اللبنانية».

وأكّدت الكتلة أنّ اللبنانيين لا ينسون للمملكة «الدورَ الكبير التاريخي والهامّ الذي قامت به بقيادة ومتابعة الملك عبد الله بن عبد العزيز في مساعدة لبنان إثر العدوان الإسرائيلي في تمّوز 2006، وفي مساعدة لبنان واللبنانيين على إعادة إعمار ما هدّمه العدوان، ومِن دون أيّ تفرقة بين لبناني وآخر، أو منطقة وأخرى، وكذلك في ما قامت به حتى الآن لدعم الجيش اللبناني ولقواه الأمنية».

فتفت

بدوره، أوضَح عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت لـ»الجمهورية»: أنّ كلمة الرئيس الحريري ستكون من وحي المناسبة ومن خلاصة الوضع السياسي العام، وقلبُ الطاولة على الجميع ليس من طبيعته، فهو رَجل متوازن ومعتدل، وبالتالي سيؤكد على هذا الخطاب.

وعزا فتفت الحالة التي وصَل إليها تيار «المستقبل» إلى جملة عوامل، أبرزُها: غياب الرئيس الحريري مدّة طويلة عن البلد، ضعفُ الإمكانات المادية في بعض الأحيان، والهجوم غير المبرّر الذي شنّه عليه الخصوم والحلفاء في مراحل معيّنة لحسابات تكتيكية ضيّقة، ما أثّرَ على وضع «التيار»، علماً أنّ ما يطرحه «التيار» تبنّاه جمهوره، لكن تحت قيادات أخرى».

وأكّد فتفت، ردّاً على سؤال، «أنّ الكل مدرك، ومِن دون استثناء، أنّ هناك زعيماً واحداً في تيار «المستقبل» هو سعد الحريري، وبالتالي لا تيارات داخل «التيار». إنّه تيار واحد لكنّه ليس تياراً ديماغوجياً أو عقائدياً، وبالتالي من الطبيعي ان تكون هناك وجهات نظر مختلفة». أضاف: بالتأكيد حصلت متغيّرات مهمة، ولا أعتقد أنّها تصل إلى مستوى الصدمة، بل تحتاج الى دراسة عميقة وإلى قرارات متلائمة».

الرابية

وفي انتظار وضوح الرؤية على طريق «بيت الوسط»، سارعت الرابية إلى فتحِ أبوابها. وأكّد تكتّل «التغيير والإصلاح» بعد اجتماعه الأسبوعي أمس أنّ «باب الرابية مفتوح دوماً وللجميع، وسياسة الاستيعاب لا زالت نهجَ العماد عون نتيجة صمودِه على الثوابت الوطنية والميثاقية».

مجلس وزراء

وفي هذه الأجواء، يعقد مجلس الوزراء جلستَه العادية غداً، في ظلّ توقّعات بنقاشات ساخنة على محورَي سد جنة وملف النفايات.

قزّي

وقال وزير العمل سجعان قزي لـ«الجمهورية»: «سيكون لنا موقفٌ من كلّ بندٍ، ولا سيّما من موضوعين أساسيين: سد جنة والنفايات. في الموضوع الأوّل نحن نعتمد المقاربة التقنية التي تُغني عن أيّ خلاف سياسي، لأنّ الموضوع ليس موضوعاً سياسياً بل موضوع جيولوجي، وبالتالي الكلمة الحسم هي للخبراء وليس للسياسيين. والمعلومات المتوافرة لدى حزب الكتائب ليست مطَمئنة من الناحية التقنية، إلّا أنّ عدداً كبيراً مِن الدراسات التي وضِعت تُشكّك بمتانة التربة لإنشاء سدٍ هناك، وبالتالي ننتظر تفسيرات لهذا الموضوع، وإلّا سيكون موقفنا المعارضة».

أضاف: «أمّا بالنسبة إلى موضوع النفايات، فلا يزال موقفنا هو نفسه، المطالبة بالشفافية على صعيد دفتر الشروط والمناقصات، والمطالبة بالفرز والمعالجة قبل الطمر في برج حمود والكوستابرافا. كذلك نطالب بأن لا يكون الحلّ المرحلي هو الحلّ الدائم، وأن يكون الحل الدائم مبنياً على أحدث وسائل المعالجة، وليس الاقتصار على المحارق فقط».

قانون الانتخاب

وفي ملف قانون الانتخاب، جمّدت اللجان المشتركة التي التأمت أمس البحثَ في قانون الانتخاب المطروح عليها إلى ما بعد طاولة الحوار التي ستنعقد في عين التينة في 21 حزيران الجاري بعدما سُدّت السُبل أمام التوصّل إلى صيغة نهائية بشأن اقتراح القانون الرامي إلى تعديل قانون الانتخاب باعتماد صيغة النظام المختلط بين الأكثري والنسبي.

وكشفَت مصادر نيابية بارزة لـ«الجمهورية» أنّ طرح برّي بالعودة إلى مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على طاولة الحوار في أوّل اجتماع لها، شكّلَ بديلاً من فشلِ اللجان المحتمل في الوصول إلى صيغة مقبولة من الجميع.

وقالت «إنّ حقّ الفيتو الذي تتمتّع به القوى السياسية انتهى إلى تجميد عمل اللجان وانتظار جرعة دعم من هيئة الحوار، على أن تعود اللجان النيابية إلى الاجتماع في 22 الجاري.

زوّار برّي

وفي حين علمت «الجمهورية» أنّ مشروع حكومة ميقاتي سيُطرح على طاولة الحوار، مع إجراء بعض التعديلات عليه إذا اقتضى الأمر، نقلَ زوّار برّي عنه قوله أمس إنّ اللجان النيابية لم تصل إلى أيّ نتيجة، وبالتالي فإنّ قانون الانتخاب سيُطرح على طاولة الحوار في 21 حزيران الجاري.

وغَمز برّي من قناة الآخرين مشيراً إلى أنّ هناك من يَستدعي قانون الستّين، استدعاءً. وإذ أكّد أنّه لن يقبل بالتمديد مرّةً جديدة، قال: كما أجرينا الانتخابات البلدية على رغم كلّ شيء، نستطيع إجراء الانتخابات النيابية».

خليّة النازحين

وفي ملفّ النازحين السوريين، عَقدت اللجنة الوزارية المكلّفة متابعة هذا الملف اجتماعاً برئاسة رئيس الحكومة تمّام سلام أمس في السراي الحكومي، بحضور وزراء الخارجية والمغتربين جبران باسيل، الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، والعمل سجعان قزّي.

وعلمت «الجمهورية» أنّ اللجنة درسَت ورقة جديدة تكون تتمّة للورقة التي وُضعت في حزيران 2014، والعمل على الورقة الحاليّة يأتي في أعقاب تصاعد المخاوف من ديمومة النزوح السوري واقتحام اليد العاملة السورية لأسواق عمل لبنان بشكل عشوائي على حساب اليد العاملة اللبنانية.

وبَرز في اجتماع الأمس توافقٌ على عدد كبير من الإجراءات التي ستعلَن حين ينتهي العمل على الورقة، ومِن شأن ذلك وضعُ حدٍّ لاستمرار النزوح، ومواجهة الاقتراحات الدولية العاملة على تثبيت النازحين السوريين في لبنان وتجنيسهم، بغَضّ النظر عن مصلحة لبنان.

وكان درباس ذكّرَ بعد الاجتماع بأنّ الحكومة أقرّت سياسة واضحة تجاه موضوع اللجوء السوري، وأكّد مجدّداً «أنّنا لسنا ولن نكون شركاء في جريمة تجريد الشعب السوري من هويته وأرضه».

وقال: نحن، ليست لدينا أرض للبيع ولا جوازات سَفر للإعارة. ونتعاطى مع الوجود السوري بصورة أخوية وإنسانية ووطنية تقوم على قواعد واضحة، هي أنّ لبنان ليس بلداً للّجوء، وهو أيضاً ليس بلداً مقرّاً للعدوان على الآخرين.

وأضاف: «لسنا في حال اشتباك مع المجتمع الدولي لكنّنا نقول له: لا يمكن أن يكون لبنان بلداً للاندماج كما أنّ جميع الدول المضيفة لن تكون كذلك، لا بدّ للسوريين من أن يعودوا إلى سوريا، لن نقبلَ بهذا الانتزاع الديموغرافي القسري لشعبٍ عريق من أرضه وبلده.

الجيش وجونز

أمنياً، تابعَ الجيش اللبناني معركته ضد الإرهاب، وأوقفَ مجموعة من تنظيم «داعش» الإرهابي على أحد حواجزه في بلدة عرسال.

وكان الجيش تسَلّم أمس دفعةً جديدة من المساعدات العسكرية الأميركية، واعتبَر القائم بالأعمال الأميركي ريتشارد جونز أنّ الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى «هي أقوى ممّا كانت عليه من قبل وأكثر مهنية، نتيجة التدريب الأميركي والتجهيزات المهمّة التي تلقّتها».

وأكّد أنّ شحنةً من معدّات رسمِ الخرائط الجغرافية التي تسَلّمها الجيش»ستُحدث فرقاً في لبنان، في إطار محاربة الإرهاب في سهل البقاع، والحفاظ على أمن الحدود».

ملفّ عبرا

وفي سياقٍ قضائي، أصدرَت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد خليل ابراهيم أحكامها بحقّ 54 من المتّهمين في ملف عبرا، وقد تراوَح معظمها بين السجن لسنتين إلى عشر سنوات، علماً أنّ هذا الملف لا يتضمّن أسماء أحمد الأسير وفضل شاكر ودائرتهما الضيّقة.

وبرّأت المحكمة الموقوف نعيم عباس من ملف عبرا، ولكن من دون الإفراج عنه، لأنّه يحاكَم في ملفات إرهابية أخرى وتفجيرات اعترفَ بها أمام المحكمة.