هل تجرأ سعد الحريري وقال للسعوديين: لبنان في خطر؟
استطرادا، لا يستطيع لبنان ان يتحمل «عاصفة حزم» سياسية وبعدما راحت جهات مقربة من الوزير المستقيل اشرف ريفي تشيع بأن الرياض ليست راضية عن «مدى تأثير» الوزير نهاد المشنوق على بيت الوسط، كما انها تعتبر ان جلسات الحوار بين تيار المستقبل «وحزب الله» هي كإعطاء «جرعات من الاوكسيجين» للحزب الذي، في رأيها، في حالة اختناق ان بسبب قانون العقوبات الاميركي او لان الحرب في سوريا اخذت شكل الدوامة، ودون ان تكون هناك بارقة ضوء في الافق.
الحريري قرر ان يتكلم، ولكن بعد ان يعرض «مسوّدة» الخطاب الذي يلقيه امام الضيوف. مهما قال قد لا يصل الى حد قول الحقيقة كاملة، وهي ان سبب تدهور قاعدته الشعبية، التدهور الذي يتجاوز كل التوقعات، هو ابتعاده عن السرايا وليس فقط ابتعاده عن البلاد...
جغرافياً السرايا الحكومية على تلة واقل بكثير من بيت الوسط البعيد، كليا، عن الجماهير وربما عن الشاشات ايضا. الشيخ سعد بحاجة الى الاغتيال بالضوء (وبالسلطة) كي يستعيد وهجه بعدما راح رصيده المعنوي السياسي، ورصيده المالي، من ابيه يتضاءل ويتضاءل معه التأثير في عامة الناس.
لا بد ان يكون الحريري قد قال للسعوديين ان اي محاولة لاعادة ترميم قاعدته لن يأتي بنتائج تذكر. عليهم ان يقولوا للوزير المستقيل اشرف ريفي ان يخفض سقفه، وبعدما اعلن انه يتجه الى اطلاق تيار او حركة لمواجهة تيار المستقبل، وربما اختراق قاعدته في العمق، خصوصا ان هناك داخل المستقبل من يشير الى اعضاء في المكتب السياسي بالاصابع العشرة على انهم مرتزقة...
يعدّدونهم واحدا واحدا، ويقولون ان هؤلاء انضموا الى التيار الازرق كي يأخذوا منه، يأخذون منه فقط دون اعطائه سوى السمعة السيئة على ان قيادته تغص بالانتهازيين وبالزبائنيين، فيما رفاق كثيرون للرئىس الراحل رفيق الحريري وضعوا على الرف...
والذين يقولون ان ريفي «حالة طرابلسية» او «ظاهرة طرابلسية» اي ان زعامته ذات بعد محلي، انما يتجاهلون حالة التفكك، كما حالة التبرم داخل تيار المستقبل، في بيروت كما في صيدا، حيث اداء رئىس البلدية محمد المسعودي عامل مؤثر في فوز اللائحة، وكذلك في اقليم الخروب والبقاع وحتى في بلدة عرسال...
كثيرون يراهنون على ان يقود «حضرة اللواء» «حركة تصحيحية» داخل التيار والاكثر حساسية من كل هذا هو ما يتردد، والى حد التأكيد أن جماعة خليجية مؤثرة، ولعلها جهات سعودية بالدرجة الاولى، وجدت في ريفي الشخصية القيادية التي كانت تبحث عنها والتي حين تتكلم كما لو انها تتكلم من فوهة البندقية الرشاشة...
هذا اولا، ثم اولا وثانيا. من يدركون بدقة ازمة الحريري، ما يرافقها وما يعقبها من هواجس، يقولون انه بات مصاباً بـ «داء السرايا» او بـ «انفلونزا السرايا». هو ليس رفيق الحريري الذي كلما ابعد، وغالباً بقرارات عشوائية عن رئاسة الحكومة ازداد الالتفاف حوله...
سعد الحريري حين يتحدث يأتي على ذكر ابيه مرات عديدة ليذكر الناس انه ابنه، وانه وريثه، وبالطبع لاستثارة المشاعر ولاستثارة الاصوات. ثمة من كان يسأل «عندما ذهب الى دمشق او عندما صرح ما صرح به في لاهاي، اين كان رفيق الحريري؟».
في كل الاحوال، رحلة دمشق لم تكن خطأ ولم تكن خطيئة لان المعادلة باتت، ومنذ اتفاق القاهرة عام 1969 بين السلطة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية، هكذا «سوريا الثابتة ولبنان المتحول» الى ان هبت الرياح الساخنة على سوريا لينقلب المشهد الاقليمي رأساً على عقب...
المعلومات تشير الى ان هناك بين المسؤولين السعوديين من «يتفهم» الحريري، ومن يعتبر ان اي زعيم سياسي آخر لن يكون بتأثير الحريري الذي هو، بالرغم من كل شيء، ابن رفيق الحريري...
ـ التضحية السعودية ـ
هل صحيح ان شخصية على علاقة وطيدة بالرياض قالت للسفير السعودي علي عواض عسيري ما معناه «انكم تخوضون حرباً في اليمن من اجل اعادة عبد ربه منصور هادي الى القصر الجمهوري في صنعاء، الا يستحق سعد الحريري بعض التضحية من اجل اعادته الى السرايا الحكومية؟».
ما هو نوع التضحية هنا. العماد ميشال عون لا يمكن ان يتزحزح، و«حزب الله» لا يتزحزح عن تأييده، هكذا ستظل رئاسة الجمهورية تدور في حلقة مفرغة ربما الى ان تحل كل ازمات المنطقة ولو تعود هناك من شعرة سوداء في رأس الشيخ سعد...
الشخصية اياها، وبحسب ما يتردد في الكواليس، قالت ان الجنرال لم يعد بعد «ليلة الزفاف» في معراب مثلما كان قبل ذلك. يكفي ان يصبح حليف «القوات اللبنانية» لكي تهتز علاقته بـ «حزب الله»، لا بل ان الشخصية المذكورة تعتبر انه بات اقرب «استراتيجياً» الى الدكتور سمير جعجع منه الى السيد حسن نصرالله...
وسواء وصل هذا الكلام الى الرياض ام لم يصل، فإن للسعوديين مواقفهم وآراءهم، التي نادراً ما تتأثر بما يقوله الآخرون. ولكن بالنسبة الى الحريري، وقد حرك الوزير نهاد المشنوق المياه الراكدة (والسياسة الراكدة) بحجر ثقيل، لا مناص من الاصغاء، وان كان هناك في الرياض من يعتبر ان رئيس تيار المستقبل لا يستطيع ان يحمل على كتفيه اثقال الطائفة، وما اكثرها وما اكثر تعقيداتها في هذه الايام، ولا بد من تصنيع اكثر من زعامة في الطائفة...
ـ الجنرال للقصر والشيخ للسرايا ـ
عودة الى معادلة «الجنرال للقصر والشيخ للسرايا». اذا وافق السعوديون، ليس مستبعداً ان يتجاوز الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله كل المخاطر الامنية ويتوجه الى بنشعي لزيارة رئيس تيار المردة لـ «الوقوف على خاطره»، ودون ان يعني ذلك ان السيد سيتردد في محاولة الجمع بين عون وفرنجية، وعلى اساس ما أعلنه في وقت سابق «هيدي عـين وهـيدي عين».
الثابت ان القرار المتعلق برئاسة الجمهورية ليس في طهران، كما يردد بعض الساسة وعلى ذلك النحو الممل. القرار في مكان ما من حارة حريك. اذا وافقت الرياض على عون لن تحتاج المسألة الى اكثر من 24 ساعة ليكون هناك رئىس للجمهورية في لبنان.
ماذا تقول دمشق؟ وماذا تقول عين التينة؟ هناك قوى سياسية وتقول اذا وصل فرنجية الى القصر الجمهوري يمكن ان يضطلع بدور الوسيط بين محوري الصراع في المنطقة. لجده الراحل الرئىس سليمان فرنجية علاقات تاريخية مع العائلة المالكة في السعودية، كما ان علاقته مع القيادة السورية هي علاقة الشقيق بالشقيق، فميا لا يمتلك عون مثل هذه الديناميكية، اضافة الى ان مشروعه الداخلي سيستنفد كل جهوده...
غير ان فرنجية اخذ علماً بأن الافضلية الآن للجنرال، كما انه، وقد اقام علاقات دافئة مع الحريري، لا يريد لهذا الأخير ان يبقى خارج السرايا، عرضة للقصف حتى من داخل تيار المستقبل. واذ ترددت اخيراً معلومات حول سيناريو ما ثمة من يعمل على دفعه الى الضوء، اتصل فرنجية بالحريري ليبلغه بألا يكون محرجاً اذا ما تخلى عن ترشيحه له...
هل يعني هذا ان السجادة الحمراء ستفرش قريباً امام الرئيس الثالث عشر؟
مثلما لبنان أمنياً في خطر، الحريري سياسياً في خطـر. يمكن ان يكون هذا قد وصل الى آذان المسؤولين السعوديين، لكن ما فهمته بعض الشخصيات التي زارها القائم بالاعمال الاميركي ريتشارد جونز مودعاً ان المناخات الاقليمية متشابكة جداً، وهو يتوقع مزيداً من التصعيد في الاشهر المقبلة، دون استبعاد ترحيل الملفــات الحساسة الى الادارة الجديدة في الولايات المتحدة.
جونز لم يتفوه بأي كلمة تثير التفاؤل. تمنى انتخاباً وشيكاً لرئىس الجمهورية. عادة الاميركيون هم من يصنعون، او على الاقل من كانوا يصنعون رؤساء الجمهوريات في انحاء مختلفة من الكرة الارضية. الطريف ان يقول الديبلوماسي الاميركي «ان الكرسي بين ايديكم» بين ايدي من؟
حتى اشعار آخر، القصر يبقى خالياً، نافورة الماء في الباحة مقفلة. اقامة الرئيس تمام سلام طويلة، والحـريري بدا امس وكأنه يحاول الصعود الى القطار الذي يقوده ريفي. التقط مناسبة خطاب الرئىس السوري بشار الاسد امام اعضاء مجلس الشعب، لتبدأ الخطوة الاولى في رحلة الالف ميل في عملية ترميم قاعدته الشعبية.
قال «الاكيد ان الاسد يريد شكر اسياده من ايران و«حزب الله»، والشيء الوحيد والاكيد ان شاء الله ان الشعب سينتصر عليهم جمعاً لانه على حق».
مواقع التواصل الاجتماعي التهبت في تعليقاتها «...تماما كما انتصر عليكم الشعب في بيروت وطرابلس لانه على حق»، اما كيف زج باسم «حزب الله» في التصريح، مع انه شريكه في الحوار وفي حكومة «ربط النزاع»، فثمة تعليقات على الشاشات بأن الحريري اراد ان يثبت انه لا يقل عن ريفي عداء للحزب. كلام يقربه ام يبعده عن السرايا؟ في «حزب الله» لا يعلقون. في اجواء الحزب «هذا ما طلب منه او ما ارغم على قوله. عودوا الى كلام نهاد المشنوق و... تبينوا».
في حفلات الافطار تأكيد من داخل المستقبل بـ«المواقــف الصاروخية» التي سيطلقها الحريري ضد «حزب الله». لكن جنبلاط نصحه بعدم العودة الى الهجوم. ضمناً هذا سيجعل العودة الى السرايا مستحيلة. عاد الى الهجوم و«الاتي اعظم». الحفلات الرمضانية بدأت...
الجواب على اول الكلام، الشيخ سعد لم يتجرأ على القول «لبنان في خطر» تذكر فقط ما اتت به صناديق الاقتراع. لعله قال «وانا ايضا في خطر». هذه من المسلمات.
على صعيد قانون الانتخاب، ابدى بري امام زواره انزعاجه من اجواء المراوحة في جلسات اللجان المشتركة، ملاحظا ان هناك من يستدعي قانون الستين (2008)، ودون ان يتوقع شيئا قبل جلسة الحوار في 21 حزيران الجاري.
وجدد القول انه مع مشروع حكومة ميقاتي (النظام النسبي و13 دائرة) ومع كل مشروع يؤدي الى النسبية، مع تأكيد رفضه التمديد مهما كانت الظروف، واجراء الانتخابات النيابية كما حصل بالنسبة الى الانتخابات البلدية.
الديار : هل قال الحريري للسعوديين : انا في خطر...؟! لم يأخذ بدعوة جنبلاط وعاود الهجوم على «حزب الله»
الديار : هل قال الحريري للسعوديين : انا في خطر...؟! لم يأخذ...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
221
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro