تمهيد: بدايةً وبعد التوكل، نرجو أن لا يُعتبر هذا المقال من قبيل القدح والذّم، ذلك أنّ معالي وزير الداخلية سبق له وساق محامياً من منزله بتهمة القدح والذّم.
أولاً: وزيري الحريري، ريفي والمشنوق..
في الحكومة الحالية، حكومة الرئيس تمام سلام، تمثّل تيار المستقبل بوزيرين :نهاد المشنوق في الداخلية، واللواء أشرف ريفي في العدلية. وكان منطق الأمور يقتضي أن يكون اللواء ريفي وزيرا للداخلية، لأقدميته في الخدمة الأمنية ،كمدير عام لقوى الأمن الداخلي، إلاّ أنّ التجاذبات السياسية والمناكفات الحزبية اقتضت وارتضت ما رسمته الخلافات"الوطنية" من تقاسمٍ للمغانم وتوزيع للحصص، وهكذا كان، فتربّع صحافيٌ مخضرم على كرسي وزارة الداخلية، ممثلاً لسعد الحريري وتيار المستقبل.
ثانياً: علاقات المشنوق بقوى الأمر الواقع..
لعلّ أول ما صدم جمهور تيار المستقبل ومناصريه ،تلك العلاقة الوطيدة والمبكّرة التي نسجها المشنوق مع قيادات أمنية لقوى الأمر الواقع، وحزب الله على وجه الخصوص، وهذا أمرٌ ليس بمستغرب ولا مستنكر، فموقع وزير الداخلية يفرض عليه التنسيق مع كافة القوى والفعاليات، إلاّ أنّ الشائعات التي تدعمها بعض المواقف ذهبت إلى حدّ الاتهام، بأنّ الوزير يتلقى إملاءات وتوجيهات من أبرز قياديي الحزب، وذهبت التعليقات الساخرة إلى القول بأنّ المشنوق لا يقضي امراً، ولا يقول قولاً ،إلاّ بعد مباركة وموافقة قوى الأمر الواقع، كذلك أُخذ عليه الوقوع تحت التأثير المعنوي والمسلكي لزميله نائب بيروت السيد هاني قبيسي، أحد رجالات الرئيس بري. ويذهب البعض للجزم بأنّ حوار المستقبل-حزب الله ما كان ليتمّ ويستمر لولا جهود معالي الوزير، ومعلومٌ كم نال هذا الحوار العقيم، والذي لا فائدة منه، ولا قعر له، من صدقية ومبدأية تيار المستقبل أمام أنصاره ومُتابعيه.
ثالثاً: الفوقية والاستعلاء والظهور المسرحي..
وُصف الوزير نهاد المشنوق بالفوقية والعنجهية ، والظهور المسرحي على وسائل الإعلام" نافشاً ريشه" كما يقال ،حتى أُطلق عليه لقب "الطاووس" في شبكة التواصل الاجتماعي، وبما أنّ حرفة الصحافة التي اشتُهر بها( كان عليه أن يتولى حقيبة الإعلام) تغلُب عليه في إطلالاته التلفزيونية، فقد دأب على الخروج بمظهر "العارف" ببواطن الأمور، ولا يأتيه الباطلُ من قدّامه ولا خلفه، ولا حواليه، فيطلق مواقف تلوح منها رائحة الاستعلاء والتعجرف، ولا تتّسم بالموضوعية والتّجرد، وهذا ما بدا عليه في برنامج كلام الناس الأخير، فظهر كأنّه يسعى إلى سبقٍ صحفيٍّ ما، فجرّح بدولة أوروبية، اضطرت إلى تكذيبه، وأساء إلى دور المملكة العربية السعودية في موضوع الاستحقاق الرئاسي، فاضطُرّ سفيرُها في لبنان للردّ والتوضيح، وكأنّ سعد الحريري لم ينقصه بعد الصعود الصارخ لغريمه اللواء أشرف ريفي، حتى أطلّ المشنوق بلباس الواعظين، ليزيد الأمر سوءاً على سوء، ويزيد في الطُّنبور نغمة.