عرف أشرف ريفي أن الفرصة سانحة لقطف ثمارها في الشمال ولم يتردد لحظة واحدة في الخروج من حكومة ضائعة منتصراً لتاريخه وتجربته في الإدارة العسكرية ولقسمه ووفائه للدولة والشعب فآثر التضحية بالوزارة التي يموت في سبيلها ومن أجل الحصول عليها كل فرد دون استثناء أحد ممن يتكلم اللغة العربية وترك الباب مشرعاً بينه وبين تيّار المستقبل الذي أراده تبعاً كالتابعين لآل الحريري مذعنين الى قيام البديل .
ظنّ الحريريون أن الريفي قد مات سياسياً أو أنه انقلب على عقبيه فخسر سلطة ينتظرها ويتمناها الكثيرون ممن هم راكعون على أعتاب باب قريطم ولم يهتموا كثيراً في تبيان ملامح الظاهرة الريفية التي استطاعت أن تؤسس لمشروع يتجاوز حدود الشخص وحدود تيّار المستقبل نفسه الذي استنفد نفسه بطريقة خسرته ما ملكه الرئيس رفيق الحريري من أرصدة مالية وسياسية وعلاقات اقليمية ودولية صرفها سعد الحريري دفعة واحدة وما تبقى لديه سوى الفراغ في الشارعين السُني والوطني لملئه من قبل بديل قادر على أحداث التغيير في الواقع اللبناني .
لقد وفرت تجربة الوزير أشرف ريفي في السلطة جرأة غير متوفرة عند أحد من المحسوبين على التيّار وزهداً غير موجود لا في الموجودين في السلطة أو ممن ينتظر دوره في الخارج وعلى بوابة الزعامة الطائفية عندما خرج من الحكومة غير خائف وغير مترقب بل شامخ الرأس بمواقفه التي يؤمن بها والتي لم يتركها جانباً لمصلحة شخصية هنا وعائلية هناك كما فعل ويفعل زملاء له في السلطة وخارجها .
لقد أكل أشرف ريفي عنب الشعب وقتل نواطير طرابلس بسكين الصوت الذي كان حاداً الى الحدّ الذي طال رقاب كبار القوم مجتمعين غير متفرقين وقد هالهم مشهد السقوط المروع لجهابذة الطائفة المدعوة الى تجديد خطابها السياسي وسلوكها الوطني وفق حسابات غير شخصانية دفعت بالبلاد والعباد الى مستويات سحيقة أشعرت المواطن السُني أنه خارج اهتمام السلطة ودفعته الى التمسك بظواهر غريبة وعجيبة عن قناعاته فكان لا يتردد في الدفاع عن من لا يُمكن الدفاع عنه لأنه لا يجيد خدمة الطائفي من موقع وطني لا من موقع التطرف الذي أصاب وابله صدور الناس وكاد أن يخطف أبصارهم .
في السياسة ربح الريفي ما خسره الحريري وميقاتي وكرامي وكسب السُنة المسؤولة عن دور آخر غير الدور الذي لعبه المستقبل كتيّار مصالح ومنافع شخصية للطبقة الميسورة وبالتالي فإن أهمية ذلك في الحسابات والتوازنات الطائفية والسياسية على حد سواء أن من يحكم طرابلس خاصة والشمال عامة بمقدوره أن يحكم الطائفة السُنية لأن الكتلة السنية الفاعلة والوازنة والمؤثرة والتي لا يخترقها سياج طائفي آخر موجودة في طرابلس لا في بيروت ولا في صيدا لذلك ثمّة مرحلة سنية جديدة من شأنها أن تكبر سريعاً لأخذ مكان تيّار لم يستطع المحافظة على إرثه وضيعه كله وبقيّ بلا رصيد يُذكر ومن المتوقع أن تزداد حملات المواجهة للرابح الريفي من الخاسر الحريري ويبدو أن الظهير الخليجي يتطلع الى دور جديد بقيادة جديدة ونزيهة بعقل سياسي وجرأة عسكرية بعد أن أثبت تيّار المال فسده وإفساده اينما حلّ .