تألقت السينما الإيرانية في مهرجان كان السينمائي بفوز فيلم " البائع" للمخرج الإيراني الكبير أصغر فرهادي على جائزتين: جائزة السعفة الذهبية لأفضل لاعب التي حصدها شهاب حسيني وجائزة السعفة الذهبية على الاخراج التي حصل عليها المخرج أصغر فرهادي.
وهكذا تُظهر إيران وجهها الثقافي كما أظهرت طيلة عقود، خاصة بعد الثورة الإسلامية التي أساء البعض من أبنائه فهمها إذ يترجمها إلى قمع الفن والثقافة وممارسة الرقابة على الفن والفنانين والثقافة والمثقفين، ربما تعبيراً عن وفائه والتزامه بالقيم الإسلامية.
ولكن الثقافة الإيرانية التي لم يتمكن العرب المسلمون من تغييرها والإطاحة بهويتها بالرغم من أسلمتها قبل 1400 عاماً لم يتمكن ولن يتمكن المتشددون الإسلاميون في إيران بعد الثورة من فرض قيمهم الضيقة والمشددة عليها.
نعم، السينما الإيرانية التي تألقت خلال أربعة عقود أخيرة، هي مدينة للرقابة الحكومية، إذ لو لم تكن تلك الرقابة لما تألقت تلك السينما التي حصلت مرات عدة على جوائز عالمية خلال أهم مهرجانات سينمائية.
وسبق فرهادي آخرون من أمثال عباس كيا رستمي ومحسن مخملباف ومجيد مجيدي وبهمن قبادي وآخرون.
وصل فريق المخرج الإيراني أصغر فرهادي المتألق في مهرجان كان السينمائي، يوم الخميس إلى مطار الإمام الخميني الدولي في العاصمة طهران، وسط استقبال شعبي واسع جزاءا على تألقه في أهم مهرجان سينمائي عالمي.
عند ما حصل عباس كيا رستمي على جايزة السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي في العام 1997 لم يجرؤ أحد في إيران أن يوجه له رسالة تهنئة رسمية كما لم يجرؤ أحد الذهاب إلى المطار لاستقباله، ويقول كيا رستمي: عند ما وصلت إلى مطار طهران الدولي عائداً من باريس، نصحني الشرطي الذي ختم على جواز سفري بالدخول من الباب الخلفي، لأن هناك جماعة من الشبيحة يتنظرونه في صالة النزلاء ينوون ضربه!
ولكن اليوم لا يشبه البارحة، ولا صوت فوق صوت الشعب، وربما شبيحة عام 1997 تحولوا إلى مشجعين لهذا الفوز الثقافي الكبير.
تم إنتاج هذا الفيلم بمشاركة مالية قطرية، ليكون المخرج في غنى عن دعم أي جهاز حكومي إيراني ربما يؤدي إلى توقعات دعائية يتحفظ المخرج فرهادي من استجابتها دوماً ويُفضّل تجنيب الفن عن ظلال السياسة.
وفعلاً ينبغي توجيه الشكر إلى قطر وتحديداً الشيخة مياسة آل ثاني شقيقة الأمير، التي ساهمت في إنتاج هذا الفيلم الرائع، ونتمتى أن تكون مساهمة قطر في هكذا مشاريع ثقافية - فنية، أو مشاريع البناء والإعمار بدل المساهمة في مشاريع التدمير والخراب وشنّ الحروب!