يسعى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى توحيد مواقف الأطراف المختلفة حول معركة الفلوجة، واصطحب إلى مقر العمليات عدداً من الزعماء السنة، بينهم رئيس البرلمان سليم الجبوري الذي حذر من استغلال المعركة «في التعبئة الطائفية»، ورئيس الوقف السني عبد اللطيف الهميم، لطمأنتهم إلى عدم حدوث انتهاكات، ودعا الى تأجيل التظاهرات المتوقعة اليوم.
وفرضت القوات النظامية و «الحشد الشعبي»، السيطرة بشكل كامل على مركز الكرمة، شمال شرقي الفلوجة، وهي المنطقة التي استمرت عصية على تلك القوات طوال الشهور الماضية، كما تمكنت من تحقيق تقدم غرب المدينة واستعادت عدداً من القرى في منطقة جزيرة الخالدية، لكنها ما زالت بعيدة من الاشتباك المباشر مع عناصر «داعش» الذين تمركزوا منذ أول من أمس في محيطها.
وقال قائد العمليات في الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي لـ «الحياة «، إن «مهمة اقتحام الفلوجة أسندت إلى القوات الأمنية، وفصائل الحشد الشعبي لن تدخل مركز القضاء»، ولفت الى وجود «تنسيق عالي المستوى بين القوات المهاجمة والغطاء الجوي المتمثل بالطيران العراقي وطيران التحالف الدولي». وأضاف أن «خطة التحرير عراقية ولا دخل فيها للتحالف».
وزار العبادي أمس مقر العمليات، مصطحباً الجبوري، والهميم، ووزير التخطيط سلمان الجميلي، لتأكيد أن المعارك تلقى تأييداً سنياً. وقال إن «الوطنية تجمعت في هذا الجهد لتحرير الفلوجة بمشاركة قوات الجيش والشرطة الاتحادية والمحلية ومكافحة الإرهاب والحشدين الشعبي والعشائري وكل المواطنين». واعتبر «تحرير أبناء الفلوجة وحمايتهم من عمليات القتل والتهجير والتعذيب التي تلقوها على يد عصابات داعش هو هدف العمليات». وأكد أن «قواتنا البطلة بكل صنوفها تقاتل الإرهابيين وتحمي المواطنين».
في المقابل، قال الجبوري: «هناك من لا يريد لعمليات تحرير الأراضي العراقية أن تتواصل، ويعمد إلى تأجيج النفَس الطائفي لبث الفرقة وشق الصف». وشدد على ضرورة «إبعاد دعاة الطائفية من معركة تحرير الفلوجة، لأن أبناءها أبرياء من الأفعال الإجرامية لتنظيم داعش الإرهابي، وسيكونون عوناً وسنداً للقوات المحررة». وتابع أن «تحرير الفلوجة ستكون انطلاقة لتحرير ما تبقى من المناطق التي يسيطر عليها الإرهاب في عموم العراق، وعلى وجه التحديد في الموصل».
من جهة أخرى، طالب العبادي المحتجين، في بيان أمس، بتأجيل التظاهرات الأسبوعية «للتفرغ لتحرير الفلوجة». وجاءت دعوته بعد اقتحام المنطقة الخضراء ومقر الحكومة والبرلمان مرتين خلال الأسابيع الماضية، ما شكل تحدياً كبيراً لهيبة الدولة وقدرتها على مزاولة أعمالها، خصوصاً بعد تخوف وزراء ونواب من تكرار عمليات الاقتحام اليوم وخلال الأسابيع المقبلة، بالإضافة الى قلق السفارة الأميركية على أمنها.
وأتاح اندلاع المعارك في الفلوجة للعبادي وقتاً لترتيب أوراق الصراع السياسي بين القوى المتناحرة التي تنتظر اليوم فتوى من المحكمة الاتحادية في شرعية رئاسة البرلمان.
لكن إدارته المعركة العسكرية تبدو أكثر صعوبة، فهو يطالب بمنع تعرض المدنيين داخل الفلوجة لمجازر جراء عمليات القصف، أو بسبب حملات انتقامية يخشاها السكان. وأزمته تتمثل في عدم سيطرته على قرارات فصائل «الحشد الشعبي» التي يزيد عددها على 50 فصيلاً، والأمر ينطبق أيضاً على قادة «الحشد» الذين تبرأوا أول من أمس من تصريحات أحد زملائهم (أوس الخفاجي) الذي اتهم أهالي الفلوجة بأنهم «إرهابيون»، وأثارت تصريحاته حملات إدانة.