يمر حزب الله الشيعي اللبناني بأسوأ مرحلة منذ فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية عليه، لكن العقاب يطال أيضا حاضنة شعبية تدعم الحزب ولا يشارك أغلب المنتمين إليها في أنشطته.
ويكافح الحزب للتملص من شبكة المصارف العالمية التي تحظى برقابة أميركية مشددة. لكن جهوده على ما يبدو تبوء بالفشل.
وكان وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية في وزارة الخزانة الأميركية آدم سزوبن، مهندس العقوبات على إيران، قد أعلن أن بلاده جعلت حزب الله في ضائقة ماديّة هي الأسوأ منذ عقود.
وقال سزوبن، خلال جلسة استماع أمام لجنة مشرعين تابعة للكونغرس والتي كانت تناقش الاتفاق النووي الإيراني، إنّ الأعوام الأخيرة التي شهدت فيها إيران عقوبات اقتصاديّة، جعلت حزب الله في أسوأ حال.
ولفت إلى أنّ “إيران تموّل حزب الله بـ200 مليون دولار سنويا”، بحسب ما نقله عن تقرير أمني أميركي صدر مؤخرا.
وقال “في يناير الماضي، وضعنا عقوبات على شبكة دعم مالية كبيرة لحزب الله، والشهر الماضي نشرنا عقوبات ومعايير جديدة لمنع تمويل الحزب، استنادا إلى القانون الأميركي الذي يخوّلنا تفكيك شبكات الحزب”.
وكشف أنّه “في فبراير الماضي، استهدفت عملية دوليّة دقيقة أعضاء من خلية أوروبية لحزب الله متهمة باستخدام الملايين من الدولارات التي يحصل عليها من بيع الكوكايين في جنوب أميركا لشراء أسلحة واستخدامها في القتال الدائر في سوريا”.
وكشف التحقيق الدولي شبكة جمعت ونقلت ملايين الدولارات من عائدات المخدرات من أوروبا إلى الشرق الأوسط، وعبرت كميات من الأموال إلى منظمات بينها حزب الله.
وحذرت أوساط غربية من خطورة الإجراءات الأميركية المالية ضد حزب الله على الاقتصاد اللبناني برمته.
وذكرت أن العقوبات لا تطال الحزب وأعضاءه والمتعاملين معه مباشرة، بل تنسحب على البيئة المحيطة المستفيدة اجتماعيا من خدمات الحزب أو من تلك التي لا علاقة لها بالحزب.
كما يطال تأثير العقوبات أيضا بيئات معارضة للحزب، من بينها مؤسسة “المبرات” التي يديرها السيد علي فضل الله، نجل المرجع الشيعي الراحل محمد حسين فضل الله، وأقفلت حساباتها، رغم أنها تعتبر مؤسسة بعيدة عن الحزب.
وحذرت صحيفة “فاينانشيال تايمز″ من تداعيات العقوبات الموجعة على الاقتصاد اللبناني، في وقت أقرّت فيه الهيئة الخاصة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في لبنان، إعلاما إلى المصارف يتضمن آلية تنفيذ الإجراءات المتصلة بالعقوبات الأميركية على حزب الله.
وتدعو هذه الآلية المصارف الراغبة في إقفال حسابات مؤسسات أو أشخاص لأنها تعتبرها مخالفة للقانون الأميركي، أن تقدم التبرير لذلك قبل إقفال الحساب.
وأكدت على ضرورة أن ينتظر المصرف ردا من هيئة التحقيق الخاصة قبل إقفال الحساب، وإن لم يبلغه الرد في 30 يوما، يتصرف المصرف على مسؤوليته.
ويتزامن هذا الإعلان مع جولة بدأها مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون الإرهاب دانيال غلايزر في بيروت في إطار جولة له في المنطقة.
ولفتت مصادر مطلعة على أجواء الزيارة الدورية، إلى أن اهتمام واشنطن يتركز على أولوية قطع تمويل تنظيم “داعش” وما يتصل به من منظمات تصنفها إرهابية، ويأتي حزب الله في السياق نفسه.
ولكنها أكدت أن أجواء الزيارة إلى لبنان “إيجابية”، وخصوصا بعد إعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن امتثال القطاع المصرفي اللبناني لقانون العقوبات وبدء تطبيقه فعليا.
وترى أوساط اقتصادية لبنانية أن السوق المصرفي اللبناني يعتمد على الدولار الأميركي، سواء في حسابات عملائه أو في تحويلات المغتربين أو من خلال تحويلات المؤسسات المالية الدولية المقرضة والمانحة، وأن عدم الاستجابة للمراسيم الأميركية يعرض النظام المصرفي اللبناني لـ”العزلة”.
لكن تلك الأوساط حذرت من أن العقوبات التي تفرضها واشنطن ستعزز أسواقا مالية سوداء في لبنان تلتف على النظام المصرفي اللبناني.
العرب