أوهمت تصريحات حاكم مصرف إيران ولي الله سيف خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة وخاصة في مقابلته مع قناة بلومبرغ الاخبارية البعض حتى يستعجل في إصدار حكم الإطاحة بالاتفاق النووي وأن هذا الاتفاق على وشك الخلالار وأن إيران ستعود إلى ما قبل الاتفاق النووي و استئناف العقوبات الدولية والأمريكية مع عقوبات جديدة وإلى ذلك من نسيج وحي الخيال.
قال حاكم مصرف إيران أكثر من مرة خلال زيارته للولايات المتحدة بأن إيران لم تحصل على أي شيئ تقريبا بعد الاتفاق النووي، واتهم الطرف الآخر بعدم العمل بتعهداته. وقال إن الاتفاق النووي لم يتبعه أي انجاز لإيران اقتصادياً.
وبالرغم من أن المنسقة الأوربية للشؤون الخارجية فيدريكا موغريني بعيد تصريحات حاكم مصرف إيران طمأنت إيران بأن الإتحاد الأوروبي سينفذ تعهداته والتزاماته كما التزمت ايران بتعهداتها، مضيفا ان تعاون جديد ومختلف يجري بين طهران وبروكسل، ولكن وجد المحافظون المتشددون في إيران وأعداء إيران الأقليميين في تصريحات حاكم مصرف إيران التي تُظهر خيبة وياساً من تداعيات الاتفاق النووي، فرصة للتبشير بإطاحة الاتفاق النووي وأن العلاقة بين إيران والمجتمع الدولي ستعود إلى ما كانت عليه قبل الاتفاق النووي.
ويجهل هؤلاء أو يتجاهلون السياق االذي أعرب فيه حاكم مصرف لبنان عن رأيه حول إنجازات الاتفاق النووي إيرانياً، وحقيقة المساومة التي كان يخوضها مع الطرف الأمريكي وخاصة خلال لقائه وزير المالية الأمريكي، الذي يُعدّ أول لقاء بهذا المستوى بين البلدين طيلة ما يقرب على أربعة عقود.
ويكفي إلقاء نظرة بسيطة على ما حصلت إيران خلال الشهور القليلة بعد إقرار المخطط الشامل للعمل المشترك لنعرف أن الاتفاق النووي لم يفشل، وبل كان ناجحاً وأدى دوراً مصيرياً لانعاش الاقتصاد الإيراني الذي كان يعيش أنفاسه الأخيرة قبل عام ولو كان يُقدر استمرار العقوبات حتى الآن لكانت إيران قد مُنعت من تصدير برميل واحد من النفط الخام.
ولكن لم ينقطع تصدير النفط الإيراني فحسب، بل إنها نجحت في الوصول إلى رتبتها بين الدول المصدرة للنفط قبل تنفيذ العقوبات عليها، وافادت الوكالة الدولية للطاقة بأن حجم انتاج إيران من النفط وصل إلى 3.6 برميل يومياً في شهر أذار، أي نفس حجم إنتاجها في 2011.
وكدليل آخر علي مصداقية الاتفاق النووي هو أن الهند أفرجت عن 20 في المائة من الأصول المجمدة خلال الأسبوع الماضية كدفعة أولى من أصل 6 ميليارات من العوائد النفطية الإيرانية وذلك عبر مصرف خلق (هالك بنك) التركية.
وهذا ليس دليلاً على الإفراج عن االأصول المجمدة الإيرانية، بل يكشف عن حقيقة فتح سوييفت ( نظام التحويل المصرفي الدولي) أمام المصارف الإيرانية.
وهناك صفقات كبيرة في مجال النقل الجوي والبري وخاصة صناعة السيارات بين إيران وكبرى الشركات في كل من إيطاليا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة نفسه.
ولكن يكفي القول بأنه لو لم يكن الاتفاق النووي لكان إيران قد حُرمت حتى من تصدير برميل واحد من النفط الخام، ولكنها استعادت موقعها في لائحة الدول المصدرة للنفط وسوف تستعيد عاجلاً أم آجلاً جميع المواقع التي خسرتها خلال فترة العقوبات المدمرة.
إن الشعب الإيراني يثق بحكومة الرئيس روحاني وكدليل على رضى الشعب من تصرفات روحاني وحكومته يكفينا النظر إلى استطلاع للرأي العام الإيراني أجري مؤخراً يفيد بأن محمد جواد ظريف وحسن روحاني من أكثر الشخصيات السياسية الإيرانية شعبية، مما يعني بأن معارضي الحكومة فشلوا حتى اللحظة في تيئيس الشعب، وأن السياقات الدولية متاحة لعودة إيران إلى دورها كلاعب طبيعي في المجتمع الدولي، ليس لها مصلحة في استفزاز المجتمع الدولي وإخافتها من مشاريع وهمية وموهمة لا يسمن ولا يغني من جوع.