أشاع القرار القضائي بالإفراج عن 47 ناشطا، ارتياحا في الساحة المصرية، ومنح النظام فرصة لالتقاط أنفاسه، حيث تعرض خلال الأسابيع الماضية لضغوط سياسية شديدة، جراء الحكم على هؤلاء بالحبس خمس سنوات.
وقرر رئيس محكمة استئناف الدقي المجاورة للقاهرة مساء الثلاثاء إلغاء حكم السجن بحقهم وتعديله بالاكتفاء بتغريم كل منهم 100 ألف جنيه (نحو 10 آلاف دولار) بتهمة الاشتراك في مظاهرات ذكرى تحرير سيناء 25 أبريل الماضي "يوم الأرض"، اعتراضًا على اتفاقية تعيين الحدود البحرية والتي انتقلت بمقتضاها جزيرتا تيران وصنافير من مصر للسعودية.
ويعتزم فريق الدفاع عن النشطاء التقدم بطلب إلى النيابة لتقسيط الغرامة على فترات متباعدة، خاصة أن المبلغ مرتفع ولا يستطيع أي شاب أن يدفعه، وغالبيتهم من غير العاملين في وظائف ثابتة ما يشكل عبئًا ثقيلًا على أسرهم.
قال مصدر بالنيابة العامة لـ"العرب" إن تقسيط مبلغ الغرامة متروك للنيابة فقط ويحق لها الرفض أو القبول، وفي الغالب ستتم الاستجابة للطلب بدافع إنساني، إذا ثبت أن مقدم الطلب لن يستطيع الوفاء بدفع المبلغ مرة واحدة، وحتى لا يؤثر ذلك على عملية الإفراج النهائي عنه من النيابة، بحيث لا يستمر حبسه بسبب تأخر دفع الغرامة.
وكانت "العرب" نشرت على لسان قاضٍ بمحكمة الاستئناف أنه سيتم الإفراج عن الشباب المحكوم عليهم بالحبس، خاصة أن الحكم "يعتبر أول درجة، وصادر عن محكمة الجنح"، وسوف تقوم محكمة الاستئناف بنظر الدعوى، ويحق لها إلإلغاء والحكم بالبراءة أو التخفيف لأقل درجة.
يذكر أن عددا من السياسيين وممثلي 6 أحزاب اعتصموا داخل مقر حزب الكرامة، بينهم المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، خلال الأيام الماضية اعتراضًا على حكم محكمة جنح الدقي بحبس الشباب بتهمة التظاهر بدون تصريح وتعطيل المرافق العامة، ورهنوا فض الاعتصام بالإفراج عن الشباب.
وقضت الدائرة 21 إرهاب، المنعقدة بمعسكر قوات الأمن المركزي بطريق "مصر- إسكندرية" الصحراوي، برئاسة القاضي أحمد عبدالجيد، بالسجن 5 سنوات لـ101 ناشطا بتهمة التظاهر في ذكرى 25 أبريل، وغرمت المحكمة عددا منهم مبلغ 100 ألف جنيه.
وأعلن مجلس الوزراء المصري في 9 أبريل الماضي، أن جزيرتي تيران وصنافير الموجودتين في البحر الأحمر تقعان داخل المياه الإقليمية السعودية، بعد يوم واحد من توقيع اتفاقية لتعيين الحدود البحرية والإعلان عن إنشاء جسر يربط بين البلدين، خلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر. واستنكر المحامي خالد علي، وهو مرشح رئاسي سابق، حكم فرض غرامة 100 ألف جنيه، للإفراج عن متظاهري الأرض، ووصفها بأنها باهظة ومجحفة. وقال رأفت منتصر أستاذ القانون العام بجامعة عين شمس، إن محكمة الاستئناف أسقطت تهمة الشغب وقطع الطريق وحيازة الممنوعات عن المتظاهرين، وأبقت على عقوبة التظاهر بدون تصريح مسبق، وحكمت بأشد عقوبة مادية في القانون. وأضاف لـ“العرب” أن الغرامة بمثابة عقوبة تندرج تحت بنود الردع المادي لعدم تكرار الأمر مرة أخرى، وعقوبة التظاهر بدون تصريح هي الغرامة فقط، وفي حال وجود اتهامات أخرى تضاف على الغرامة، بالتالي فإن المحكمة تعاطفت مع الشباب وتفهمت نواياهم وقررت إسقاط التهم ماعدا التهمة الثابتة وهي التظاهر. وتلقت الأوساط السياسية والمنظمات الحقوقية نبأ الإفراج عن النشطاء بتأييد شديد، لاسيما أن أكثرية الأحزاب أبدت استياء من اعتقالهم، وطالبوا بإلغاء أو تعديل قانون التظاهر الذي أقر في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور عام 2013، وتسبب في محاكمة متظاهرين بدون إذن مسبق من وزارة الداخلية. ويرى متابعون ان خطوة الإفراج عن النشطاء، تهدف بالأساس إلى امتصاص الغضب الداخلي. ويضيف هؤلاء أن النظام المصري لا يريد أن يصعد الجبهة الداخلية ضده خصوصا بعد أزمة نقابة الصحافيين. ويجد النظام نفسه هذه الأيام في وضع صعب حيث تحاصره الأزمات من كل حدب وصوب فإلى جانب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، تصر “لعنة” الطائرات على ملاحقته حيث أنه في ظرف أشهر قليلة شهدت القاهرة ثلاث حوادث جوية آخرها الأسبوع الماضي حين وقعت طائرة تابعة لشركة مصر للطيران كانت تقوم برحلة من باريس إلى القاهرة. ولا يزال لا يعرف إلى اليوم سبب سقوطها وإن كان المسؤولون المصريون لا يستبعدون فرضية العمل الإرهابي. ومن شأن هذه الحادثة أن تؤثر سلبا على قطاع السياحة الحيوي بالنسبة لمصر والذي تضرر على مدار السنوات الأخيرة بسبب الإرهاب. ويقول متابعون إن هذا الوضع يفرض على النظام التعامل بحذر ومرونة أكثر مع المناوئين في الداخل لسياساته. ويشدد هؤلاء على أهمية إجراء تعديلات على قانون التظاهر المثير للجدل. |
أحمد حافظ: العرب |