مثلما تنتظر الطوائف الإسلامية شهر رمضان الفضيل لأداء فريضتها الدينية والعقائدية التي تقرّبها من ربّها، كذلك، تنتظر فئات المجتمع من أقصى مسيحيتها إلى أقصى إسلاميتها هذا الشهر وما يحمله من كنوز إعلامية ودرامية وترفيهية تجعل التلفزيون قبلة الجماهير الغفيرة على مدى 30 يوماً.
ولأنّ الدين لله والشاشة للجميع، تتسابق المحطّات لقطفِ ثمار الإنتاجات بكلّ ما أوتيَت من فَجعنة.
وبعد أن طويَت حقبة الفوازير الذهبية مع شريهان ونيللي، إنكبَّ اهتمام المحطات على دورة المسلسلات الشهرية لجذبِ أكبر عدد من المشاهدين ومعهم خيرات الإعلانات.
السباق الرمضاني يشبه كثيراً تجارة البَيض والزيت، فكلّ المحطات لا تستطيع إشاعة أنّ بيضاتها «ممودرين» أو زيتاتها «معوكرين»، وكلّ محطة تحاول إقناع مشاهديها ومشاهدي غيرها بأنّها تقدّم لهم مسلسلات «أوّل قطفة» و«وِجّ السحّارة»، وفيها أضخم الإنتاجات وأهمّ الوجوه التمثيلية في الوطن والمهجر، وهي مستعدّة أن تصرفَ موظفين وتحرقَ استديوهات وتكسّر بروجيكتورات وتقطّش كابلات، لمجرّد إقناعي وإقناعك «إنّو بلِيز إذا بتَعملو معروف» تابعو مسلسلاتي «بسّ هيدا الشهر وبعدِين إنتو حرّين».
ألله أعلمُ ما هي المبالغ التي يتمّ صرفُها، أو التنازلات التي يتمّ تقديمُها، للحصول على الحقوق الحصرية لعرض المسلسلات، لأنّ الحملات الإعلانية التي تشنّها المحطات بعضُها على الأخرى واستِقتالها لتلميع صورة بضاعتِها، تمطِر المشاهدين بوابلٍ مِن «التِيزرز» التي يمكن أن تسبّب ارتفاعاً في الضغط وجلطات في الشريان التاجي.
وفي فترات وقفِ إطلاق النار بين المحطات، تدور حروب بين الفنّانات والفنّانين لتشويهِ صورةِ بعضهم البعض والترويج لشائعاتٍ أو فتحِ قبورٍ قديمة تساهم في زعزعة صورة الممثّل المنافِس في عين المشاهدين، على أمل التأثير في النسَب المتابِعة لعملِه على محطة أخرى.
باختصار، «بتِحلَوّ اللعبة» في السباق الرمضاني وتتكرّس نظرية أنّنا لسنا سوى مجموعة من المستهلكين المجهّزين لالتهام ما يتمّ عرضُه على رفوف القنوات، ومع كلّ مسلسل رمضاني بيطلَعلك 3 «سكتشات» كوميدية وفقرة حوار ترفيهي مقسّطين على 12 شهراً.
يذهب موسم رمضاني ويأتي غيرُه، لكنّ المهمّ أن يكون أفضلَ منه، والأهمّ أن يسعى الكتّاب والمنتجون إلى إيجاد نهايات أكثر إقناعاً وواقعية لمسلسلاتهم، خصوصاً أنّهم حقَنونا بمشاعر الاستهبال في أكثر من عمل سابق. فرجاءً تأكّدوا من مدة صلاحية الأعمال هذا الموسم ومطابقتِها مع المواصفات الدرامية.
ليبانون ديبايت