على بعد 45 كيلومترًا غرب مدينة كركوك، تتمركز قوات حزب الحرية الكردستاني الإيراني المعارض، التي تحارب إلى جانب قوات البيشمركة في إقليم كردستان مسلحي تنظيم "داعش" منذ نحو عامين. قوات الحرية الكردستاني تضم إلى جانب مقاتليها الرجال قوة من المقاتلات النساء والفتيات اللاتي اخترن حمل السلاح ومحاربة التنظيم إلى جانب الرجال بدلا من التمتع بحياتهن الطبيعية كنساء.
"الشرق الأوسط" تجولت في جبهات القتال التي توجد فيها قوات الحرية الكردستاني في غرب كركوك والتقت مقاتلات الحزب لتسليط الضوء على حياتهن اليومية، ومشاركتهن في المعارك على الخطوط الأمامية، وخوضهن الكثير من العمليات الهجومية على مواقع "داعش".
المقاتلة زهرة رستمي، تتولى مع زوجها مهام قيادية في قوات حزب الحرية الكردستاني الإيراني المعارض، وتوجد منذ اندلاع المعارك ضد تنظيم "داعش" على جبهات القتال، وشاركت مع مقاتلات الحزب الأخريات في كل المعارك ضد التنظيم. تقول زهرة البالغة من العمر (25) عامًا لـ"الشرق الأوسط": "أنا ابنة كردستان، ومقاتلة ضمن صفوف حزب الحرية الكردستاني. عندما هاجم تنظيم "داعش" مدينة سنجار، قررت قيادة الحزب أن نقف ضد "داعش" بكل ما أوتينا من قوة، وأن نشارك في هذه الحرب الوطنية، لذا توجهت قواتنا إلى جبهات القتال وها نقترب من دخول العام الثاني للحرب ونحن نوجد في جبهات القتال بكل فخر".
وتضيف زهرة: "شاركت في جميع المعارك على جبهة غرب كركوك جنبًا إلى جنب مع زوجي، وتمكنت قواتنا في أن تلحق خسائر فادحة في صفوف "داعش" على مدى عامين من المعارك الضارية. "داعش" عدو للإنسانية، وخالف هذا التنظيم كل حدود الإنسانية، فهو عدو للكرد وللعالم بأسره. وإن لم يُقتلع من جذوره فإن العالم سيتعرض للكارثة". وتشكل التدريبات البدنية، وكيفية استخدام الأسلحة الحديثة، وخوض المعارك، وكيفية شن الهجمات، والدفاع عن المواقع، أبرز التدريبات التي تخضع لها المقاتلة في صفوف قوات الحرية الكردستاني. وتتدرب المقاتلات لمدة أربعة أيام كل أسبوع تدريبات عسكرية مكثفة على جبهات القتال إلى جانب مشاركتهن المستمرة في الندوات التثقيفية والسياسية والعسكرية اليومية.
أما المقاتلة هازه أردلاني (20) عامًا، التي التحقت خلال الشهرين الماضيين بالجناح العسكري لحزب الحرية، تقول أنها محاربة تنظيم "داعش" وهزيمته أجمل شيء في الحياة. مفتخرة أنها تحارب أعداء كردستان والإنسانية، فـ"داعش" لم يهاجم كردستان بالصدفة. بل تقف الدول التي احتلت كردستان خلف هذا التنظيم، من أجل إبادة الكرد وإنجازاته الديمقراطية هذا من جهة، من جهة أخرى لو تمكن "داعش" من هزيمة الكرد فحينها كان سيتوجه نحو أوروبا، إذن نحن هنا لحماية الإنسانية جمعاء".
وتمضي هازه بالقول: "في الوقت ذاته يواصل إخواننا وأخواتنا مقاتلو الحزب في كردستان إيران مقاومتهم للنظام الإيراني الذي يدعم "داعش" بكل ما أوتي من وسائل. فتنظيم صقور حرية كردستان الذي يشرف على خلايانا المسلحة داخل إيران تهاجم باستمرار معسكرات الحرس الثوري والأجهزة الأمنية الإيرانية الأخرى، وقد ألحق مقاتلونا خلال الشهر الماضي وبداية الشهر الحالي هزائم كبيرة بقوات النظام في مدن كردستان إيران".
من جهتها أردفت المقاتلة نيشتمان هورامي (25) عاما بالقول: "البعد عن الأهل والبيت أمر صعب، لكن هذه الصعوبة تتلاشى عندما يكون هناك عامل كبير خلف تلك الخطوة، كالدفاع عن الوطن. الحرب ضد "داعش" حرب كبيرة، المواطنون الكرد في إيران يتابعون مجرياتها، وهم سعداء بمشاركة أبنائهم وبناتهم في الدفاع عن كردستان. وعن كيفية سير الحياة اليومية في الجبهة، تقول: "نحن في حالة استعداد مستمرة، نراقب تحركات "داعش" ليل نهار، وندحر هجماتهم ونحمي جبهاتنا، ونواصل التدريبات العسكرية إلى جانب واجباتنا، إضافة إلى أننا نهتم بمطالعة الكتب يوميا، وندير أعمالنا اليومية أيضا".
وعما إذا كانت تشعر بالخوف أثناء المعارك أم لا، تشدد هورامي بالقول: "الشخص الذي يصبح مقاتلا في صفوف قوات البيشمركة لا يعرف للخوف معنى. البيشمركة ورغم قلة أسلحتها فإنها كسرت شوكة (داعش) ودمرت قواه الهجومية".
(الشرق الأوسط)