دعم أميركي لمبادرة بري , والحجيري شهيد الثأثر المذهبي
المستقبل :
انطلق العد العكسي للمرحلة الرابعة والأخيرة من الاستحقاق البلدي والاختياري الأحد المقبل في الشمال، حيث غّلب العقلاء والحرصاء على عاصمته لغة التوافق على ما عداها من لغات التجييش السياسي والحزبي صوناً «لطرابلس« ومصالح أبنائها الإنمائية والحياتية والاجتماعية والاقتصادية، بينما تتجه الأنظار إلى كل من تنورين والقبيات بوصفهما من الساحات الشمالية القليلة التي ستشهد «أم المعارك» الانتخابية بين لوائح عائلية وأخرى حزبية.
ففي طرابلس، وبينما لفت أمس الاجتماع الذي عُقد بين الرئيس نجيب ميقاتي والنواب سمير الجسر، أحمد كرامي، محمد كبارة، بدر ونوس وروبير فاضل وخلص بعد تنسيق هاتفي مع كل من النائب محمد الصفدي والوزير السابق فيصل كرامي إلى تأكيد دعم لائحة «لطرابلس« التوافقية، أوضح مستشار الرئيس سعد الحريري لشؤون الشمال عبد الغني كبارة لـ«المستقبل» أنّ التوافق الذي حصل هو «توافق على إنماء طرابلس وليس على المحاصصة»، مشيراً في هذا المجال إلى أنّ أعضاء اللائحة هم محايدون سياسياً ويشكلون «فريق عمل متجانساً من أصحاب الكفاءات العلمية والخبرات العملية ومن الناشطين في المجتمع المدني الفعّال الذي سبق وقدّم مشاريع كثيرة للمدينة وخصوصاً لباب التبانة وللمناطق التي تعرضت لأحداث أمنية في الفترات السابقة»، كما أكد كبارة في هذا السياق أن من ضمن برامج هذه اللائحة «إعادة هيكلة المجلس البلدي إدارياً ليواكب ويلبي حاجات المدينة بالتعاون مع إدارات الدولة بما يؤدي إلى تسهيل إنجاز المشاريع المعدة أو التي هي قيد التنفيذ لإنماء طرابلس».
توازياً، شددت مصادر اقتصادية لـ«المستقبل» على أهمية أن يضطلع المجلس البلدي الجديد بمهام تواكب العصر لكي تأخذ طرابلس دورها ومكانتها الطبيعية في الإنماء والتطور، مذكرين في هذا المجال بالإشارات التي لفت إليها عدد كبير من الديبلوماسيين والمسؤولين الأممين خلال زياراتهم طرابلس إزاء دورها المحوري وما ينتظرها من تحديات إنمائية وفرص نهوض اقتصادية مركزية بعد انتهاء الحرب في سوريا نظراً لتماسها الجغرافي مع الحدود السورية.
تنورين والقبيات
أما على ساحة المعارك الانتخابية المرتقبة، فتبرز تنورين في قضاء البترون حيث يُعدّ تحالف «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» العدّة لخوض معركة انتخابية إلغائية ضد لائحة الوزير بطرس حرب والعائلات. وإذ اختصر حرب الحماوة الانتخابية المنتظرة في تنورين بقوله أمس رداً على سؤال تلفزيوني عما إذا ستكون الانتخابات البلدية فيها «أم المعارك» الشمالية: «هي أم المعارك وأبوها»، يخوض العونيون والقواتيون معركة قاسية ضد حرب في محاولة لتحجيمه وإقصائه انتخابياً في معقله تنورين حيث يسعى تحالف الطرفين إلى تحقيق الربح الكامل أو أقله إحراز خرق وازن في مواجهة اللائحة المدعومة من حرب، الأمر الذي علقت عليه أوساطه بالقول لـ«المستقبل»: «هيدي ما رح يشوفوها والنتائج الأحد هي اللي بتحكي». في حين نقلت أوساط عائلية لـ«المستقبل» أنّ «المجتمع التنوري شعر باستفزاز كبير من خلال المنحى الذي يدفع «التيار الوطني» و«القوات» تنورين باتجاهه من خلال مساعيهما الحثيثة لتحوير المعركة الانتخابية من ديموقراطية إلى إلغائية لحرب ولإرادة العائلات في المدينة«.
وفي الغضون، تستعد القبيات في عكار لخوض غمار معركة انتخابية قاسية مماثلة لمعركة تنورين بين النائب هادي حبيش والنائب السابق مخايل الضاهر من جهة ولائحة عونية قواتية من جهة مقابلة تخضع للمعايير والأهداف السياسية نفسها لناحية محاولة «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» إقصاء حبيش والضاهر عن المشهد السياسي والانتخابي في معقل عائلتيهما التاريخي. وإذ تكتسب معركة القبيات حماوتها الانتخابية من زاوية التصدي العائلي للسطوة الحزبية عليها، تنقل أوساط اللائحتين المتنافستين أجواء تشي باحتدام المعركة المرتقبة وسط تأكيد كل من الجانبين أنها ستكون «على المنخار» ومن الصعب استشراف نتائجها قبل إقفال صناديق الاقتراع مساء الأحد المقبل.
جريمة قتل الحجيري
أمنياً، برزت أمس جريمة خطف وقتل الشاب حسين محمد الحجيري التي جاهر بارتكابها معروف حمية والد الجندي الشهيد محمد حمية الذي سبق أن قتله الإرهابيون بعد اختطافه من عرسال، إذ عمد الجاني ومعاونوه قبل ظهر أمس إلى خطف المجني عليه من بعلبك ثم إعدامه بوابل من الرصاص وإلقاء جثته على قبر الشهيد حمية في جبانة طاريا، قبل أن يُطلّ حمية في سلسلة إطلالات إعلامية ليتباهى بجريمته باعتبارها جريمة أخذ بالثأر من مصطفى الحجيري (شقيق والد المغدور)، متوعداً بمزيد من جرائم القتل بحقه وبحق كل من رئيس بلدية عرسال السابق علي الحجيري ومختارها وأقاربهم.
الديار :
هذا ما يقوله مصدر ديبلوماسي اوروبي رفيع المستوى «احذروا من جنون «داعش» في المرحلة المقبلة»، الانتحاريون وراء الأبواب، وقادة التنظيم يهددون بأنهم سيحولون المنطقة الى «خرائب» اذا ما نفذت التهديدات ضدهم...
وبحسب المصدر فان بلدان المنطقة لديها الكثير من المعلومات حول ما يزمع تنظيم الدولة الاسلامية تنفيذه بعدما شكل المئات من الخلايا النائمة، مع اعتماده على العنصر النسائي هذه المرة، ودون استبعاد أن تحتوي أحزمة الانتحاريين هذه المرة على مواد جرثومية او كيميائية، اضافة الى أشياء أخرى تستخدم عادة في تصنيع القنابل القذرة...
المصدر يؤكد ان لبنان يدخل في بنك الاهداف. داخل قيادة التنظيم، هناك «غرفة» خاصة بلبنان، وانطلاقاً من قناعة هذه القيادة بأن الوصول الى شاطئ المتوسط ضرورة استراتيجية قصوى. وبعبارة أخرى، هذا الهدف لا يزال بالغ الجدية بالنسبة الى التنظيم الذي اذا ما قرر الخروج من مدينة الرقة السورية، فإن آلاف المقاتلين قد ينتقلون الى سفوح السلسلة الشرقية، وقد يحاولون الاندفاع الى الداخل اللبناني.
ويشير المصدر الى ان محادثات المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لواشنطن كانت على مستوى عال جداً من الأهمية. هناك الكثير من المعلومات حول تطورات حساسة للغاية تسبق وضع التسوية في سوريا على السكة او لقطع الطريق على هذه التسوية...
ويكشف عن ان عواصم اوروبية استوضحت انقرة، وكذلك عواصم عربية، حول «التغيير البنيوي» في «جبهة النصرة» التي يعمل لتحويلها الى قوة ضاربة بأسلحة حديثة، وبقيادة ضباط عرب (وهناك كلام عن ضباط احتياط اسرائيليين تم «استئجارهم» لمهمات استشارية كما لمهمات ميدانية).
وبكلام آخر، فان المرحلة المقبلة ستكون شديدة التعقيد وما يستشف من كلام اللواء ابراهيم لا يترك مجالاً للشك في أن لبنان قد يكون أمام اختبار صعب، وهو ما استدعى اللقاء مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون رينان الذي سبق وتحدث عن تغيير في الخارطة السورية التي تتداخل جغرافياً وتاريخياً مع الخارطة اللبنانية، اين لبنان في هذه الحال؟
بطبيعة الحال، طرح المدير العام للأمن العام هذا السؤال على رينان كما على مسؤولين اميركيين آخرين، وان كانت الاجابة غامضة دوماً حول السبب الذي يجعل جرود القلمون بامتداداتها اللبنانية خارج نطاق العمليات العسكرية للتحالف الدولي، خصوصاً وأن الجيش اللبناني اقفل كل الطرقات، كما اقفل الى حد بعيد، كل الاحتمالات حول امكانية اندفاع المسلحين الى الداخل.
الخطير هنا الحديث عن دور مستقبلي لـ«جبهة النصرة»، وعن الخلايا التي انشأتها داخل العديد من المخيمات، لا سيما تلك التي تقع في محيط بلدة عرسال او في داخلها.
ولعل السؤال المثير هنا يتعلق بـ«تعاطف» جهات سياسية لبنانية مع «النصرة»، السؤال الأهم ما اذا كانت هذه الجهات قد تلقت ايعازاً من قوى خارجية باعتماد ذلك الموقف بانتظار الحقبة التالية التي تشكل فيها «جبهة النصرة» عنصر التوازن مع «حزب الله»، وعلى اساس التداخل بين الوضعين السوري واللبناني.
غيوم في الافق، ويأمل اكثر من مصدر سياسي وديبلوماسي ان يتمكن الاميركيون والروس من تبديدها بتسوية للأزمة السورية لأن بقاء الامور هكذا لحين اجراء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، والانتقال الى ادارة جديدة، يعني وضع المحيط السوري على فوهة بركان.
الفرنسيون يعرفون الكثير حول ما ينتظر المنطقة، مدير الاستخبارات الفرنسية برنار باجوليه تحدث ايضاً عن عدم عودة الخرائط الى ما كانت عليه، هذه تركة سايكس - بيكو، والخرائط هنا كما حجارة الدومينو.
وعلى هذا الأساس، باريس متوجسة، والفاتيكان قلق، فيما اكتشف الرئيس تمام سلام في اسطنبول ان ملف الرئاسة في لبنان غائب عن اذهان العديد من القادة الاوروبيين والعالميين، وما على اللبنانيين الا ان يتدبروا أمرهم...
ـ الافراج عن... عون ـ
وفي هذا السياق، يقول رئيس حكومة سابق لـ«الديار» «لا تنتظروا جان - مارك بعد غد الجمعة على انه مبعوث من السماء»، صحيح ان فرنسا معنية بلبنان، ولكن لها ارتباطاتها الاقليمية المعقدة، فهل صحيح انها تمكنت، ومن خلال اتصالات سرية مكثفة، حمل المملكة العربية السعودية على الافراج (بشروط) عن العماد ميشال عون؟
هذا السؤال يطرح وراء الضوء، ومعه حديث عن احاديث السفير السعودي علي عواض عسيري الذي لا يفصح عادة عما لديه، لكن كلامه يبدو على شيء من التفاؤل، والى الحد الذي يحمل اكثر من شخصية سياسية على التأكيد بأن حفل العشاء الذي اقامه عسيري لم يكن ليحصل لو لم يكن هناك شيء جديد في الافق، لاحظوا ان العماد عون شارك في العشاء فيما النائب سليمان فرنجية اوفد نجله طوني. هل المسألة تتعلق بعدم رغبة رئيس تيارالمردة اللقاء وجهاً لوجه مع رئيس تكتل التغيير والاصلاح أم ان المسألة أبعد من ذلك، وأعمق من ذلك؟
لا مبادرة فرنسية، لو كانت هناك مبادرة لعلمت بها واشنطن على الاقل، القائم بالأعمال السفير ريتشارد جونز قال ألا علم له بـ«التحرك» الفرنسي، وباريس توضح ان المشكلة ليست في واشنطن، بل ان جزءاً كبيراً منها موجود في الرياض وطهران، وعلاقتها جيدة جداً مع السعوديين ومعقولة (جداً؟) مع الايرانيين، هذا ما يمكنها من الاضطلاع بدور الحلحلة.
ولا يتوقع ان يطرح ايرولت افكاراً أو حتى آليات محددة للحل، بل انه سيحصل من المراجع اللبنانية على كل التفاصيل (جونز قال ان فخامة الشيطان موجود فيها) كي يبلور الفرنسيون رؤية ما للحل يطرحونها على ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان ومن ثم على وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف اللذين سيزوران باريس قريباً.
اللافت امس ان جونز الذي زار الرئيس سعد الحريري امس كان هو المبادر الى اثارة مبادرة الرئيس نبيه بري. وتبعاً لما يقوله مصدر سياسي تابع اللقاء، فان الديبلوماسي الاميركي يعتبر ان رئيس المجلس النيابي انما يسعى لكسر الحلقة المفرغة او بالتالي وقف التدهور على اكثر من صعيد في الوضع اللبناني.
ـ ديناميكية للبننة الاستحقاق ـ
واذ لا وجود لاي مبادرة اخرى، ولا مجال لبقاء العملية السياسية، كما العملية الدستورية عالقة في عنق الزجاجة، فان الافكار التي طرحها بري يمكن ان تشكل مدخلاً للحل اذا ما تبلورت ديناميكية معينة للبننة الاستحقاق الدستوري.
الحريري كان متجاوباً، والذين يتفاءلون بعشاء عسيري يقولون انه اذا لم تفرج الرياض عن الجنرال على الاقل تفرج عن الاستحقاق الرئاسي، وان كان البعض يقول بالتماهي بين الجنرال ورئاسة الجمهورية، جونز ادلى بكلام هام جداً حين لاحظ ان اقتراح بري مثير للاهتمام، ويجب على الجميع ان يأخذوه جدياً بالاعتبار، مبدياً اعتقاده بان رئيس تيار المستقبل «يفعل ذلك».
وشدد على «ضرورة القيام بكل ما يلزم لملء الفراغ الرئاسي لان ترهل المؤسسات يشكل خطراً كبيرا على لبنان. ومن الضروري ان يجد اللبنانيون حلا لانتخاب الرئيس معتبراً ان المبادرة قد تفتح الباب لذلك.
وكان الرئيس فؤاد السنيورة قد اشار الى ان كتلة المستقبل التي يرئسها لم تتخذ بعد قرارا في شأن المبادرة ما يعني ان ثمة تريثاً واتجاهاً الى درس كل الظروف، والشروط المحيطة بالمبادرة، وبرغبة من الحريري الذي يدرك مدى المأزق الذي يعيشه البلد كما يدرك ان ما طرحه بري ليس من قبيل الفانتازيا السياسية، او من قبيل اللهم اشهد اني بلغت، بل ان ثمة نية، وبالتالي تصميماً، على ايجاد المخارج في ظل كلام كثير عن تفاعلات خطيرة في المنطقة، وتفترض بالمرجعيات اللبنانية ان تبذل قصارى جهدها لتحصين الداخل اللبناني من اي اهتزازات.
ـ الحريري يفعل ذلك ـ
جونز قال ان الحريري «يفعل ذلك» اي انه يتعامل بجدية مع اقتراحات رئيس المجلس، وان كان بعض نواب وقيادي المستقبل يبدون وقد فتحوا دكاكين على حسابهم. انتقدوا الطرح، واعلنوا رفضهم للانتخابات النيابية قبل الانتخابات الرئاسية دون ان تقول القيادة كلمتها التي بطبيعة الحال تخضع لمعطيات داخلية وخارجية على السواء.
مصادر سياسية تأمل في ان يقرأ اهل السياسة تصريح جونز بدقة. الرجل عاشق لبنان، وحين كان سفيراً لديه، قرر الاقامة فيه عقب انتهاء مهمته وكاد يتعاقد مع احدى الجامعات قبل ان يتبلغ من واشنطن ان «الاوضاع الخاصة» في لبنان لا تسمح بذلك.
الجمهورية :
يدخل الشغور في موقع رئاسة الجمهورية عامه الثالث اليوم بلا أيّ بصيص أمل في المدى المنظور. وباتت كرسي الرئاسة اللبنانية رهينة النزاع الإقليمي الدموي وخصوصاً في سوريا. ولم يعد الاحتكام الى صندوقة الاقتراع في مجلس النواب خريطة طريق انتخاب رئيس عتيد للبنان، وإنما بات الاحتكام الى صناديق الصواريخ هو المدخل الى ولوج باب الرئاسة المقفل في بعبدا. سنتان مرّتا على الفراغ في سدة الرئاسة ولم يرفّ جفن لمعطّلي هذا الاستحقاق تحت شعارات واهية، في وقت يتعرّض لبنان لأقسى التحديات، من مواجهة الارهاب الى مشاريع التوطين المشبوهة، مروراً بانهيار منظومة انتظام العمل العام، وعجز مجلس الوزراء وشلّ مجلس النواب، وتراجع الاقتصاد والاستثمار وتهجير السيّاح، وغرق البلاد في نفايات هنا وفضائح وفساد هناك. مع دخول الشغور عامه الثالث، تستكمل بكركي سعيها مع فرنسا والفاتيكان والدول المؤثرة لإنتخاب رئيس للجمهورية. وفي السياق، أكد راعي أبرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون لـ«الجمهورية» أنّ «مسألة انتخاب الرئيس أساسية للموارنة وكل لبنان، ونتمنى انتخابه اليوم قبل الغد لأنه لا يمكن استمرار الوطن بلا رأس، من هنا ندعو القوى السياسيّة الى القيام بواجبها سريعاً».
وأشار عون الى أنّ «بكركي نَفت سعيها الى انتخاب رئيس لمدة سنتين» وقال: «نحن نتمسّك بانتخاب الرئيس لولاية كاملة أي 6 سنوات»، مشدّداً على أنّ «القول إنّ الفراغ الذي يدخل عامه الثالث سيؤدي الى خسارة الموارنة الرئاسة هو كلام كبير، فهناك ضمانات إقليمية ودولية تحافظ على حق الموارنة في تَولّي الرئاسة، كذلك فإنّ الداخل متمسّك بهذا الأمر الذي يكفله الدستور».
وأكد عون أخيراً أنّ «الرئاسة ستبقى مع الموارنة، والجميع مع الحفاظ على العيش المشترك، فلبنان يبقى ويستمرّ بحفظ حقوق جميع مكوّناته».
جونز ومبادرة بري
الى ذلك، حظيت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الأخيرة باهتمام اميركي، واعتبر القائم بالأعمال الاميركي في لبنان السفير ريشارد جونز، بعد زيارته الرئيس سعد الحريري: «انّ الاقتراح الذي قدّمه رئيس البرلمان مثير للاهتمام، ويجب على الجميع أن يأخذوه جدياً في الاعتبار، واعتقد أنّ الرئيس الحريري يفعل ذلك».
وحَضّ جونز اللبنانيين على القيام بكل ما باستطاعتهم لملء الشغور الرئاسي، وقال: «إنّ ترهّل المؤسسات يشكل خطراً كبيراً على لبنان، ومن الضروري أن يجد اللبنانيون حلاً لانتخاب الرئيس، وقد تفتح مبادرة رئيس البرلمان الباب أمام ذلك».
لقاء برّي - الحريري
وفي السّياق، حضرت المبادرة في عين التينة مساء أمس في لقاء جمع برّي مع الرئيس سعد الحريري ومدير مكتبه نادر الحريري في حضور الوزير علي حسن خليل، وتناول الحديث خلال اللقاء الذي تخلله عشاء الأوضاع والتطورات الراهنة والملفات والاستحقاقات السياسية.
وتنطلق مبادرة برّي من قانون انتخاب جديد تَجري وفقه الانتخابات بعد تقصير ولاية المجلس، وإذا لم يتمّ الاتفاق على القانون تَجري الانتخابات وفق قانون الستين، وتنعقد بعدها جلسة لإنتخاب رئيس المجلس وهيئة مكتب المجلس، ثم جلسة لانتخابات رئاسيّة بعد تعهّد من الجميع بالحضور واتفاق على الحكومة.
أمن عرسال
وفي هذه الاجواء، عاد الوضع الامني الى الواجهة مجدداً من بوابة عرسال التي شهدت تطوراً خطيراً حرَّك المخاوف من فتنة مذهبية ومن انطلاق أعمال ثأر متبادلة.
وتَمثّل هذا التطور بثأر معروف حمية لابنه العسكري الشهيد محمد حمية الذي أُعدم رمياً بالرصاص على يد «جبهة النصرة» في أيلول 2014، فقتل ابن شقيق مصطفى الحجيري الملقّب بـ«ابو طاقية»، حسين محمد الحجيري، رامياً جثته على قبر ابنه في جبّانة طاريا، رافضاً تسليم نفسه ومتوعّداً بالوصول الى «ابو طاقية».
وعلى الأثر، شهدت بلدة عرسال انتشاراً مسلحاً، واتخذ الجيش تدابير أمنية مشدّدة في بعلبك، وأقام حواجز ثابتة ومتحرّكة في بلدتي طليا وطاريا، وسَيّر دوريات في المنطقة ونفّذ مداهمات عدّة.
مصدر عسكري
وأكّد مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ «الجيش تحرّك بسرعة من أجل تطويق ذيول الفتنة في منطقة بعلبك وعدم الإنجرار الى فتنة سنية - شيعية»، مشيراً الى أنّ «قيادة الجيش أجرت سلسلة اتصالات مع الفاعليات في عرسال وبعلبك من أجل تهدئة النفوس، وتجاوبَ الجميع حيث مرّ وقت من دون ردّات فِعل».
ولفت المصدر الى أنّ «الجيش يلاحق والد حمية، وقد دهم منزله وسيستمرّ في ملاحقته، ولن يسمح بتكرار حوادث كهذه او ازدياد عمليات الثأر»، مشدداً على أنّ «الوضع في عرسال مضبوط، وليس هناك تحرّك مسلّح»، مؤكداً أنّ «الجيش على جهوزية لمنع انفلات الوضع».
قهوجي
وكان قائد الجيش العماد جان قهوجي جدّد في «أمر اليوم» الى العسكريين لمناسبة «عيد المقاومة والتحرير»، التزام الجيش «العمل بكلّ الوسائل لكشف مصير رفاقكم المخطوفين لدى التنظيمات الإرهابية، والعمل على تحريرهم أسوة برفاقهم المحررين».
اللواء :
خرق القتل المتعمد للشاب حسين محمّد الحجيري على يد والد العسكري الشهيد محمّد حمية، في عملية ثأرية مدانة، الهدوء الذي اتسمت به الانتخابات البلدية.
وأرخت جريمة الاغتيال بدم بارد بظلال ثقيلة على الأمن والاستقرار في البقاع، بين عرسال مسقط رأس الشهيد الحجيري وطاريا واللبوة البلدتين الجارتين والمتصلتين بعرسال الحدودية بمصالح حيوية وجيرة، وحتى مصاهرة.
ولئن تمكنت القوى الأمنية من جيش وقوى أمن من ضبط الوضع على الأرض، في حين تحرّكت الأجهزة القضائية والأمنية لمحاسبة المسؤول عن ارتكاب الجريمة، بعدما أعلن معروف حمية والد الجندي الشهيد محمّد تحمله المسؤولية، رافضاً تسليم نفسه، في حين ربط شقيقه عملية التسليم بتسليم الشيخ مصطفى الحجيري المعروف بـ«ابو طاقية» نفسه للقضاء، فإن هذا الحادث الأمني الخطير بظروف وقوعه ودلالاته التي تعتبر الدولة وكأنها غير قائمة، تحول إلى بند يومي على جدول الاهتمام السياسي، وحتى جلسة مجلس الوزراء التي أضيف إلى جدول أعمالها ثلاثة بنود ذات صفة مالية، من بينها استحداث وزارة للنفط، مع توثب مسيحي لافتعال أزمة على خلفية وقف الأعمال في مشروع سد جنة الذي قرّر تكتل الإصلاح والتغيير فرض رأيه حوله في مجلس الوزراء لجهة تنفيذه، في حين أعلن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل رفضه للمشروع، وأن وزراء الحزب الثلاثة سيعارضونه لأن مساوئه أكثر من فوائده، ويلتقي معهم وزراء «المستقبل» ووزيرا البيئة والزراعة محمّد المشنوق واكرم شهيب.
ومن دون استبعاد ان تقود المناقشات الحامية في هذا الموضوع، إلى إعادة فتح ملف المناقصات في ما يتعلق بملف النفايات المطروح اساساً ضمن جدول الأعمال.
وتأتي هذه التوترات الأمنية والوزارية قبل استكمال انتخابات طرابلس والشمال البلدية الأحد المقبل، حيث يمضي الائتلاف السياسي والنيابي، لا سيما بين الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي للاتيان بمجلسين بلدييين كفوءين لكل من طرابلس والميناء.
وكان لافتاً للانتباه بيان نواب المدينة الذي شارك فيه الرئيس ميقاتي، وجرى التنسيق حوله مع النائب محمّد الصفدي والوزير فيصل كرامي، والذي تضمن دعوة للنزول بكثافة الأحد لانتخاب أعضاء اللائحتين المذكورتين، مشيدين (أي النواب) بالكفاءات المتوافرة في لائحتي «لطرابلس» و«الميناء حضارة».
مبادرة برّي
وخارج هذه اليوميات، كشفت الاتصالات واللقاءات ان مبادرة الرئيس نبيه برّي للخروج من المأزق الرئاسي والنيابي، ومن الشلل العارم الذي يضرب البلاد، كانت محور اتصالات الساعات الماضية، حيث كشف القائم بالأعمال الأميركي السفير ريتشارد جونز من «بيت الوسط» بعد لقائه الرئيس الحريري ان الاقتراح الذي قدمه رئيس البرلمان «مثير للاهتمام»، داعياً الجميع لأخذه «جدياً بعين الاعتبار»، معرباً عن اعتقاد ان الرئيس الحريري «يفعل ذلك».
واعتبر جونز ان ترهل المؤسسات بات يُشكّل خطراً كبيراً على لبنان، ومن الضروري ان يجد اللبنانيون حلاً لانتخاب رئيس للجمهورية.
والمبادرة التي رأى الدبلوماسي الأميركي انها «تفتح الباب امام انتخاب الرئيس»، كانت على جدول أعمال الزيارة التي قام بها الرئيس الحريري إلى عين التينة ليل أمس، حيث استبقاه الرئيس برّي إلى مائدة العشاء، في حضور مدير مكتبه نادر الحريري ووزير المال علي حسن خليل، وكلاهما يُشارك في الحوار الثنائي بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله».
وعلمت «اللواء» ان المبادرة التي تنطلق من الانتخابات النيابية، سواء من قانون جديد للانتخاب أو قانون الستين ستكون عنوان المرحلة المقبلة، على ان يعقبها انتخاب فوري للرئيس، بعد توقيع تعهد من نواب المجلس المنتخب بتوفير النصاب للجلسة الأولى التي ستستمر دون انقطاع لانتخاب رئيس، حتى ولو استمرت أكثر من يوم، بحيث تفتح الجلسة بنصاب الثلثين وتحصل الانتخابات بالنصف زائداً واحداً.
وذكرت معلومات ان انتزاع توقيع من الكتل أو تعهد مدون في الجلسة المقبلة للحوار أو قبلها، هو الذي تدور حوله المناقشات، حتى إذا ما ضمن الرئيس برّي هذه الخطوة من «حزب الله» والتيار العوني والمدعوم اميركياً واوروبياً وعربياً، فإنه سيُصار إلى فتح دورة استثنائية للمجلس ليتمكن اما لإقرار قانون جديد للانتخابات أو إقرار قانون بتقصير ولاية المجلس، بحيث تعلن وزارة الداخلية جهوزيتها لاجراء انتخابات نيابية قياساً على نجاح الانتخابات البلدية، بحيث ينتخب المجلس الجديد الرئيس الجديد، سواء حصل اتفاق مسبق على شخصه أو خضع الأمر لمنافسة ديمقراطية.
وأضافت المعلومات لـ«اللواء» ان تيّار «المستقبل» بات امام الخطوة الأخيرة لاعلان دعمه لمبادرة الرئيس برّي شرط الحصول على ضمانات اكيدة من ان نصاب انتخاب الرئيس سيكون ممكناً بعد إتمام سلسلة الخطوات المشار إليها، انطلاقاً من ان الوضع بات لا يحتمل ان يستمر على ما هو عليه من تراجع النمو الاقتصادي وزيادة المخاطر الناجمة عن العجز في الميزان التجاري، فضلاً عن غياب الموازنة لأكثر من عقد كامل، وهو أمر لم يحصل في تاريخ لبنان الحديث، في ظل تزايد الضغوطات المالية وخلافها على الوضع الداخلي الذي انعشته نسبياً الانتخابات البلدية، ويخشى ما لم يستكمل مسار العملية الديمقراطية من إضاعة الفرصة لإخراج البلد من ازمته.
وستناقش اللجان النيابية قانون الانتخاب مع بروز عقدة قد تعيد عقارب الساعة إلى الوراء وتتمثل بإعلان تكتل «الاصلاح والتغيير» بأنه عاد إلى القانون الارثوذكسي الذي سقط في جلسة نيابية عامة.
وتخوفت مصادر نيابية من أن يكون هذا الموقف إطلاق نار مباشر على مبادرة الرئيس برّي وعودة إلى التجاذب السياسي في ما خصّ عمل المجلس الذي ينتهي عقده العادي الثلاثاء المقبل.
وكان الرئيس برّي أكد أمام زواره، أمس، أن لا جديد على صعيد المبادرة التي أطلقها على طاولة الحوار الأربعاء الماضي، وأنه ما يزال ينتظر أن تأتيه ردود القوى السياسية في جلسة الحوار المقررة في 21 حزيران المقبل، مشيراً إلى أن التركيز الآن هو على جلسات اللجان النيابية المشتركة التي ستعاود اجتماعاتها غداً الخميس، والتي يفترض أن تدرس صيغاً لقانون الانتخاب نتمنى أن تصل إلى نتيجة.
وأعرب الرئيس برّي عن ارتياحه لمسار العملية الانتخابية لبلديات النبطية والجنوب، مرحباً بالنتائج التي اعتبرها دليل وعي عند الجنوبيين، لافتاً إلى أن الإقبال على الاقتراع كان جيداً، لكنه تمنى لو كان أكثر، عازياً ذلك إلى التحالفات والتفاهمات التي برّدت همّة النّاس.
كتلة المستقبل
وفي سياق البحث عن قانون الانتخاب، اعتبرت كتلة «المستقبل» في اجتماعها أمس، أن القانون المختلط بين النظامين النسبي والأكثري هو القانون الأكثر واقعية وتمثيلاً، وجددت تمسكها بالاتفاق الموقع مع «القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي والذي اعتبرته بأنه «بمثابة تسوية معقولة تعبّر عن أقصى الممكن».
ولمناسبة مرور عامين على شغور منصب رئاسة الجمهورية كررت الكتلة دعوة القوى السياسية على اختلاف اتجاهاتها التوجه لانتخاب رئيس الجمهورية، مشددة على أولوية انتخاب الرئيس كونه رئيس البلاد ورمز وحدة الوطن وحامي الدستور، إلا أن البيان لم يتطرق إلى مبادرة الرئيس برّي، على اعتبار أن النقاش في شأنها لم يستكمل بعد.
واعتبرت الكتلة أن استمرار تعطيل عملية انتخاب الرئيس من قبل «حزب الله» وحليفه التيار العوني مستعيناً بقوة السلاح الخارج عن الشرعية، يُشكّل جريمة كبرى مستمرة بحق لبنان، بما ينعكس سلباً وبشكل كارثي على البلاد من مختلف النواحي الوطنية والسياسية والأمنية والاقتصادية والمعيشية والإنمائية.
العقوبات الأميركية
ودعت الكتلة، في موضوع العقوبات الأميركية على «حزب الله» الى ضرورة التعامل بحكمة وتبصّر والتزام مع مقتضيات مشاركة لبنان وعضويته في النظام المالي العالمي.
ومن المقرّر أن يصل إلى بيروت بعد غد الجمعة نائب وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب دانيال غلايزر للإطلاع على المراحل التي قطعها التزام المصارف اللبنانية بالإجراءات الأميركية التي نص عليها قانون الكونغرس، في حين يواصل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اتصالاته الهادئة على صعيد معالجة الإشكالات التي آثارها «حزب الله».
وسيلتقي الحاكم سلامة اليوم رئيس الحكومة تمام سلام في حضور وزير المال الذي كان زار الولايات المتحدة لاستطلاع الموقف الأميركي من العقوبات عينها.
ويعقد سلامة غداً اجتماعاً مع لجنة الرقابة على المصارف، بعدما كان التقى أمس مجلس إدارة جمعية المصارف برئاسة جوزف طربيه بناء على طلبه، بغية تحديد تفاصيل آليات تطبيق العقوبات.
سدّ جنّة: مشروع مشكل
من ناحية ثانية، اعتبر مصدر وزاري لـ«اللواء» أن جلسة مجلس الوزراء الخميس ربما تكون مشروع مشكل بفعل وجود مواضيع أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها «نارية»، مثل مشروع سد جنّة وتوطين النازحين السوريين ومشاريع تتعلق بالصحة والأشغال تدور حولها إشكاليات. لكن المصدر استدرك قائلاً: لطالما كنا ندخل إلى جلسات نارية وتنتهي هادئة، وندخل إلى جلسات هادئة وتنتهي نارية.
وقال المصدر أنه سيكون للرئيس تمام سلام الذي عاد إلى بيروت أمس من اسطنبول، كلام في مقدمة الجلسة، كالعادة حول الاستحقاق الرئاسي، لكن هذه المرة مع دخول الشغور الرئاسي عامه الثالث اليوم.
وبالنسبة لمشروع سد جنّة كشف مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» أن وزراء «المستقبل» في الحكومة سيقفون ضد المشروع باعتباره «كارثة» من جميع النواحي، فضلاً عن كونه غير قانوني، مشيراً في هذا السياق إلى أن بناء السدود هي من صلاحية وزارة الطاقة والمياه حصراً، وليس من صلاحيات مؤسسات المياه المعنية بالشبكات وليس بالسدود.
الاخبار :
يتوقع أن تُصدر الهيئة المصرفية العليا غداً «إعلاماً» يطوي صفحة الأزمة بين المصارف وحزب الله. «الإعلام» سيكون ترجمة عملية للبيان الذي أصدره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الثلاثاء الماضي من باريس، والذي كان محور لقاءين عقدهما أمس مع كل من مجلس إدارة جمعية المصارف، ومع وفد من حزب الله ضمّ الوزير حسين الحاج حسن والنائب علي فياض والنائب السابق أمين شرّي.
القرار بيد الهيئة الخاصة
سيركّز «الإعلام» الذي سيصدر عن هيئة التحقيق الخاصة على ثلاث نقاط رئيسية متصلة بتطبيق القانون الاميركي الرامي إلى مكافحة تمويل حزب الله دولياً على النحو الآتي:
ــــ النقطة الأولى تتحدّث عن إقفال الحسابات وتجميدها وفتحها، إذ لا يمكن أن تصبح هذه الإجراءات سارية المفعول إلا بعد قيام المصرف المعني بإبلاغ هيئة التحقيق الخاصة بالأسباب الموجبة والمعلّلة وبمعلومات تفصيلية عن حركة الحساب وعن هوية صاحب الحساب، ثم ينتظر ردّ الهيئة.
ــــ النقطة الثانية تتحدّث عن المهلة الزمنية الممنوحة للهيئة للإجابة على طلب المصارف في شأن إغلاق الحسابات أو فتحها أو تجميدها، وهي 30 يوماً. وبحسب مصادر متابعة، فإن التعديل الوحيد الذي طرأ على هذه النقطة مقارنة مع بيان سلامة الصادر الباريسي، هو أنه يمكن تجديد هذه المهلة 30 يوماً إضافية، أي إن المهلة النهائية قد ترتفع إلى 60 يوماً ولا يمكن المصرف التصرّف بالحساب طوال هذه الفترة.
ــــ النقطة الثالثة ستكون مقتضبة ومفادها أن الهيئة المصرفية العليا هي الجهة التي تحال أمامها مخالفات المصارف.
معاقبة المخالفين
وكانت النقطة الثالثة محور اللقاء أمس بين سلامة والمصارف، وبينه وبين وفد حزب الله. وقالت مصادر مطلعة إن مجلس إدارة المصارف لم يكن مكتملاً في اللقاء مع سلامة، إذ إن أحد أصحاب المصارف التي تعدّ رأس الحربة في الدفاع عن تطبيق القانون الأميركي والتوسّع في تفسيره، لم يحضر الاجتماع بل أوفد المدير العام للمجموعة ممثلاً عنه، ما ترك انطباعات سلبية لدى المجتمعين بعد نقاشات حادّة أجراها هذا المصرفي خلال اللقاء مع وفد من حزب الله الاربعاء الماضي.
وبحسب المصادر، فإن هذا النقاش الحاد كان حاضراً أيضاً الاسبوع الماضي في أحد اجتماعات مجلس إدارة جمعية المصارف، حيث انقسم المصرفيون بين راغب في تبنّي التطبيق الواسع للقانون الأميركي ومن يبحثون عن الحدّ الأدنى المطلوب منهم وفق نص المراسيم التطبيقية للقانون.
وأبلغ سلامة المصارف أنه لا مفرّ من تطبيق القانون الأميركي «لكن بعقلانية وحكمة». وتحدّث عن «الإعلام» الذي سيصدر عن هيئة التحقيق الخاصة بتفاصيله التي تتضمن إحالة كل مصرف مخالف على الهيئة المصرفية العليا. وأوضحت مصادر مصرفية أن اللقاء مع الحاكم كان «إيجابياً» ومريحاً للطرفين، إذ إن صدور «الإعلام» عن هيئة التحقيق الخاصة يريح المصارف ويزيل عنها، جزئياً، مسؤولية القرار المتعلق بفتح الحسابات أو تجميدها وإغلاقها، وبالتالي فإن المصارف التي تعتقد أن هناك شبهة على حساب ما، بات عليها أن تبلغ هيئة التحقيق الخاصة، علماً بأن هذه الآلية «لا هدف لها سوى مراقبة حسن تطبيق المصارف للتعميم 137 الصادر عن مصرف لبنان والمتعلق بتطبيق قانون مكافحة تمويل حزب الله دولياً. هذا القانون مفروض على لبنان ولا يمكن إلا أن يطبّقه أسوة بدول كبيرة في العالم مثل روسيا والصين وغيرهما... ما قيل لنا أمس هو أن التطبيق يجب أن يكون بطريقة معينة».
وبحسب مصادر مطلعة، فإن المصارف لم تكرّر ما قالته أمام وزير المال علي حسن خليل الثلاثاء الماضي عن عدم إلزامية تعاميم مصرف لبنان لها، بل كان أعضاء الجمعية منسجمين مع ما يقوله سلامة عن «الإعلام» وعن القانون الأميركي.
وما سمعه وفد حزب الله من سلامة يصبّ في السياق نفسه، إلا أنه يختلف عن التطمينات السابقة التي كان الحاكم قدّمها لحزب الله و«نكث» بها. وقدّم الحاكم تطمينات أبرزها ما يتصل بذكر الهيئة المصرفية العليا في الإعلام. هذه الهيئة تتحرّك، وفق القانون، بناءً على إحالة من لجنة الرقابة على المصارف لرئيس الهيئة حاكم مصرف لبنان، أو بناءً على مبادرة من الحاكم مباشرة. وهي بمثابة محكمة إدارية تتألف من الحاكم رئيساً، ومن قاض يقترحه مجلس القضاء الأعلى، ومن أحد نواب الحاكم يقترحه المجلس المركزي لمصرف لبنان، ومن أحد أعضاء لجنة الرقابة الذين تقترحهم اللجنة، ومن مدير عام وزارة المال، ومن مؤسسة ضمان الودائع، ويشارك في اجتماعاتها رئيس لجنة الرقابة على المصارف بصفة مشابهة للمدعي العام.
وفي إمكان الهيئة المصرفية العليا، طبقاً لنص المادة 208 من قانون النقد والتسليف، أن تفرض على المصرف عقوبات إدارية متدرّجة تبدأ بالتنبيه ثم «خفض تسهيلات التسليف المعطاة له أو تعليقها»، و«منعه من القيام ببعض العمليات أو فرض تحديدات أخرى في ممارسته المهنة»، و«تعيين مراقب أو مدير موقت»، وأخيراً «شطبه من لائحة المصارف». وتشير هذه المادة إلى أن هذه العقوبات «لا تحول من دون تطبيق العقوبات والغرامات الجزائية التي يتعرض لها المصرف المخالف». أما المادة 209 من قانون النقد والتسليف فتشير إلى أن الهيئة هي التي تقرّر هذه العقوبات.