هذا ما يقوله مصدر ديبلوماسي اوروبي رفيع المستوى «احذروا من جنون «داعش» في المرحلة المقبلة»، الانتحاريون وراء الأبواب، وقادة التنظيم يهددون بأنهم سيحولون المنطقة الى «خرائب» اذا ما نفذت التهديدات ضدهم...
وبحسب المصدر فان بلدان المنطقة لديها الكثير من المعلومات حول ما يزمع تنظيم الدولة الاسلامية تنفيذه بعدما شكل المئات من الخلايا النائمة، مع اعتماده على العنصر النسائي هذه المرة، ودون استبعاد أن تحتوي أحزمة الانتحاريين هذه المرة على مواد جرثومية او كيميائية، اضافة الى أشياء أخرى تستخدم عادة في تصنيع القنابل القذرة...
المصدر يؤكد ان لبنان يدخل في بنك الاهداف. داخل قيادة التنظيم، هناك «غرفة» خاصة بلبنان، وانطلاقاً من قناعة هذه القيادة بأن الوصول الى شاطئ المتوسط ضرورة استراتيجية قصوى. وبعبارة أخرى، هذا الهدف لا يزال بالغ الجدية بالنسبة الى التنظيم الذي اذا ما قرر الخروج من مدينة الرقة السورية، فإن آلاف المقاتلين قد ينتقلون الى سفوح السلسلة الشرقية، وقد يحاولون الاندفاع الى الداخل اللبناني.
ويشير المصدر الى ان محادثات المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لواشنطن كانت على مستوى عال جداً من الأهمية. هناك الكثير من المعلومات حول تطورات حساسة للغاية تسبق وضع التسوية في سوريا على السكة او لقطع الطريق على هذه التسوية...
ويكشف عن ان عواصم اوروبية استوضحت انقرة، وكذلك عواصم عربية، حول «التغيير البنيوي» في «جبهة النصرة» التي يعمل لتحويلها الى قوة ضاربة بأسلحة حديثة، وبقيادة ضباط عرب (وهناك كلام عن ضباط احتياط اسرائيليين تم «استئجارهم» لمهمات استشارية كما لمهمات ميدانية).
وبكلام آخر، فان المرحلة المقبلة ستكون شديدة التعقيد وما يستشف من كلام اللواء ابراهيم لا يترك مجالاً للشك في أن لبنان قد يكون أمام اختبار صعب، وهو ما استدعى اللقاء مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون رينان الذي سبق وتحدث عن تغيير في الخارطة السورية التي تتداخل جغرافياً وتاريخياً مع الخارطة اللبنانية، اين لبنان في هذه الحال؟
بطبيعة الحال، طرح المدير العام للأمن العام هذا السؤال على رينان كما على مسؤولين اميركيين آخرين، وان كانت الاجابة غامضة دوماً حول السبب الذي يجعل جرود القلمون بامتداداتها اللبنانية خارج نطاق العمليات العسكرية للتحالف الدولي، خصوصاً وأن الجيش اللبناني اقفل كل الطرقات، كما اقفل الى حد بعيد، كل الاحتمالات حول امكانية اندفاع المسلحين الى الداخل.
الخطير هنا الحديث عن دور مستقبلي لـ«جبهة النصرة»، وعن الخلايا التي انشأتها داخل العديد من المخيمات، لا سيما تلك التي تقع في محيط بلدة عرسال او في داخلها.
ولعل السؤال المثير هنا يتعلق بـ«تعاطف» جهات سياسية لبنانية مع «النصرة»، السؤال الأهم ما اذا كانت هذه الجهات قد تلقت ايعازاً من قوى خارجية باعتماد ذلك الموقف بانتظار الحقبة التالية التي تشكل فيها «جبهة النصرة» عنصر التوازن مع «حزب الله»، وعلى اساس التداخل بين الوضعين السوري واللبناني.
غيوم في الافق، ويأمل اكثر من مصدر سياسي وديبلوماسي ان يتمكن الاميركيون والروس من تبديدها بتسوية للأزمة السورية لأن بقاء الامور هكذا لحين اجراء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، والانتقال الى ادارة جديدة، يعني وضع المحيط السوري على فوهة بركان.
الفرنسيون يعرفون الكثير حول ما ينتظر المنطقة، مدير الاستخبارات الفرنسية برنار باجوليه تحدث ايضاً عن عدم عودة الخرائط الى ما كانت عليه، هذه تركة سايكس - بيكو، والخرائط هنا كما حجارة الدومينو.
وعلى هذا الأساس، باريس متوجسة، والفاتيكان قلق، فيما اكتشف الرئيس تمام سلام في اسطنبول ان ملف الرئاسة في لبنان غائب عن اذهان العديد من القادة الاوروبيين والعالميين، وما على اللبنانيين الا ان يتدبروا أمرهم...
ـ الافراج عن... عون ـ
وفي هذا السياق، يقول رئيس حكومة سابق لـ«الديار» «لا تنتظروا جان - مارك بعد غد الجمعة على انه مبعوث من السماء»، صحيح ان فرنسا معنية بلبنان، ولكن لها ارتباطاتها الاقليمية المعقدة، فهل صحيح انها تمكنت، ومن خلال اتصالات سرية مكثفة، حمل المملكة العربية السعودية على الافراج (بشروط) عن العماد ميشال عون؟
هذا السؤال يطرح وراء الضوء، ومعه حديث عن احاديث السفير السعودي علي عواض عسيري الذي لا يفصح عادة عما لديه، لكن كلامه يبدو على شيء من التفاؤل، والى الحد الذي يحمل اكثر من شخصية سياسية على التأكيد بأن حفل العشاء الذي اقامه عسيري لم يكن ليحصل لو لم يكن هناك شيء جديد في الافق، لاحظوا ان العماد عون شارك في العشاء فيما النائب سليمان فرنجية اوفد نجله طوني. هل المسألة تتعلق بعدم رغبة رئيس تيارالمردة اللقاء وجهاً لوجه مع رئيس تكتل التغيير والاصلاح أم ان المسألة أبعد من ذلك، وأعمق من ذلك؟
لا مبادرة فرنسية، لو كانت هناك مبادرة لعلمت بها واشنطن على الاقل، القائم بالأعمال السفير ريتشارد جونز قال ألا علم له بـ«التحرك» الفرنسي، وباريس توضح ان المشكلة ليست في واشنطن، بل ان جزءاً كبيراً منها موجود في الرياض وطهران، وعلاقتها جيدة جداً مع السعوديين ومعقولة (جداً؟) مع الايرانيين، هذا ما يمكنها من الاضطلاع بدور الحلحلة.
ولا يتوقع ان يطرح ايرولت افكاراً أو حتى آليات محددة للحل، بل انه سيحصل من المراجع اللبنانية على كل التفاصيل (جونز قال ان فخامة الشيطان موجود فيها) كي يبلور الفرنسيون رؤية ما للحل يطرحونها على ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان ومن ثم على وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف اللذين سيزوران باريس قريباً.
اللافت امس ان جونز الذي زار الرئيس سعد الحريري امس كان هو المبادر الى اثارة مبادرة الرئيس نبيه بري. وتبعاً لما يقوله مصدر سياسي تابع اللقاء، فان الديبلوماسي الاميركي يعتبر ان رئيس المجلس النيابي انما يسعى لكسر الحلقة المفرغة او بالتالي وقف التدهور على اكثر من صعيد في الوضع اللبناني.
ـ ديناميكية للبننة الاستحقاق ـ
واذ لا وجود لاي مبادرة اخرى، ولا مجال لبقاء العملية السياسية، كما العملية الدستورية عالقة في عنق الزجاجة، فان الافكار التي طرحها بري يمكن ان تشكل مدخلاً للحل اذا ما تبلورت ديناميكية معينة للبننة الاستحقاق الدستوري.
الحريري كان متجاوباً، والذين يتفاءلون بعشاء عسيري يقولون انه اذا لم تفرج الرياض عن الجنرال على الاقل تفرج عن الاستحقاق الرئاسي، وان كان البعض يقول بالتماهي بين الجنرال ورئاسة الجمهورية، جونز ادلى بكلام هام جداً حين لاحظ ان اقتراح بري مثير للاهتمام، ويجب على الجميع ان يأخذوه جدياً بالاعتبار، مبدياً اعتقاده بان رئيس تيار المستقبل «يفعل ذلك».
وشدد على «ضرورة القيام بكل ما يلزم لملء الفراغ الرئاسي لان ترهل المؤسسات يشكل خطراً كبيرا على لبنان. ومن الضروري ان يجد اللبنانيون حلا لانتخاب الرئيس معتبراً ان المبادرة قد تفتح الباب لذلك.
وكان الرئيس فؤاد السنيورة قد اشار الى ان كتلة المستقبل التي يرئسها لم تتخذ بعد قرارا في شأن المبادرة ما يعني ان ثمة تريثاً واتجاهاً الى درس كل الظروف، والشروط المحيطة بالمبادرة، وبرغبة من الحريري الذي يدرك مدى المأزق الذي يعيشه البلد كما يدرك ان ما طرحه بري ليس من قبيل الفانتازيا السياسية، او من قبيل اللهم اشهد اني بلغت، بل ان ثمة نية، وبالتالي تصميماً، على ايجاد المخارج في ظل كلام كثير عن تفاعلات خطيرة في المنطقة، وتفترض بالمرجعيات اللبنانية ان تبذل قصارى جهدها لتحصين الداخل اللبناني من اي اهتزازات.
ـ الحريري يفعل ذلك ـ
جونز قال ان الحريري «يفعل ذلك» اي انه يتعامل بجدية مع اقتراحات رئيس المجلس، وان كان بعض نواب وقيادي المستقبل يبدون وقد فتحوا دكاكين على حسابهم. انتقدوا الطرح، واعلنوا رفضهم للانتخابات النيابية قبل الانتخابات الرئاسية دون ان تقول القيادة كلمتها التي بطبيعة الحال تخضع لمعطيات داخلية وخارجية على السواء.
مصادر سياسية تأمل في ان يقرأ اهل السياسة تصريح جونز بدقة. الرجل عاشق لبنان، وحين كان سفيراً لديه، قرر الاقامة فيه عقب انتهاء مهمته وكاد يتعاقد مع احدى الجامعات قبل ان يتبلغ من واشنطن ان «الاوضاع الخاصة» في لبنان لا تسمح بذلك.
قضية توطين النازحين السوريين لا تزال مثار جدل. وثمة حديث عن توجس فاتيكاني من اي خلل دراماتيكي في التوازنات السياسية والطائفية في لبنان الذي قد يتحول، تلقائياً (جراحياً على الاغلب) الى 3 دول او اكثر.
من اسطنبول وبعد مشاركته في القمة العالمية الانسانية، شدد رئيس الحكومة تمام سلام على «العودة الامنة وليس الطوعية للنازحين الى ديارهم كما قضى بذلك قرار مجلس الامن الدولي رقم 2254 الذي لا يخلو من النقاط الملتبسة وربما الخطيرة ايضاَ.
قال ان بان كي مون استجاب سريعا عبر بيان اصدره ولفت فيه الى ان الامم المتحدة لا تلزم لبنان. وهو في تقريره، خاطب دول العالم التي لديها امكانات التوطين والتجنيس.
الى اشعار آخر، العودة الصعبة على امل الا تكون العودة المستحيلة!