اليوم، سقط حسين الحجيري شهيدًا على "قبر" شهيد، واليوم ظن أهالي بلدة طاريا ان روح الشهيد محمد حمية سترقد بسلام لكنهم أخطأوا فاليوم هاتين الروحين ستلتقيان لتشكيا لبعضهما ظلم الإنسان لأخيه الإنسان ولتواسيا بعضهما بعضا تحسّرا وألما على ما حلّ بعرسال وجوارها من حقد زرعه الإرهابيون في قلوب ابناء البلد الواحد ونجحوا بذلك بسبب الفكر المتحجّر الذي يسيطر على عقولنا.
فاليوم طاريا البقاعية هللت وأطلقت الزغاريد فرحًا وكأن حزن عرسال كان عرسًا بالنسبة إليهم، مخالفين بذلك المنطق والدين الذي لا يقبل بقتل المظلوم. واليوم قطف معروف حمية من بستان عرسال خيرة شبابها متجاهلا فكرة أنه ليس من قتل الشهيد محمد حمية.
صحيح أنّ محمد حمية شهيد والدولة اللبنانية أهملت القيام بواجبها امام دمائه وزملائه الذين استشهدوا معه أيضًا لكنّ ما قام به والده ليس اقتصاصًا من مجرم إنّما جريمة سيعاقبه الله عليها قبل القانون "قتل النفس بغير حق حرام" ، والحجيري لا ذنب له سوى أنه من عرسال وابن أخ مصطفى الحجيري الملقب بأبو طاقية.
فمشاهد إعدام حمية أدمت قلوب اللبنانيين على حد سواء، لكن كيف نقابل الخطأ بالخطأ وكيف نسكت عن جريمة أيضًا أدمت قلب والد شعر بألم قتل ابنه ظلما ؟
فبين معروف حمية ومحمد الحجيري واقع ألم مشترك فرضه عليهم قانون الغاب الذي نعيش به وبين حزنهما أيضًا قاسم مشترك أوجده مفهوم الثأر الذي لا يغني عن فتنة غير معروف متى ستتوقف وتنتهي.
فقتل الحجيري لم يعد حمية إلى الحياة لكنه بالتأكيد سيجرّ شهيدا تلو الآخر وهؤلاء سينظرون إلينا من دنياهم الثانية متسائلين عمّا نفعله ببعضنا وربما مستهزئين بما وصلنا إليه من عالم خال من الرأفة والإنسانية.
هنيئا محمد، هنيئا حسين، أنتما الإثنان ضحية العقلية المتخلفة ولو أن الدين يقبل بذلك لكان الإمام الحسن "ع" اقتص من أحد أفراد ابن ملجم لوالده علي ابن أبي طالب وليس من ابن ملجم نفسه.