وسام بليق، اسم جديد يُضاف إلى لائحة ضحايا السلاح المُتفلّت بعدما أصابته رصاصات مجهولة المصدر في رأسه وهو بداخل سيارته يوم الجمعة الفائت أدت إلى دخول غيبوبة في مستشفى المقاصد إلى أن فارق الحياة صباح أمس.
الروايات التي تحدث عن قضية مقتل وسام بليق كثيرة إلا أن المؤكد أنه سقط ضحية السلاح المتفلت وهي الحقيقة التي يعاني منها كل اللبنانيين .
وسام بليق واحد من أولئك الذين دفعوا ثمن إنتشار السلاح غير الشرعي وثمن الفوضى الأمنية التي تعبث بأمن المواطن اللبناني على مساحة الوطن بكامله .
فوضى متنقلة،وسلاح متفلت، وحوادث أمنية بالجملة,وبالرغم من محدودية هذه الأحداث إلا أنها تفتك بشكل أو بآخر بالمجتمع اللبناني كله, وبات كل لبناني مشروع قتيل، أو مشروع ضحيه لظاهرة إطلاق النار العشوائي عند كل مناسبة سياسية كانت أو إجتماعية .
وهذا كله مع وجود بعض الضوابط لحمل السلاح إلا أنها لم تعد كافية بالنظر إلى الواقع المرير التي يعانيه كل لبنان جراء هذه الظاهرة .
القانون اللبناني يحدد صلاحية إعطاء رخص اقتناء السلاح وحيازته وحمله بمرجعية وزارة الدفاع، وينصّ القانون على حظر نقل الأسلحة والذخائر أو حيازتها من الفئة الرابعة في الأراضي اللبنانية، ما لم يكن الناقل حائزاً رخصة صادرة عن قيادة الجيش وتعطى لمدة ستة أشهر أو سنة واحدة ويجوز تجديدها.
ومع ذلك نشهد بشكل غير مسبوق انتشار السلاح في كل الأحياء اللبنانية وخصوصا في مدينة بيروت، في ظاهرة باتت تهدد الناس جميعا في عقر دارهم .
والسؤال هنا : أين هو دور الدولة اللبنانية التي من واجبها العمل على الحد من هذه الظاهرة التي باتت تستبيح مجتمعنا وتقضي على الشباب والأطفال وفي معظم الحالات يتم تجهيل الفاعل إمّا عن قصد وإمّا نتيجة عدم وصول التحقيقات إلى نتائج مؤكدة وملموسة؟
أين الأجهزة اللبنانية التي يمنحها القنون حق القبض على أي مطلق للنار وعلى اي مسيء للأمن وعلى كل من يهدد الإستقرار ؟
وسام بليق الشاهد على هذا التفلت وهذا الإنهيار الأمني غير المسبوق، والشاهد على أن الموت وحده هو الشيء الوحيد التي يمكن لهذه الدولة أن تمنحه لمواطينها جراء التقاعس والتخلف والإهمال .
وسام بليق الوالد لثلاثة أولاد هم، محمد ويوسف وروى، ليس الأول الذي يسقط مضرجاً بدمه على الطرقات وبالطبع لن يكون الأخير في بلد أصبحت البطولة تُقاس بنوعيّة السلاح الذي يقتنيه الفرد.
ومن قال أن دور الأهل ينتهي أو يُحال إلى التقاعد مع سقوط أبنائهم؟ فهذه والدة وسام تركع أمام جسده المُمدد على السرير قبل نقله إلى برّاد المستشفى وتقول «بكير يا ماما، بعرف أنو حياتك انتهت هون، لكن ليش الظلم، ليش قتلوك؟«.
وتتابع الوالدة التي احترق قلبها على ابنها وعلى الأيتام الثلاثة الذين رحل والدهم قبل أن يحتفل بشهاداتهم «لو بتقوم يا وسام وبتقلنا مين اللي قتلك قدام ولادك.
يمكن فديتنا بروحك لتحمينا وتحمي ولادنا بس قوم وقلنا مين اللي قتلك لترتاح ونرتاح ونتصرف.
وسام ما انقتل برصاصة طايشة وسام كان عنا وصله تلفون تهديد فقلها لمرته أنا عم بتهدد خلينا ننضب على البيت«.
وتقول الوالدة «هني وبالسيارة شافوا الموتو الي اطلق النار عليه». وتسأل عن «كاميرات الدولة الموزعة على الطرقات والتي كلّفت خمسين مليون دولار«.
وسام بليق ابن التاسعة والثلاثين عاماً والرقيب أوّل في فوج إطفاء بيروت، لم يُصدق والده أن ابنه ذهب ولن يراه ثانية، يقول الوالد «ابني مُحب للجميع ولا أعداء له، اسألوا جميع أبناء المنطقة وزملاءه في العمل.
اسألوا عنه جمهور نادي النجمة الذي كان يعشقه وجماهير كرة القدم في لبنان. الله يرحمك يا بابا ويتغمدك برحمته».
إحدى الممرضات في مستشفى المقاصد أكدت لـ»المستقبل» أن «وضع وسام كان حرجاً منذ لحظة وصوله إلى المستشفى، فوسام قد توفىّ دماغيّاً منذ لحظة وصوله والأطباء قاموا بكل ما يستطيعون فعله من أجل إنقاذ حياته، لكن إرادة الله كانت أقوى»، مشيرة إلى أن «ما كان يُبقي وسام على قيد الحياة هو الماكينات الطبيّة التي تمنح القلب نبضات إصطناعية«.