توقعت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن معركة استعادة الفلوجة من سيطرة "داعش" ستكون طويلة ودموية، مشيرة إلى أن المدينة التي تقع على مسافة 50 كيلومتراً إلى الغرب من بغداد، كان ينظر إليها دائماً على أنها معقل المتطرفين الذين يهددون العاصمة، خاصة في أعقاب الهجمات الدموية الأخيرة التي وقعت في العاصمة العراقية وأدت إلى مقتل وإصابة العشرات.
وبحسب الصحيفة، فإن الهجوم على الفلوجة وإن كان يحمل طابعاً أمنياً، إلا أن روح الانتقام من المدينة موجودة لدى القوات المهاجمة، فطالما عدت هذه المدينة معقلاً للجماعات "المتطرفة" ومنها تنظيم "داعش" الذي سيطر على المدينة قبل أكثر من سنتين، وكانت أول مدينة عراقية تخضع لسيطرة التنظيم حتى قبل الموصل الواقعة شمالي البلاد.
معركة الفلوجة كانت مفاجأة في توقيتها، فبينما كانت الأدلة والإشارات تؤكد أن الموصل ستكون المدينة القادمة في حرب استعادة السيطرة على الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم، فإن حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، أعلن في خطاب متلفز أن القوات العراقية والقوات المساندة لها بدأت معركة تحرير الفلوجة ليلة أول من أمس.
ورغم مرور ساعات عقب إعلان العبادي انطلاق معركة تحرير الفلوجة، إلا أن القوات العراقية لم تتقدم على الأرض واكتفت بالقذائف الصاروخية، وبحسب البيانات الرسمية العراقية فإن القوات وصلت إلى مشارف منطقة الكرمة، وهي مدينة صغيرة شمال شرق الفلوجة، غالباً ما كانت خالية من مقاتلي التنظيم.
ولعدة أشهر سعت القوات الحكومية وقوات الحشد الشعبي لحصار الفلوجة، بدلاً من شن أي هجوم مباشر على المدينة؛ الأمر الذي أدى إلى تردي الأوضاع الإنسانية فيها.
وفي هذا الإطار قالت الأمم المتحدة أنها خزنت مواد في بغداد استعداداً لحصول أي أزمة نزوح جديدة، في وقت أكدت فيه أن 80 عائلة فقط هي من تمكنت من الخروج من المدينة، في حين لقي مدنيون حتفهم من جراء القصف الصاروخي.
ولا يزال عشرات الآلاف من المدنيين محاصرين؛ ففي الوقت الذي يمنع فيه تنظيم "داعش" المدنيين من الخروج، فإن المليشيات التي تحاصرها غالباً ما تمنع العائلات هناك من الدخول إلى بغداد؛ وهو ما دفع بنشطاء في مجال حقوق الإنسان إلى التحذير من حصول انتهاكات.
وتؤكد الصحيفة الأمريكية أن أي معركة برية في الفلوجة ستكون طويلة ودموية، فالمدينة التي يطلق عليها اسم "مدينة المساجد" طالما كانت تحمل رمزية كبيرة بالنسبة للمقاتلين ولأهل السنة عموماً.
وسبق لمشاة البحرية الأميركية (المارينز) أن خاضت معركتين في المدينة عام 2004، اعتبرت في حينها أصعب المعارك التي خاضها الجيش الأيمركي منذ حرب فيتنام.
وتتوقع الصحيفة إدراك الولايات المتحدة صعوبة المعركة في الفلوجة؛ ما دفعها إلى تأجيل خوض هذه المعركة، حيث قامت القوات العراقية باستعادة مدينة الرمادي وبعض المناطق الواقعة أقصى غربي العراق.
ووفقاً للكولونيل ستيف وارن، المتحدث باسم قوات التحالف الدولي في بغداد، فإن قوات التحالف، التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية، دعمت معركة الفلوجة من خلال تنفيذ طلعات جوية وغارات على 21 هدفاً قرب الفلوجة، منذ 17 أيار الجاري.
وهذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها الحكومة العراقية عن انطلاق معركة تحرير الفلوجة، إذ سبق لها أن أطلقت حملات مماثلة خلال العامين الماضيين، إلا أنها سرعان ما كانت تتوقف.