ادعت مصادر باكستانية فور مقتل حركة طالبان الأفغانية ملا اختر منصور خلال غارة طائرة أميركية بدون طيار بأن وُجدت في جواز سفر ملا أختر منصور تأشيرة إيران وتُظهر التأشيرة بأن زعيم طالبان خرج من إيران في نفس اليوم الذي استهدفته الطائرة الأميركية، بعد توقف في إيران لمدة أكثر من شهر، مضيفاً بأن التأشيرة كانت تحمل صورة تشبه زعيم طالبان ولكنها لم تكن باسمه بل كانت تحمل اسم حيدر كصاحب التأشيرة.
لم تنف المصادر الأميركية هذا الخبر لتجد إيران الكرة في ملعبه، مما اضطر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية حسين جابري أنصاري إلى نفي دخول زعيم حركة طالبان أراضيها.
وفعلا لا يجانب أنصاري الصواب في نفيه دخول ملا أختر منصور الأراضي الإيرانية، ولكن يبدو أن هناك جملة من التساؤلات تُبيّن الإجابة عنها حقيقة العلاقة بين إيران وبين حركة طالبان من جهة و بين إيران والولايات المتحدة من جهة أخرى.
تُقوّي المعلومات والمعطيات الآنفة الذكر احتمال أن يكون هناك موامرة أو تنسيق أمني بين إيران والولايات المتحدة التي أعلنت على لسان وزير خارجيتها قبيل استهداف ملا أختر منصور بأنه من الشخصيات الخطرة على المصالح الأميركية، ولكن يتضارب هذا الاحتمال باحتمالات أخرى تقصي فرضية الموامرة.
لو نفترض صحة خبر المصادر الباكستانية فيما يتعلق بحصول زعيم طالبان على تأشيرة إيران ودخوله أراضيها وبقائه هناك لأكثر من شهر، يمكن القول بأن إيران تملك أجهزة أمنية واستخباراتية يصعب خرق حيطانها ومن المستبعد جداً أنها تكون قد خُدعت من قبل زعيم طالبان باستخدامه اسماً آخر تضليلاً للقنصلية الإيرانية.
إن الحصول على تأشيرة إيران كان دوماً صعباً للأفغان خاصة في الأعوام الأخيرة وبعد تصعيد داعش وأخواتها.
ومن جانب آخر العلاقة بين إيران وحركة طالبان لم تكن تتسم بالحدية ولا العداء في السنوات الأخيرة بل تسودها الهدوء، خاصة بعد احتدام المعارك بينها و بين داعش التي استفتحت بفتح النار على مواقع حركة طالبان فور إعلانها عن فتح فرع لها في إقليم الجهاد، أفغانستان.
فمن الطبيعي أن يدفع خطر داعش، حركة طالبان وإيران إلى التآلف وترك الخلافات جانباً، فضلاً عن أن الحركة لم تكن تُشكل خطراً على إيران حتى عند ما تستولي على الحكومة في أفغانستان، وللمناسبة إن الدبلوماسي الإيراني البارز محمد جواد لاريجاني، كان يطالب بالتحالف مع طالبان بعد أن استولت على كابول وتشكلت الدولة الإسلامية تحت إمرة أمير المؤمنين ملا عمر!
إن حركة طالبان لم تكن حركة تكفيرية ولهذا لم تشن حرباً على الشيعة في أفغانستان، وإن عداءها كان موجهاً ضد القوات الأميركية والقوات الدولية في أفغانستان.
وعليه ليس هناك من دافع إيراني للتآمر ضد زعيم الحركة والتنسيق مع الشيطان الأكبر، وملخص القول إن ثمار الاتفاق النووي لم تكن حلوة لدرجة تتيح لهكذا تنسيق أمني استخباراتي بين إيران والولايات المتحدة وتجعل المصلحة المشتركة للبلدين في ضرب زعيم حركة طالبان.
فإن الحركة تشكّل مشكلة لأمريكا وليس لإيران، ولا مصلحة لإيران في ضرب طالبان التي هي في أسوء الحالات خصم وليست عدواً ولا مصلحة لإيران في ضرب الخصم القريب لصالح العدو البعيد.
ويرجح العديد من الخبراء أن يكون هناك تنسيق استخباراتي بين باكستان والولايات المتحدة ومنهم زلماي خليل زاد سفير الولايات المتحدة السابق في كابول وبغداد الذي قال ينبغي أن ننتظر لنرى هل القيادة الباكستانية والمخابرات الباكستانية سوف تنتبه بأن استخدام ورقة طالبان في أفغانستان سيكون مكلفاً لهم أم لا؟
كما قال مايكل سامبل دبلوماسي إيرلندي سابق قال لقناة بي بي سي إن باكستان دعت ملا اختر منصور للانضمام إلى مسار المفاوضات الأفغانية ولكنه رفض، وليس من المستبعد أن تكون باكستان متورطة في قتله انتفاماً منه.
وكتبت جريدة 8 صبح الأفغانية بان من المرجح أن يكون مقتل زعيم طالبان بتنسيق باكستاني- أمريكي، مضيفاً بأن ما يقوي احتمال تورط إسلام آباد هو استباق الإعلام والوكالات الباكستانية جميع الوكالات و حتى وزارة الدفاع الأمريكي في الإنباء عن مقتل زعيم حركة طالبان.