يحج مئات الآلاف من المسلمين الشيعة كعادتهم في منتصف شهر شعبان المعظم الى جامع جمكران الواقع في قرية جمكران على بعد خمس كيلو مترات وفي جانب الجنوبي الشرقي من مدينة قم عاصمة الاسلام الشيعي إحياء لميلاد الامام الثاني عشر محمد بن حسن العسكري (المهدي المنتظر).
يُقدّر عدد الزوار الذين يجتمعون في هذا الجامع الكبير إلى أكثر من مليون شخصاً عشرات الآلاف منهم من الشيعة الخليجيين والعراقيين واللبنانيين.
تم تشييد هذا الجامع في القرن الرابع وكما يقول مولف كتاب تاريخ قم، حسن بن محمد بن الحسن القمي المعاصر للشيخ الصدوق بناه الشيخ حسن بن مثلة الجمكراني، وكان الأخير يدعي بأنه بنا هذا الجامع بأمر من الامام الثاني عشر للشيعة المهدي المنتظر.
وبالرغم من التاريخ الطويل الذي يحظى به هذا الجامع ولكن لم يكن الاهتمام به كثيرا حتى قبل ثلاثة عقود وبالتحديد قبل الثورة الإيرانية عام 1979 وكانت مساحة المسجد صغيرة ولم تكن تتسع لأكثر من ألف مصل ولكن تم توسيع المسجد خلال العقود الثلاثة منذ الثورة الإيرانية لتتسع لعشرات الآلاف من الزوار من كل حدب و صوب، وبالتدريج تميز المسجد بنشاطات دينية خاصة خلال ليلتي الأربعاء والجمعة من كلّ اسبوع وبالمناسبات الإسلامية، حيث يغص المسجد بما فيه من القاعات والباحات، بوفود من الشخصيات والزوار حيث يأتي بعضهم من مسافات بعيدة تزيد على الف كيلومتر، شوقاً لزيارة المسجد، وإقامة الصلوة، والمكوث والاعتكاف فيه طلباً لقضاء الحوائج وشفاء المرضى.
وخلال ما يقرب على عقد من الزمن تحول المسجد في المنتصف من شهر شعبان كل عام إلى ساحة لمناورة شيعية واسعة تنضم إليها أكثر من مليون زائر ليشكلوا أكبر مناورة شيعية بعد عاشوراء والأربعين في الكربلاء.
ومايضيف على روعة هذا المشهد هو أن مسجد الجمكران يقع في منطقة صحراوية وأي زائر يتمكن من رؤية هذا المسجد من مكان بعيد في مشهد جمالي رائع ومكشوف على الناظرين.
لا يختلف مسجد جمكران عن بقية المساجد ولكن الباحة الواسعة التي يمتلكها أو بالأحرى منظره الجمالي الصحراوي وفّر للإيرانيين وللشيعة مناسبة في عيد ميلاد المهدي للفرح وهكذا يشهد هذا المسجد الذي يتوسد على كتف الصحراء مهرجاناً شعبياً رائعاً في ليلة المنتصف من شهر شعبان وإذا كان جميع البشر بحاجة إلى الفرح والسرور، فإن الشيعة هو أحوج، لأن المناسبات الأليمة والمحزنة لم تبق لهم مجالاً كثيرا للفرح.