أبلغ مسؤولون أمنيون غربيون نظراءهم اللبنانيين المخاطر التي من المحتمل أن يشهدها لبنان، ما يعني أنّ احتمالات تعرّض لبنان لتفجيرات انتحارية هي احتمالات جدّية.

  فصحيح أنّ الاجهزة الامنية اللبنانية نجحت في الفترة الماضية في تأمين حماية الاستقرار عبر اعتقال المشتبه بهم وتفكيك خلايا نائمة، لكن في المقابل كان “داعش” يضع في اولوية برنامجه تحضير مزيد من الخلايا وتجنيد مزيد من الانتحاريين في انتظار ساعة الصفر. وهذا معناه أنّ لبنان امام تحدٍّ أمني جديد.  

مصادر ديبلوماسية مطلعة لا تستبعد أن تكون الحركة ناشطة، ولكن من خلال القنوات الخلفية، بين كلّ من واشنطن وموسكو وطهران وانقرة والرياض بغية ترتيب الصورة.

وترجّح هذه المصادر أن تظهر النتائج بعد اسابيع وتحديداً منتصف الصيف المقبل بعدما تكون حرارة الميدان مضافة اليها الاضطرابات الامنية المتوقعة قد ساهمت في تذليل كثير من العقبات.

  وكما أنّ للعواصف الامنية تأثيرها على لبنان، فإنّ لمناخ التسويات انعكاساً مباشراً على الازمة الرئاسية التي يعيشها البلد. فالمبادرة التي اطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري أخذت وقتاً كافياً لجسّ النبض حولها داخلياً وخارجياً قبل الاعلان عنها.

  ولذلك جاءت فكرة حصول انتخابات مبكرة نهاية الصيف لتلاقي، ولو من بعيد، إنجاز أسس التسوية في سوريا منتصف هذا الصيف، وجاءت الظروف الداخلية لتدفع ايضاً في هذا الاتجاه، فإجراء الانتخابات البلدية جعل من مسألة حصول الانتخابات النيابية أمراً حتمياً لا يمكن الهروب منه.  

كذلك فإنّ القوى السياسية والتي باتت أسيرة مواقفها تدرك جيداً أنّ انتظار الموعد الدستوري لحصول الاستحقاق النيابي فيه كثير من المخاطرة، كما انه لن يحمل أيّ جديد ايجابي للوضع اللبناني يمكن أن يرجح خياراً على آخر. أضف الى ذلك أنّ الاهتراء بات يضرب معظم مؤسسات الدولة اللبنانية ما يدفع الى القلق العميق والتوجّس من عامل الوقت.  

وفي التوازنات الداخلية أظهرت التطورات الأخيرة على الساحة المسيحية امكانية اختلال التوازنات السياسية الداخلية الهشة. كما أنّ الانتخابات البلدية بينت في وضوح حال الملل السياسي التي يعيشها الشارع المسيحي ما يدفعه الى البحث عن بديل يقنعه.  

وحزب الله قد يكون راقب بقلق التفسّخ الذي ظهر على مستوى “التيار الوطني الحر” ما يعني أنّ اختصار الوقت يصبح مسألة مطلوبة فكيف إذا كان سيلاقي ظروفاً اقليمية مؤاتية.  

وفي المعلومات أنّ تيار “المستقبل” الذي كان من اشد المعترضين على حصول الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، بات يميل الى القبول بمبادرة بري. اولاً، لاعتماد قانون الانتخاب الحالي، وثانياً، لاختصار الوقت امام عودة سعد الحريري الى رئاسة الحكومة. لكنّ المشاورات الجارية الآن هي حول النص الذي سيلزم الجميع بالمشاركة في جلسة انتخاب الرئيس وبين اعتماد قانون ملزم يجري إقراره في مجلس النواب.   لكنّ المسألة ليست سهلة.

فـ”التيار الوطني الحر” يدرس طريقة تأمين الـ 70 نائباً وهو العدد المطلوب لإنتخاب النائب ميشال عون. كذلك إمكانية جعل حزب الله يتعاون انتخابياً مع “القوات اللبنانية” لضمان مقاعد اضافية لهم، فيما حزب الله ينظر الى الانتخابات النيابية من خلال التوازنات السياسية للسنوات الاربع المقبلة واللعبة الاقليمية اكثر منه من خلال تأمين ظروف الفوز برئاسة الجمهورية ومن ثمّ العودة الى نقطة الصفر.

اضافة الى اسئلة اخرى حول طريقة الاقتراع لبعض المجموعات في الاستحقاق النيابي فضلاً عن ضمان مواقف الكتل بعدها في التصويت الرئاسي. لكن لا شك أنّ ثمّة شيئاً تحرّك يمكن أن يؤدّي الى انفراج ما في تشرين الاول المقبل.

  ( الجمهورية)